الفصل المائة والثاني والسبعون: هو شيان تشين
____________________________________________
موهبةٌ جديدةٌ نُقِشَت في وعيه، تُدعى "الضرر المضاد بعشرة أضعاف". تنص قدرتها على أن أي هجومٍ يُشَنُّ عليه، مهما كان شكله، سيُلغى في طوره الأول قبل أن يكتمل، ثم يرتدُّ ضرره مضاعفًا عشر مراتٍ إلى صاحبه. وكان لهذه القدرة قيودٌ، إذ لا تعمل إلا على من هم في مستواه أو دونه، أما الباقي فكان عليه أن يستكشفه بنفسه.
بدت له هذه الميزة الذهبية جيدةً للغاية، فبوجودها، لن يتمكن أي شخصٍ أضعف منه من قتله، بل إن الأمر مستحيلٌ تمامًا. فمهما كانت محاولاتهم، سيتلقون ضررًا انتقاميًا مضاعفًا عشر مرات، بينما لن يكون لهجومهم أي تأثيرٍ إيجابي يُذكر.
لكن فكرةً جديدةً طرأت على ذهن غو شانغ فجأة. فمثلًا، لو أن شخصًا ما في مجتمعٍ حديث أطلق عليه قنبلة نووية، فإن القنبلة ستُدمر وتتلاشى بأشكالٍ مختلفة قبل انطلاقها، ولن تلحق به أي أذى. غير أن الضرر المرتد بعشرة أضعاف، سيدمر مطلِق القنبلة بقوةٍ تفوق قوة انفجارها عشر مرات.
لربما نجت الأرض من هذا الدمار، لكن الكائنات الحية التي تعيش على سطحها كانت ستفنى عن بكرة أبيها دون شك. وهو نفسه سيتأذى بالتأكيد. في حالةٍ كهذه، على من سيقع هذا العقاب؟ وهل سيكون هجومٌ بهذا المستوى فعالًا ضده أصلًا؟ كانت هناك معضلةٌ في تحديد آلية الضرر.
تحسس غو شانغ ذقنه، وقد تملكته رغبةٌ ملحةٌ في تجربة الأمر، لكن لم يكن حوله من يصلح لذلك. هز رأسه بخيبة أملٍ طفيفة، ثم ألقى نظرةً على فضاء الروح، حيث كان ذلك الرفيق يتجول في الأنحاء، كطفلٍ فضولي يستكشف عالمه الجديد. استدعاه غو شانغ ومنحه جسدًا.
"أخبرني، ما غايتك من الاقتراب مني؟"
لم يتردد ليو زي جي لحظةً واحدة، بل شرع يروي له كل شيءٍ عن نظام التلمذة الأقوى، كاشفًا عن كل تفاصيله دون أن يُخفي صغيرةً أو كبيرة.
همهم غو شانغ بإعجابٍ: 'يا له من نظامٍ عجيب!' لو نجح هذا الفتى حقًا، لأصبح الأمر مثيرًا للاهتمام. لكن حتى لو نجح، فسيظل قادرًا على كشف أي خلل، فالولاء موجودٌ على أي حال. ومع ذلك، إذا كانت ألفته مع ليو زي جي مئة بالمئة، فسيكون ولاء ليو زي جي له مئة بالمئة أيضًا. حينها، يصبح من المنطقي أن يأتمر بأمر أيٍ كان. لقد أضحى الأمر أكثر إثارةً للاهتمام.
فسأله غو شانغ: "هل ما زال النظام بحوزتك؟"
"لقد اختفى بعد أن مت."
'هذا ما توقعته.' لم يعد لهذا الفتى فائدةٌ تُرجى، لذا سحقه غو شانغ بغير اكتراث، فَتَلاشى دون أن يترك خلفه أثرًا. فعندما يرغب هو شخصيًا في قتل أحدهم، لن يُبعث ذلك الشخص مجددًا في فضاء الروح. عاد بعدها ليصب قوة الداو في التشكيلة من جديد.
أما شوان هوانغ الذي كان يقف بجانبه، فقد ارتسمت على وجهه تعابيرٌ معقدةٌ للغاية. فالشكوك التي اعتمرت في قلبه لعشرات الآلاف من السنين قد تبددت أخيرًا في هذه اللحظة. لطالما تساءل في مسيرة زراعته عن سبب امتلاك والده لكل تلك المعرفة والأفكار، رغم كونه مجرد كلبٍ أسود عادي.
كانت الأشياء التي علّمه إياها والده في صغره أغنى من معارف البشر العاديين، ولا تمت بصلةٍ لعالم الكلاب السوداء. لكنه الآن، بعد أن استمع إلى حديثه مع ليو زي جي، أدرك الحقيقة أخيرًا. لقد اتضح له أن كليهما ينحدر من المكان نفسه، ويبدو أن والده في ذلك الوقت كان في حالة أشبه بمن بُعثت روحه في جسدٍ آخر.
صاحبت ذلك تقلباتٌ عنيفةٌ في الفضاء، ثم ظهر في الفضاء شقٌ واسعٌ. طوى شوان هوانغ قرص التشكيلة وقال: "هيا يا أبي، يمكنك أن تصل إلينا في لمح البصر من خلال هذا الشق."
انتقل المشهد إلى عالم الداو، تلك المنطقة الشاسعة التي تقع تحت نفوذ عرق الشياطين. وفي أعمق بقعةٍ من سلسلة جبال لانغ لانغ الممتدة، تنتصب مجموعةٌ من القصور الشامخة التي تنم عن الأناقة والفخامة، وكانت أشكالها المعمارية غريبةً إلى أقصى حد، تضاهي في روعتها قصور البشر.
في القصر الأوسط، كانت هو شيان تشين ترتدي ثوبًا ناصع البياض كالثلج، وتقف بصمتٍ خارج شرفة الطابق السابع. لم تترك آلاف السنين أي أثرٍ على جسدها، بل زادت ملامحها رقةً وجمالًا، واتسم طبعها باللطف والوداعة. وتتدلى من تحت ردائها تسعة ذيولٍ بيضاء منفوشة، تمنحها مظهرًا ساحرًا ومثيرًا للاهتمام. كانت تمسك بكتابٍ في يدها وتقلب صفحاته.
"يا سيدة الشياطين!!!" دوّى صوتٌ من الطابق السفلي فجأة.
وضعت هو شيان تشين الكتاب جانبًا، بينما صعدت شخصيةٌ مسرعةٌ من الأسفل. كان القادم شابًا يرتدي درع قتالٍ أحمر بلون الدم، ذا مظهرٍ مهيب وهيئة قائدٍ عظيم. ولو رآه أهل العالم الفاني، لصرخوا من شدة الدهشة، فهذا لم يكن سوى قائد قسم قمع الشياطين، صاحب السلطة العظيمة، والعبقري الفذ الذي بزغ نجمه في القسم قديمًا.
نظرت إليه هو شيان تشين ودارت عيناها بمللٍ قبل أن تسأل: "ماذا حدث؟ هل من أخبارٍ جديدةٍ عن شوان تشن؟"
أجاب تشوان تشونغ وهو يقبض يديه تحيةً: "أجل، لقد عثر عليه رجالي في البحر اللامتناهي جنوبًا." على مر آلاف السنين، كان مستوى زراعته قد ارتقى ارتقاءً هائلاً، ويعود الفضل في ذلك بالطبع إلى تدريب هو شيان تشين الشخصي له. وفي هذه اللحظة، كان قد أصبح رجلًا قويًا في قمة العالم الرابع عشر، وهي سرعة زراعةٍ تفوق تسعة وتسعين بالمئة من المزارعين في عالم الداو.
تمايلت الذيول التسعة برفق، وتنهدت هو شيان تشين قائلةً: "هذا الرجل مزعجٌ حقًا، فلديه عددٌ لا نهائي من النُسَخ، مما يثير السخط."
عند سماع ذلك، قال الرجل القوي الذي بجانبها فجأة: "يا سيدة الشياطين، لقد توصلت إلى خبرٍ مهم قبل مدة!" ثم تابع بجديةٍ: "ظهر قبرٌ قديمٌ في الغابة المظلمة غربًا، تحيط به دوائر سحرية لا حصر لها. واكتشف من هم بالأسفل أنه قبر 'سيد الشياطين الأزرق والأصفر' الذي عاش قبل مئات آلاف السنين!"
"ويُقال إن سيد الشياطين الأزرق والأصفر يمتلك أسلوب داو قويًا، صُمم خصيصًا لاستهداف أمثال شوان تشن الذين يملكون عددًا كبيرًا من النُسَخ. فما دام هناك أثرٌ لهالته، يمكن استخدام هذا الأسلوب لقتل شوان تشن، فتختفي جميع نُسَخه معه!"
تنهدت هو شيان تشين ذات الذيول التسعة مرةً أخرى. استدارت لتنظر إلى المشهد الرائع خارج النافذة، وقد علت عينيها لمسةٌ من المشاعر المعقدة وهي تهمس: "شوان تشن..."
وفيما هي تتحدث، سقطت كفها اليمنى فجأة على تشوان تشونغ الذي كان بجانبها. انبثقت من أصابعها البيضاء النحيلة قوةٌ مرعبة ارتجف لها العالم من حولها. التوى جسد تشوان تشونغ بالكامل، وعجز عن الكلام تحت وطأة الهجوم الجبار، بينما كانت قوةٌ أخرى تتسلل إلى جسده وروحه، وتنهشهما ببطء.
"لم أتوقع أنك، أنت الذي لازمتني طوال هذه السنين، مجرد نسخةٍ منه. ليس من السهل خداعي كل هذه السنوات." سحبت هو شيان تشين كفها وقد اعتراها شيءٌ من الأسى، فهذا الرجل يتقن التقليد ببراعة. ولولا تحركاته الصغيرة المتكررة مؤخرًا، لما تمكنت من الإمساك ببعض المعلومات المهمة.
عند سماع كلامها، ارتجف طرف فم تشوان تشونغ. وبعد لحظة، انفجرت قوةٌ جبارةٌ في المكان، فمحت كل هجمات هو شيان تشين السابقة وكأنها لم تكن.
تنهد شوان تشن قائلًا: "يبدو أنني تسرعت هذه المرة." ثم نظر إلى هو شيان تشين بشيءٍ من الحيرة وقال: "لقد بلغت قوتنا أقصاها في هذا العالم، فما معنى السلطة والأرض بالنسبة لنا بعد الآن؟"
"علينا أن نسعى خلف أهدافٍ أسمى، كعبور النهر الأسود والتوجه إلى العالم الخالد!!" مد كفه اليمنى ونظر إلى هو شيان تشين بجديةٍ: "لقد علمت منك كل شيءٍ عن النهر الأسود، فتعالي معي. لنذهب معًا إلى العالم الخالد، ونسعى وراء قوةٍ أعظم."