.
.
بعد مسيرة قصيرة ، وصل الثلاثة إلى حانة أمامها لافتة مكتوب عليها إسم [ الحانة السفلية ] .
" معلمي ، هل هذا هو المكان المناسب ؟ "
سأل أرون بحذر و هو يراقب الأنحاء ثم نظر المبنى أمامه بكل هدوء .
" نعم ، هذا هو ."
أجاب ماغنوس ببرود و هو ينشر إحساسه لتفقد المباني المجاورة .
[ الحانة السفلية ]
كما يوحي إسمها ، حانة متواضعة و قديمة ، زبناؤها الدائمون هم سكان هته الأحياء .
يبدوا أن هذا المبنى القديم المكون من طابقين على وشك الإنهيار .
صحيح أن أصل صاحب المحل من هذه الأحياء ، لذلك قرر بناء حانة هنا لتوفير إحدى المرافق الرخيصة لأبناء حيه .
لكن ، أيضا حسب إستخباراتنا فهو يجند المحتاجين ، الفقراء و الأطفال الصغار من أجل تنفيذ المهام لنقابته .
كجعل بعض الأطفال مخبرين سريين أو تدريبهم كمرتزقة مثلا .
" إسم مبتذل نوعا ما ."
أشار أرون بهدوء بملاحظته و النسيم البارد يداعب وجهه ،
" أنت على حق ، إنه إسم ضعيف و طفولي . لكن ، لا تقلل من قيمة المكان . "
أجاب ماغنوس بشكل عرضي .
إبتسمت بهدوء ثم فتحت باب الحانة المهترئ للدخول ،
- دينغ -
أعلن صوت جرس صاخب عن دخولنا إلى الحانة .
وقفنا عند المدخل بهدوء ،
ثم حملقت بهدوء في أركان الطابق الأول للحانة .
كان الوقت لا يزال مبكرا ،
لم يكن أي زبون في هذا المكان .
إستطاعت أن أشم رائحة العود القديم من جميع أنحاء الطابق .
حسب إستخباراتنا ، فزبناء هذه الحانة يأتون في المساء لشرب الخمر ، لذلك فالمكان فارغ حاليا .
في المكان طاولات مرتبة بشكل عشوائي ،
بلاط خشبي مهترئ ،
كما يمكن أن يرى أي شخص بعض الكراسي و الطاولات المكسورة في ركن الطابق كدليل على وقوع شجار ليلة أمس .
- ضجيج .
فجأة ، اعترضنا رجل عجوز ذو شعر رمادي أشعت و عيون خضراء الذي وضع كرسيا جديدا للتو قرب إحدى الطاولات .
" ما زلنا مغلقين ... "
صدى صوت ألبرت ، صاحب الحانة ببرود .
' يجب أن يكون المسؤول عن هذا المكان حاليا .'
إرتفعت زوايا فمي لتشكل إبتسامة باردة ثم أومأت لصاحب الحانة قائلا :
" أنا أعلم ، لكن .. "
مددت يدي بكسل ثم أخرجت عملة فضية من سواري المكاني ثم ألقيتها على صاحب الحانة ،
" أولا ، أريد بيرة باردة ."
تردد صوتي البارد في أذني صاحب الحانة ،
" لكن ، سيدي ثمن البيرة هو قطعتان نحاسيتان ، إن ...- "
حدق صاحب الحانة في وجهي بارتباك ظاهر على وجهه . تظاهرت بعدم ملاحظة الأمر ثم قاطعته بكسل مردفا :
" لا تفسد المرح أيها الصديق و إجلب لنا ثلاث بيرات باردة . "
" لكنها مازالت كثيرة جدا ، سيدي الزبون ."
كانت العملة الفضية تساوي ألف عملة نحاسية .
" لدي الكثير من المال ، إعتبرها علاوتك . يمكنك على الأقل جمع المال لإصلاح واجهة مبنى حانتك ."
تنهد ماغنوس و هو يحدق في إسراف إمبراطوره بغباء ،
' هاه ، من حسن الحظ ، لم يستعمل هذا الشقي العملات الذهبية .'
فكر هذا الأخير بعجز ،
" أيها الزبون ، لا يزال .. "
" آه ، هذا يكفي . فقط أحضر لنا طلبنا أولا ."
لم أهتم بكوني محترما ،
خلعت ردائي ببطئ ،
لأكشف عن شعري البني تحت الغطاء ،
ثم تجولت في المكان كأنني في فناء قصري .
-صرير .
نظرا لأننا وحدنا بالحانة ، فإن صوت الكرسي الذي تم إمساكه من طرفي بدا مرتفعا جدا .
ثم سرعان ما جلست في الحانة .
أومأت برأسي لمرافقي اللذان جلسا بقربي بهدوء ،
لم يخيب صاحب الحانة ظني . منذ تسلمه للمال ، ترك مهامه المتبقية ثم شرع مباشرة في سكب كؤوس بيرة لنا .
بعد بضع دقائق ، سلم ألبرت طلبيتنا لنا بإبتسامة مشرقة على وجهه قائلا باحترام :
" ها هو طلبكم ، كما أنني أحضرت بعض الكؤوس الإضافية . "
" آه ، عظيم ، شكرا لك . "
أمسكت الكأس بامتنان ثم أخذت رشفة من البيرة بهدوء ،
' ليس سيئا ، مقارنة بالخمر الموجود بالقصر .'
في حياتي الماضية ، كنت أشرب الخمر كل يوم لنسيان مشاكلي ونحسي المستمر .
كان الخمر هو ملجئي و ملاذي الوحيد لتجاوز وضعيتي المزرية و التظاهر بالإبتسام .
كما أن صاحب جسدي الحالي كان مدمنا على الخمر بجميع أنواعه المختلفة . لذلك لم يؤثر الخمر بي على الإطلاق .
- غلوب .
- غلوب .
تمتعت بلحظة من السكينة في الحانة المهترئة و أنا أشرب البيرة بسرعة معتدلة نوعا ما .
شرب ثنائي المعلم و التلميذ كأس بيرتهما بخفة و هما يتبادلان النظرات بينهما بهدوء .
" حسنا ، حان وقت العمل .... "
تمتمت بهذه الكلمات بكسل و أنا أنقر بطرف أصابعي على الطاولة .
" أيها النادل ."
تحرك صاحب الحانة ناحيتي ثم إستفسر بهدوء قائلا :
" هل تحتاج شيئا أخر يا سيدي ؟ "
" ما إسمك ؟ "
طرحت السؤال بلا مبالاة ظاهرة على وجهي ،
" ألبرت . يا سيدي ."
" همم .."
' لا وجود لإسم ألبرت في تقاريري . ها إذن هو شخص عادي فقط .'
تذكرت أسماء أعضاء نقابة الظل المهمين الذين سأتعامل معهم اليوم ،
لكن ، لا وجود لإسم ألبرت فيها .
إذن هو فقط شخص غير مهم أو موظف جديد .
' لندخل قاعدتهم أولا ...-'
تمتمت هذه الكلمات داخليا .
.
" لندخل إلى منظمته بسرعة . لقد أخرنا الأمر قليلا بسبب جلوسنا هنا يا سامويل ."
قاطعني من تفكيري ماغنوس الذي يحدق في وجهي بعبوس طفيف .
" آه ، حسنا ."
أومأت برأسي إيجابا بعد تفقد الوقت .
" ماذا تتحدث عنه صديقي ؟ .. هاه ، منظمة .... أيها الصديق ، ماذا تقصد ؟ "
أظهر ألبرت صدمته لجزء من الثانية ، لكن سرعان ما تمالك نفسه و حافظ على وجه البوكر خاصته .
" إذا أسعفتني ذاكرتي جيدا ، أظن أن هذا هو موقع الفرع الرئيسي لنقابة الظل . هل أنا مخطئ ؟ "
تجمد صاحب الحانة في مكانه و هو يحدق في موقفي اللامبالي إتجاهه .
سرعان ما صرخ بغضب طفيف قائلا :
" أيها الزبون ، كما ترى هذه حانة قديمة . إذا كنت تريد بيرة أو وجبة الغذاء فتفضل بالبقاء . لكن ، إن إستمررت في القيام ب...- "
" هاااه "
قاطعت ألبرت بوقاحة و أنا أتأوه بكسل مردفا :
" أنت لن تعترف إذن ؟ أصبح الأمر مملا نوعا ما ."
أمسكت بذقني ثم أضفت :
" حسنا ، سنقوم بالأمر بطريقتك الإعتيادية . هل أنت مسرور ؟ "
" [ أريد كأس ليمون ذو درجة باردة مع بعض المقبلات . لا تنسى أن تضيف القليل من السكر .] أظنها كلمة سر غريبة نوعا ما . أتساءل من إخترعها ؟ "
إبتسمت بمكر و أنا أحملق في ألبرت الذي يحاول كتم غضبه ،
" هذه كلمة السر التي يعلم بها فقط العملاء المميزون ، أليس كذلك ؟ "
هذه المرة ، لم يجادلني ألبرت . أومأ لنا رأسه ثم قال بإحترام :
" إعذرنا يا سيدي لكنها إجراءاتنا الأمنية . "
" إتبعوني أيها الزبناء الكرام ."
لم يتفاجأ ثلاثنا بتغير سلوك ألبرت ،
لكوننا نعلم من جواسينا ، معظم قوانين نقابة الظل .
تصرف صاحب الحانة حاليا كخادم يوجه أسياده نحو مكان مهم .
دخلنا القبو عبر مدخل سري محروس بمجموعة من المصفوفات السحرية و الرونيات الدفاعية.
لاحظ كل من أرون وماغنوس التعويذات الدفاعية بهدوء و هما يحاولان تمييزها .
لنجد نفسنا داخل غرفة بسيطة تتوفر على سرير ، ساعة ضخمة معلقة على الحائط المتشقق و مكتب ذو تصميم عادي .
[ 1:49PM ]
- تيك
- توك
حرك ألبرت برشاقة عقارب الساعة العملاقة بترتيب محدد ،
- تاك
- تاك
- تاك
و بطريقة سحرية ، إختفت الساعة ليحل مكانها باب ذهبي عملاق مزخرف برسومات مبهرجة .
إنحنى ألبرت بطريقة محترمة ثم أردف ببشاشة :
" مرحبا بكم في [ نقابة الظل ] "
" لنذهب "
أومأت برأسي للثنائي خلفي بالتقدم ،
ثم تمتمت بخفوت و إبتسامة مرعبة تتكون على وجهي الوسيم ،
" قريبا .... بقي القليل و سيصبح هذا المكان لي ."
.
.