انتهت الحرب وعادت المياه لمجاريها, عاد سليم وعاد جده وكان الكل راضيا عن تلك النهاية, لكن سليم لم يدري ان شيء مثيرا لازال ينتظره.
بعد ان تناولت العائلة العشاء الذي ساعدت نسرين لأول مرة في اعداده وتحدثوا عن هذا وذاك, جاء وقت النوم. ذهب علي لمنزله واتت سيارة واقلت نسرين, على الرغم من انهم تفاجأوا من فخامة السيارة الا ان سليم اوضح لهم ان نسرين ابنة شخص مهم بذون ذكر الاسم لكي لا يكون هناك حرج عند لقائهم القادم.
بعد ان ساعد سليم والدته في نقل وغسل الاطباق و نظفوا كل شيء, ذهب رفقة جده لغرفته. بما ان منزلهم صغير الحجم فسينام الجد في بيت حفيده بينما سينام سعيد على الاريكة.
كان الجد اول من وضع قدمه في الغرفة لكنه توقف في صدمة ادت لاصطدام سليم بضهره.
لما هذا التوقف المفاجئ؟ قال سليم بعبوس
عليك رؤية هذا بنفسك قال كريتوس في عدم تصديق
ارتعب سليم, ماذا يوجد في البيت. راوغ سليم جده ودخل البيت ليتفاجأ بعدة اصدقاء قدماء.
في زاوية الغرفة جلس ديك قرمزي الريش في واحد من اسرة القطط ذاك وبعد دخول سليم وقف يحدق فيه بأعينه الحمراء الساحرة.
على طاولة قرب خزانة ملابسه, تموضع صندوقان زجاجيان. اما الاول فكان عبارة عن مستعمرة نمل و الذي كان صغيرا مقارنة بالثاني الذي حمل في داخله اخطوبا اسود كبير الحجم نسبيا.
شعر سليم بسعادة لا مثيل لها و الان بما انه تم لم شمله مع عائلته وارواحه فلا يمكن للامور ان تكون افضل من هذا, او هكذا ظن.
في الصباح الباكر بعد ان نهض سليم تفاجئ سليم من الافطار الذي اعدته والدته.
واو هذا يبدوا شهيا للغاية. مدح سليم طهو والدته ثم تابع: لكن الا يجب عليك ان تكوني في عملك الان
اوه شكرا لك, يستحسن ان تعتاد على هذا فلقد تركت عملي. بما ان جدك عاد يجب على احد ما البقاء والاعتناء بكم ولان اباك حصل على ترقية فسنستطيع تدبر مصاريفنا بدون الحاجة لي للعمل, كما ان اخاك سيستقر معنا منذ الان فصاعدا فلقد رقوه الى رتبة ضابط وسيخدم في المدينة من الان فصاعدا.
صعب على سليم استيعاب كل ذلك.
عندما رات والدته ان سليم لم يقل اي شيء قالت : عندما يأتي الخير يأتي بكثرة. الان ساعدني على اعداد طاولة الطعام.
فاق سليم من صدمته اخد صينية الشاي و وضعها على طاولة الطعام.
جلست العائلة لتناول طعامهم لكن صوت الجرس اوقفهم.
-يا ترى من سيأتي في هذا الوقت. استعدت والدته للنهوض لكن سليم اوقفها وقال
لا عليك سوف ارى من.
عندما فتح سليم الباب تفاجئ بوجود علي عند الباب.
-ماذا احظرك يا صاح في هذا الوقت المبكر
- هي تملك سيارة –واشار للسيارة المركونة في قارعة الطريق والتي تظهر نسرين من نافدتها- وانت لا, لذلك ارتأينا ان نأتي لنقلك معنا. هيا اسرع وارتدي ملابسك
اتى صوت ام سليم من الداخل : من في الباب يا سليم
رد سليم صارخا قليلا : انهما صديقاي اتوا ليقلوني.
قالت ام سليم : اوه علي ونسرين يا لها من زيارة سارة, اخبرهم ان ينظموا لنا على الافطار
قال علي من وراء الباب : شكرا لك سيدة عبير لكننا اكلنا افطارنا قبل قليل
ضرب سليم كتف علي برقة وقال : من العيب ان ترفض عرضا من اهلي عليك القدوم وشرب كاس شاي على الاقل.
دلك علي كتفه وهو يقول : حسنا يا مستر عضلات فقط لا تضرب. ثم اتبعها قهقهة خفيفة
انت كذلك يا نسرين. ونادا سليم عليها من السيارة
دخل الثلاثة و جلسوا حول الطاولة. قال علي بينما يمسك كاس الشاي من يد جد سليم الذي عمل افضل شاي لن تستطيع تذوق مثله ولو في ارقى المطاعم.
قرب علي الكاس لشفته وارتشف منه ثم ابدى اعجابه به وكذلك فعلت نسرين لكنها حرقت لسانها لعدم تعودها على شرب شيء بسخونة كأس الشاي ذاك. فلقد قُدم مباشرة من فوق النار للكؤوس.
خذ. قال سليم وهو يقدم شيئا لعلي.
ادار علي راسه وهو يقول شكرا لكني حقا لا املك مكانا لتناول اي شيء اخر, فلقد حظيت بإفطار دسم.
لكنها مسمنة, الا زلت لا تريدها.
رفع علي راسه من كاس الشاي وقال مسمنة؟ دائما ما يوجد مكان للمسمن.
ضحكت العائلة على تصرفات علي العفوية واستمتعوا بباقي افطارهم.
وصل سليم للكلية رفقة صديقيه وحضي بحصص يتخللها القليل من المرح بفضل تعاليق علي الساخرة. لكن طول الحصص احس سليم ان احد يراقبه لكنه لم يستشعر اي عدائية منهم لذلك قرر تجاهل احساسه ذاك.
لكن بعد ان هموا بالخروج من اخر حصة مسائية من كان يراقبه تشجع واظهر نفسه اخيرا.
تقدم من بين الحشود فتاة وولدين ثم وقفوا امام سليم بعد ان حيوه.
وقف سليم مصدوما من الاشخاص الذين لم يتوقعهم بتاتا. لقد ذهب نوح لهذا الحد من اجله حتى.
همس علي لسليم : اتعرف من هؤلاء؟
قال سليم وهو لا يخفي السعادة في صوته
"نعم. انهم اصدقاء قداما"
-اعتذر على قلة ادبي فلم اعرف بنفسي بعد. مد فتى طويل القامة, صغير لكن قوي البنية ذو شعر اشقر حريري يصل للكتفين يده ليصافح علي وقال : اهلا انا آرثر, تشرفت بمعرفتكم.
صعق سليم من وسامته, كان آرثر يبدو كأمراء العصر الفيكتوري, وسيم وجذاب, النموذج الحي لفارس احلام كل فتاة.
تقدم اكبر الثلاثة حجما. كان عضليا جدا ليكون طالب جامعي, اذا رايته من بعيد لظننته لاعب كمال اجسام محترف. ذو شعر اسود قصير واعين عسلية جميلة. كان زود في هيئته البشرية متوسط الوسامة لكن عينيه كانت من اقوى نقاطه. انحنى زود ثم قال : انا زياد تشرفت بمعرفتكم.
تبقت الفتاة التي كانت تختبئ وراء آرثر. ابت ان تقدم نفسها, شعرت بالحرج لم تستطع مواجهة سليم وجها لوجه. كان آرثر يريد لقاء سليم في اول النهار لكن شعلة لم تستطع التغلب على خوفها كما انها هي من كان يراقب سليم كل ذلك الوقت.
تقدمت شعلة للأمام وهي تنضر للأرض في استحياء. كانت فتاة ذات جمال ملكي تشبه تيريش كثيرا. بشرة بيضاء صافية, شعر احمر خلاب, وجسد انثوي متوازن جميل. حملت يدها امام سليم لتصافحه من غير الجميع ثم قالت بصوت جميل : اهلا سليم.
لم يصافحها سليم لكونه بقي مصدوما من وجود جمال كذلك امامه حتى أيقظته نكزة علي له في ضهره ثم صافحة يد شعلة ولم يستطيع منع ابتسامته من ان تصل اذنيه الاثنتين.
" اهلا شعلة, اسعدني لقائك مجددا "
بقي سليم صامتا قليلا لكي يتعود على الأحداث السارة التي مر منها حتى كسر علي الصمت بقوله وهو يصافح الشخصين المتبقيين : اصدقاء سليم هم اصدقائي. تشرفت بمعرفتكم جميعا انا علي وهذه نسرين.
اهلا جميعا. لقد تاخر الوقت لما لا تركبوا معنا؟ فسيارتي ليست بعيدة من هنا
-شكرا لكننا سنستقل الحافلة فمنازلنا ليست بعيدة.
-لغتك العربية جيدة يا آرثر. اين مسقط راسك؟ اهو امريكا.
اه صحيح. قال آرثر وهو يقهقه في حرج. يبدو انك لاحظت
كيف لي الا الاحظ وانت تعطي احساس الشخصية الرئيسية بشعرك الاشقر واسمك الامريكي ذاك.
-لون شعرك جميل, اي منتج استخدمت لطلائه؟.
قالت شعلة في حرج وبصوت منخفض : انه لونه الطبيعي.
يا لك من محظوظة هلا اخبرتني روتينك للاعتناء به
امسكت نسرين يد شعلة وجرتها للتحدث حول مواضيع الفتيات بينما تتوجه لسيارتها,
غاص علي في حديثه مع زياد حول كمال الاجسام, فلقد سُحر علي بشكل زياد الرائع كونه من محبي تلك الرابضة ايضا.
تمشى آرثر رفقة سليم في صمت. علم ان سليم استمتع برؤية كل من سعا جاهدا لحمايتهم في امان وسعادة لذلك لم يرد تخريب اللحظة.
وهكذا عكس كل توقعات سليم ولأول مرة, حضي بنهاية بسعادة
النهاية.