الفصل السابع والثمانون: منطقة نجم غو جيا، أسياد الكهوف الشبان
____________________________________________
سرعان ما تورّم وجه تشاو تسوي تسوي واحمرّ، وانحدرت قطرات من الدم القاني على زوايا فمها، بينما علت ملامحها نظرة حائرة ممتزجة بالذهول وعدم التصديق، وتساءلت في صدمة عمّا حدث للتو.
هل صفعها سيد الكهف لينغ شياو بنفسه؟ خيّم صمت مطبق على الأقارب في القاعة وقد تملكهم الخوف، واختفت على الفور كل الأصوات التي كانت تؤيدها قبل لحظات، وراح الجميع يحدقون في سيد الكهف لينغ شياو برعب، فقد كشفت ملامح هذا الرجل، الذي يُعد أصغر سيد كهف في تاريخ مجرة بينغ لاي، عن غضب وسلطان مهيب.
تساءلت تشاو تسوي تسوي بصوت متهدج: "سيدي سيد الكهف، لِمَ... لِمَ فعلتَ هذا؟"، لقد اعتاد أن يناديها "تسوي إر"، وهو ما كان يغمرها بالبهجة، فلم تتوقع أبدًا أن يعاملها سيد كهف لينغ شياو بهذه القسوة فجأة، خاصة وأنه كان مستعدًا لمجادلة حاكم نجم الإمبراطور بينغ لاي من أجلها.
رمقها سيد الكهف بنظرة باردة مرعبة وصرخ فيها: "أيتها الحمقاء، ألا تدركين خطأك؟"، ثم صفعها مرة أخرى بقوة أفقدتها توازنها وجعلتها تشعر بالدوار.
انهارت باكية وقد تملكها رعب عظيم: "أنا مخطئة، أعلم أنني مخطئة"، وركعت على الأرض بشعرها الأشعث، وقد لمحت في عينيه نية قتل حقيقية، وغضبًا كافيًا ليسحقها حتى الموت.
حدّق فيها سيد الكهف لينغ شياو قائلًا: "هل تدركين حجم المتاعب التي ستجلبها لي أفعالك اليوم؟"، حتى إنه تخيل للحظة أنها قد تكون جاسوسة زرعتها إحدى الشخصيات الخفية في مجرة بينغ لاي إلى جانبه، وإلا فكيف يمكن أن يوجد شخص بهذا الغباء؟
فبغض النظر عن حقيقة أنه لا ينبغي عصيان أمر سيد الكهف، فإن مآثر نينغ تشينغ شوان في نظام تسانغ لان قد ذاع صيتها الآن ووصلت إلى حقل نجم غو جيا، حتى إن أكاديميًا عظيمًا عتيقًا قد سمع بها وأثنى عليه ثناءً كبيرًا.
لقد حاول هو نفسه بكل ما أوتي من قوة أن يصبح تلميذًا لذلك الأكاديمي العتيق، لكنه في النهاية لم يتمكن حتى من مقابلته، مع العلم أن من بين تلاميذه مواهب فذة عديدة، تولى كل منهم بالفعل مسؤولية مجرة بأكملها وأصبح سيد نجم فيها. فهل يُعقل أن يكون سيد كهف نجم شو دي، الذي حظي بثناء الأكاديميين العظام، مجرد سيد كهف عادي؟
وبعد أن تحرى الأمر، أصابته صدمة حقيقية من هول ما اكتشفه.
تمتمت تشاو تسوي تسوي بحزن عميق وقد غمرها الأسى: "لا أعرف..."، لكن غضب سيد كهف لينغ شياو لم يهدأ بعد، فنفض أكمامه وصرخ: "رتّبي شعرك واتبعيني لتقديم الاعتذار"، فقد كان عليه أن يسارع لتوضيح سوء الفهم هذا قبل أن يغادر ذلك الشخص.
في تلك الأثناء بقاعة نجم الحرية، كان نينغ تشينغ شوان يواصل تقليب قائمة الأسماء، بينما انتظر عدد كبير من "طالبي العمل" في الأسفل بترقب وتوتر. ووفقًا لاحتياجات نجم لوه تيان، اختار نينغ تشينغ شوان سبعة أشخاص حتى الآن.
ورغم أن قوتهم كانت أدنى بكثير من قوة مي تشيو ينغ، إلا أنهم كانوا يمتلكون قدرات متميزة في مجالات مختلفة، كالبناء، والعلوم والتكنولوجيا، وشؤون الناس، والشؤون العسكرية، والإدارة الاقتصادية، وغيرها. فلم تكن هناك مشكلة في أن يتولوا قيادة الناس وبناء نجم لوه تيان في فترة وجيزة.
"لقد اكتمل العدد تقريبًا"، قال نينغ تشينغ شوان لنفسه وقد اختار سبعة من أفضل المواهب. وفجأة، علت أصوات ضاجة من الخارج، مما جعل مي تشيو ينغ تنظر نحو مصدر الصوت وقد قطّبت حاجبيها باستياء.
كانت ساحة قصر نجم الحرية شاسعة، لذا فإن ما حدث في فرع المعبد انتشر خبره بسرعة البرق. ومع اقتراب سيد الكهف لينغ شياو ورجاله، سرعان ما اجتذبوا أنظارًا لا حصر لها.
"هل عادت تشاو تسوي تسوي بهذه السرعة؟"
"وسيد الكهف لينغ شياو معها! هل ستندلع معركة ضارية؟"
"انظروا إلى تشاو تسوي تسوي، لِمَ وجهها متورم هكذا؟"
علا الهرج والمرج بين الحاضرين، وتركزت أنظارهم على وجه تشاو تسوي تسوي، ولم يكن بوسع أحد أن يتنبأ بما سيحدث تاليًا، لكن المعلومات انتشرت بسرعة في اللحظة الأولى. وقد تلقى العديد من أسياد الكهوف الشبان في حقل نجم غو جيا الخبر، فشهرة سيد كهف لينغ شياو كانت لا تزال واسعة الانتشار.
فلو اندلع قتال حقيقي في قصر نجم الحرية، لربما تصدر الخبر عناوين صحف الاتحاد في اليوم التالي، وهو أمر طالما أسعد العديد من أسياد الكهوف الشبان. عندئذٍ، أغلق نينغ تشينغ شوان القائمة ونظر نحوهم أيضًا.
قالت مي تشيو ينغ في هذه الأثناء: "يا سيد الكهف، أرجو أن تأخذ الآخرين وتغادر أولًا، واترك هذا الأمر لي"، فقد كانت تدرك جيدًا شخصية سيد كهف لينغ شياو، الذي لا يمثل نجم شو دي المتطور وذا الأساس المتين فحسب، بل يمتلك أيضًا بعض النفوذ الخفي في نجم دي. وبما أنه اختار المجيء بنفسه، فمن المحتمل أنه لن يستسلم بسهولة.
رد نينغ تشينغ شوان بهدوء: "لا داعي لذلك، لا بأس ببعض الحركة وتمرين العضلات"، وراقب وصول سيد الكهف لينغ شياو بنظرة هادئة، لكنه لم يستطع إخفاء حيرته عندما رأى هيئة تشاو تسوي تسوي.
ضحك سيد الكهف لينغ شياو بصوت عالٍ وقال: "حقًا لقد فاض السيل حتى بلغ الزبى، يبدو أن إحدى تابعاتي لم تعرف قدر نفسها، آمل ألا يكون سيد كهف لوه تيان قد استاء"، ثم نظر إلى تشاو تسوي تسوي التي كان وجهها ممتلئًا بالحزن.
"لقد أخطأتُ في تصرفي هذا، أرجوك سامحني يا سيد لوه تيان".
عندما شهد الجميع هذا المشهد، نظروا إلى بعضهم البعض في حيرة، وشعر العدد الكبير من المتناسخين الذين كانوا يراقبون المشهد في الخارج بعدم التصديق. ما الذي يحدث هنا؟ ومن هو سيد كهف لوه تيان هذا القادم من نظام تسانغ لان؟
لقد أمضت مي تشيو ينغ عشر سنوات هنا ورفضت عددًا لا يحصى من الشخصيات المهمة، ولكن بمجرد وصول نينغ تشينغ شوان، أعلنت ولاءها على الفور، ثم أتى سيد كهف لينغ شياو شخصيًا ليجعل تشاو تسوي تسوي تعتذر. هذا... هذا أمر يفوق الخيال.
لم يعرف أحد حقيقة نينغ تشينغ شوان، وكل ما شعروا به هو أن هيبته تزداد رعبًا وإبهامًا مع كل لحظة. صمت نينغ تشينغ شوان للحظة، فلم يكن يتوقع حقًا أن تأخذ الأمور هذا المنعطف، حتى إنه كان قد استعد لخوض معركة مع سيد كهف لينغ شياو.
تحدث سيد الكهف لينغ شياو مرة أخرى بابتسامة: "لإظهار صدق نيتي، أعددتُ مأدبة بالفعل، فهل يتكرم سيد لوه تيان ويشرفني بحضوره؟".
"لا حاجة لذلك"، أجاب نينغ تشينغ شوان، فقد وجد المواهب السبع التي يحتاجها، وحان وقت العودة للتعامل مع الأمور الأخرى، فسيد نجم تشانغ جين ينتظره أيضًا، أما استكشاف المناطق الأخرى من قصر نجم الحرية، فيمكن تأجيله إلى وقت لاحق. ثم اتصل وعيه بإلهة الحكمة، وغادر قاعة نجم الحرية مع مي تشيو ينغ والسبعة الآخرين.
عند رؤيته يغادر، تنفس سيد الكهف لينغ شياو الصعداء.
"هل انتهت المعركة؟"، ما إن غادر نينغ تشينغ شوان، حتى وصل سيد كهف شاب آخر إلى قاعة العائلة.
"مرحبًا بسيد كهف مجرة تسي وي، السيد شاو باي"، ثبتت أنظار الجميع عليه، وعاد الجو الذي استرخى أخيرًا ليصبح مشحونًا بالتوتر مرة أخرى.
خرج تشين شاو باي ببطء، وألقى نظرة على المكان بأكمله، ثم حدّق في سيد الكهف لينغ شياو، فقد تلقى أخبارًا من عائلته تفيد بأن معركة ضارية على وشك الاندلاع في قصر نجم الحرية، وأن سيد كهف قويًا من أعماق حقل نجم غو جيا يريد التعامل مع سيد الكهف الجديد من نظام تسانغ لان، فهرع على الفور للمساعدة.
ففي النهاية، أخبره سيد نجم تسي وي من قبل أن مصائر الفصائل الثلاثة مرتبطة ببعضها، وفي حقل نجم غو جيا بأكمله، كانت الفصائل الثلاثة في قارب واحد. لكنه لم يرَ سيد كهف لوه تيان هنا.
"هل وصلتُ متأخرًا؟"، ظهر سيد كهف آخر وتحدث بصوت ناعم وجميل.
"مرحبًا بسيدة كهف مجرة بي دو، السيدة يو رو".
بدت شياو يو رو هادئة، وتبادلت نظرة مع تشين شاو باي، وفهمت على الفور أن الآخر جاء للمساعدة أيضًا. جعل هذا المشهد الجميع في القاعة يلهثون من الصدمة، وتغير تعبير سيد الكهف لينغ شياو أكثر، فالشخصان أمامه كانا من أسياد الكهوف الجدد ذوي السمعة الطيبة في السنوات القليلة الماضية.
"لقد غادر صاحب الشأن، فلماذا لا تزالون هنا؟"، نظرت الشخصيات الثلاثة نحو فضاء آخر في نفس اللحظة، ومع انتشار صوت بارد، خرج سيد كهف شاب آخر!
"مرحبًا بسيد كهف مجرة الخلود، السيد تاي هوا".
عندما سمع الجميع الصوت، أصيبوا جميعًا بالذهول، وسارع المتناسخون في الخارج بخفض رؤوسهم، فلم يتوقعوا أن أحداث اليوم ستصل إلى مسامع سيد الكهف الشاب هذا الذي تحيط به هالة أسطورية.
انحنى سيد الكهف لينغ شياو، في خطوة نادرة منه، وقال: "لم يكن الأمر جللًا حقًا، لقد كان مجرد سوء فهم، آسف لإزعاجك يا سيد تاي هوا"، فتبدد الضغط الذي كان يشعر به من تشين شاو باي وشياو يو رو على الفور.
تحدث سيد الكهف تاي هوا بهدوء: "إذا كان الأمر كذلك، فلينصرف الجميع"، لم يكن راغبًا في الظهور أصلًا، فنظرًا لأن نينغ تشينغ شوان قد غادر بالفعل، ولم يأتِ سيد كهف لينغ شياو إلا للاعتذار. ولكن مع الظهور المفاجئ لسيدي الكهف الشابين من مجرتي تسي وي وبي دو، لم يكن لديه خيار سوى الخروج لتهدئة الوضع ومنع الأمور من الخروج عن السيطرة.
"سأغادر الآن"، ألقى سيد الكهف لينغ شياو نظرة عميقة على تشين شاو باي وشياو يو رو، وقد امتلأت عيناه بخوف شديد. ففي السنوات الأخيرة، أظهرت أنظمة تسانغ لان الثلاثة ميلًا متزايدًا لاستعادة مجدها، وظهر منها ثلاثة من مقيِّمي النهاية.