الفصل المئتان والرابع والثلاثون: قانون إيقاف الزمن، وبطاقة هوية تكشف عن الإلهات الثلاث
____________________________________________
امتدّ بصر نينغ تشينغ شوان ليقع على شبكةٍ من مسارات الحديد النجمي التي تربط بين الكواكب المأهولة بالحياة، في مشهدٍ يعكس حضارةً تكنولوجيةً امتدت إلى ما وراء حدود الكواكب، وما هذا إلا غيضٌ من فيض لعظمة إقليم البلاط الملكي وازدهاره.
ووفقًا لما أرشدته إليه إلهة الحكمة، كان عليه التوجه إلى كوكب يُدعى نجم الإلهة، ليحصل من هناك على ثلاث مكافآتٍ ثمينة. وفيما هو يمضي في طريقه، بادر بالاتصال بشين تشي يو، وسرعان ما انعقد بينهما لقاء افتراضي في خضم رحلته.
وما إن اتصل بها حتى هتفت شين تشي يو بحماسٍ بائن: “يا زوجي، لقد نجحت في إيقاظ دماء العشيرة المقدسة العتيقة!”.
ارتسمت على وجه نينغ تشينغ شوان ابتسامة صادقة، وشعر بسعادة غامرة من أجلها ومن أجل ابنتهما، فقد كان هذا الإنجاز ثمرة جهودهما الخاصة دون أي مساعدة منه.
ثم لاحظت شين تشي يو موقعه قائلة: "أرى إحداثياتك تشير إلى أنك في إقليم البلاط الملكي أيضًا؟".
أجابها نينغ تشينغ شوان بهدوء: "أجل، لدي بعض الأمور التي عليّ إنجازها هنا. متى ستعودين إلى مجرة تسانغ لان؟". فمع قوة دماء العشيرة المقدسة العتيقة، سترتقي قوة شين تشي يو إلى مستويات جديدة، ولن يكون من الصعب عليها بلوغ مرتبة نجم الكارثة في وقت وجيز.
قالت شين تشي يو: "أخشى أنني لن أتمكن من العودة في القريب العاجل، فقد منحني عمي الأكبر الثالث أنا وابنتي إرث قديس الداو، ويُقال إننا إذا أتقناه بالكامل، فستتاح لنا فرصة بلوغ مراتب سيد العوالم". ثم استطردت قائلة: "لكن الأمر يتطلب وقتًا طويلاً للغاية، قد نمكث في عشيرة شين لعقود، وربما لقرنٍ من الزمان".
تجمد نينغ تشينغ شوان للحظة وهو يستمع إلى كلماتها، 'إرث قديس الداو؟' لقد أدرك من خلال سلطته في ديوان الظلمات طبيعة هذا الإرث لدى العشائر المقدسة العتيقة، فهو يختلف عن الفرص العادية، إذ إنه أسلوب لنقل القوة يعتمد على حقن الدماء، مما يسمح للأحفاد بوراثة القوة مباشرة دون أي آثار جانبية.
كان يعلم أن هذا الإرث نادرٌ للغاية، ولا يُمنح إلا للعباقرة الأفذاذ الذين يظهرون في العشيرة، وقد تمر أجيالٌ عديدة دون أن يحصل عليه أحد. ورغم أن موهبة شين تشي يو وابنتهما كانت جيدة، إلا أنها لم تصل إلى مصاف العباقرة الخارقين، فكيف نالتا هذا الشرف فجأة؟
ابتسم نينغ تشينغ شوان مجددًا، وقد أدرك خيطًا من الحقيقة، وقال: "هذه فرصة عظيمة، لا ينبغي عليكِ تضييعها ولو استغرق الأمر ألف عام". فبلوغ عالم القديس الأصغر، الذي يعادل المرتبة الخامسة أو السادسة من مراتب سيد العوالم، يتطلب آلاف السنين من التدريب بالطرق العادية، أما هذه النعمة فستختصر عليهما ذلك الزمن اختصارًا.
غمرت السعادة قلب شين تشي يو لأن زوجها لم يعارض قرارها، وقالت ببهجة: "حسنًا إذن، سآخذ ابنتنا لنبدأ اعتكافنا التدريبي، وحين أخرج، سأكون قد تجاوزتك قوةً بالتأكيد!".
فبعد كل شيء، إن الاعتكاف لقرنٍ من الزمان في الكون العظيم يختلف عنه في العوالم السماوية، حيث قد تتغير أمورٌ كثيرة لا يمكن التنبؤ بها، كما أن منصبها في قصر التناسخ بمنطقة جينغ تشو سيظل معلقًا.
وبعد أن أنهى نينغ تشينغ شوان الاتصال، فكّر مليًا ثم تواصل مع سلف عشيرة وو ما المقدس وتشين وو ليان. فرغم أن إرث عشيرة شين كان ثمينًا، إلا أنه كان يملك ما هو أعظم منه، وأراد أن يمد زوجته بكل ما يمكن أن يساعدها في رحلتها.
وما إن أتمّ ذلك، حتى ظهر أمامه كوكبٌ أزرق يشع بالحياة، لم يكن ضخمًا جدًا، وتحيط به أربعة نجوم حارسة فقط. لكن ما أن وطأت قدماه نجم الإلهة، حتى شعر بقوة إلهية هائلة وعظيمة تنبعث من كل مكان.
انتشرت مذابح هرمية الشكل في كل أرجاء اليابسة، وعلى قمة أضخم هرم، انتصب قصرٌ مهيب وفخم يُدعى قصر المصدر الإلهي. لم يرَ نينغ تشينغ شوان أي أثر للحياة على هذا النجم، فقد كان خاليًا تمامًا، ولا يحرسه سوى حواجز قوية تمنع أي كائن من دخوله، حتى ملوك الآلهة الخالدين، ما لم يكن مدعوًا من قصر التناسخ.
أخذ نفسًا عميقًا، ثم خطا بثقة إلى داخل قصر المصدر الإلهي. كانت القاعة الشاسعة تحتوي على تمثالٍ واحدٍ لإلهة مهيبة، لكنها لم تكن أيًا من الإلهات الثلاث العظيمات.
تردد في أرجاء القاعة صوتٌ سماوي أثيري يقول: "أهلاً بك يا سيد إقليم شين لينغ". ثم انهمر عليه ضياءٌ إلهيٌ أغرقه بالكامل، وكشف عن عدد لا يحصى من جواهر القوانين الكونية التي تلمع بألوان غريبة، وتتخللها ألوهية صغيرة متناثرة هنا وهناك.
ألقى نينغ تشينغ شوان نظرة سريعة، وأدرك أن قيمة تلك الألوهية لم تكن عالية، فاختار إحداها عرضًا، ثم ركز انتباهه الكامل على جواهر القوانين المتلألئة أمامه.
'قانون الفراغ، قانون إيقاف الزمن، قانون الثقب المظلم...' بفضل قدرته الفائقة على الفهم، تمكن من استيعاب طبيعة كل تلك القوانين، وأدرك أن العديد منها ينتمي إلى عوالم عليا أو مناطق محرمة في الفضاء السحيق.
وفجأة، استقرت عيناه على جوهر قانون ذهبي اللون، 'إيقاف الزمن؟' كان هذا القانون شبيهًا بتعويذة التثبيت التي استخدمها إله التعاويذ من قبل، والتي كانت قادرة على تثبيت الجسد والروح والوعي والعالم بأسره، إلا أن قانون إيقاف الزمن كان أقوى بما لا يقاس، لأنه يتحكم بالزمان والمكان معًا.
كان من المؤكد أن هذا القانون قادمٌ من عالمٍ علويٍ غامض، وإذا نجح في دمجه، فسيحصل على قدرة مفاهيمية تكاد تكون مطلقة، كما أن ألوهيته سترتقي. فلو استعان بقوة إلهية هائلة، لربما تمكن من إيقاف ثقب أسود عملاق، أو حتى عالم سماوي من العوالم الدنيا.
قال في نفسه بحزم: "سأختارك أنت". ثم مد يده دون تردد وأمسك بقانون إيقاف الزمن، وبدأ على الفور في دمجه مع ألوهيته. ولأن هذا القانون كان جديدًا عليه، فقد تطلب منه الأمر وقتًا لاستيعابه وإتقانه بالكامل.
في تلك الأثناء، تفحص نينغ تشينغ شوان مجموعة من بطاقات الهوية المصفوفة أسفل تمثال الإلهة، كان عددها ثمانية وتسعين، بعدد المتناسخين الذين حصلوا على إذن الدخول إلى مملكة هونغ مينغ السرية. كانت إحدى البطاقات حمراء داكنة، واثنتان ذهبيتان، والبقية فضية اللون.
قال لنفسه بارتياح: "كما توقعت، الأسبقية لمن يصل أولاً". ثم تناول بطاقة الهوية الحمراء الداكنة، واختار قاعة جانبية ليجلس فيها متأملاً، منصرفًا بكليته لإتقان قانون إيقاف الزمن.
مر شهران بسرعة، وبدأ نينغ تشينغ شوان يشعر بحضور حكام الأقاليم الآخرين الذين خرجوا من مملكة هونغ مينغ السرية، والذين توافدوا لاختيار مكافآتهم من القوانين والألوهية، وأخذ بطاقات هويتهم.
همس أحدهم: "أتساءل أي بطاقة هوية قد أخذها سيد إقليم شين لينغ؟ سمعت أن أحد الكبار ممن كانوا يحملون بطاقة حمراء قد قُتل في الصراع مع مدينة الفوضى، لذا توفرت بطاقة إضافية هذه المرة".
رد آخر بصوت خفيض: "بطاقة حمراء؟ لا أظن أنها ستُمنح لنا، فعلى الأرجح سيحتفظ بها كبار القادة لأنفسهم".
تنهد ثالث بحسرة: "آه، كم هو صعب الحصول على بطاقة حمراء! يقولون إن الإلهات الثلاث العظيمات آيات في الجمال، ولو أُتيحت لي فرصة رؤيتهن مرة واحدة فقط، لأعتبرت أن حياتي لم تذهب سدى".
قال أحدهم بمكر: "أوه؟ وهل تنوي الاكتفاء بالنظر فقط؟ أليس لديك أفكار أخرى؟".
قاطعه الآخر بفزع: "ششش! اخرس! هل تريد أن تُقطع رأسك؟!".
في خضم هذا الهمس، غادرت آخر دفعة من حكام الأقاليم القصر على عجل، تاركين خلفهم صمتًا مهيبًا.
فتح نينغ تشينغ شوان عينيه ببطء، وحدّق في البطاقة الحمراء الداكنة التي بين يديه، غارقًا في تأملٍ عميق وهو يفكر: 'إذن، هذه البطاقة تمنحني فرصة رؤية الإلهات الثلاث العظيمات؟'.