الفصل المئة والخامس والعشرون: سيوفٌ مسلولة وتَدَخُّل تسانغ يو

____________________________________________

صدّ الشيخ ليو ضربةً قاصمة، لكن كُمَّ ردائه قد تمزق من أثرها، ليكشف عن مدى قوة الهجوم الذي واجهه للتو. ثم حدّق في قائدة جيش شي مين بثبات، بينما أحاط بذراعيه أبناء عشائر مجرة بونغ لاي ليحميهم خلف ظهره.

تنهد الشيخ قائلًا بأسى: "أيتها الفتاة، يبدو أنكِ لا تخشين شيئًا حقًا".

مع هذا الاشتباك، خيّم على الأجواء توترٌ مشحونٌ، وباتت المواجهة وشيكة. وقد استشاط تلاميذ جبل شو غضبًا، فأطلقوا هالات الطاقة الحارسة من أجسادهم دفعة واحدة، حتى إن ظلال السيوف أخذت تومض في الفضاء المحيط بهم.

لم يتمالك عدد من الشيوخ أنفسهم، فتقدموا خطوة إلى الأمام وقد علت وجوههم سحابة من الاستياء، بينما صاح أحدهم بحدة: "ألا ترون أين أنتم؟ كيف تتجرؤون على القتال في رحاب جبل شو؟". ثم تحرك سادة القمم الأخرى وقد طفح بهم الكيل، فانطلقت منهم هيبة عظيمة هزت أركان المكان.

في خضم كل هذا، وقف الحاكم الملكي شي مين جامد الملامح، ولم تكن عيناه تفارقان كبير الشيوخ الصامت. وبدا أسياد السماء الواقفون إلى جواره يستنهضون قوة دمائهم الملكية، استعدادًا لأي مواجهة قادمة.

أما جيش عشيرة شي مين الملكية الذي كان يتربص خارج المكان، فقد ارتسمت على وجوه جنوده نظرات قاسية وباردة تنذر بالقتل، وتصاعدت أصوات اصطكاك الدروع في الهواء. بدا أنهم ينتظرون كلمة واحدة فقط من حاكمهم الملكي ليبدؤوا الهجوم الكاسح.

في تلك الأثناء، اتخذ خبراء عشائر هوانغ تيان الملكية الذين كانوا يتربون في الأفق قرارهم. تبادلوا الأفكار فيما بينهم بصمت: "يظل كبير الشيوخ صامتًا، أيظن حقًا أن منبعًا روحيًا واحدًا كفيل بتسوية هذا الأمر؟ يبدو أنه علينا أن نزيد الضغط على جبل شو".

ثم أضاف آخر: "لا بأس، فلو تعرض الحاكم الملكي شي مين للإذلال اليوم، فماذا سيبقى من هيبة عشائر هوانغ تيان الملكية؟".

دوى الرعد فجأة في الأفق البعيد، والتوى الفضاء في موجات متلاحقة. ومن كل اتجاه، بدأت أعداد كبيرة من الخبراء الأقوياء تظهر في السماء، متقدمة بخطى واثقة نحو جبل شو.

أدى هذا الظهور المفاجئ إلى تفعيل تشكيل الحماية العظيم لجبل شو، مما جعل وجوه الجميع تتغير في لحظة، ورفعوا رؤوسهم في دهشة وخوف.

"إنه عم عشيرة شانغ غوان الملكي التاسع! ما الذي أتى به إلى هنا؟" هتف أحدهم في فزع. وصرخ آخر: "وهناك أيضًا القائد الملكي الأول لعشيرة شيا هو! وأمير عشيرة مو رونغ الأول... يا إلهي، هل أتوا حقًا لإعلان الحرب؟".

سادت الفوضى بين تلاميذ جبل شو، فلم يكن أحد منهم يتوقع وصول هذا العدد الكبير من خبراء عشائر هوانغ تيان الملكية. لكن كبير الشيوخ، الذي لم تتغير ملامحه قيد أنملة، بدا وكأنه كان يتوقع قدومهم منذ البداية.

وقف عم عشيرة شانغ غوان الملكي التاسع مكتوف اليدين، وانبعثت منه هيبة طاغية انتشرت في كل الأرجاء، ثم نظر من عليائه إلى ساحة جبل شو، ودوى صوته في السماء: "نطالب جبل شو برد واضح. هل حياة أمراء عشائرنا الملكية يمكن شراؤها ببضعة ينابيع روحية؟".

وإلى جانبه، تحدث قائد عشيرة شيا هو الملكي ببرود، بينما كانت قوة دمه الملكي تتدفق في جسده: "إن لم يقدم جبل شو تفسيرًا معقولًا اليوم، فلن يهنأ لعشائرنا بال. هل أصبحت قوانين هذا العالم من صنع جبل شو وحده؟". فبما أنهم قد كشفوا عن أنفسهم، كان عليهم أن يفرضوا موقفهم بقوة، معتمدين على أن جبل شو لن يجرؤ على إشعال حرب حقيقية، خاصة وأن سيد طائفة شو العظيم كان في خضم عزلته التدريبية.

أما الحاكم الملكي شي مين، فقد فوجئ بعض الشيء بظهورهم، لكنه ظل صامتًا، شأنه شأن كبير الشيوخ الذي تركزت عليه كل الأنظار. كانت كلمته التالية ستحسم مصير هذا اليوم، وكان الضغط الذي ينوء به كاهله في تلك اللحظة لا يمكن تصوره، فكل واحد من هؤلاء الخبراء الوافدين يمثل إرث عشيرة ملكية بأكملها.

وأخيرًا، نطق كبير الشيوخ بكلمتين خرجتا منه بصوت مرهق: "سَلِّمُوا الشخص".

اجتاحت مشاعر من الحزن والغضب قلوب تلاميذ جبل شو، بينما خبا بريق الأمل في عيون نينغ تساي وي ورفاقها من نجم الإمبراطور في نظام تسانغ لان. تنهد الشيخ ليو بدوره، وارتسمت على وجهه نظرة معقدة من الأسى والعجز.

قهقه الحاكم الملكي شي مين بصوت عالٍ وقال: "هاهاها! كبير الشيوخ رجل حاسم حقًا!". ثم جال بنظره على الفتاة التي كانت تقف خلف الشيخ ليو وأضاف بلهجة ساخرة: "بما أنك حاسم إلى هذا الحد، فلمَ لا تكون أكثر سخاءً وتسلمنا ذلك الوغد الصغير الذي أساء إلينا، بالإضافة إلى من تدعى نينغ تساي وي ورفاقها؟".

ما إن نطق بهذه الكلمات حتى تقلص بؤبؤ عيني الشيخ ليو، وأدرك أن تراجع جبل شو هذه المرة قد قضى على هيبته تمامًا. صرخ الشيخ بأعلى صوته محاولًا منع الكارثة: "لا يمكننا فعل ذلك أبدًا!".

في تلك اللحظة، دوى صوت الشيخ ليو في عقول نينغ تساي وي ورفاقها: "اتصلوا بإلهة الحكمة فورًا وعودوا من حيث أتيتم! جبل شو لن يستطيع حمايتكم بعد الآن!".

أطبقت نينغ تساي وي على قبضتها بقوة، وهمست في تردد: "لكنني... أريد أن آخذ أختي الكبرى معي".

رد الشيخ ليو في عجلة ويأس: "بأي قوة ستأخذينها؟ إنها في أعماق المنطقة المحرمة! وفوق كل ذلك، هي لن تقبل بالرحيل معكِ أبدًا".

وقبل أن ينهي كلامه، اندلعت قوة مذهلة من أعلى القاعة الرئيسية. كان سيد القمة التاسعة، الذي لم ينطق بكلمة طوال الوقت، قد تحرك أخيرًا. لمعت في عينيه نية قتل واضحة، وفي لمح البصر، ظهر أمام الحاكم الملكي شي مين مباشرة، وأطلق قدرة خارقة قاتلة تكثفت بين مخالبه الخمسة.

صاح سيد القمة التاسعة بغضب: "لن تأخذ تلميذتي!". وانقضت مخالبه الخمسة على وجه الحاكم الملكي شي مين.

لكن الحاكم الملكي لم يتغير لونه، بل ارتسمت على شفتيه ابتسامة ازدراء ملكية، وقال ببرود: "أنت لا تقدر حجم قوتك الحقيقية". ثم رفع يده ببساطة وصفع بها صدر سيد القمة التاسعة، فسُمع صوت تحطم العظام، واجتاحت قوة مدمرة جسده بالكامل، ليسعل دمًا ويتطاير إلى الوراء مهزومًا.

إن هجوم سيد سماوي في المرحلة الوسطى على خصم بلغ ذروة هذا العالم لم يكن سوى محاولة يائسة، كحشرة تحاول زعزعة شجرة باسقة.

أصدر الحاكم الملكي شي مين أمره ببرود تام: "اقتلوه".

على الفور، انطلق العديد من أسياد السماء الواقفين بجانبه نحو سيد القمة التاسعة المصاب. في تلك اللحظة، بدا أن الوضع قد خرج عن السيطرة تمامًا. تبادل سادة القمم الآخرون في جبل شو النظرات، ثم تقدموا إلى الأمام بحزم، وتبعهم الشيوخ الآخرون على الفور.

لكن صرخة مدوية من كبير الشيوخ أوقفت الجميع في أماكنهم: "توقفوا!".

تجمد أسياد السماء التابعون للحاكم الملكي شي مين في أماكنهم. تنهد سادة القمم والشيوخ بصوت خافت، وقد علت وجوههم نظرة معقدة عميقة، وهمسوا: "يا كبير الشيوخ... لا يمكننا تسليمهم".

لم يرد كبير الشيوخ، بل ظل يحدق في السماء الشاسعة أمامه، ثم قال بصوت عميق: "وإلى متى ستظل تشاهد أيها الضيف؟".

أثارت كلماته حيرة من حوله، فاتجهت أنظارهم إلى حيث كان ينظر، لكنهم لم يروا شيئًا. عقد الحاكم الملكي شي مين حاجبيه، وضيق عم عشيرة شانغ غوان الملكي التاسع عينيه، وكذلك فعل قائد عشيرة شيا هو وأمير عشيرة مو رونغ، فلم يشعر أي منهم بأي شيء غير عادي.

"بما أنك أتيت إلى جبل شو، نرجو أن تكشف عن نواياك". كانت نبرة كبير الشيوخ هذه المرة تحمل ثقلًا لم يسبق له مثيل، فقد استشعر وجود قوة عظيمة ومرعبة، مجهولة وغامضة، تفوق قوة خبراء العشائر الملكية، وهذا هو السبب الحقيقي الذي جعله يتردد في اتخاذ أي خطوة متهورة.

هز الحاكم الملكي شي مين رأسه وقال ساخرًا: "أيها الشيخ العجوز، لقد فقدت عقلك". كان يعتقد أن كبير الشيوخ يحاول المراوغة وخداعهم.

لكن ما إن أنهى كلماته، حتى شعر بحدسه بخطر وشيك، وقشعريرة سرت في جسده كله. فجأة، انشقت فجوة في تشكيل حماية جبل شو العظيم، وانقض شعاع من ضوء بارد، خارقًا كل دفاع في طريقه بلا هوادة، تاركًا وراءه موجة من التواء الفضاء ودماره.

لا يمكن تصور القوة المرعبة التي حملها ذلك الضوء البارد، فقد أصابت أسياد السماء من عشيرة شي مين الملكية بالرعب، فاستخدموا كل قدراتهم الخارقة ليشكلوا درعًا أمام حاكمهم.

لكن الضوء اخترق جبين السيد السماوي الأول، ومحا عنق الثاني، وثقب صدر الثالث، ثم سقط مباشرة أمام الحاكم الملكي شي مين، محولًا عرشه إلى غبار متناثر.

شحب وجه الحاكم الملكي، وتصدى للهجوم بكنز مقدس ثمين، لكن الكنز تحطم على الفور، وارتجت يده بعنف، فبصق دمًا وتراجع بضع خطوات إلى الوراء وهو يترنح.

ساد صمت مطبق على جبل شو إثر هذا المشهد المفاجئ. وعندما تبدد الضوء البارد، رفع الجميع، من الشيخ ليو إلى نينغ تساي وي، ومن تلاميذ جبل شو إلى خبراء العشائر الملكية، رؤوسهم إلى قمة السماء، ليشاهدوا خيالًا أنثويًا رشيقًا يرتدي رداءً أسودًا كانت رياح القمة تعبث به بعنف.

كانت ملامحها باردة وقاسية، تقف وحيدة في شموخ بين السماء والأرض، وهيبتها كفيلة بتغيير لون السماء ذاتها، وهي تنظر من عليائها إلى عالم جبل شو بأسره. كانت نظراتها خالية من أي شعور، وكأنها تنظر إلى حشرات ضئيلة لا قيمة لها.

2025/10/21 · 164 مشاهدة · 1357 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025