الفصل الخامس والعشرون: الارتقاء إلى عالم الأسياد
____________________________________________
التهام كل شيء، تلك هي الفكرة التي تملّكته، فكرة ابتلاع الوجود بأسره لتعزيز قوته.
نهض من مجلسه وسار بخطواته نحو الفناء الخارجي، حيث وقع بصره على رجلٍ عجوز، طويل القامة، نحيل الجسد، يرتدي رداءً رماديًا، كان منهمكًا في كنس الأوراق المتساقطة.
ثبّت غو شانغ نظره عليه؛ كان هذا الرجل هو والد أحد أعضاء عصابة تيان لانغ من الرتب الدنيا، وقد ألَمَّت به علل صحية أقعدته عن العمل، فلم يعد يقوى إلا على أداء مثل هذه المهام البسيطة.
وما إن دنا منه غو شانغ بخطى وئيدة، حتى توقف العجوز عن عمله وقد كان يلحظه منذ مدة، وانحنى له قائلًا في توقير: "أُحيي زعيم العصابة!"
فلقد حذّره ابنه من قبل، بأن هذا الزعيم الجديد حاد الطباع، وأنه بطش بأحدهم فور توليه منصبه، لذا وجب عليه التزام الأدب في حضرته كي لا يثير سخطه.
أشار له غو شانغ بيده قائلًا: "لا داعي لهذه الرسميات." ثم نظر إليه وسأله: "أيها الشيخ، كم بلغت من العمر هذا العام؟"
أجاب العجوز: "لقد بلغت السادسة والخمسين من عمري يا سيدي الزعيم."
كان بلوغ السادسة والخمسين يُعد عمرًا مديدًا في هذا الزمن، فما هو إلا متوسط الأعمار. حاول غو شانغ أن يرتب كلماته، لكنه عدل عن الفكرة وقرر أن يدخل في صلب الموضوع مباشرةً، فقال بصوت ثابت: "أيها الشيخ، لدي طريقة أمنحك بها قوة تضاهي قوة المقاتلين، وتحفظ لك صحتك فلا يصيبك مرض ما حييت، وتمد في عمرك حتى تبلغ الثمانين، فهل أنت راغب؟"
كان بوسع طاقة تشي الكركي الأخضر أن تحقق ذلك، غير أنها تتطلب قدرًا هائلًا من الطاقة يعجز حتى مقاتل من عالم الأسياد عن توفيره، أما غو شانغ، فقد كان يمتلك طاقة تشي حقيقية لا تنضب، فكان بوسعه استخدامها كما يشاء، وقد سبق له على مر السنين أن فتح خطوط الطاقة لجميع أفراد عائلته، وكانت النتائج مبهرة.
ذُهل الرجل الذي يدعى تشو تشين للحظة، وراح يحدق في غو شانغ بجدية بالغة ثم سأله: "هل تمزح معي يا سيدي الزعيم؟"
هز غو شانغ رأسه نفيًا، فأحكم تشو تشين قبضتيه على المكنسة، وطأطأ رأسه وقال بنبرة حازمة: "إن كان بوسع الزعيم أن يفعل ذلك حقًا، فإن العجوز تشو تشين لن يتردد في خوض النار والماء من أجلك!"
كانت الإصابات التي ألمّت بجسده وخيمة، وقد فحصه السيد لي لأكثر من عشر سنوات وأخبره أن أقصى ما يمكنه أن يعيشه هو ستون عامًا، فإن سنحت له فرصة العيش عشرين سنة إضافية، فلن يفوتها أبدًا.
شعر غو شانغ بالرضا التام عن رده، فقال: "إذًا فلنعقد صفقة متكافئة، سأمنحك كل هذا، وفي المقابل، تهبني عشرين عامًا من حياتك المتبقية لخدمتي."
رد تشو تشين دون تردد يُذكر: "موافق!!!"
ارتسمت على شفتي غو شانغ ابتسامة، وبينما هو يتحدث، مدّ يده ووضعها على كتفي تشو تشين، فشعر العجوز بتيار جارف يتدفق إلى جسده، كانت تلك طاقة تشي تساقط ورقة الشجر الحقيقية التي اندفعت من جسد غو شانغ إليه.
وبعد دقيقتين، كان قد غمر جسد الآخر بطاقة تشي فطرية حقيقية من مستوى القمة، فجرت طاقة تشي الكركي الأخضر في خطوط طاقته، ومحت كل أعراضه المرضية، كما أزاحت أثرًا من سم الجليد كان كامنًا فيه.
أبعد غو شانغ يده وقال: "يا تشو تشين، أنت الآن تملك القوة القتالية الخاصة بعالم شيان تيان، لكن مستوى زراعتك لا يتعدى هوا غانغ.
عدا عن ذلك، لقد زالت كل عللك، غير أنني تركت أثرًا من سم الجليد خاصتي في خطوط طاقتك، وإن لم أساعدك في غضون نصف عام، فمصيرك الموت المحتوم."
ثم أخرج ورقة من صدره وناولها إياه، وأردف: "طاقة التشي الحقيقية في جسدك تُدعى ورقة الشجر، وهذه هي طريقة التشغيل الأساسية لأسلوب قلب لوه يي، عليك أن تتدرب عليها باستمرار في أوقات فراغك وألا تتهاون."
تناول تشو تشين الورقة بذهول، وفي تلك اللحظة، تبدّلت هالته تبدلًا جذريًا، فقد تورّد وجهه، ورغم أنه لا يزال يبدو كهلًا، إلا أن هيئة متعالية قد أُضفيت عليه.
لاحظ غو شانغ ذلك دون أن يتغير تعبير وجهه، مؤكدًا بذلك إحدى تكهناته: 'كما توقعت، لا بد للمقاتل أن يبلغ عالم شيان تيان بإدراكه الخاص، وإلا، حتى لو منحته طاقة التشي الفطرية الحقيقية، فإن عالمه الحقيقي لن يتجاوز قمة هوا غانغ.'
ثم التفت إلى تشو تشين قائلًا: "عد إلى منزلك، وضّب أمتعتك وانتقل للعيش هنا هذه الليلة، وسأقوم بترقية مستوى ابنك غدًا." وما أن أتم كلامه، استدار وغادر المكان.
تجمّد تشو تشين في مكانه، مستشعرًا القوة الجبارة والطاقة الداخلية المهيبة التي تسري في جسده، وقد علت وجهه نظرة حماس شديدة وهو يتمتم:
"لم أتوقع أن يكون ما قاله حقيقة!! إنها صفقة متكافئة بالفعل، فهو لم يكتفِ بوضع سم الجليد في جسدي، بل الأهم من ذلك أن ابني بين يديه. لكن لا يهم، ما دمت أمتلك هذه القوة، فلن أخون زعيم العصابة أبدًا!"
كانت كلمات غو شانغ الأخيرة تهديدًا صريحًا، لكنه لم يبالِ بذلك، وتابع محدثًا نفسه بحماس: 'لم أكن لأحلم قط بأن أحظى بحياة جديدة في السادسة والخمسين من عمري.' ثم وضع المكنسة في زاوية الفناء واستدار عائدًا إلى منزله لجمع أغراضه وعيناه تلمعان بترقب.
وفي تلك الليلة، قصد تشو تشين غو شانغ في مكتبه، وقد ارتدى العجوز رداءً أخضر، وربط شعره بعناية، فبدا بمظهر دقيق ومنظم. قال بصوت وقور: "سيدي، كل شيء جاهز."
أومأ غو شانغ برأسه وقال: "سمعت أنك كنت تاجرًا في السابق، وعملت مدبرًا للمنزل لبضع سنوات." فقد كان قد اطّلع على كل ما يتعلق بتشو تشين من معلومات.
أجاب الرجل: "أجل."
فقال غو شانغ: "ابتداءً من الغد، ستكون أنت مدبر منزلي، والمسؤول عن جميع شؤوني الخاصة."
انحنى تشو تشين ورأسه يفيض حماسًا وهو يقول: "أمرك يا سيدي!" فمنصب مدبر منزل زعيم العصابة ليس بالمنصب الهين.
أردف غو شانغ: "وأيضًا، لا تنادني بزعيم العصابة بعد الآن، بل نادني بالسيد الصغير." فقد اعترف لنفسه أن لقب السيد الصغير يروق لمسامعه أكثر. ثم سأله: "بعد أن عدت، هل تدربت على أسلوب قلب لوه يي؟"
رفع تشو تشين رأسه وقال: "لقد تدربت لمدة نصف ساعة، لكن التأثير لم يكن كبيرًا، فإجمالي طاقة التشي الحقيقية لم يزد إلا بمقدار شعرة."
ابتسم غو شانغ وقال: "لا بأس، طالما أنك تتدرب، فالأمر سيتحسن." ثم سار إلى جانبه وربت عليه بيد واحدة، مطلِقًا أسلوب سر الحوت. وفي الحال، شعر تشو تشين بهالة غو شانغ تقمعه تمامًا، فلم يقو على الحراك،
بينما بدأت كل طاقة التشي الحقيقية في جسده تُستنزف بسرعة كما لو كانت ماءً يتدفق من سد منهار، لتصب كلها في جسد غو شانغ. وبعد ثلاث ثوانٍ، اكتمل امتصاص قوته، فازداد وجه غو شانغ تورّدًا وأصبح نفسه أعمق.
ثم ما لبث أن أعاد إليه ذات المقدار من طاقة التشي الحقيقية مرة أخرى، وقال بنبرة باردة: "تذكر، قوتك وكل ما تملك، أنا من منحه لك، وكما أستطيع أن أمنحك إياه، أستطيع أن أسترده منك."
أجاب تشو تشين وقد تملكه الرعب من نظراته حتى تصبّب عرقًا: "فهمت!"
'مريع، هذا مريع جدًا، عينا السيد الصغير كأن بهما سحرًا شريرًا، حينما نظر إليّ، لم أجرؤ حتى على الحركة.'
قال غو شانغ: "عُد الآن واسترح." ثم نهض وغادر المكتب.
وما إن أنهى غو شانغ ممارسة أسلوب سر الحوت، وفي اللحظة ذاتها التي استعاد فيها طاقة التشي خاصته، حتى اخترق مستوى زراعته حاجزًا جديدًا، بالغًا المستوى الأدنى من عالم الأسياد، سقف الفنون القتالية!
وعندما وصل إلى هذا المستوى، تضاعف إجمالي طاقة التشي لديه أكثر من عشر مرات، ووصل مدى انتشار طاقته إلى سبعين مترًا، وهذا إنجاز عظيم، فالمقاتل العادي من عالم الأسياد لا يتجاوز مدى انتشار طاقته العشرين مترًا على أقصى تقدير! كما ازدادت قوته الجسدية مرة أخرى، وأصبحت حواسه الخمس أكثر حدة، لقد بات أقوى، وكان شعورًا رائعًا.
وفي ظهيرة اليوم التالي، أمام مسكن سو تشي، كان الأخير ينظر إلى تشو تشين بشيء من الحيرة، فما إن استيقظ من نومه حتى وجد هذا الرجل العجوز واقفًا عند بابه، وكان الأمر غريبًا للغاية. سأله سو تشي: "من أنت؟"
أجاب تشو تشين بجدية: "أنا مدبر منزل السيد الصغير، وهو ينتظرك في مكتبه ليتحدث إليك."
السيد الصغير، الوحيد الذي يمكن أن يُدعى بهذا اللقب هو غو شانغ. أجاب سو تشي بوجه خالٍ من التعابير: "حسنًا!! سأذهب على الفور."
'متى عيّن زعيم العصابة مدبرًا للمنزل؟ وبصفتي الذراع اليمنى لزعيم العصابة وأخلص أتباعه، كيف لي ألا أعلم بهذا الأمر؟'
شعر سو تشي بإحساس بالخطر يتسلل إلى قلبه، وفي منتصف الطريق، توقف فجأة وقد غطاه العرق البارد، وراح يفكر في نفسه: 'هل يُعقل أن السيد الصغير قد علم بذلك الأمر؟ مستحيل! فجميع عصابات مدينة دا يي الآن تخضع لسيطرتي، وزعيم العصابة ما هو إلا واجهة لا أكثر، والجميع يدينون لي بالولاء. لا سبيل لأن يكون الزعيم قد كشف أمري!'
____________________________________________
زيوس: هذه اخر مرة نرى فيها سو تشي 😁