الفصل الرابع بعد المائة: هل يُعقل أنه في العالم السادس؟
____________________________________________
قال غو شانغ بلهجةٍ حازمةٍ: "أريدك أن تتحرى الأمر، وأن تأتيني بكل صغيرة وكبيرة عن شوان هوانغ!". لقد كان شوان هوانغ، ابنه الذي رباه بيديه، هو الشخص الوحيد الذي يهتم لأمره في هذا العالم.
أومأ وانغ يو برأسه موافقًا، ثم انطلق مسرعًا نحو قسم قمع الشياطين ليباشر مهمته الجديدة. فبصفته جثة متحركة عاشت عشرات الآلاف من السنين، وهبته الأيام حكمةً راسخةً وقدرةً فذةً على التأقلم، مما جعله قائدًا ومنفذًا لا يُشق له غبار.
كلفه غو شانغ مباشرةً بتولي مهام سون تشنغ وليو تشينغ وغيرهما، وإدارة شؤونه كافة. وبوجوده، تسارعت وتيرة العمل بين القوى المختلفة التي تقع تحت إمرته، وتضاعفت الكفاءة الإجمالية أكثر من عشر مرات.
اقترب لين فان من غو شانغ وتسائل بفضول: "سيدي، من يكون شوان هوانغ هذا؟ وهل له صلة بشوان مو؟ أذكر أن شوان مو كان قردًا، فلا يُعقل أن يكونا أبًا وابنه... ولكن مهلًا، الفارق بينهما عشرات الآلاف من السنين، فإن لم يكن ابنه، فلا بد أنه حفيده...".
لم يكد لين فان يتم جملته حتى انطلقت من غو شانغ زفرةٌ عاتية، فدفعته قوةٌ هائلةٌ وقذفت به بعيدًا. تآكل لحمه ودمه في الحال، وسقط محدثًا فرقعةً في البحيرة الصناعية القريبة، ليتصاعد منها دخانٌ كثيفٌ مصحوبٌ بوهجٍ حار. لقد كان لسان هذا الفتى سليطًا بحق، ولا سبيل لتقويمه إلا بالتأديب.
وفي تلك اللحظة، انطلق خيالٌ أسود نحوه بسرعة، ثم حط على يد غو شانغ طائرٌ أسود بحجم الكف. كان ريشه كثيفًا لدرجة أن عينيه الصغيرتين تكادان تختفيان تحته، واهتزت ساقاه النحيلتان فسقطت منهما أسطوانة خيزران كانت مربوطةً بهما.
لقد كان هذا الطائر الأسود هو مرسال باي فنغ. ولكونه شيطان طائر من فصيلة الوقواق، فقد امتلك باي فنغ قدرةً فريدة على إصدار الأوامر للطيور، وهي قدرةٌ تشبه تلك التي يمتلكها ملك الكلاب، وإن كانت أضعف تأثيرًا. لكن بفضل الفجوة الهائلة في القوة، كان من السهل عليه التحكم ببعض الطيور من العالمين الأول والثاني.
فتح غو شانغ أسطوانة الخيزران وأخرج الرسالة التي بداخلها، متسائلًا: 'أهي من العائلة المالكة؟'. ثم فضها وأخذ يقرأ ما فيها، ليعلق بتهكم: "عجبًا، يا له من أمرٍ عجيب حقًا".
كانت العائلة المالكة في سلالة تشو الكبرى تعد العدة لشن هجومٍ عليه. ورغم أنه لم يتمكن خلال السنوات العشر الماضية من التغلغل الكامل في العائلات المالكة للممالك الأربع، إلا أنه نجح في اختراق ربعها، بما في ذلك بعض الشخصيات رفيعة المستوى.
ولهذا السبب، كان على علمٍ مسبقٍ بمخططات تشو الكبرى. فقبل أكثر من عشر سنوات، رأى أحد شيوخ العائلة المالكة، ممن يملكون القدرة على التنبؤ بمستقبل منطقة معينة، مشهدًا يدمر فيه غو شانغ عائلة تشو المالكة. ومنذ ذلك الحين، وهم يبحثون عنه بكل ما أوتوا من قوة.
لكن جهودهم على مدار السنوات العشر الماضية باءت بالفشل، ولم يصلوا إلى شيء. إلى أن قام كلبٌ أسود، في اليوم السابق، بتسليم معلوماته إلى الإمبراطور جي بو شياو، حاكم تشو الكبرى.
على إثر ذلك، استدعت العائلة المالكة جميع رجالها في الممالك الأربع، ليعدوا له كمينًا محكمًا ويقضوا عليه قضاءً مبرمًا. وكان أحد إخوة جي بو شياو من رجال غو شانغ، وهو أعلى أفراده رتبةً في العائلة المالكة، وهو من أرسل هذه الأخبار للتو.
اقترب ليو تشينغ وباي فنغ بفضول ليلقيا نظرة على الرسالة. هتف باي فنغ بصوتٍ خافت: "يا إلهي، لقد حشدت تشو الكبرى كل هؤلاء الأسياد! يا لها من خطةٍ محكمةٍ وجرأةٍ عظيمة!".
لم تقتصر هذه العملية على تشو الكبرى وحدها، بل شملت تشو العظمى، وتاي شوان، والعائلة المالكة في مملكة تشينغ وقواتهم الخاصة. وأضاف ليو تشينغ بنبرةٍ غلب عليها التأثر: "هناك خمسة وخمسون مقاتلًا من العالم الرابع وحدهم...".
"وهذه المرة، سيتدخل أسلاف الممالك الأربع، أربعةٌ في قمة العالم الخامس، وعشرةٌ من أقوياء العالم الخامس، إضافة إلى الخمسة والخمسين من العالم الرابع...". كان مجموع المقاتلين ممن هم فوق العالم الرابع تسعة وستين شخصًا، ويمكن القول بأن القوة القتالية العليا في العالم بأسره قد حُشدت ضده.
ضيّق غو شانغ عينيه وقال بهدوء: "لكن ما يثير فضولي أكثر هو هوية من كشف عن معلوماتي". ثم تمتم لنفسه: 'أكلبٌ أسود؟'. فكر للحظات، لكنه لم يتوصل إلى شيء.
وبعد برهة، وصلت معلومات أكثر تحديدًا من ذلك الفرد في عائلة تشو الكبرى المالكة، مفادها أن الممالك الأربع ستتعاون لشن هجومها عليه عند غروب شمس اليوم التالي. فرك غو شانغ معصمه، وشعر بقليل من الحماسة تسرى في عروقه، فقد أمضى معظم وقته في السنوات الأخيرة منكبًا على التدريب الشاق، ولم يرق دمًا منذ زمن طويل، وبدا يتطلع إلى هذا النزال بشوقٍ خفي.
وفي اليوم التالي، وفي فناء دارٍ صغيرٍ هادئٍ وأنيقٍ داخل القصر، اجتمع جي دان وجي بو شياو، ممثلا القوى القديمة والجديدة. وقف خلفهما عددٌ كبيرٌ من أسياد العائلة المالكة، وأسياد حراس التنين، والقائد الحالي لقسم قمع الشياطين.
فبعد انقطاع أخبار تشوان تشونغ، قائد قسم قمع الشياطين، لفترة طويلة، اضطر جي بو شياو، حفاظًا على استقرار الوضع العام، إلى تعيين شخصيةٍ مرموقةٍ من العالم الرابع. وكان هذا العبقري الفذ قد جاء من قسم قمع الشياطين في تشو العظمى، ولم يرتقِ إلى العالم الرابع إلا قبل عامين ونصف، وكان سجله نظيفًا تمامًا.
قبض شيه يون على يديه وقال باحترام: "جلالة الإمبراطور، الممالك الثلاث الأخرى على أتم الاستعداد!". كانت العلاقات بين الممالك الأربع معقدة، فجميعها كانت جزءًا من مملكة شوان تشن قبل عشرات الآلاف من السنين، وتصاهرت عائلاتها المالكة فيما بينها.
كما وقعوا عقدًا منذ زمن بعيد، ينص على أنه إذا تعرضت إحدى الممالك لخطر، وجب على الممالك الثلاث الأخرى التدخل دون قيدٍ أو شرط. كانت علاقتهم مركبة، كأبناء العائلة الواحدة، فلا بأس أن يتقاتلوا فيما بينهم، ولكنهم لا يسمحون لغريبٍ بالتدخل!
سأل جي بو شياو وهو يرمق الأشجار الشاهقة في الفناء: "وهل خرج الأسلاف الثلاثة من عزلتهم؟". أجاب شيه يون باحترام: "ليس بعد، لكننا أبلغناهم، وقد أرسلوا لنا رسالة يأكدون فيها أنهم سيتدخلون في الوقت المحدد". فقال جي بو شياو بهدوء: "حسنًا".
ربّت جي دان على كتف أخيه وقال: "هذه المرة، لا مجال للفشل!". أومأ جي بو شياو برأسه وقال بثقة: "بالتأكيد سننجح، فنحن بهذا العدد الكبير، بينما هو مجرد مقاتل في أعالي العالم الرابع. إنه هالكٌ لا محالة!".
كانت الفجوة في القوة بين الطرفين شاسعةً جدًا، مما منح جي بو شياو ثقةً مطلقة. لكن جي دان تنهد وقال: "الثقة المفرطة تقود إلى الفشل". لسببٍ ما، كان شعورٌ سيئٌ يراوده.
حاول جي بو شياو طمأنته قائلًا: "لا تقلق يا شيخي، فإن لم ننجح هذه المرة، فلن يكون لدينا سبيلٌ آخر حقًا". أجل، لقد كانت هذه هي قوة تشو الكبرى بأكملها، وإن لم يفلحوا، فلن يبقى لديهم خيارٌ آخر.
وما إن أنهى كلامه، حتى انخفضت درجة الحرارة في فناء الدار بشكلٍ حاد. بدأت الثلوج الكثيفة تتساقط فجأة في محيط خمسمائة متر، وتشكل الصقيع على الأرض. تسارعت نبضات قلب جي بو شياو، وتبادل نظرةً متوترة مع جي دان.
وفي تلك اللحظة، ظهر شبحٌ بجانبهما فجأة. كان يرتدي معطف قشٍ ممزقًا وقبعة قش، ويحمل في يده صنارة صيد. كان ظهره محنيًا قليلًا، والتجاعيد على وجهه متصلة ببعضها، وتفوح منه رائحة الشيخوخة.
صاح جي بو شياو بحماسة وهو يتقدم نحوه: "أيها الجد الأكبر!". لقد كان هذا هو سلف تشو الكبرى، وأكبرهم سنًا، فقد عاش لأكثر من أربعة آلاف وتسعمائة عام. كان اسمه جي تاي، وقد بلغ قمة العالم الخامس، وإن لم يتمكن من الارتقاء مجددًا، فسيكون الموت مصيره.
هز جي تاي صنارة الصيد في يده، ثم مسح لحيته وضحك قائلًا: "أقتله كما يقتل المرء كلبًا؟". نظر إليه جي دان، ومد يده، فظهرت صورةٌ صغيرةٌ أمام جي تاي، تعرض المشهد الذي قُتل فيه.
عقد جي تاي حاجبيه حتى كادا ينعقدان، وتمتم في حيرة: "لا يمكنني تمييز مستوى زراعته على الإطلاق...". فمن خلال الصورة وحدها، كانت هالة غو شانغ مستقرةً للغاية، وطوال المشهد، كانت قوة الداو التي أظهرها منتظمةً جدًا، مما حال دون تحديد مستوى زراعته بدقة.
لكن من تعابير وجهه الهادئة، لا بد أنه من أقوياء العالم الخامس فما فوق. 'هل يُعقل أنه في العالم السادس؟'.