الفصل الخمسون: انطلاقة، نحو عالم النيرفانا اليوم

____________________________________________

على قمة تشينغ يون الشاهقة، حيث مقر طائفة تيان جيان، جلس نينغ تشينغ شوان، الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره، متربعًا يستمع بخشوع إلى تعاليم معلمه تشانغ مي رفقة أقرانه من التلاميذ.

إلى جواره، وخزت إحدى التلميذات الصغيرات طرف ثوبه، وسألت بصوت خفيض: "أخي الأكبر، ما معنى فتح قنوات الطاقة؟"

أجاب نينغ تشينغ شوان بهدوء: "فتح قنوات الطاقة هو بلوغ مرتبة الخبير التاسعة، وفيها يتوجب على المرء أن يفتح قنوات الطاقة الثمانية العجيبة في جسده ليمتص الطاقة الروحية للسماء والأرض."

عادت تسأله: "وما هو تجميع التشي؟"

أجابها قائلًا: "تجميع التشي هو مرتبة الخبير الثامنة، وفيها يحوّل المرء الطاقة الروحية للسماء والأرض إلى قوة خاصة به."

لم تتوقف أسئلتها، بل تابعت بفضول: "إذًا، ما هو عالم النيرفانا؟"

توقف نينغ تشينغ شوان للحظة، لكنه لم يضجر من فضولها، فأوضح: "هذا هو عالم المحاربين الأقوياء من المرتبة الأولى، حيث تبلغ أرواحهم السكينة المطلقة، فيغدون قادرين على السيطرة على الأشباح، وإنقاذ الخلائق، وعبور الفراغ."

كانت التلميذة الصغيرة تستمع باهتمام وهي تدون ملاحظات خفية على يدها، إلى أن رمقها المعلم تشانغ مي بنظرة حادة، فانكمشت على نفسها خوفًا وأخفت ما كانت تفعل.

قال المعلم بصوتٍ حازم: "انتهى درس اليوم، وليبقَ تشانغ وو هين."

تفرق التلاميذ الصغار على الفور، وغادروا المكان في هدوء، ولم يبقَ سوى نينغ تشينغ شوان جالسًا في مكانه وحيدًا.

رفع رأسه نحو معلمه وسأل باحترام: "هل من أمرٍ تطلبني لأجله يا معلمي؟"

لم تكن ملامح المعلم تشانغ مي تبشر بالخير، فقد تقدم ببطء وألقى بلفافة كانت بين ذراعيه على الأرض أمامه مباشرة.

ثم قال بنبرة يمتزج فيها الأسف بالغضب: "قبل عشر سنوات، أحضرتك من قرية تشينغ شان، وفي غضون عامين فقط بلغت عالم فتح القنوات، وشعرت حينها أنني عثرت على كنزٍ ثمين."

"بعدها، لم تخيب ظني أبدًا، فبعد عامين آخرين، نلت اعتراف أثمن كنوز طائفة تيان جيان، جرس قمع الأرواح، وكم غمرتني السعادة حينها."

"وها أنت اليوم تبلغ العاشرة من عمرك، لكن تدريبك توقف على نحوٍ غامض. لقد طلبت المشورة من سيد الطائفة قبل فترة، على أمل أن يرشدك ببعض التوجيهات."

"أما النتيجة..." صمت المعلم تشانغ مي، وكانت عيناه تحملان نظرة معقدة يملؤها أسى عميق.

أشار بيده المرتجفة إلى اللفافة الملقاة على الأرض، وقال بصوتٍ متهدج: "ما هذا الذي فعلته؟"

"هذا هو أسلوب التدريب الخاص بعالم النيرفانا الذي توارثته طائفة تيان جيان لآلاف السنين، كيف تجرؤ على العبث به؟"

"فكرتك هذه بالغة الخطورة، ولو استمررت على هذا المنوال، فسينتهي بك الأمر إلى الهوس والضلال، ألا تدرك ذلك؟"

كان صدر المعلم تشانغ مي يعلو ويهبط من شدة انفعاله، فلم يكن قادرًا على استيعاب أن تلميذه الواعد يحمل مثل هذه الأفكار الخطيرة.

فعالم النيرفانا، بصفته عالم المرتبة الأولى، هو ثمرة جهود مضنية ومحاولات متواصلة لأسلاف الطائفة الذين لا يُحصون، وقد أصبح حتى يومنا هذا السبيل الأوحد الذي تسلكه طائفة تيان جيان.

قال نينغ تشينغ شوان بهدوء تام، غير مكترثٍ بغضب معلمه: "كل ما فعلته هو تغيير بضعة مسارات خاطئة لقنوات الطاقة."

كان يدرك تمامًا أن معلمه يفعل ذلك لمصلحته، وإلا لما وضع هذه اللفافة في مكانٍ ظاهرٍ أمامه وهو على وشك بلوغ عالم النيرفانا بنفسه.

صرخ المعلم تشانغ مي بامتعاض: "مسار خاطئ؟ يا له من هراء!" كان الخذلان يملأ قلبه، وحدّق فيه بغضبٍ وكأنه يهم بتأديبه، لكن يده المرفوعة عادت وسقطت إلى جانبه.

بدا الإرهاق واضحًا على وجهه، وامتلأت عيناه بخيبة أملٍ مريرة. 'كيف حدث هذا؟ كان كل شيء على ما يرام، كيف ينهار في يومٍ واحد؟'

'هل كُتب على طائفة تيان جيان العظيمة والإقليم السادس بأسره ألا ينهضا من جديد؟'

على مدى السنوات العشر الماضية، ظهر في الإقليم الأول العديد من العباقرة المشهورين عالميًا، ففي مثل عمره كانوا قد بلغوا المرتبة السادسة بالفعل.

وتحت وطأة الضغوط الخارجية، أطلق الإقليم الثاني طاقات كامنة غير مسبوقة، وأنجب العديد من عباقرة التدريب الذين ذاع صيتهم في كل مكان.

وحده الإقليم السادس بقي راكدًا كبركة ماء آسنة. كان قد رأى الأمل في تشانغ وو هين، لكن ذلك الأمل تلاشى فجأة قبل خمس سنوات.

وطوال تلك السنوات الخمس، لم يفهم قط ما كان يفعله تشانغ وو هين، فقد توقف تدريبه تمامًا دون أن يحرز أي تقدم يذكر.

"سأحاول بلوغ عالم النيرفانا غدًا. إن فشلت، ففي أفضل الأحوال سيتراجع تدريبي، وفي أسوئها سيفنى جسدي وتتلاشى روحي."

"كل ما أرجوه منك يا بني هو أن تتدرب في سلام. حتى لو لم تستطع بلوغ مستوى أقاليم أخرى، فعلى الأقل يمكنك الوصول إلى المرتبة الثالثة في المستقبل."

"لذلك، ابتداءً من اليوم، عليك أن تدخل في عزلة تامة في بركة سيف السماء، وألا تغادر الجبل لمدة عشر سنوات."

تلاشى الغضب من عيني المعلم تشانغ مي في تلك اللحظة، وربما أدرك أنه يواجه مصيره المحتوم، وأن لقاء اليوم قد يكون الأخير.

ربتت يده العجوز على كتف نينغ تشينغ شوان برفق، ثم نفض أكمامه ومضى في طريقه مغادرًا.

راقب نينغ تشينغ شوان ظهره بصمت، ثم نهض من مكانه واتجه بخطواتٍ ثابتة نحو بركة سيف السماء.

في اليوم التالي، احتشد عشرات الآلاف من أفراد طائفة تيان جيان. غطت السحب الداكنة السماء، ودوت الرعود في الأفق، بينما كان العديد من الشيوخ يراقبون بقلقٍ شديد ذلك الطيف الجالس متربعًا تحت قبة السماء.

أخذت الهالة المحيطة بالمعلم تشانغ مي تزداد قوة وشراسة، ويبدو أنها أثارت قدوم نكبة إلهية وشيكة.

كان المشهد مهيبًا لدرجة أن العديد من الطوائف العريقة في الأقاليم الأخرى أطلقت وعيها الروحي لترقب التغيرات التي تحدث في طائفة تيان جيان.

"أهذا هو تشانغ مي؟ كيف يجرؤ على محاولة بلوغ عالم النيرفانا؟"

"إن لم تخني الذاكرة، فالسلف الثالث لطائفة تيان جيان لا يزال في عزلته. إذا حاول هو بلوغ عالم النيرفانا بتهور، ففرص نجاحه شبه معدومة."

"يا للأسف، لقد تسرع كثيرًا، كان عليه أن ينتظر أسلاف تيان جيان الثلاثة."

"لم يعد هناك وقت للانتظار. موارد الإقليم السادس قد نضبت، وجيوش ملوك الأشباح في العديد من المناطق تستعد للتحرك، ويبدو أنها ستهاجم الإقليم السادس أولاً. إن تشانغ مي يخاطر بحياته من أجل شعب الإقليم السادس."

تجسست تلك الكيانات الروحية العريقة على طائفة تيان جيان، فرأت تشانغ مي يفتح عينيه فجأة، وانطلق منهما شعاع من الضوء الذهبي اخترق السماء، محطمًا أول صاعقة رعدية.

زمجر تشانغ مي بصوتٍ مدوٍ: "انحسر عني!"، ثم استجمع كل قوته ليضرب نقاط الطاقة المقيدة في جسده.

دوى صوت مكتوم في كل الاتجاهات، انفجر من داخل جسده، وتسبب الألم الشديد في سيلان الدم من زاوية فمه، لكنه لم يستسلم.

المرة الثانية، ثم الثالثة، والرابعة... تسع ضربات متتالية هزت كيانه. وحين ضربت الصاعقة رأسه، تغيرت ملامحه بشكل جذري.

صرخ العديد من الشيوخ بذعر: "أخي الأكبر!" لقد حلت معمودية الرعد، وكاد تشانغ مي، الذي استنفد طاقته بالفعل، أن يسقط من الجو، والألم يعتصر وجهه.

شهدت تلك الكيانات الروحية العريقة هذا المشهد، وعلت تنهيدات الأسف على الفور.

"لقد فشل تشانغ مي، لم يعد قادرًا على المتابعة."

"يا للخسارة! إنه الشخص الوحيد في طائفة تيان جيان الذي كان يملك الأمل الأكبر في دخول عالم النيرفانا."

"كانت هذه محاولة انتحارية. فبدون توجيه من أسلاف تيان جيان الثلاثة، كان الفشل حتميًا."

"مهلًا، ما الذي يحدث؟" تجمدت نظرات تلك الكيانات الروحية فجأة.

في الأعالي، كان تشانغ مي يصر على أسنانه، وعيناه تشعان بضوء ذهبي. دارت في ذهنه بسرعة خاطفة الطريقة المعدّلة التي رآها بالأمس لاختراق عالم النيرفانا.

'يا تلميذي، حياة معلمك الآن بين يديك.'

بلغ به اليأس منتهاه، فاستخدم كل ما تبقى من قوته ليبدأ في ممارسة أسلوب الاختراق المعدّل.

بالأمس، أدرك في الحقيقة سبب ركود تدريب تشانغ وو هين لمدة خمس سنوات، وفهم أيضًا سبب رؤيته لتلك اللفافة عشية محاولته.

لقد أمضى تشانغ وو هين خمس سنوات كاملة فقط من أجل أن ينجح هو في اختراق هذا العالم. حتى لو لم يبقَ من جسده أثر، حتى لو تحول إلى رماد، فقد كان مستعدًا لتجربة ذلك مرة واحدة.

دوي!

انفجرت من جسده فجأة حيوية جبارة لم يسبق لها مثيل، وتلاها ضوء ذهبي مرعب اجتاح السماء، وقلب السحب على امتداد ثلاثمئة ميل!

أصابت الدهشة تشانغ مي نفسه بهذا المشهد، وعمَّ صمتٌ مطبقٌ أرجاء طائفة تيان جيان بأكملها. أما عقول تلك الكيانات الروحية العريقة، فقد امتلأت على الفور بأمواج هائجة من الصدمة.

"تشانغ مي... لقد نجح حقًا!؟"

2025/10/18 · 378 مشاهدة · 1259 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025