'الفصل الثاني.'
أقوى يد لملك الشياطين (2)
.
.
.
أخيراً استوعبت الموقف.
أيها الجسد الملعون! كان عليك أن تتقيأ دماً هنا بالذات؟! اللعنة!
رأيت الأوراق الملطخة بالدماء... والملك نفسه يحمل دمي بين يديه. يا للهول!
'كانت حياة قذرة.'
في داخلي، ودّعت الحياة بسرعة بينما سارعتُ لوضع يدي على فمي والابتعاد عن المكتب.
لكن الأوان قد فات... الأوراق تدنست، ويد الملك ملطخة بدمي. سمعتُ صوت صرير أسنانه الغاضبة "أرغ!"
انبعثت منه موجة قتل جعلتني أختنق بصوت صراخي المكبوت.
بصعوبة، فتحت فمي المتشنج:
"أعتذر... الأوراق..."
"الأوراق ليست المشكلة الآن! الطبيب! أحضروا طبيب قائد الفيلق صفر حالاً! مريض يتألم والطبيب متغيب؟! أين هو بحق الجحيم؟!!"
...ماذا؟
تجمد ذهني أمام هذا التطور غير المتوقع.
بعد لحظات، خطر لي تفسير آخر:
'آه... إنه غاضب على الطبيب!'
أنا أتقيأ دماً لأني مريض. هذا يعني أن الطبيب لم يقم بعمله بشكل صحيح. وبالتالي، الخطأ هو خطأ الطبيب، وليس خطئي.
لذا بدلاً من معاقبتي، سيعاقب الطبيب.
لكن... إلى أين سيتجه حقد الطبيب المسكين؟
تذكرت أنني في قلعة ملك الشياطين، وأن الطبيب أيضاً شيطان. بابتسامة مستسلمة، جلستُ في مكاني.
"تباً... لقد أُفسد كل شيء."
***
"مريضك يتألم وأنت تتغيب! أين كنت؟!!"*
موجة ساحقة من الطاقة الشيطانية اجتاحت القلعة بأكملها.
لم يكن هناك شك في مصدر هذه الطاقة الكثيفة والثقيلة. الطبيب 'بين' أدرك أنه قد يكون يومه الأخير، فأسرع بحقيبته الطبية.
بالطبع، المريض الذي يستحق كل هذا الاهتمام من الملك لا يمكن أن يكون سوى قائد الفيلق صفر، السيد 'ديمون' نفسه.
وكما توقع، عند وصوله إلى مكتب الملك، رأى السيد ديمون جالساً على الأرض يغطي فمه بيده، بينما يتساقط الدم من بين أصابعه.
السجادة الفاخرة للملك تلطخت بالدماء، لكن الملك لم يكن ليهتم بذلك الآن.
بدا أن السيد ديمون فقد القوة في ساقيه، فسارع بين إلى مساعدته للجلوس على الأريكة، وهو يلوم نفسه داخلياً:
'مريضي يتألم ولم أصل فوراً؟ أنا طبيب فاشل! حتى لو قرر السيد ديمون كسور عنقي الآن، سأستحق ذلك.'
لكن أولاً، عليه معالجة المريض.
قمت برفع ثلاث أصابع للتأكد من كونه في كامل وعيه
"سيد ديمون، هل تسمعني؟ كم إصبعاً ترى الآن؟"
"ثلاثة."
الوعي طبيعي، الرؤية طبيعية.
كل من في القلعة يعرف سبب معاناة السيد ديمون.
كيف يمكنهم عدم المعرفة؟
لقد رأوا جميعاً كيف أوقف ذلك المجند البشري انتحار البطل.
بل أكثر من ذلك، كيف أنه بحركة يد واحدة أنهى حياة البطل.
بالطبع سيكون جسده مدمراً بعد أن امتص انفجار البطل كاملاً!
هل تعتقد أنه يمكن الاستهانة به؟
"مستحيل."
ضعف الجسد لا يعني ضعف القوة القتالية. مع أي شخص عادي قد يكون هذا صحيحاً، لكنه مختلف.
لو أراد، يستطيع أن ينهي حياتي في لحظة... ولن أعرف أنني ميت إلا بعد فوات الأوان.
مجرد نظرة إلى عينيه المتقدتين بالحياة رغم سيلان الدم تكفي لإثبات ذلك.
تلك العيون الحمراء كبركة دماء طازجة، والشعر الأبيض الذي يجعلها أكثر بروزاً...معبرتين عن نية قتل واضحة
هذه العيون تحمل في أعماقها "موتاً" حقيقياً. عينان رأتا الموت مراراً، عينان قتلتا بلا تردد...كيف يمكن لأحد أن يستهين به؟
بعد أن كبت الخوف والرهبة التي غمرته، تحدث بين بهدوء
"كما توقعتم، إنها الآثار الجانبية."
ظهرت على وجه الملك نظرة استسلام، كما لو كان يتوقع هذا بالفعل. حتى هو صمت مرارة للحظة.
لكن الشخص الوحيد المختلف كان السيد ديمون نفسه...
تعبير وجهه لا يكترث... لا، بل هو تعبير ملل صريح! لقد سمع هذا التشخيص كثيراً... لدرجة السأم.
وكأنه يقول "هل هذه كل كلماتك الجديدة؟"، أخذ يمسح فمه بالمنديل الذي تلقاه من الملك واغرق نفسه أكثر في الأريكة.
هذا الاستسلام القريب من التنوير جعل الجميع -حتى الملك- عاجزين عن الكلام.
'كيف يمكنه أن يبقى بهذا الاتزان؟'
لو كان هذا أي قائد فرقة آخر، لكانت الفوضى قد اندلعت منذ فترة.
لسحبوا سيوفهم، أو هددوا بصمت، أو أطلقوا نظرات قاتلة مطالبين بالعلاج الفوري...
'أليس هذا عملك؟'
'أليس هذا سبب وجودك؟'
عندما وصل تفكيره إلى هذا الحد، كادت أن تفلت منه تنهيدة... لكنها لم تكن تنهيدة إحباط أو غضب، بل أقرب إلى 'الارتياح'.
لا شعورياً، شعر بين بالامتنان لكونه طبيب الفيلق صفر.
'لا، ليس وقت التفكير في هذا الآن!'
نفض هذه الأفكار، حتى المشاعر، ثم بدأ يقلب بحماس في حقيبته الطبية.
"إنه الدواء المعتاد لعلاج الإصابات الداخلية... آسف لأن هذا كل ما يمكنني تقديمه."
"شكراً لك."
أخذ السيد ديمون زجاجة الدواء، وتأكد بين من تناوله الجرعة قبل أن يغمض عينيه للحظة ثم يفتحهما مجدداً.
الآن... بعد انتهاء مهمته، حان الوقت الذي لا مفر منه.
منذ وصوله، كان الملك يشعره بذلك الوهج القاتل الذي يعني: "سأعتني بك لاحقاً".
وبما أن تجاهل الملك يعني الموت المؤكد، وقف بحذر ليواجهه.
لم يكن يشعر بأي استياء أو ظلم...فعدم استجابته السريعة لتفاقم حالة المريض كان خطأه الواضح.
حتى السيد ديمون -على الأرجح- كان غاضباً... أو على الأقل غير راضٍ.
لذلك كان مستعداً لتحمل غضب الملك أولاً، ثم إذا نجا، غضب السيد ديمون...
لكن المفاجأة كانت عندما تحرك الشخص الذي كان من المفترض أن يكون الأكثر غضباً...
...لماذا؟
***
الملك على وشك معاقبة الطبيب!
انتفضتُ فجأة من مقعدي وأمسكتُ بمعصم بين.
اتسعت عيناه من الصدمة بينما نظر إليّ الملك مذهولاً بنفس القدر.
متفاجئون؟ أنا أيضاً! لكن لم يكن لدي خيار.
لو عاقب الملك الطبيب الآن، فسيوجه بين كل كراهيته نحوي! حتى لو كان شخصاً متسامحاً بطبيعته، فمن الطبيعي أن يغضب إذا عوقب بلا ذنب.
عندها سيكون الأوان قد فات.
لأبقى على قيد الحياة، كان عليّ أن أتدخل!
بهذه العزيمة، توجهت إلى الملك - الذي ما زال عاجزاً عن الكلام - وبدأت الحوار
"حالتي الصحية ليست جيدة، سأغادر الآن. وبالطبع سيرافقني طبيبي. للأسف سنؤجل نقاش استقالتي لوقت لاحق."
"آه... نعم! الاستقالة... لا، أقصد... استرح الآن!"
يبدو أنه لا يريد سماع كلمة "استقالة"، لذا مررنا الموقف بسرعة.
'في المرة القادمة سأواجه هذا النقاش! لكن اليوم ليس الوقت المناسب.'
غادرت المكتب بخطوات سريعة، وسرعان ما وجدنا أنفسنا في منتصف ممر طويل.
نظرت من النافذة لأحدد موقعنا...
حديقة الليل في عالم الشياطين، حيث ثلاثة أقمار تضيء المكان بدلاً من الشمس، تضيء الحديقة بلطف.
قد يبدو المشهد جميلاً... لولا الزهور ذات الأسنان والنباتات آكلة اللحم! والنبتة المجاورة لها مقلة عين وحتى ترمش!
اقشعر بدني من الاشمئزاز، حين سمعت صوت بين الخافت
"سيد ديمون..."
"نعم؟... آه."
أدركت أنني ما زلت ممسكاً بمعصمه.كنت شارد الذهن لدرجة انني لم الاحظ ذلك.
تركت يده ببطء ونظرت خلسة الى تعابيره. هل قمت بإزعاجه؟
لحسن الحظ، لم يبدُ مستاءً... فقط شاحباً مثلي تماماً، مع شيء من التردد.
"هل تشعر بالألم؟"
"لا... أنا فقط..."
ظهر على وجهه تعبير الاستسلام...
"هل لست مريض حقاً؟"
سكبْتُ نظراتي المليئة بالقلق عليه، فسمعتُه يتنهد تنهيدةً قصيرةً متوتراً.
رأيتُ شفتيه الشاحبتين ترتجفان قليلاً قبل أن يعضّ عليهما كمن اتخذ قراراً مصيرياً، ثم انحنى بانحناءة عميقة
"أعلم أن هذا وقاحة... لكنني أتوسل إليك أن تنهي حياتي بأقل قدر ممكن من الألم!"
"...ماذا؟"
لحظةٌ فقدتُ فيها السيطرة على تعابير وجهي.
لا بد أن الذهول كان واضحاً على ملامحي، وصوتي الذي خرج كصرخة غبية كان دليلاً إضافياً.
لحسن الحظ أنه كان منحنياً ولم يرَ وجهي، كما يبدو أنه لم يسمع صوتي أيضاً.
أسرعتُ إلى ضبط تعابير وجهي وتنظيف حلقي.
لم أستطع أن أسأله مباشرة: "ما هذا الهراء؟"، لذا غيرتُ صيغة السؤال قليلًا
"ماذا تعني بهذا؟"
"آه... لا شيء! لقد هذوتُ بلا وعي! المعذرة!"
رغم أنني سألته بلطف، إلا أنه ارتعب أكثر!
هل هو مريض حقاً؟ يقال أنك لا يمكنك قص شعرك بنفسك، فماذا يفعل طبيبي إذا كان مريضاً؟
وما يزيد الطين بلةً أنه طبيبي الشخصي!
خوفاً من أن ينتهي بي المطاف وأنا أعهد جسدي لمريض آخر، تنهدتُ وأجبت:
"لن أقتلك."
لا أعرف ما الذي يدور في رأسه، لكنني لن أقتله.
في الحقيقة، لا أستطيع قتله.
لو امتلكت القوة لقتل شيطان، لكنت هربتُ من دوري كقائد فرقة منذ زمن! لماذا سأعيش هنا وأنا أرتعش من الخوف؟
هذه الحقيقة المرة جعلتني أتنهد مرة أخرى.
بقلب مثقل، تركتُ بين المذهول خلفي وأخذت أترنح نحو غرفتي.
***
على عكس مظهره القاسي، الجميع يعلم أن السيد ديمون هو الأكثر تسامحاً بين جميع قادة الفرق. لكن أن يحمي حتى شخصاً مقصّراً في واجبه مثلي؟ هذا ما لم أتوقعه..
في الواقع، يبدو أنه يعتقد أنني لم أقصر في واجبي أساساً.
بصفتي شيطانًا، تختلف قيمي تماماً عن البشر، لذا لا يمكنني فهم معاييره.
كم كان محرجاً له عندما طلبت منه قتلي بلا ألم! لدرجة أن السيد الذي يتحدث دائمًا بطريقة رسمية، صرخ بـ"ماذا؟!" بتعبير عامي!
لكن لهذا سوء الفهم سبب وجيه. لو كان أي قائد فرقة آخر، لكان إنقاذي فقط لأنهم يريدون قتلي بأيديهم!
كان يمكنني التوقف عند هذا الحد، لكن للأسف، استمررت في الاعتذار مما زاد إحراجه.
في موقف يستحق فيه صفعة قوية، تنهد السيد ديمون بدلاً من ذلك قائلًا
[لن أقتلك.]
بصراحة، كانت صدمة! هذا تسامح يفوق كل الحدود!
لطالما كنت فخوراً بكوني طبيبه الخاص، لكن اليوم بلغ الفخر ذروته. حان الوقت لزيارة 'سيتار' - طبيب قادة الفرق الرسمي - مع زجاجة خمر!
يمكنني بالفعل رؤية المشهد لأولئك الأطباء الذين يتعاملون مع قادة الفرق سريعي الغضب، ويمسكون رؤوسهم من الحسد!
لكن قبل ذلك، لدي مهمة...
"لن أسمح بتكرار هذا المشهد مرة أخرى..."
بينما يتذكر صورة سيده 'ديمون أروت' وهو ينزف، تلمع عينا بين بتصميم خفي.
.
.
.