استيقظ البطل فجأة وسط غابة كثيفة، جسده مغطى بآثار معركة مجهولة. الدم والطين التصقا ببشرته، ورائحة العفن والأوراق المتحللة تسللت إلى أنفه. كان الهواء رطبًا وثقيلاً، يحمل معه همسات خافتة تتردد بين الأشجار العملاقة التي بدت كأذرع شبحية تتدلى أغصانها ببطء. تساقطت أوراق الشجر حوله كدموع الغابة، بينما الضباب الكثيف حجب الرؤية بعد خطوات قليلة.
رفع رأسه ببطء، محاولًا فهم ما حدث. لم يكن يتذكر كيف وصل إلى هنا، لكن شيئًا ما في أعماقه أخبره أن هذه ليست المرة الأولى التي يجد نفسه فيها وحيدًا في مواجهة المجهول. الهمسات كانت تتردد من كل اتجاه، كأن الغابة نفسها تتحدث إليه. لم يفهم الكلمات، لكنها حملت نبرة تحذيرية، وكأنها تحاول إخباره بشيء ما.
دفعه فضول غريب للسير نحو مصدر الهمسات. مع كل خطوة، شعر بأن الغابة تراقبه، كأنها كائن حي يحيط به بنظرات خفية. ازدادت كثافة الضباب، ووضحت الأصوات قليلًا، لكنها بقيت مبهمة. أخيرًا، وصل إلى قرية مهجورة بدت كأنها خرجت من كابوس منسي. البيوت المتداعية وقفت كعيون فارغة تحدق فيه، والنوافذ المكسورة همست بقصص لم يعد أحد يتذكرها. في زاوية الطريق، كانت لعبة طفل ملقاة على الأرض، مغطاة بالغبار، كأن الزمن توقف هنا منذ قرون.
في قلب القرية، وقف تمثال لامرأة أسطورية. نصف شعرها مغطى بقماش عتيق، وعيناها بدتا وكأنهما تحدقان في شيء بعيد. تحت قدميها، نُقش غامض بحروف غريبة تشع بضوء خافت، وكأنها تحمل طاقة سحرية. شعر أن النقش يحاول التواصل معه، لكن لغته كانت بعيدة عن فهمه.
اقترب البطل من التمثال، محاولًا قراءة النقش. مع كل خطوة، ازداد الدوار في رأسه. الهواء من حوله أصبح ثقيلًا، وكأنه يسحب منه الطاقة. قبل أن ينهار، شعر بيد باردة تلمس كتفه، ثم انقلب العالم من حوله.
عندما فتح عينيه من سبات غريب، وجد نفسه مقيدًا بالسلاسل داخل زنزانة قاسية. الجدران الباردة همست إليه بصمتها الثقيل، تخبره بأنه لا مفر من المواجهة. كان جسده الملطخ بالدم والأتربة يهمس له بذكريات باهتة: "حسنًا، كل ما عليك فعله هو الفوز. النجاة. وإذا فزت، كما اتفقنا، ستتحرر."
تردد صدى الكلمات في رأسه، مشوشًا، كأنه جزء من حلم قديم. لكن من كان الطرف الآخر في هذا الاتفاق؟ وما الذي عليه الفوز به ليحرر نفسه؟ الأسئلة تلاعبت بعقله، بلا إجابة واضحة. لكن شيئًا واحدًا كان مؤكدًا: هذه لم تك
ن إلا البداية.