الفصل الثالث مئة والسادس والسبعون: اندلاع الحرب، وقوة النجوم التسع
____________________________________________
"لقد آن الأوان اليوم لتصفية الضغائن بين مدينة الفوضى وتحالف دي شو."
دوى صوت سماوي مهيب في كل أرجاء إقليم دي شو، وتردد صداه في آذان عدد لا يحصى من الخبراء الأقوياء. وفيما كانت عيون الأباطرة الخمسة ترقب المشهد، خرج من جوف الثقب الأسود سيد مدينة الفوضى، تتبعه هيئات ثلاثة آلهة عظام.
وقد أحدثت تلك الهيبة القاهرة التي اجتاحت المكان ارتجاجًا في المناطق النجمية المجاورة، حتى إن الكواكب المأهولة العديدة التي تدور حول إقليم دي شو بدأت تظهر عليها علامات الخروج عن مساراتها. وهكذا وجد مواطنو تحالف دي شو أنفسهم فجأة في قلب كارثة لم تكن لهم فيها يد، إذ اندلعت الزلازل وأمواج تسونامي العاتية في لمح البصر.
صاح الإمبراطور الأبيض دون تردد: "فعّلوا التشكيل!"، وأمر في الحال بتشغيل تشكيل دي شو الإلهي. لكن ذلك لم يكن كافيًا لدرء خطر القوة الساحقة لسيد مدينة الفوضى، فاصطف الأباطرة الأربعة وجيوش تحالف دي شو الجرارة تحت قبة السماء المرصعة بالنجوم، ليواجهوا عدوهم.
وقف الجيشان في مواجهة بعضهما، وكلٌ منهما يستعرض فنونه وقدراته الخارقة. كان نينغ تشينغ شوان يراقب المشهد في صمت، ثم خطا خطوة إلى الأمام وظهر في الفضاء النجمي، فبصفته وريثًا لدي شو، كان مصير التحالف وبقاؤه يقعان على عاتقه.
رمق الإمبراطور الأبيض الآلهة الثلاثة بنظرة باردة، وو تشو ودي فو وتيان غونغ، وقال: "يبدو أنكم قد انضممتم إلى صفوف إمبراطورية قيصر". فقد كانت الهالة المنبعثة منهم كافية ليتعرف على هوياتهم من النظرة الأولى.
رد سيد مدينة الفوضى بإرادة صلبة: "ما دمتم قد ركبتم سفينة الاتحاد، فما الذي يمنع مدينة الفوضى من التحالف مع غيركم؟ من الأفضل للاتحاد اليوم أن يفي بعهوده، وإلا فلن ينجو تحالف دي شو من الزوال". فبعد أن أقدم على هذا الهجوم المباغت، لم يعد أمامه خيار سوى المضي قدمًا مهما كانت العاقبة.
كان سيد مدينة الفوضى يدرك تمامًا ما يجب عليه فعله، فمن جهة يواجه تهديد الاتحاد، ومن جهة أخرى أغصان الزيتون التي مدتّها إليه إمبراطورية قيصر. وفي تلك اللحظة، لمحت عيون الآلهة الثلاثة القادمين من إمبراطورية قيصر طيف نينغ تشينغ شوان الذي يقف خلف الأباطرة الخمسة، فارتسمت على وجوههم علامات الدهشة والحيرة.
جاءتهم الأوامر من داخل الإمبراطورية بالقضاء على تحالف دي شو، وفي الوقت ذاته، إحباط أي فرصة لعودة يان يي تيان، والقبض على شخص من الاتحاد يدعى نينغ تشينغ شوان وإعادته إلى الإمبراطورية. وإن لم يكن القبض عليه ممكنًا، فلا بد من قتله على الفور.
في البداية، ظن الآلهة الثلاثة أن هذا الشخص هو أحد علماء الكون العتيقين، القادر على فك أختام القصر وإزالة القيود عن يان يي تيان. لكنهم تفاجؤوا حين رأوه شابًا يافعًا، لا يمت بصلة إلى صورة العالم التي في أذهانهم، فكيف استطاع إذن فتح القصر في حين عجز الأباطرة الخمسة عن ذلك؟
وفي اللحظة التالية، صدرت كلمات سيد مدينة الفوضى الباردة كالصقيع: "اهجموا على الإقليم!". ومع صدور الأمر، انهمرت جيوش مدينة الفوضى كشلالٍ فضيٍ من مجرة بعيدة، لتصب جام غضبها على تشكيل دي شو الإلهي.
لم تتردد فيالق تحالف دي شو العديدة في مواجهة هذا السيل الجارف، بل تصدت له بشجاعة لا تعرف الخوف، لتمتزج الدماء بألسنة اللهب في مشهد مهيب. لحق بهم سيد مدينة الفوضى، وأطلق فنًا إلهيًا ساميًا، وسحب الثقب الأسود الهائل الذي خلفه، ليطلق شعاعًا من الظلام المرعب القادر على ابتلاع النجوم، مهددًا بابتلاع كل كائن حي في تحالف دي شو وتحويله إلى رماد.
كانت تلك قوة ملك آلهة ذي تسع نجوم، قوة قادرة على تدمير حضارة عظمى، وتحويل السماء المرصعة بالنجوم إلى فراغ سحيق. تصدى الإمبراطور الأبيض له على الفور، وأطلق فنًا إلهيًا ساميًا بدوره، ليصطدم مجاله بمجال خصمه. كما انضم الإمبراطور الأحمر والإمبراطور الأخضر والإمبراطور المظلم والإمبراطور الأصفر إلى المعركة، واشتبكوا مع آلهة إمبراطورية قيصر الثلاثة.
كانت قواهم متكافئة تقريبًا، فجميعهم قد بلغوا مرتبة ملك آلهة ذي تسع نجوم. اجتاحت عواصف الدمار الفضاء النجمي، ومع كل ضربة، كانت النجوم تتهاوى وتتحطم، وبدأ تشكيل دي شو الإلهي يهتز بعنف، بينما استمر خبراء تحالف دي شو في الخروج منه لمواجهة الأعداء.
لقد كان هذا الهجوم مفاجئًا تمامًا، فلم يتوقع أحدٌ أن يواجه تحالف دي شو يومًا ما مثل هذه الحرب الطاحنة. لم يتراجع نينغ تشينغ شوان، بل انخرط في ساحة معركة ثانوية، حيث اشتبك مع عدد من خبراء مدينة الفوضى.
لم يكن وجوده ملحوظًا في خضم المعركة، ولم يبدُ أنه سيؤثر على نتيجتها، لكن وعيًا إلهيًا خفيًا كان يراقبه من بعيد. كان الإله الخالد يتابع مجريات الحرب من عالم مجهول، وعلى وجهه ترتسم نظرة قلقة.
رأى الإمبراطور الأبيض وسيد مدينة الفوضى يتصادمان بفنونهما الإلهية، ورأى وو تشو ودي فو وتيان غونغ يقاتلون الأباطرة الأربعة الآخرين في معركة طاحنة لم يتمكن فيها أي طرف من حسمها. كما شاهد قائدي سماء تحالف دي شو ذوي الثماني نجوم يشتبكان مع الآلهة الرئيسية لمدينة الفوضى.
كانت القوى العظمى من كلا الجانبين قد انخرطت في صراع عنيف، وكشف كل طرف عن قوته الكامنة. كان الإله الخالد يعلم أن هذه هي فرصته، فبضربة واحدة يستطيع قمع نينغ تشينغ شوان. لكن لسبب غامض، شعر برهبة في قلبه تمنعه من الإقدام على ذلك.
في نظره، كان نينغ تشينغ شوان أشبه بإله مقتلة، فرغم أن بين حاجبيه خمس نجوم فقط، وهي علامة ملك آلهة ذي خمس نجوم، إلا أنه تمكن من سحق ملكي آلهة ذوي ست نجوم، وأجبرهما على التراجع في ذعر، دون أن يجرؤا على مواجهته مرة أخرى.
'قوتك إذن تتجاوز ما تظهره بكثير'، همس الإله الخالد لنفسه، متذكرًا مواجهتيه السابقتين معه، وأيقن أن نينغ تشينغ شوان هو نفسه الشخص الذي قاتله. ومع اشتداد وطيس المعركة، كشف نينغ تشينغ شوان عن المزيد من قدراته، حتى استخدم مجاله الخاص ليسحق ملك آلهة آخر ذا ست نجوم.
عندها، انبثقت في ذهن الإله الخالد فكرة غريبة لا تصدق، فقد أخبره حدسه أن نينغ تشينغ شوان على علاقة وثيقة جدًا بإله جبل الكوارث، وأن إله الأصل البدائي الذي خلق عشيرة الكارثة وترك أسطورته في قارة البرية البدائية، قد يكون هو نينغ تشينغ شوان نفسه.
"سأكتشف ما إذا كان هذا جسده الأصلي أم مجرد هيئة بديلة." تحركت إرادة الإله الخالد، وفي لحظة، أرسل أوامره، فالتوى الفضاء وظهر ملكا آلهة من إمبراطورية قيصر ذوي سبع نجوم. كانا يرتديان أردية بيضاء، وتفيض منهما هالة من النور والقداسة. وبمجرد أن خطوا خطوة واحدة، أطلقا قوة إلهية مرعبة هزت العديد من خبراء تحالف دي شو، وجعلتهم يبصقون الدماء ويتطايرون في الهواء.
كانت نظراتهما حادة، وأطلقا فنًا إلهيًا مضيئًا استهدف نينغ تشينغ شوان مباشرة. كانت وصيفة الإمبراطور ذات الرداء الأحمر، والتي تلقت أمرًا من الإمبراطور الأبيض قبل بدء المعركة بألا تبتعد عن نينغ تشينغ شوان، قد رأت الملكين يظهران فجأة ويهاجمانه، فأسرعت لتنقذه.
صاحت بصوت عالٍ: "يا وريث دي شو، انسحب حالًا!"، ثم طوت الأرض طيًا لتصل أمامه، وتصدت بكل ما أوتيت من قوة للهجوم العنيف الذي شنه الملكان. ورغم أنها لم تكن بقوة قائدي سماء تحالف دي شو ذوي الثماني نجوم، إلا أنها كانت في مرتبة ملك آلهة ذي سبع نجوم، وقد تمكنت من صد هجومهما.
تحول وجه وصيفة الإمبراطور إلى شاحب، وتمزق كُمّ ردائها وتلطخ بالدماء، وصاحت: "احموا وريث دي شو!". على الفور، هرع عدد من خبراء تحالف دي شو لحمايته، وشكلوا حوله درعًا بشريًا، وكان من بينهم قائد فيلق برتبة ملك آلهة ذي خمس نجوم.
قال نينغ تشينغ شوان وهو يوسع مجاله: "لا داعي لذلك، أنا أستطيع التعامل معهما". وبدأت نجوم أخرى تتجلى بسرعة خاطفة بجانب النجوم الخمس الراسخة بين حاجبيه، فصارت ستًا، ثم سبعًا، وثمانيًا، حتى بلغت تسع نجوم كاملة.
كانت قوة إله الأصل البدائي تتعافى بسرعة مع استمرار القتال وامتصاصه لشظايا ألوهية يان يي تيان. كلما قاتل، أصبح أقوى، حتى يعود إلى ذروة مجده.
قالت وصيفة الإمبراطور وهي تواجه الضغط الإلهي للملكين وتصر على أسنانها: "لقد قال الإمبراطور الأبيض إنك مستقبل تحالف دي شو، ومهما كانت نتيجة هذه المعركة، عليك أن تغادر معي لاحقًا".