الفصل المئة والسادس والثمانون: سطوة سيد إقليم شين لينغ: إخضاعٌ وردع

____________________________________________

في المناطق المحرمة العديدة المنتشرة في رحاب السماء، ركّزت كياناتٌ شتى هبطت من شقوق الهاوية، وخبراءٌ من العوالم السماوية يطلقون على أنفسهم لقب الصاعدين، وعيهم الإلهي بأسره على نينغ تشينغ شوان. تساءلوا في سرهم: 'ترى، هل أرسل الاتحاد البشري حاكمًا جديدًا؟ لا بد أنه صعد هو الآخر من أحد العوالم السماوية، فهذه الهيبة التي تغشاه ليست بالهينة أبدًا، ولا يمتلكها إلا سيد عالمٍ بأكمله'.

لقد شهدوا قوة الإمبراطور الشيطاني خلال النصف عام المنصرم، والآن، بعد أن رأوا نينغ تشينغ شوان يسحقه في ثلاث خطواتٍ فحسب، ثارت في صدورهم أمواجٌ هائلة من الذهول. طافت في أذهانهم على الفور صورة أولئك الصاعدين، فقد شمّوا فيه رائحةً تشبه رائحتهم.

وفي إحدى تلك المناطق المحرمة، كان أحد خبراء مجلس الشفق يحدّق بتركيز شديد في هيئة نينغ تشينغ شوان. وعندما انتشرت الهيبة القاهرة لإمبراطور شوان يوان وبلغت تلك المنطقة، شعر سيد نجم الذئب الجشع بخطرٍ داهم، فوقف شعر جسده من شدة الفزع.

تمتم في قرارة نفسه: 'لقد كان هو إذن'. لقد علم سيد نجم الذئب الجشع منذ زمن بما جرى في عالم شوان هوانغ الخالد، عن طريق الحضارة البشرية الخاضعة لسلطة الإله الساقط في عمود السماء. لقد نقل إليهم سيد نجم وو يان معلوماتٍ بالغة الأهمية، تفيد بأن إمبراطور شوان يوان الذي سحق العديد من رؤساء فروع المعبد الساقط، قد يكون هو نفسه نينغ تشينغ شوان من الاتحاد.

وها هي الحقيقة تتجلى أمامه الآن، بل إنه قد تقلّد منصب حاكم إقليم شين لينغ. أدرك سيد نجم الذئب الجشع على الفور أن مجموعة شين لينغ المجرية الفائقة بأكملها على وشك أن تشهد تغييرًا جذريًا لم يحدث منذ عشرة آلاف عام. وبينما تملّكه خوفٌ شديد، استدار على الفور وعاد إلى أعماق المنطقة المحرمة.

تقدم سيد نجم شيان هي من نينغ تشينغ شوان بخطى وقورة، وانحنى أمامه باحترام وهو يضم قبضتيه قائلًا: "يا سيدي الحاكم".

لقد أراد في الأصل أن يمطره بعبارات الثناء والإطراء، لكنه عندما رأى ملامح نينغ تشينغ شوان الجادة والمهيبة، عدل عن رأيه، خشية أن يترك في نفسه انطباعًا سيئًا.

أصدر نينغ تشينغ شوان أمره بصوتٍ هادئ: "تولّ أمر ما تبقى، واسحق قوى الدرب الشيطاني التي جلبها الإمبراطور الشيطاني في أسرع وقت ممكن".

أجاب سيد نجم شيان هي على الفور: "أمرك يا سيدي"، ثم انصرف ليشرع في حشد فيلقه وتجهيزه لعملية التطهير.

في تلك الأثناء، ألقى نينغ تشينغ شوان نظرةً أخرى شاملة على امتداد المناطق المحرمة التي استطاع أن يرصدها ببصيرته. ومرت في ذهنه أسماء تلك المناطق التي يثير مجرد ذكرها الرعب في القلوب، كمنطقة دفن الآلهة، وهاوية الشر، والطائفة السرية، واللعنة، والصقيع الأزلي.

أحسّ بالعديد من خيوط الوعي الإلهي القوية وهي تتشابك حوله في تلك اللحظة.

ثم قال بصوت هادئ: "أيها السادة، أعلم أن الكثيرين منكم قد أتوا من العوالم السماوية، ولا بد أنكم قد كوّنتم فهمًا واضحًا عن هذا الكون العظيم. لن أتدخل في سعيكم للبقاء، أو بحثكم عن دروب التدريب، ولكن إن تجرأ أحدكم على الطمع في أي كوكب مأهول ضمن نطاق سلطتي، أو أذى أي مواطن، فلن أرحمه أبدًا".

تردد صوته المهيب في أرجاء جميع المناطق المحرمة، حاملًا معه قوة ردع هائلة. فمن خلال تجاربه العديدة في العوالم السماوية، كان يدرك تمامًا أنه لا يمكن الحكم على جميع الخبراء الأصليين حكمًا واحدًا، فبينهم حكماءٌ وشخصياتٌ فاضلة. وبصفته الحاكم الذي يتربع على عرش مجموعة شين لينغ المجرية الفائقة، لم يكن مضطرًا في معظم الحالات إلى معاداة جميع العوالم السماوية.

وبعد أن ألقى بكلماته تلك، شبّك يديه خلف ظهره، وخطا في الفراغ ليختفي عن الأنظار.

ساد صمتٌ عميق في السماء المرصعة بالنجوم، ولم تَدُبَّ الحياة في المناطق المحرمة إلا بعد فترة طويلة من رحيله. في منطقة الصقيع الأزلي المحرمة، حيث تنتشر كواكب لا حصر لها ذات مناخٍ قاسٍ، وتتجول أسراب من النيازك الفوضوية، كانت علامات الحياة نادرة الوجود. لقد كانت منذ زمن بعيد موطنًا لبعض وحوش النجوم، لكنها في السنوات الأخيرة، أصبحت ملاذًا للعديد من خبراء العوالم السماوية.

على سطح كوكبٍ غني بالموارد المعدنية، كانت الثلوج السوداء تتساقط بلا انقطاع، والقمم الشاهقة تخترق السماء. وتحت قبة كونية لا تعرف النور، شُيّدت قصورٌ عديدة، وعلى شرفة أحدها وقفت سبع أو ثماني نسوة يرتدين ثيابًا بيضاء، يراقبن المكان الذي اختفى فيه نينغ تشينغ شوان.

انطلق صوتٌ نقي واضح: "يا أختي باي تشو، لا يبدو لي أن حاكم إقليم شين لينغ هذا بالرجل السيء. لقد اختبأنا في هذا الظلام لعقود، ومؤخرًا بدأت أشعر بتقلبات شريرة تنبعث من حولنا، ولا أعلم أي نوع من الشياطين على وشك أن يستيقظ. ما رأيك لو أننا نخضع لسلطة ذلك الحاكم؟". كانت صاحبته امرأة لا يتجاوز عمرها العشرين ربيعًا، لكن هالة الزمان التي تحيط بها كانت توحي بأنها عاشت لآلاف السنين.

تردد صدى صوتٍ آخر: "أجل، معكِ حق، صحيح أننا من خالدات الثعالب، لكننا لم نؤذِ مواطنًا واحدًا من الاتحاد منذ وصولنا إلى هذا العالم. لعل حاكم إقليم شين لينغ يقبل بنا". انضمت الأصوات الأخرى إلى الحديث، وقد بدا عليهن قلقٌ بالغ من الكيان المجهول الذي أوشك على الاستيقاظ في منطقة الصقيع الأزلي المحرمة.

لقد كان هذا العالم أشد خطورة مما توقعن، فهو يعجّ بصاعدين آخرين، وآلهة شريرة لم يسمعن بها من قبل، وحضارات غريبة لم يرين لها مثيلًا. وبدون قوة عظمى يأوين إليها، سيصبح البقاء على قيد الحياة أمرًا شبه مستحيل. أما عالمهن الأصلي، فقد دمرته حربٌ ضروس بين الخير والشر لم يسبق لها مثيل، حتى إن مبادئ الداو العظمى قد مُحيت تمامًا، ولم يعد مكانًا صالحًا للعيش، فضلًا عن استحالة العودة إليه.

أما خالدة الثعالب التي تدعى باي تشو، فقد لزمت الصمت ولم تجب على الفور.

وفي منطقة دفن الآلهة المحرمة، وهي منطقةٌ شاسعةٌ تقطنها حضاراتٌ غريبةٌ متعددة وتُعد مهدًا لكائنات عتيقة، كان المشهد مختلفًا تمامًا عن الصمت المطبق في منطقة الصقيع الأزلي. هنا، كانت النجوم تتلألأ في السماء، وتنبض كواكب لا حصر لها بالحياة.

لكن في قلب هذه المنطقة، يقع نجم دفن الآلهة، وهو عالمٌ شاسع الأرجاء تنتشر فيه حقول من الرعد المدمر في كل اتجاه، قادرة على تمزيق جسد خبير في المرتبة الأولى من مراتب سيد العوالم بسهولة.

لقد كان كوكبًا عتيقًا ومحرمًا، حتى إن الحضارات الغريبة نفسها لم تكن تجرؤ على تدنيسه، وتتحاشى الاقتراب منه قدر الإمكان. أما اسمه، فيعود إلى عشرات الآلاف من السنين، عندما أتى إليه العديد من آلهة الشر بحثًا عن مصدر قوة غامض، لكنهم هلكوا جميعًا ولم يغادره أحدٌ منهم، ومن هنا جاءت تسميته بنجم دفن الآلهة. وظلت أسراره محجوبة عن العالم الخارجي حتى يومنا هذا.

لكن في هذا المكان المحرم بالذات، وفي قلب أعتى حقول الرعد فتكًا، كان يجلس شخصٌ طويل القامة يرتدي رداءً دمويًا. كان شعره الأحمر الدموي يتطاير بعنف، وملامحه باردة كجليد، ونظراته تحمل ازدراءً عميقًا لكل الخلائق.

وبجانبه، انتصبت ثلاثة آلاف مذبح تحوّل باستمرار قوة المصدر الأصلية لآلهة الشر الهالكين، ثم توجهها إلى ما بين حاجبيه. وبفعل ذلك، بدأ ختم برج الدم السابع من بين الأختام الثمانية التي فقدت بريقها يضيء من جديد.

همس ابن إله الدماء لنفسه ببرود: "حاكم إقليم شين لينغ إذن، أتمنى أن يصمد أمام بضع ضرباتٍ مني". انعكست النجوم في بؤبؤي عينيه الغريبين، ودارت فيهما نية قتل باردة لا نهاية لها. فبصفته إله المقتلة الأعظم في عالمه، سلك درب القتل ليبلغ ذروة القوة؛ لقد صهر مدنًا لا تُحصى، وأباد أعدادًا لا تُعد من الخلائق والخبراء، بل إنه قدّم عالمه بأسره قربانًا في النهاية. وبذلك، نال قوة لا تُقهر.

لكن لسوء حظه، حدث خطأ ما أثناء تدريبه على فنه الإلهي، فانهارت قوته إلى الحضيض. وما إن ينتهي من امتصاص قوة آلهة الشر الهالكين هنا، حتى يستعيد قوته في ذروتها. وحينها، سيصهر هذه المنطقة المحرمة بأكملها، وسيلتهم كل هذه الكواكب المأهولة بالحياة.

سيقتل الآلهة إن اعترضوا طريقه، وسيذبح البوذات إن وقفوا في وجهه. أما حاكم إقليم شين لينغ التافه ذاك، فسيكون مجرد قربانٍ آخر في طريقه.

في نجم الإقليم، داخل قاعة الحكم العظيمة، عاد نينغ تشينغ شوان وألقى نظرة أخرى على لوحة تطوير الحياة. لقد أجّل الأمر لشهرٍ كامل، وقد حان الآن أوان خوض حياة جديدة. لكن قبل ذلك، كان لا يزال هناك أمرٌ واحدٌ يتوجب عليه أن يحسمه. وفي أعماق القاعة، كانت هيئةٌ ما تنتظره منذ وقت طويل.

2025/10/24 · 178 مشاهدة · 1265 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025