" بعد اسبوع في المستشفي اصطحبني جون-سان الي منزله
لقد كان منزلا عاديا تستطيع ان تري نافذتين بوضوح من مدخل المنزل و في وسطهما الباب لقد كان السقف علي الطراز الاوروبي القديم و كانت هناك مدخنة

عندما دخلنا لم نجد احدا سألته : " اين عائلتك ؟! "

اجابني بصوت هادئ : " لقد اختفت منذ زمن "

اكمل كلامه : " اذا يا اسورا سأعيد تقديم نفسي انا جون كلاوسن
اعمل شرطيا في قسم مكافحة العصابات و الثوار منذ عشرين سنة
انا في الخمسين من عمري
و انا ضعيف بعض الشئ في استخدام السحر
هجرتني زوجتي في سن الثلاثين لاسباب خاصة و قد اخذت ابني ذو الثمانية اعوام معها
اعيش وحيدا في هذا المنزل المكون من ثلاث عرف و غرفة معيشة و مرحاض و مطبخ
سررت بلقائك "

قلت له بصوت خافت لا تظهر عليه علامات الفرح :
" و انا ايضا سررت بلقائك "

عرفني جون-سان علي المنزل و ارشدني الي غرفتي

في صباح اليوم التالي اصطحبني جون-سان في الشارع عرفني علي الجيران و الاماكن القريبة من منزلي

لم اكن سعيدة علي الاطلاق لم استطع الابتسام حتي عل الرغم ان جون-سان كان يصطحبني الي اماكن كثيرة و قد تناولت مختلف الاطعمة و اشتريت ملابس جديدة

و بعد سنة من الانقطاع عن المدرسة لدواعي صحية عدت مرة اخري و عشت حياتي المدرسية و قد بدأت اتناسي تلك المحنة و قد بدأت حياتي بالاشراق من جديد

و في يوم من الايام لاحظت شيئا لم القي له بالا عندما كنت اضع ثياب جون-سان في المغسلة لقد لاحظت ان بعضها صار قديما و مهترئا
جون-سان بدأ يأكل كمية اقل و الثلاجة تأتي عليها ايام نصف خالية من الطعام
كل تلك العلامات لم القي لها بالا بل لاكون دقيقة لم احاول ان اركز فيها

مضت السنين و عندما كنت في سن العشرين لقد لاحظت ذلك بالفعل
ثياب جون-سان كانت مرقعة و معظمها مهترئ جدا

جون-سان يتناول وجبة واحدة في اليوم بينما اتناول ثلاثا

يوجد في الثلاجة طعاما يكفي شخصا واحد لاكثر من يوم في الاسبوع

لم اسأل جون-سان علي ذلك ظننت انه يمر بضائقة في عمله
فبدأت اكل وجبتين لاوفر علي جون-سان و في العشاء قدمت له نصف طبقي فنظر الي ثم صرخ قائلا : " ما معني هذا اكملي طعامك يا فتاة ؟
انا لا احس بالجوع علي الاطلاق "

تلك كانت اول مرة يصرخ فيها جون-سان عليّ
لقد كنت حزينة ثم قلت : " و لكن . . . و لكنك يا جون-سان لم . . . "

ثم قطع حديثي قائلا : " بل اكلت ما ادراك انتي ؟! "

عاد جون-سان الي هدوءه ثم احتضنني قائلا : " اسورا اسمعني عندما لا اكل هنا هذا يعني شيئا واحدا اني لست جائعا
شكرا علي مراعاتك لي "

قلت له بصوت منخفض : " كاذب . . . كاذب "

ثم صرخت قائلة : " انت تبدو انحف من اول مرة رأيتك فيها هناك مشكلة
انا متأكدة هناك مشكلة ما "

استدار جون-سان ثم ضحك قائلا : " لقد كان اعتراض قسم الشرطة الاول ان وزني زائد
انا سعيد انك لاحظتي ذلك "

لم اصدق ذلك و لكنني ضحكت بسبب شعور الاطمئنان الذي احسست به ثم قلت : " هكذا اذا
انا اسفة جون-سان "

رد بصوت هادئ : " لا عليكي"

في اليوم التالي كنت اشاهد التلفاز
لقد كان يوم عطلة
فاجأني ذلك التقرير في قناة الاخبار لقد كان بعنوان
" جامسون فيردناند بطل الحرب "

سمعت التقرير بتركيز شديد
لقد اعجبت بشخصيته
علي الرغم انه مات في الحرب قلت لنفسي : " اريد ان اصبح مثله اريد ان اثبت لهؤلاء الاوغاد من عائلة فيردناند اني افضل منه "

ثم صرخت قائلة : " سأريكم يا عائلة فيردناند "

لقد دهشت استطيع قول اسم عائلتي جسدي عاد كما كان
عندما عاد جون-سان من عمله هرعت اليه قائلة : " جون-سان لقد علمت . . . "
لم استطع قول اسم عائلتي مرة اخري
تساءلت ماذا يحدث لي ؟!

استطعت تفادي هذا الموقف المحرج مع جون-سان بصعوبة
وبعد شهر
كنا نتناول الطعام جون-سان بدي انحف من ذي قبل لقد كانت ثيابه مرقعة و مهترئة

في اثناء تناولنا للطعام سمعنا صوت رجال يتكلمون من الباحة الخلفية بعد ان انتهي كلامهم تكسر الباب و دخل الكثير من الرجال من النوافذ الامامية و الخلفية
وقف جون-سان صارخا : " اسورا اهربي من نافذة المطبخ "

قلت له في خوف شديد : " و لكن جون-سان انت . . . "

رد بسرعة : " لا تخافي عليّ اهربي الآن يا فتاة "

لقد تفاجأت لقد كان مبتسما

استطعت الهروب بطريقة ما و اتصلت بالشرطة

لقد وقفت امام المنزل بمسافة امنة
اسمع طلقات النار و صراخ الرجال و صوت جون-سان و هو يصرخ
لقد كانت لحظات مرعبة جدا
بعد ان وصلت الشرطة وجدتني و انا ابكي و قد اشرت علي منزل جون-سان
بعد ان اشرت . . . انفجر المنزل !!!!!!

لقد كانت صدمة كبيرة عجزت عن الكلام و بدأت اصرخ بشدة مندفعا نحو منزلي امسكني رجل الشرطة و حاول ايقافي
حاولت الافلات من قبضته و انا اصرخ بشدة و دموعي تنهمر

وصلت فرقة اطفاء الحرائق بسرعة بسبب قرب المحطة من منزلي
اثناء اخماد الحريق وقف بجواري رجل يلبس رداء رجال الاطفاء لقد كان رئيس الفرقة
لقد كان رايكون-سان صديق جون-سان و قد كان يزورنا و دائما ما كان يحضر معه علبة مليئة بالاطعمة و دائما ما يقول انها هدية لي

قال رايكون-سان لي : " اتعلمين ايتها الفتاة ، ذلك الرجل هو صديقي منذ خمسة عشر عاما اعلمه اكثر من اي شخصا هنا
لقد هجرته زوجته لسببين اولهم انه انضم لقسم مكافحة العصابات و الثوار
و الثاني لان احد رجال العصابات استطاع قتل والد الزوجة امام عينها و قد اتضح ان ذلك الرجل من اعداء جون
تركته في اشد محنه يالها من عاهرة !!
اتعلمين الشرطة للنبلاء فقط و لان الامور الداخلية من امور الشرطة فمن الطبيعي ان تجد قسما لمكافحة الارهاب الداخلي و قد كان النبلاء جبناء بما يكفي لوضع العامة في هذا القسم مع مرتبات زهيدة و لقد لاحظتي اليس كذلك لقد بدي علي جون-سان النحف الشديد و اهتراء الملابس
لقد كان بسبب انه احبك انت و اراد ان يعوض ما فاته من خلالك لقد اراد ان يحرمك من شعور النقص الذي ظهر عليك فضحي بكل ما يملك علي الرغم من فقره الشديد
بالطبع كان مظلوما في عمله يعامل كالبعيد امام النبلاء علي الرغم من انه قديم في الشرطة
لقد تحمل كل هذا لكي يعود بقوت يومه الذي لا يحسسك بالنقص او بالقلق
اراهن انه كان لا يظهر علامات الحزن او التعب امامك صحيح ؟

لم اصدق ما سمعته لقد بدأت بالصراخ من جديد و البكاء بشكل هيستيري
قلت لنفسي : " لماذا يحدث هذا معي ؟
لماذا اجلب الخراب لكل من اهتم بأمري "

بعد ان انهي رايكون-سان كلامه اخمد الحريق و خرج رجل اطفاء حاملا شئ اسودا

لقد كان يقترب مني وقف امامي بوجه عابس و وضع ذلك الشئ علي الارض ثم قال بحزن : " يا فتاة هذا هو البطل هذا هو جون-سان "

لم اسمع شيئا مما قال لقد علمت عندما امعنت النظر لم اكن مدركة لاي شيئا مما حولي لانني كنت اصرخ بشدة لدرجة ان جسدي بدأ يألمني
لقد وضعت يدي علي اذني و اكملت صراخي
سقطت علي الارض و دموعي تنهمر بلا توقف

قال الرجل لرايكون-سان الذي كان يبكي بدوره : " لقد استطاع هذا الرجل قتل كل المجرمين من عصابة التنين لوحده "

ثم اقبل علينا رجل اخر امسك بذراعي قائلا : " يجب عليكي ان تري هذا "

وقفت و انا لا اعلم كيف و دخلت الي المنزل المحترق
اخذني الرجل الي غرفتي المحترقة فوجدت علي حائط غرفتي كتابة لم اصدقها

لقد كان جون-سان
و كانت الكتابة بدمه بخط سئ قليلا
كانت تقول رسالته : " اسورا عزيزتي لا تحزني عليّ انا اؤدي عملي لا اكثر
اتعلمين لقد توقعت ان هذا اليوم سيأتي و لكنني غيرت ما سيحدث في المرة الاولي قتل والد زوجتي و قد كان بسببي اما الآن لقد تحملت مشاكلي الخاصة
يجب ان تسعدي لانني استطعت ان اهزم ما كان يؤرقني دائما اليس كذلك
في النهاية اسورا اسف لانني ادخلت القلق علي قلبك و اسف انني صرخت في وجهك مرة ارجو الا تنسي انني وجدت في حياتك
لا اعلم ماضيك و لكن ارجوك ابتسمي في وجه المخاطر كما فعلت امامك

اسورا ابحثي عن هذا الرقم
الوداع يا عزي . . . . "

لم يكمل كلمة " عزيزتي " لقد كنت ابكي لدرجة ان حلقي بدأ يؤلمني و انا جاثية علي ركبتي
و رايكون-سان بدأ بالبكاء

قال رايكون-سان : " لقد فهمت "
امر رايكون سان بالبحث عن الرقم و بعد نصف ساعة اتضح ان هذا الرقم هو رقم حساب مصرفي بدأ بالازدهار يوم أمس
و كانت هناك رسالة تقول : " اسورا لقد كنت اعود في ايام متأخرا اليس كذلك هذا بسبب انني كنت في وظائف اخري بعد عملي الرئيسي ان قرأتي تلك الرسالة فهذا معناه انني ميت
في يوم من الايام سيزدهر هذا الحساب و تكون الاموال كثيرة فيه
انت تعلمين انني ضاعن في السن و سأموت عاجلا ام آجلا
لذا رجاء اقبلي هذا مني و عيشي بسعادة "

وضعت يدي علي قلبي و امسك قميصي قائلة : " هذا كثير علىّ ، كيف سأرد كرمك هذا يا جون-سان

كرمك مبالغ فيه لا استطيع تحمل كل هذا

يا ابي الحقيقي !!! "

........... النهاية

الفصل السابع و العشرون : الاب الحقيقي

2019/08/08 · 414 مشاهدة · 1492 كلمة
Youssef2003
نادي الروايات - 2024