الفصل السادس والتسعون: لقاء بعد غياب
____________________________________________
استعادت الفتاة الذئب صفاء بصرها تدريجيًا، لتجد نفسها محاطة ببحر شاسع من الورود الخضراء والبيضاء يمتد على مد النظر.
احتضنت الفتاة ذراعيها وابتسمت بهدوء قائلة: "يا لكِ من شيطانة صغيرة، شياو شياو، أهذه حيلتكِ الجديدة؟"
تراقصت أغصان الزهور أمامها، وتجلّت في هيئة فتاة ذات شعر أرجواني محمر طويل، لم تكن سوى يي شياو شياو.
هزت الفتاة الذئب كتفيها بثقة وقالت: "لقد قلت لكِ من قبل، الكوابيس لا تؤثر في."
نظرت إليها يي شياو شياو بنظرة معقدة وهزت رأسها برفق قائلة: "لا، لقد كنت أعتزم أن أجعلكِ ترين حلمًا جميلًا."
تجمدت الفتاة الذئب في مكانها للحظة، ثم لم تبالِ وقالت: "لا يهم، فالخيال لا يستطيع إيذائي."
أشارت يي شياو شياو إلى ما خلفها وهمست: "لكنها تستطيع، أليس كذلك؟" التفتت الفتاة الذئب، فرأت امرأة عادية المظهر تنظر إليها بابتسامة دافئة، فغمرها صمت عميق.
قالت يي شياو شياو بهدوء: "لم تخبريني بهذا الأمر قط."
أدارت الفتاة الذئب وجهها وقالت ببرود: "ليس هناك ما يقال. من منا لا يحمل في قلبه ماضيًا لا يُحكى؟"
تنهدت يي شياو شياو وقالت: "اعتبريه شيطانكِ الداخلي وحسب." ثم بعد لحظة صمت، ضحكت فجأة وأضافت: "لقد أخبرني أبي ذات مرة، قال إن الشيطان الداخلي أمر يصعب التعامل معه."
أردفت قائلة: "إن تجنبته، سيظل يلاحقك كالظل، وإن قاومته، سيزداد قوة."
صمتت الفتاة الذئب برهة ثم سألت بفضول: "ثم ماذا؟"
هزت يي شياو شياو رأسها قائلة: "لا شيء بعد ذلك. لقد قال ذلك وهو يتناول طعامه، ثم ذهب إلى النوم بعد أن انتهى..."
'هل الأمر بهذه البساطة؟' فكرت الفتاة الذئب في حيرة.
ثم قالت فجأة: "تملكتني رغبة حقيقية في رؤية والدك هذا." لقد كانت عائلة يي شياو شياو غامضة بحق، وبدا أن والديها اللذين لا تكف عن ذكرهما هما سر هذا الغموض.
أجابت يي شياو شياو: "إنه مشغول جدًا في الآونة الأخيرة، وليس من السهل لقاؤه. ثم... عليكِ أن تتغلبي عليّ أولًا."
نظرت الفتاة الذئب إلى بحر الزهور الذي لا نهاية له، وهزت رأسها بابتسامة قائلة: "أعترف بهزيمتي. أقر بأنني استهنت بقدرتكِ على التحكم بالوهم، ففي هذا المكان، لا أجد سبيلًا لكسره."
ابتسمت يي شياو شياو في سرها، 'هذا ليس وهمًا، بل حلم.' لقد أوصاها عمها ألا تكشف أسرارها لأحد أبدًا، حتى لو كان شخصًا مقربًا للغاية.
بعد برهة، في ساحة قتال بينغ يانغ الكبرى، وفي قلب وردة ضخمة، فتحت الفتاة الذئب عينيها ببطء، وكانت نظراتها صافية وهادئة. بدا الارتباك على وجوه المتفرجين الذين لم يفهموا ما حدث، ولكن مع إعلان النتائج، أدركوا أن الفائزة كانت يي شياو شياو.
في المباريات التالية، شقت يي شياو شياو طريقها بقوة، محققةً انتصارات متتالية. وفي المعركة الحاسمة النهائية، هزمت شي تشونغ، ابن شي غوان، الذي عُرف بوقفته التي لا تُقهر، وانتزعت منه المركز الأول، لتصبح بذلك الحصان الأسود الحقيقي لهذا العام.
لم يشعر شي هاو جي بأي أسف لهزيمة ابنه، فمن الجيد للشباب أن يواجهوا بعض الإحباط. وهو يعلم في قرارة نفسه، أن يي شياو شياو ليست سوى سليلة ذلك المتدرب العظيم من الجنوب، فكيف لها أن تكون شخصية عادية؟
بعد أن حُسمت المراكز، حان وقت الجزء الأخير والأهم من مؤتمر العطايا السماوية، وهو القربان. صعد شي هاو جي بنفسه إلى الحلبة وشيّد مذبحًا ضخمًا، وُضعت عليه تضحيات ثمينة لا حصر لها، تم اختيارها بعناية فائقة.
ثم بدأ طقوس القربان للكائن السماوي الجليل، محاولًا استدعاء إرادته! كان وعي يي سوي فنغ يراقب السماء عن كثب، لكن خاب أمله، فخلف الفراغ، لم يكن هناك سوى ذلك الكائن الذي بلغ مرحلة السكينة والذي وصل منذ زمن بعيد، ولم تظهر أي كائنات أخرى. 'هل كانت مجرد خدعة؟'
"الكائن السماوي قادم!" صاح شي هاو جي في السماء وهو يفتح ذراعيه على وسعهما. وفي الأعالي، تغيرت الرياح فجأة، وبدأ وجه دب ضخم، يفيض بالجلال والمهابة، يتشكل تدريجيًا في السماء. تحولت السحب الميمونة التي لا حصر لها إلى شعره الطويل الذي تموج كالأمواج، وكانت عيناه جامدتين، تطلان على جميع الكائنات من علٍ.
"أظهروا الإجلال للكائن السماوي العظيم!" كان شي هاو جي أول من جثا على ركبتيه. وفي ساحة القتال، بل وفي ممر بينغ يانغ بأكمله، جثا الجميع تقريبًا على الأرض في خشوع وتقديس.
"هووه-" ومع زفير الكائن السماوي الجليل، انبعث ضبابان أبيضان من منخريه، انتشرا بسرعة وغطيا ممر بينغ يانغ بأكمله، ثم هبطا ببطء. أمسك يي سوي فنغ بخصلة من الضباب الأبيض وضغط عليها بين أطراف أصابعه.
'إنها مجرد طاقة روحية مخففة آلاف المرات.' لكن مع ذلك، فهي تعد منحة عظيمة للمتدربين العاديين! شعروا بالطاقة الروحية القوية، وغمرهم الامتنان، فحنوا رؤوسهم بخشوع أكبر.
"بوووم!" فجأة، هبطت كف دب أسود ضخمة من السماء، واحتلت مساحة تقارب نصف الحلبة بأكملها. انفرجت كف الدب ببطء، لتكشف عن عشر قنينات صغيرة صافية كالبلور.
شعر يي سوي فنغ بخيبة أمل كبيرة. 'كنت أظن أن الكائن الذي تقدسه مملكة يونغ دونغ بأكملها، سيملك على الأقل قوة تضاهي سقف هذا العالم. ولكن من كان يظن أنه مجرد كائن صغير بالكاد وصل إلى مرحلة المحنة السماوية.' لقد ظن أنه وجد الأيادي الخفية التي تعبث خلف الكواليس!
'تلك المخالب السوداء البارزة من الفراغ، حالكة السواد حقًا، لكنها لا شيء يُذكر أمام نهر الزمن الفضي.'
همس جيان شينغ تشيوان بصدمة: "يا سلفي، انظر، إنه الكائن السماوي الجليل!" كان جسده يرتجف لا إراديًا وهو يحدق في تلك القوة الهائلة القادمة من السماء. نظر إليه يي سوي فنغ بازدراء، 'حقًا لا أعرف ما أقوله'.
في هذه الأثناء، كان شي هاو جي على الحلبة قد أمسك بالقنينات العشر المتوهجة من كف الكائن السماوي الجليل بكل تبجيل واحترام. وباستثناء يي شياو شياو، كانت عيون الآخرين تلمع بلهفة. 'إنه السائل المقدس من المرتبة الثانية!' بالنسبة لهم، كان هذا هو الكنز السماوي بعينه!
"هذه هي نعمة الكائن السماوي الجليل." قال شي هاو جي، ثم سلم السائل المقدس من المرتبة الثانية للجميع بنفسه.
فتحت يي شياو شياو قنينتها سرًا وألقت نظرة. 'أجل، هذا هو الشيء الذي كنت أستخدمه في الاستحمام... هذا الكائن السماوي الجليل، بخيل حقًا!'
فجأة، أعلن شي هاو جي بصوت عالٍ: "مؤتمر العطايا السماوية، قد انتهى!"