الفصل الرابع
لم تستطع يان شاي نينغ رؤية المتسلل بوضوح في الظلام .
شعرت بالخوف , لص ؟ مجرم ؟ امتلأ رأسها بالأفكار المخيفة . أمسكت مسندة قريبة منها ثم رمت بها المتسلل .
ضربت المسندة رأس المتسلل , ثم سمعت صوت ارتطام , لقد سقط المتسلل على الأرض .
حينما وصلت يان شاي نينغ الى منزل عائلتها في العاصمة , علمت انه لن تعيش سلام مع الأميرة كانغ هو وابنتها يان شاي نينغ . لذلك تعمدت اختيار ابعد غرفة عن الأم وابنتها . لكن الغرفة كانت في الدور العلوي .
أسرعت الى النافذة لترى اذا كان المتسلل قد مات .
رأته في الخارج واقفا تحت نافذة غرفتها , لكنه لم يرحل . ثم سمعته يهمس لها بكلام غير مفهوم .
قالت لها خادمة من خارج الغرفة "سيدتي , هل انتي بخير ؟ " .
فهمت يان شاي نينغ اخيرا ما يقوله المتسلل "هذا أنا , ايتها اللبوة الصغيرة " .
لم تعلم يان شاي نينغ ما الذي يجب عليها فعله . يا رباه , الثرثار المزعج حقا لن يتركها بسلام .
أول فكرة خطرت ببالها أن تصرخ "لص" . بع ذلك سيقبض عليه حراس المنزل و سيرون حقيقته . اي عطف ؟ و اي لطف ؟ الثرثار المزعج ليس إلا مجرم يتسلق لغرف الفتيات في انصاف الليل .
"أنا بخير " اجابت يان شاي نينغ الخادمة بامتعاض "كنت اسكب لنفسي كأس ماء , تستطيعين العودة للنوم "
ثاني افكارها انه لا فائدة من القبض على المزعج . سيتلاعب بالمسألة ليظهر كم هو نبيل بقوله " يوم زواجي غدا , قلبي هائج , كنت أريد ان أرى مخطوبتي . انا اعلم ان التسلل الى غرفتها ليلا خاطئ , لكني لم أستطع السيطرة على شوقي اليها . ايها الوزير الأعلى , سامحني هذه المرة "
اذا صدق توقعها فقناع المزعج لن يفضح بل على العكس ستساعد على تحسين سمعته و تظهره على انه متيم بخطيبته , كلما فكرت في مكره رغبت بالهجوم عليه اكثر .
أطلت برأسها خارج النافذة لترى باي جينغ قد بدأ بتسلق الجدار الى نافتها مرة اخرى . سلاسة حركته تدل على خبرة سابقة بالتسلل الى غرف الفتيات .
دخل نصف جسم باي جينغ عبر النافذة . اسرعت يان شاي نينغ بإغلاق نصف النافذة الاخر لتمنعه من الدخول .
ثم سألته بنعومة " انت هنا ايها الأخ الأكبر "
استعمل باي جينغ احدا يديه ليبقي النافذة مفتوحة بينما مد يده ةالأخرى بالمسندة الى يان شاي نينغ .
"يوم زفافنا غدا " قال باي جينغ بصوت عذب "قلبي مشتاق اليك , تقلبت بفراشي ولم استطع النوم , كنت اريد رؤيتك "
نظرت يان شاي نينغ اليه بغضب .
" لكن لم يكن عليك مكافأتي بمسندة " قال باي جينغ محتجا " انظري الى جبهتي , انها متورمة . مالذي سأفعله غدا "
"أنت تستحق هذا " قالت يان شاي نينغ . " اخي الكبير , من حسن حظك انها مسندة خشبية , لو كانت مسندة فخارية سترى اكثر من ورم صغير في جبهتك "
عقد باي جينغ حاجبيه, بينما استمرت يان شاي نينغ بإمساك النافذة لمنعه من الدخول .
" اذا لم تتركيني ادخل سأسقط مرة اخرى " قال باي جينغ " سيعاق نصفي السفلي و سعادتك المستقبلية ستختفي "
"فلتسقط " قالت يان شاي نينغ و هي تمسك بنصف النافذة الأخر لتغلقه.
قبضة باي جينغ على النافذة بدأت تنزلق . استعمل كلتا يديه للإمساك بالنافذة و حدق متعمدا في صدر يان شاي نينغ .
" انتي لا تلبسين ملابس داخليه " قال باي جينغ مستفزا .
نظرت يان شاي نينغ الى صدرها . كان رداءها الفضفاض مفتوحا و نصف صدرها مكشوف . كانت الرطوبة هي السبب بأنها لم ترتدي ملابس داخلية تحت رداء النوم .
سحبت طوقي ردائها بكلتا يديها سريعا .
استغل باي جينغ ارتباكها ليدخل الغرفة و يستلقي على السرير .
قالت يان شاي نينغ " اخي الأكبر ابتعد عن السرير "
ذهبت الى اسرير و حاولت سحبه لكنه ضحك و تلوى بعيدا عن يديها .
"سيدتي , هل انت بخير " سألت الخادمة من خارج الغرفة مرة اخرى .
اغلقت يان شاي نينغ فمها لكن باي جينغ جلس على السرير و سحبها اليه .
همس في اذنها " أتحداك ان تصرخين "
احمر وجه يان شاي نينغ . لحسن حظها كانت ليلة مظلمة , كان سيسخر منها لو رآها تحمر خجلا .
و على حين غرة لمس بكفه خدها .
ثم همس "خدك حار " "أأنتي محرجة ؟"
قبضت يان شاي نينغ على ذراعه و عضت كفه .
صرخ باي جينغ " ااه "
فم يان شاي نينغ لن يترك يده لذلك قرر ان يضغط اسفلها , لكنه اخطأ و ضغط احد نقاط الوخز في خاصرتها . كانت نيته ان يضغط مؤخرتها لتستعمل كلتا يديها في ابعاد يده عنها , و سيترك فمها كفه . لكنه لم يتوقع تغير حجمها مذ اخر مرة رآها .
لم تسمع الخادمة اجابة سيدتها و خافت انه اصابها مكروه , فدفعت باب الغرفة بسرعة .
ردة فعل باي جينغ كانت اسرع , فسحب الستائر لأسفل
دخلت الخادمة الغرفة المظلمة و لم تستطع ان ترى شيئا خلف الستائر
"سيدتي هل انتي بخير " قالت الخادمة " و ما هذه الأصوات الغريبة من غرفتك ؟ "
استفاقت يان شاي نينغ من الصدمة و نظرت بغضب ل باي جينغ المتخفي بالسرير بجانبها .
"لا شيء " قالت يان شاي نينغ ","كنت ابعد بعض البعوض عني "
ثم ضربت ذراع يان شاي نينغ لتوضح للخادمة انه تضرب بعوضة .
ارتاحت الخادمة اذ علمت ان سيدتها بخير وأغلقت الباب و هي تغادر الغرفة .
"كان هذا وشيكا " قال باي جينغ "كادت ان تراني على سريرك "
ضحكت يان شاي نينغ و قالت " اخي الأكبر , انت تعرف معنى الخوف؟"
"بالتأكيد انا خائف " قال باي جينغ مستفزا "اذا رأتني على سريرك ستنشر غدا اشاعة أنكي كلما شعرت بالوحدة ستدخلين رجلا الى مهجعك في منتصف الليل "
قالت يان شاي نينغ بامتعاض " اخي الأكبر , هل ستغادر؟"
" أغادر؟ " سأل باي جينغ " بالطبع سأغادر " ثم خرج من السرير ليخلع نعليه ثم يعود مرة اخرى . " سأغادر غدا صباحا "
جلست يان شاي نينغ بشكل مفاجئ على السرير , رأت ان عيناه مغلقتين وانه نائم بهدوء.
كانت تعلم أنه لا فائدة من محاولة طردة من الغرفة و أنها مجبرة على ان تدعه ينام . عادت لتستلقي على السرير بعيدا عنه قدر استطاعتها .
بعد مدة فتح باي جينغ ثغره قائلا " لماذا لم تهربي بعيدا ؟ اتيت الى هنا في هذا الوقت لأرى ان كنتي هربتي "
نظرت يان شاي نينغ اليه بشك , لم تكن تعلم ان كان صادقا ام لا , فكل عشرة جمل ينطقها تسع منها كذب .
قالت يان شاي نينغ " شكرا للأمير التاسع على تذكيري "
قال باي جينغ وهو يخلع ردائه الخارجي "يبدو اني لا استطيع المغادرة " , "و ايضا , من الغد سننام في فراش واحد , لذلك اليوم سيكون فرصة جيدة لتعويد انفسنا "
شعرت يان شاي نينغ بالصدمة والشك . ثم سحبت الغطاء و تلحفت فيه خوفا من تجول يديه و قدميه .
كان واضحا ل باي جينغ انها تحاول حماية جسمها , ابتسم , اللبوة الصغيرة متوترة . من الممتع جدا استفزازها .
سألها باي جينغ " ايتها اللبوة الصغيرة , هل انت راضية بالزواج بي ؟ "
فتحت يان شاي نينغ عيناها , على الرغم من انه بدا مازحا إلا ان نظرته كانت جادة و كان من الصعب عليها ان ترى من خلاله .
سألت يان شاي نينغ " كيف لي ان ارفضك ؟ " لم تكن ترغب في امتاعه بمشاجرتها . وبدلا من ذلك ابتسمت وقالت بصوت عذب
" زواجي من الأمير التاسع نعمة تكفي لثلاثة اضعاف عمري "
عقد باي جينغ حاجبيه و قال " أهذا ما تشعرين به ؟"
أجابت " بالطبع " , " فالأمير التاسع ذكي و وسيم , الكثير من الفتيات يتمنين زواجه , انا تافهه و بلا مواهب , بالتأكيد سأكون سعيدة , انه لمعجزة زواجي منك "
تحدثت يان شاي نينغ بنعومة جعلت كلماتها مقنعة لأناس اخرين , لكنه كان يعلم انها تسخر منه .
ضحك باي جينغ وقال " انكي لكاذبة خبيرة "
اجابته بضحك " انا لست سوى تلميذتك "
قال باي جينغ " انتي حقا ترغبين بالزواج مني " ." مع الأسف اني أجبرت على الزواج بك "
سألت يان شاي نينغ " ما الذي تعنيه ؟ "
لم تتوقع يان شاي نينغ انه أجبر على الزواج منها .
توقف باي جينغ عن الابتسام و نظر الى يان شاي نينغ . ثم تنهد و قال بنبرة يملئها الأسى " ولي العهد يريد الزواج من اختك الصغرى وأنتي عائق في طريهما . و اجبرت انا على ان أكون الضحية , ظننت انكي ستتزوجين من شخص لا علاقة لي به , لكني رجعت من الجنوب الى العاصمة الملكية في الوقت الخاطئ . في القصر نظرت لكل الاتجاهات خوفا من ان اكون الضحية . و تحول خوفي الى حقيقة و اصبحت الضحية "
نظر باي جينغ بجدية الى يان شاي نينغ لفترة ، ثم قال " فكري بالﻻمر ، انت ابنة الوزير الٲعلى و اختك الصغيرة في المستقبل القريب ستتزوج من ولي العهد ، لا بد انت تتزوجين شخصا ذو مكانة عالية في البلاط. قبل عودتي ، لم يكن هناك احد في مكانتك و كنتي مجبرة على الزواج ممن هم اقل منك . لكن بما اني عدت للعاصمة الامبراطورية فالحال ليس كما كان . الم تلاحظي كيف كانوا يحدقون بي ، انا امير بنفوذ ضعيف بالبلاط الملكي و انتي ابنة الوزير الٲعلى بمكانة ضعيفة بعائلة يان ، نحن مكتوب لنا ان نتزوج "
ثم توقف و تنهد قائلا "لقد اجبروني على الزواج منكي "
نظرت يان شاي نينغ الى باي جينغ بحذر ، كل كلمة من كلماته دخلت الى رٲسها و لكن ما ان دخلت قلبها احست بالٲلم . هي لم تكن تعبٲ بمن تتزوج و تعلم انه محتمل ان من سيتزوجها سيفعل مكرها ، لكنها لم تتخيل ان افكارها ستتجسد على لسان صانع المشاكل الجالس امامها .
ثم قالت "لا بد ان الٲمر صعب على الامير التاسع "
ثم انقلبت بالفراش وظهرها اليه ، وأغمضت عينيها متجاهلة اياه .
شعر باي جينغ بالعجز ، كان يتوقع ان اللبوة الصغيرة ستغضب و تضربه مرة اخرى ، فهو اختار هذه الكلمات الواقعية لاستفزازها ، الله يعلم ان رؤيتها خاضعة يوجع قلبه ، لم يكن يتوقع منها ان تغضب الى هذا الحد . كان يعلم ان عليه مواساتها و كان يرجو ان ارضائها سيكون سهلا كما في السابق .
قال باي جينغ "كنت استفزك " ، "في اللحظة التي سمعت فيها بنية ولي العهد من الزواج من اختك ، علمت انك ستتزوجين قريبا ، لذلك عجلت عودتي من الجنوب الى العاصمة الملكية ، انتي لا تتخيلين كم كان صعب علي ان اترك الجنوب ، السكان هناك يفضلون الموت على فراقي ، اضطررت الى تسلق السور بمنتصف الليل و ضرب حصان بالسوط طوال الطريق الى هنا ، كيف يمكن للبوتي الصغيرة ان تتزوج رجلا اخر ؟ يعلم الله كم انتظرتك من سنين حتى تصبحين امرٲة "
التفت يان شاي نينغ اليه وقالت وأسنانها تصطك " اخي الكبير ، هل ستموت اذا توقفت عن الكذب؟ "
سمعت يان شاي نينغ هذه الاكاذيب كثيرا ، في كل مرة يلتقيان كان يستعمل كلماته المعسولة لاستفزازها ، اذا كان يظن انها ستصدق اكاذيبه هذه مثل اول مرة سمعتها منه فهو امير احمق و مغفل .
حك باي جينغ ذقنه وهو يقول " يبدو انني قلت هذه الكلمات سابقا ، في المرة القادمة احتاج لشيء جديد ٲقوله لكي "
اجابت يان شاي نينغ " فلتتعفن في قبرك "
لم تستطع يان شاي نينغ كبح جماح غضبها اكثر فركلته بقدمها
تفادى باي جينغ الركلة و سحبها الى صدره قائلا " اجل اظهري حقيقتك ، هل ستصدقينني اذا اخبرتك اني ساكون صادقا معك في المستقبل ؟ "
نظرت يان شاي نينغ الى باي جينغ بشك .
تفحصت عينا باي جينغ صدر يان شاي نينغ ثم قال " مثلا... صدرك قي صغرك لا يختلف كثيرا عن الأن "
لعنت يان شاي نينغ باي جينغ بنفسها و اسفت انه لم يٲت احد لقتله حتى الان .
ترجمة : م. الدخيلي
المدونة
أتمنى ان تكون الترجمة حازت على رضاكم
سعيد جدا بملاحظاتكم و تعليقاتكم .