الفصل التاسع والعشرون: لأنه شينغ وو شوانغ
____________________________________________
في أعماق الأطلال العتيقة، تسمّر الجميع في أماكنهم، وقد أصابتهم الدهشة من هول المشهد الذي تكشّف أمام أعينهم. ففوق قمة تيان جياو، تجلّى ظلٌ لعالم آخر، عالمٌ تسبح فيه الغيوم وتصدح طيور الكركي، وتنتصب فيه القصور الشاهقة، وتمتد عروق التنين نابضة بالحياة، راسمةً لوحة من الازدهار العظيم.
نظرت شين تشي يو، التي كانت تقف بعيدًا عن الحشد، إلى الأعلى متأمله ذلك المشهد السرابي، وتساءلت في نفسها: 'هل هذا هو العالم الخفي للسهول الوسطى؟' فمن خلال ما ظهر من معلومات، بدا جليًا أن هذا العالم يفوق بكثير أساس عالم السهول الوسطى وقدراته، وكأن عالمًا واحدًا قد احتوى على سماءين وأرضين. هل يمكن أن يكون هذا هو العالم الأسمى؟
ارتجفت حدقتا شينغ وو شوانغ وهو يقف بين الجموع، واجتاح جسده بردٌ قارس ينخر العظام، وهمس في فزع: "يا للهول..." فبصفته متناسخًا متمرسًا من الرتبة الأسمى(في الفصول القادمة سيصبح S) ، ومصنفًا على قائمة السماء، أدرك على الفور ما يمثله ذلك الظل المتجلي فوق القمة. وعندما استوعب أنه ربما تسبب في كارثة مروعة ستحل بالسهول الوسطى وتجلب نكبة لم يسبق لها مثيل، غرق في هوة من اليأس المطبق، فما كان هذا مقصده أبدًا.
رفع الجميع أبصارهم، غير منتبهين إلى رجل يرتدي رداءً أسود يغطيه بالكامل ويقف في إحدى الزوايا. كان ذلك يان جي، الذي اختفى طويلًا خوفًا من انتقام طائفة البعث، ولكنه أتى إلى الأطلال العتيقة بعد أن تلقى إشعارًا طارئًا من قاعة السامسارا. تمتم يان جي في قلق: "هالة تتجاوز عالم السماء والإنسان، لا شك أن أمرًا سيئًا على وشك الحدوث." لقد شعر بأن شينغ وو شوانغ قد فتح بابًا محرمًا، وأن خلف هذا الباب يكمن كائن جبار تفوق قوته قوة عالم السماء والإنسان.
دوى صوت انفجار، وتحطم الظل فجأة، وتدفقت سحب كثيفة على نحو غريب فوق قمة تيان جياو، حاملة معها موجات من ضغط عميق اجتاحت المكان. تغيرت ملامح العديد من المتناسخين، وقد عجز معظمهم عن فهم ما يجري، فالفرصة العظيمة والمكاسب التي كانت تبدو مؤكدة، بدت الآن وكأنها تسير في اتجاه خاطئ تمامًا.
إلى أن انطلق صوت حفيف، ومزّقت يدٌ يشمية ناصعة البياض فضاء الكهف، وخرج صاحبها ببطء من قمة تيان جياو. وفي لحظة واحدة، اهتزت السماء والأرض محدثةً دويًا هائلًا، كما لو أن الطاقة الروحية المحيطة بالقمة قد استُنزفت بالكامل وتجمد الفضاء في سكون مهيب. ألقى الرجل ذو الوجه اليشمي نظرة حوله بعينين غريبتين وقال: "أليس هذا هو العالم الأدنى الذي انقطع فيه مسار التدريب؟" ثم أطلق وعيًا روحيًا قويًا اجتاح السهول الوسطى، فارتسمت على وجهه علامات السعادة الغامرة. لقد كان الأمر كما خمّن تمامًا، فهذا هو العالم الأدنى للسهول الوسطى الذي اختفى لسنوات طويلة.
صدحت ضحكة أخرى مدوية وخشنة من قمة تيان جياو: "هاهاها، إنها حقًا هبة من السماء. لم أتخيل يومًا أنني، فنغ لي، سأحظى بمثل هذه المكاسب العظيمة!" ثم صعد الرجل في الهواء، وأطلقت طاقته الحقيقية التي لا مثيل لها عاصفة غلّفت كل الاتجاهات، مما جعل وجوه جميع المتناسخين تتغير في هلع.
ألقى الرجل ذو الوجه اليشمي نظرة على الرجل الذي يدعى فنغ لي، وقال بنبرة مستاءة: "يجدر بك العودة وإبلاغ التلاميذ على الفور، حتى نمنع الآخرين من احتلال المدخل."
أجابه فنغ لي بازدراء وهو يرمق المتناسخين المذعورين بنظرة جشعة: "ممَّ تخاف؟ من غيرنا قد يجرؤ على القدوم إلى المنطقة المحرمة؟" ثم أضاف: "ألن يكون رائعًا لو أسرنا هؤلاء وأخذناهم ليعملوا في مناجمي؟" وما إن أنهى كلامه حتى همّ بالتحرك.
دوى صوت صرخة بين صفوف المتناسخين: "اهربوا!" فتفرق الجمع في لحظة، ولاذوا بالفرار في كل اتجاه. نظر الكشافة الذي كان بجانب شينغ وو شوانغ إليه بوجه شاحب وقال: "أخي، فلنغادر بسرعة، لقد أوقعنا أنفسنا في ورطة كبيرة."
لكن شينغ وو شوانغ لم يتحرك من مكانه، بل ظل واقفًا بعينين محتقنتين بالدماء، وهو يحدق في الرجل ذي الوجه اليشمي وفنغ لي. قال بصوت أجش: "لقد حدث هذا بسببي. لولاي، لما كان هذان الشخصان ليصلا إلى هنا أبدًا." ثم أضاف بحزم: "يمكن لأي منكم الرحيل، أما أنا فلا."
بعد أن نطق بهذه الكلمات، اندلعت ألسنة لهب عاتية من جسده، وأطلق ملك الجثث الذي بجانبه زئيرًا منخفضًا. لقد قتل أفراد الطائفة الشيطانية في السهول الوسطى لأنهم استحقوا القتل، وبحث عن شيخ العظام الذابلة في كل مكان ليس فقط من أجل مهمة قصر السامسارا، وهزم عم إمبراطور سلالة يان لكنه أبقى على حياته ليضمن عدم اهتزاز أركان السلالة الحاكمة وتجنيب شعبها الكوارث.
إن كبرياءه في قلبه لم يكن ليسمح له باختيار الهرب بعد أن ارتكب خطأً، تاركًا وراءه سمعة سيئة خالدة في السهول الوسطى، ومتحملًا نظرات غريبة في تحالف الكون. حتى لو كان سيموت في المعركة، فإنه لن يغادر اليوم أبدًا. لأنه شينغ وو شوانغ!
"رووور!" زأر ملك الجثث وانطلق نحو الرجل ذي الوجه اليشمي، بينما اتجه شينغ وو شوانغ مباشرة نحو فنغ لي. عندما رأى أعضاء فريقه المتبقون ذلك، ظهرت نظرات معقدة في أعينهم سرعان ما تحولت إلى تصميم قاطع.
همس الكشافة وهو يقبض على يديه: "إن السبب الذي جعلنا نتبعه عن طيب خاطر هو بالضبط مواقف كهذه..." ثم انضم إلى المعركة. انطلق صوت اختراق الهواء مع رصاصة متفجرة، وبدأ باريت صائد الآلهة بإطلاق نيرانه. سقطت الأطلال العتيقة في فوضى عارمة، وفر عدد كبير من المتناسخين، ومن بينهم شين تشي يو وتشين يو نينغ. تبادل الاثنان النظرات، ثم استخدما قدراتهما على الفور دون أن ينطقا بكلمة.
واجه الرجل ذو الوجه اليشمي هجوم ملك الجثث بثقة وسهولة، وقال ببرود: "إنهم مجرد نمل يقاوم بعناد." أما فنغ لي، فقد رفع يده ببساطة ليقمع قوة القذائف المتفجرة، لكن علامات الدهشة والصدمة ارتسمت على وجهه، إذ من الواضح أنه لم يفهم أي نوع من الأسلحة السحرية كان هذا. وحين وصل شينغ وو شوانغ إليه، أحرق لهبه المشتعل هالته الواقية المحيطة بجسده، مما جعل عينيه تتخذان نظرة جادة لأول مرة.
دوى انفجار هائل مع تقابل راحة اليدين، وتصادمت القوتان، مما أحدث موجات متدحرجة ودويًا صوتيًا مدويًا. أُجبر شينغ وو شوانغ على التراجع، وبدأت النيران على جسده في التلاشي، وازداد وجهه شحوبًا. أما فنغ لي، فقد تحطمت الطاقة في راحة يده فقط، ولم يصب بأذى. سأله بازدراء: "أنت قوي جدًا، فهل أنت الأقوى في هذا العالم الأدنى؟"
لم يرد شينغ وو شوانغ، بل شن هجومًا أشرس. لكن فنغ لي أظهر نفاد صبره، ووجه ضربة أخرى بيده، أطفأت هذه المرة لهب شينغ وو شوانغ بالكامل، وجعلته يبصق دمًا، وارتسمت على وجهه نظرة مريرة.
نظر إليه فنغ لي بلامبالاة، وقال وهو يقف مكتوف اليدين خلف ظهره، ناظرًا إليه من علٍ: "في نهاية مسار التدريب في السهول الوسطى، لا يوجد سوى عالم السماء والإنسان. وفوق ذلك يقع عالم التحول. هل تدرك الفجوة بين العالمين؟" ثم لوّح بكمه ببساطة ليبدد كل هجمات الآخرين. صدم هذا المشهد شين تشي يو وتشين يو نينغ. أربعة أو خمسة خبراء من الرتبة الأسمى يهاجمون في نفس الوقت، ولم يتمكنوا حتى من إيذائه؟
استعاد شينغ وو شوانغ توازنه، وبدأت عيناه تتغيران بشكل غريب وهو يحدق في فنغ لي، محاولًا العثور على نقطة ضعفه، وسأل: "أليس الملك القتالي هو من يقف فوق جميع الآلهة؟"
سخر فنغ لي وهز رأسه: "من أخبرك بهذا؟ ملك قتالي؟ يا له من لقب سخيف لم أسمع به من قبل. عالم هوا يوان هو عالم هوا يوان، كيف يمكن أن يوجد ملك قتالي؟" عند رؤية هذا المشهد، علت الدهشة وجهي شين تشي يو وتشين يو نينغ. فوق الآلهة والبشر، ألا يوجد الملك القتالي؟
إذن، هل طريقة التدريب إلى عالم الملك القتالي التي نسخاها بجهد كبير من طائفة البعث هي طريقة ملتوية، أم... أنها مزيفة؟ إن فنغ لي الذي يقف أمامهما كان قويًا لدرجة أن شينغ وو شوانغ نفسه لم يكن ندًا له، بل تم قمعه بسهولة. وعالم هوا يوان الذي ذكره، بدا وكأنه هو المسار القويم الحقيقي.
تمتم شين تشي يو في نفسه: "مستحيل... الكبيرة جيانغ بهذه القوة، كيف يمكن أن يكون عالم الملك القتالي خاصتها مزيفًا؟" وبينما كان غارقًا في حيرته، امتدت شبكة ضخمة فجأة من السماء، وغطت مساحة عشرة أميال في لحظة.
تحدث الرجل ذو الوجه اليشمي ببرود: "لا يهم إلى أين تهربون، لن يتمكن أي شخص حاضر اليوم من النجاة!" لقد تم قمع ملك الجثث مؤقتًا بنوع من الأختام، والسلاح السحري الذي ألقاه قد شكل شبكة تحيط بالسماء والأرض.
"همم؟" بعد ذلك، قطب الرجل ذو الوجه اليشمي حاجبيه ونظر إلى البعيد. لقد شعر وعيه على نحو خافت بهالة شيطانية لا توصف. لا... هذا غير صحيح، إنها آلاف وآلاف من الهالات