الفصل الثامن: قاعة وان باو
____________________________________________
جاب يي سوي فنغ أرجاء المدينة، فلم يترك مطعمًا شهيرًا أو كشكًا متواضعًا على قارعة الطريق إلا وذاق من طعامه، وقد أذهلت شهيته المفتوحة سائق العربة الذي كان برفقته. وبعد أن تجول لوقت طويل، توقفت به قدماه أمام صرح شاهق يُدعى قاعة وان باو.
وكما يوحي اسمها، كانت قاعة وان باو مكانًا لبيع مختلف الكنوز، وقد ذاع صيتها كقوة هائلة تمتد فروعها في جميع أنحاء القارة، وتتمتع بنفوذ لا يستهان به.
'لا بد من الاطلاع على بعض أساليب التدريب، لأفهم ماهية نظام الممارسة في هذا العالم.' هكذا فكر يي سوي فنغ في نفسه، فرغم أنه قد بلغ عالمًا عظيمًا من القوة وبات يمتلك بأسًا يبعث على الرهبة، إلا أنه لم يكن يملك بعد فهمًا منهجيًا لأساليب التدريب المحددة.
غير أن هذا الأمر لم يكن ليشكل عائقًا كبيرًا أمامه، فبفضل بصيرته الفذة، كان بوسعه استيعاب مبادئ عمل أي أسلوب يقع بين يديه وفهم أسراره في لمح البصر. وبعد أن استقر رأيه، ولج يي سوي فنغ إلى داخل قاعة وان باو.
ألقى نظرة على الطابق الأول، فوجده يعج بالبضائع المتنوعة؛ من أساليب التدريب، والأدوات الروحية، والحبوب الروحية، والتعويذات، إلى الأعشاب والثمار الروحية ومواد التدريب، كان كل شيء متوفرًا. إلا أن جل المعروضات كانت من الرتبة الصفراء أو ما دونها، وهي الرتبة الأدنى من بين المراتب الأربع: السماوية والأرضية والغامضة والصفراء.
وبطبيعة الحال، لم تلقَ تلك الأشياء اهتمام يي سوي فنغ، فتقدم نحو المنضدة، وبحث عن المسؤول، ثم فتح أمامه حقيبة تخزين. قال باقتضاب: "اذهب وأحضر سيدكم، وأخبره أن صفقة كبيرة قد أتت إلى بابه".
ألقى المسؤول نظرة على الأحجار الروحية التي تملأ الحقيبة حتى حافتها، فاتسعت عيناه ذهولًا. يا له من ثراء! ما يزيد عن مليون حجر روحي من الدرجة العليا، إنها صفقة كبيرة بكل المقاييس! لم يجرؤ على التباطؤ للحظة، وسارع بدعوة يي سوي فنغ إلى غرفة خاصة أنيقة.
وما هي إلا لحظات حتى دلفت امرأة فاتنة إلى الغرفة، كانت تبدو امرأة ناضجة، ذات قوام ممتلئ، وعلى ثغرها ابتسامة تفيض بالسحر الذي يأسر الألباب. قالت بصوت رخيم يريح النفس: "يا لسعدنا بحضور سيد عائلة يي شخصيًا، اعذرني على التقصير في استقبالك".
سأل يي سوي فنغ: "هل أنتِ سيدة قاعة وان باو؟".
جلست المرأة قبالته وضحكت قائلة: "أجل، أنا المسؤولة عن فرع قاعة وان باو في هذه المدينة، ويمكن لسيد عائلة يي أن يناديني غو وان شين".
قال يي سوي فنغ وهو يضم قبضته احترامًا: "سيدة القاعة غو". ثم دخل في صلب الموضوع مباشرة: "لقد أتيت اليوم لشراء بعض الكنوز، وأثق أن قاعة وان باو لن تخيب ظني".
علقت غو وان شين بعينين متلألئتين كأزهار الخوخ: "سيد عائلة يي شخص مباشر حقًا". ثم أخرجت رقعة من اليشم من بين طيات ثيابها ووضعتها على الطاولة، وأردفت: "لا أظن أن كنوز الرتبة الصفراء تثير اهتمامك، هذه قائمة كنوزنا من الرتبة الغامضة، تفضل بالاطلاع عليها لعل شيئًا منها ينال إعجابك".
فكنوز الرتبة الغامضة، مهما كانت متواضعة، حتى لو كانت مجرد عشبة روحية متواضعة، فإن قيمتها تتجاوز عشرات الآلاف من الأحجار الروحية. من الواضح أن غو وان شين كانت تعتبر يي سوي فنغ صيدًا ثمينًا، وقد صدق حدسها هذه المرة.
أمسك يي سوي فنغ برقعة اليشم، وبث فيها خيطًا من وعيه الروحي، وعلى الفور، ظهرت أمامه قائمة طويلة بأسماء الكنوز ومعلومات عنها. ركز على تصفح أساليب التدريب وفنون القتال ومخطوطات التدريب، فوجد أنها تغطي كل شيء تقريبًا، وهو ما كان يناسبه تمامًا. لكنه لاحظ أن جميع المعروضات كانت من الرتبة الغامضة المتوسطة فما دون.
سأل يي سوي فنغ: "أليس لديكم ما هو أعلى رتبة؟".
تجمدت غو وان شين في مكانها، فالكنوز من الرتبة الغامضة المتوسطة كانت تعتبر بحد ذاتها بضاعة نادرة وثمينة للغاية، فهل لم يرضه ذلك بعد؟ قالت: "يا سيد عائلة يي، إن ما هو أعلى من الرتبة الغامضة يعتبر كنزًا نادرًا، وقيمته باهظة جدًا".
لوّح يي سوي فنغ بيده قائلًا: "المال ليس بمشكلة. أخرجي كل ما لديكِ من بضائع رفيعة المستوى".
ارتسمت نظرة غريبة على وجه غو وان شين، فقد شاع أن عائلة يي على وشك الانهيار، فمن أين أتى سيد العائلة الجديد بكل هذه الثروة؟ ولكن ما دامت هناك صفقة في الأفق، فلم تكن لترفضها. أخرجت رقعة يشم متلألئة أخرى ووضعتها أمامه قائلة: "هذه قائمة كنوزنا من الرتبة الغامضة العليا، هل ترى فيها ما تحتاجه؟".
أومأ يي سوي فنغ برأسه وأطلق وعيه الروحي مرة أخرى، كانت القائمة هذه المرة أقصر بكثير. أنهى تصفحها بسرعة، ووجد من بينها سيفًا فائقًا من الرتبة الغامضة، بدا مناسبًا تمامًا لابنته يي هوانغ. 'على كل حال، سأسألها عما يعجبها بعد عودتي. لقد عانت هذه الطفلة الكثير بسبب عناد سلفي'. (زيوس: يقصد صاحب الجسد الاصلي!)
وضع رقعة اليشم جانبًا وسأل: "أليس هناك ما هو أكثر تقدمًا؟".
اضطربت غو وان شين، فقد فاقت شهية هذا الرجل كل التوقعات! فالرتبة التالية هي الرتبة الأرضية، وتلك كنوز لا تعرض إلا نادرًا، فهي بمثابة كنز القاعة الرئيسي لفرعهم في هذه المدينة! ترددت للحظة، لكنها عندما نظرت إلى ملامحه الهادئة، هزت رأسها في سرها، فلا أحد يجرؤ على الإساءة إلى قاعة وان باو بسهولة.
بعد ذلك، أخرجت غو وان شين رقعة يشم ذهبية اللون وقدمتها إليه، قائلة بنبرة تحمل نوعًا من التحدي: "يا سيد عائلة يي، هذه هي كنوز القاعة الرئيسية لدينا. إن لم تكن راضيًا عنها، فلا يوجد شيء آخر يمكنني فعله".
'هل كنوز الرتبة الأرضية هي أقصى ما لديهم؟ فليكن'. ارتسمت على وجه يي سوي فنغ ملامح خيبة أمل طفيفة، مما زاد من اضطراب غو وان شين التي قرأت مشاعره بوضوح. 'ألم ترضِه كنوز الرتبة الأرضية أيضًا؟ يا إلهي، أي نوع من الأثرياء قد قابلت اليوم!'.
في هذه الأثناء، كان يي سوي فنغ قد تصفح القائمة الذهبية، التي احتوت على خمسة أشياء فقط: أسلوب "تسانغ لان" من الرتبة الأرضية العليا، وفن قتال "سيوف الملوك التسعة" من الرتبة الأرضية المتوسطة، وتعويذة يشم من الرتبة الأرضية، ومرجل صقل من الرتبة الأرضية المتوسطة قادر على إنتاج لهب الصقل ذاتيًا.
أما العنصر الأعلى قيمة فكان حجر التأمل، كنز من الرتبة الأرضية العليا، يهدئ الروح ويعزز كفاءة التدريب ويساعد على بلوغ الاستنارة. أومأ يي سوي فنغ برأسه في سره، كانت هذه الأشياء جيدة حقًا.
لكنه سأل مرة أخرى: "أليس هناك أي شيء أعلى رتبة؟".
تصبب العرق البارد على جبين غو وان شين وقالت: "حقًا لا يوجد. إن فرعنا هنا صغير نسبيًا، وهذه الأشياء الخمسة هي كل ما نملكه من كنوز القاعة الرئيسية".
قال يي سوي فنغ دون أن يصر أكثر: "حسنًا إذن. والآن، لنتحدث عن السعر".
لمعت عينا غو وان شين، فقد حان وقت الحديث عن السعر أخيرًا! سألت: "أي قطعة نالت إعجابك؟".
أجاب يي سوي فنغ: "لنتحدث عن سعرها جميعًا".
قالت غو وان شين بعد لحظة من التفكير: "كما تشاء. كما تعلم، إن كنوز الرتبة الأرضية نادرة حتى في الفرع الرئيسي. إن سعر تقنية تسانغ لان هو مليارا حجر روحي، أما سيوف الملوك التسعة فسعرها عشرة مليارات، وتعويذة اليشم بمليار واحد، بينما مرجل الصقل بخمسة مليارات".