الفصل المئتان والخامس والثمانون: تجربة التناسخ العاشرة
____________________________________________
بمثل هذه القوة، لم تكن مواجهة ملك نخر النجوم الذي يناهز في قوته ملك آلهة ذي ثلاث نجوم تتطلب منه جهدًا يُذكر لإخضاعه.
حدّق نينغ تشينغ شوان في ملك نخر النجوم وقال بصوت هادئ: "أمامك طريقان".
ولكن قبل أن يُتمَّ كلامه، بادره ملك نخر النجوم بالرد على الفور، معلنًا بصوت حاسم: "أختار الطريق الثاني!".
توقّف نينغ تشينغ شوان للحظة، وقد ارتسمت على وجهه علامات الدهشة. 'أبهذه السرعة يغير موقفه؟'.
استدعى قوته الإلهية، وشرع في نسج عهد التبعية الخاص بالكون العظيم، ثم ختم به جسد ملك نخر النجوم. لم يبدِ الوحش أي مقاومة عنيفة، وسرعان ما أصبح العهد ساري المفعول.
"أوه؟ إذن ما يزال مجرد صغير؟" شعر نينغ تشينغ شوان بموجة من الدهشة تجتاحه وهو يستشعر الرابطة عبر العهد، بل إن الأمر أثار في نفسه تأثرًا عميقًا.
فعلى الرغم من أن ملك نخر النجوم هذا قد عاش دهورًا طويلة، إلا أنه لم يكن قد بلغ سن الرشد بين أفراد عشيرته بعد.
فأن يمتلك وهو في هيئة صغير لم يكتمل نموه بعد قوة مهيبة تضاهي ملك آلهة ذي ثلاث نجوم، فإن هذا يعني أن سلالة الدماء الإلهية التي تجري في عروق عشيرة بهائم نخر النجوم تفوق كل تصور.
تفكّر نينغ تشينغ شوان في الأمر مليًا، 'فإذا كانت هذه هي قوته في مرحلة النمو، فإلى أي مدى ستصل حين يبلغ أشده؟ هل سيتجاوز هذا الحد، بل وربما يرقى ليُقارَن بتنانين الذهب الأسطورية ذات المخالب التسعة، أو حتى بتنين الفوضى السلف في العوالم السماوية الخالدة؟'.
عند هذه النقطة، غمرت نينغ تشينغ شوان مشاعر مختلفة، حتى أن نظرته إلى الوحش قد تغيرت، وأدرك أنه قد عثر على كنزٍ ثمين حقًا.
سأله نينغ تشينغ شوان بهدوء: "ما اسمك؟".
"منحني والدي اسم غاي جيو مي"، أجاب بصوت خافت بعد أن تبددت غطرسته، وبدا عليه الحرص الشديد. فمن وجهة نظره، كان هذا الإنسان أقوى من والده بنصف درجة، وهو وجودٌ يعجز عن فهم كنهه في الوقت الحالي.
"غاي جيو مي... وأين والدك؟" قطّب نينغ تشينغ شوان حاجبيه، فالاسم يحمل في طياته هيبة وقوة، كما أن نقاء سلالة هذا الوحش يوحي بأن أصله ليس بالبسيط.
"لقد فارق والدي الحياة، وقد هربتُ من أطراف الكون السحيقة لأصل إلى هنا"، أجابه غاي جيو مي بصدق دون أن يجرؤ على إخفاء أي شيء. فبفضل عهد التبعية، كان بإمكان نينغ تشينغ شوان أن يكشف كذبه بسهولة.
"إن أطراف الكون السحيقة تبعد عن هذا المكان مسافات لا تُحصى من السنين الضوئية"، قال نينغ تشينغ شوان وهو يضيق عينيه، إذ خامره الشك في صدق روايته.
فحسب ما يعرفه، يقع كل من الاتحاد ومدينة الفوضى وتحالف دي شو وغيرها من الحضارات البشرية في قلب الكون العظيم الشاسع. أما أطراف الكون السحيقة، فكانت لديه بعض المعلومات عنها، فهي موطن نشأة الكثير من الأجناس الفضائية، ومرتعٌ لوحوش النجوم القوية التي تتكاثر وتستريح فيها.
"لدي القدرة على عبور بحار النجوم والتنقل عبر الفراغ، وفي الحقيقة لم يستغرقني الأمر سوى مئة عام للوصول إلى هنا"، أجابه غاي جيو مي بصراحة. فعشيرته لا تكتفي بابتلاع النجوم لتعزيز قوتها، بل تستطيع أيضًا انتزاع ألوهية الآلهة الشريرة وغيرها من الكائنات.
ومع كل ألوهية ينتزعونها، يكتسبون إحدى قدراتها الإلهية. لقد اعتاد على الصيد في أطراف الكون السحيقة، وقابل العديد من الآلهة الشريرة الصغيرة، واكتسب بذلك فنونًا إلهية كثيرة، كانت قدرة عبور بحار النجوم والتنقل عبر الفراغ إحداها.
"من الآن فصاعدًا، ستتبعني"، أومأ نينغ تشينغ شوان برأسه دون أن يستطرد في الأسئلة. ثم أطلق العنان لقوته الخالدة الهائلة، وسحب جسد غاي جيو مي الضخم إلى عالمه الداخلي.
بعد أن أتم ذلك، استعد نينغ تشينغ شوان للعودة إلى بحر نجوم تشيونغ هوا. فهدفه الأساسي من المجيء إلى ساحة المعركة التاسعة للأجناس الغريبة كان تسريع استعادة قدرات لوحة تطوير الحياة، وما دام قد حقق مبتغاه، لم يعد هناك داعٍ للبقاء.
علاوة على ذلك، كان الملك النوراني جينغ ليان، أمين سر سيد نجم التحككيم، قد أرسل إليه رسالة قبل ثلاثة أشهر، يخبره فيها بأن بلاطهم الملكي يعتزم إقامة احتفال للمتجسدين في القريب العاجل. وسيتوجب على الجميع حضوره، سواء كانوا من الخبراء القدامى أم من العائدين حديثًا، كما ستظهر شخصيات رفيعة المستوى من قصر التناسخ.
وقد ألمح الملك النوراني جينغ ليان إلى أن سيد قصر التناسخ نفسه سيظهر في الاحتفال، مما يوضح الأهمية القصوى لهذا الحدث. لكن نينغ تشينغ شوان لم يكن يعلم تفاصيل الأمر بعد.
خطا خطوة واحدة، وفي لمح البصر اختفى ظله، مغادرًا نطاق بحر الذبول الأحمر.
وبعد شهرٍ من الزمان، في نجم الإمبراطور ببحر نجوم تشيونغ هوا، داخل قاعة سيد النجم المهيبة، كان الملك النوراني جينغ ليان، الذي يرتدي رداءً فضيًا، يمسك بقائمة ويقرأ المعلومات الرئيسية الخاصة بالاحتفال على العرش الخالي.
"أين نينغ تشينغ شوان الآن؟" تردد في القاعة بعد فترة صوتٌ أثيري خافت، كان صوت الإرادة السامية لسيد نجم التحكيم. ويبدو أنه حتى شخص بمنصب أمين سر مثل الملك النوراني جينغ ليان، نادرًا ما يحظى بفرصة رؤية سيده.
"إنه يقيم حاليًا لدى عشيرة شين في نجم شين. وقد نقلت إليه أوامرك، وسيشارك في احتفال المتجسدين في الموعد المحدد"، أجاب الملك النوراني جينغ ليان باحترام. فإذا ما حسب الأمر، فقد مضت قرابة مئة ألف عام لم يقم فيها الاتحاد احتفالًا بهذه الضخامة.
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على الأهمية البالغة التي يوليها كل من الاتحاد وقصر التناسخ للمتجسدين العائدين هذه المرة.
"سمعت أن فن (جيو شياو) الخالد الذي يملكه تشين هواي تشن، قد صُنف في المرتبة المئة والخامسة والعشرين في قائمة الفنون الخالدة؟" عاد صوت سيد نجم التحكيم ليدوي مرة أخرى، لكن هذه المرة حملت نبرته شيئًا من الإعجاب والدهشة.
وبما أن الملك النوراني جينغ ليان هو نفسه ملك خالد، فقد اطّلع بعمق على تجربة تناسخ تشين هواي تشن، الذي يُعد كنزًا من كنوز الاتحاد الثمينة.
"هذا صحيح، لكن ذلك الذي يُعرف بزعيم الملوك الثلاثة، شي شياو، يتفوق عليه، فقد احتل المرتبة الثامنة والتسعين"، بعد أن أنهى الملك النوراني جينغ ليان كلامه، ساد صمت طويل في القاعة.
إن قائمة البلاط الملكي ترمز إلى إرث الاتحاد وقصر التناسخ بأكمله، وأن يتمكن فن خالد من احتلال مرتبة ضمن المئة الأوائل، فهذا يعني أنه قد بلغ ذروة الإتقان في مجاله. وما لم يتوقعه سيد نجم التحكيم هو أنه لم يكن هناك ضعيف واحد بين المتجسدين العائدين هذه المرة، بل إن شي شياو قد حطم أرقامًا قياسية عديدة كان قد سجلها خبراء متجسدون قدامى.
"برأيك، ما هي حظوظ نينغ تشينغ شوان بقوته كسيد للدواوين الستة في هذا الاحتفال؟"
عند سماع هذا السؤال، صمت الملك النوراني جينغ ليان للحظة، ثم أخرج ملفًا آخر من طيات ردائه وقال: "لا أعلم بشأن قوته كسيد للدواوين، لكن من المحتمل أن يكون نينغ تشينغ شوان قد استعاد بالفعل ذكريات تناسخه العاشرة. هذه هي المعلومات التي وردت من ساحة المعركة قبل أربعة أشهر، وقبل شهر واحد".
غطت إرادة سيد نجم التحكيم الملف، وفي لحظة، عمّت القاعة هيبةٌ طاغية وعميقة. تغيرت نبرة صوته وقال: "هل تقصد أن نينغ تشينغ شوان قد ذهب إلى ساحة المعركة التاسعة قبل أربعة أشهر، وأسر ملك نخر النجوم من بحر الذبول الأحمر؟".
أومأ الملك النوراني جينغ ليان برأسه قائلًا: "لم أسأله عن هذا الأمر، لكن سجلات قناة الانتقال تؤكد وجوده هناك، كما أكد أمراء الحرب الحراس أنه شوهد في بحر الذبول الأحمر. وبعد ذلك، اختفى ملك نخر النجوم دون أثر، ويمكننا الآن أن نستنتج بأنه قد تم أسره من قِبل نينغ تشينغ شوان".
بعد هذه الكلمات، أدرك سيد نجم التحكيم ما يرمي إليه الملك النوراني جينغ ليان. فوفقًا لملفات قصر التناسخ، لا تقل قوة ملك نخر النجوم عن قوة ملك آلهة ذي ثلاث نجوم، حتى أن أمراء الحرب كانوا يهابونه.
وما دام نينغ تشينغ شوان قد تمكن من أسره، فهذا يعني أن قوته تتجاوز قوة ملك آلهة ذي ثلاث نجوم، وهذا بدوره يحمل دلالة أخرى، وهي أنه على الأرجح قد استعاد قوة تناسخه العاشرة.
"اذهب وأبلغ نينغ تشينغ شوان، بأنني سأحضر الاحتفال بنفسي!"، قال سيد نجم التحكيم كلمته الأخيرة، ثم تلاشت إرادته من القاعة العظيمة.