رواية أرض الجمر
**"عَالَمٌ تَنْبُتُ أَسْنَانُهُ مِنَ السَّمَاء،**
حَيْثُ الحَوَائِطُ تَتَنَفَّسُ، وَالقَبْضَةُ عَلَى الحَجَرِ… صَلَاةٌ.
الأَرْضُ خِيَانَةٌ، الجَاذِبِيَّةُ خَصْمٌ،
وَكُلُّ مَنْ يَسْقُطُ… يُصْبِحُ وَسِيلَةَ صُعُودٍ لِغَيْرِهِ.
هنا تَتَحَوَّلُ الأَظَافِرُ إِلَى جُذُور،
وَالبُكَاءُ إِلَى سُلَّمٍ،
وَالْقِمَمُ المَهْدُومَةُ تُرَاقِبُ بِعُيُونٍ مِنْ حَدِيد:
«مَنْ سَيُصْبِحُ القَادِمَ الجَدِيدَ فِي قَاعِ الهاوِيَة؟».
الأَقْوِيَاءُ يَمْشُونَ عَلَى جُثَثِ الهَشِّينَ،
وَالضُّعَفَاءُ يَبْنُونَ سُرُوجًا مِنْ شُظَايَا عِظَامِهِم،
وَحِينَ تَسْأَلُ: «لِمَاذَا لَا نُحَاوِلُ الطَّيَرَان؟»…
تُجِيبُ الأَرْضُ بِزَمْجَرَةٍ جَرِيحَةٍ،
وَالأَسْوَاقُ تَبْكِي:
«لِأَنَّ الأَجْنِحَةَ هُنَا… تُبَاعُ بِوَزْنِ الأَرْوَاح».
فَاحْذَرْ أَنْ تُفْلِتَ الحَائِطَ،
فَقَبْرُكَ يَنْتَظِرُ تَحْتَ قَدَمَيْ كُلِّ مَنْ يَتَعَثَّرُ،
وَالنِّهَايَةُ الوَحِيدَةُ لِهَذَا العَالَمِ…
هِيَ أَنْ تَصِلَ إِلَى السَّقْفِ قَبْلَ أَنْ تَجِدَ السَّقْفَ نَفْسَهُ قَدْ سَقَطَ."
وَفي القاعِ، حَيْثُ تَلْتَهِمُ الأَرْضُ أَصْوَاتَ اليَائِسِينَ،**
تُسَلِّمُ الأَسْقُفُ المُتَهَالِكَةُ بِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ لُعْبَةٍ لَا تَعْرِفُ حُدُودَهَا.
السَّمَاءُ هُنَاكَ… لَيْسَتْ إِلَّا **فَمًا مُشَوَّهًا** يَمْضُغُ نُجُومًا مَيْتَةً،
وَالزَّمَنُ يُشْبِهُ حَبْلًا مَخْنُوقًا بِأَيْدِي أَطْفَالٍ مُتَوَحِّشِينَ.
لَنْ تَنْتَهِيَ الحَلْقَةُ:
كُلُّ مَنْ يَصِلُ إِلَى الحَافَّةِ يَجِدُ نَفْسَهُ **بُذْرَةً** فِي فَمِ الوَادِعِينَ،
وَكُلُّ صُرَّاخٍ يُنْتِجُ **فِرَاشَاتٍ حَجَرِيَّةً** تَرْقُصُ عَلَى شَوَاطِئِ المَعْنَى.
فَإِذَا رَأَيْتَ ظِلَّكَ يَمْشِي قُدَّامَكَ…
اعْلَمْ أَنَّ العَالَمَ قَدْ بَدَأَ يَأْكُلُ نَفْسَهُ،
وَأَنَّ الوَحْيْدَ الَّذِي سَيَبْقَى…
هُوَ ذَاكَ الَّذِي لَمْ يُولَدْ بَعْدُ."