الفصل الثلاثمائة والثامن والثلاثون: عالم السحر
____________________________________________
مدَّ يده ونقر على عالم المشاهدين، فانبثقت من أسفلها لوحة جانبية ظهر عليها مربعان يتوهجان بضوءٍ أسود. كان المربع الذي على اليسار يمثل النجم الأزرق، أما الذي على اليمين فكان عالم السحر. تساءل في نفسه: 'سحر؟' إنها المرة الأولى التي يصادف فيها عالمًا من هذا الطراز.
فعلى مر السنين، كانت معظم العوالم التي ولجها ذات طابعٍ شرقي، ولم يكن يربطها بالغرب سوى أسماء بعض الشخصيات. أما الآن، فهي المرة الأولى التي يواجه فيها السحر، تلك القوة التي نشأت في عوالم الغرب. تساءل مرة أخرى: "ترى، كيف سيبدو البث المباشر في عالمٍ كهذا؟".
بدافعٍ من فضوله، اتخذ غو شانغ قراره على الفور، فقد كان يتوق لرؤية حقيقة ما يُسمى بالسحر. فإن تمكن من استلهام القوة منه، فلا شك أن ذلك سيمنحه ارتقاءً جديدًا في قوته.
في قاعة الدرس، وأمام سبورة إلكترونية بيضاء، وقف رجلٌ في منتصف العمر يمسك بعصاه السحرية، وقال بنبرةٍ باردة: "إن التأمل طقسٌ يوميٌ لا غنى عنه! عليكم أن تتعلموا الدخول في حالة التأمل في أي زمانٍ ومكانٍ دون أن تفقدوا تركيزكم".
وتابع حديثه موضحًا: "فالتأمل يعيد شحن الطاقة السحرية في أجسادنا، وبدون هذه الطاقة، نصبح بلا حولٍ ولا قوة في هذا العالم. وعلى الرغم من وجود جرعاتٍ سحريةٍ متنوعة لاستعادة الطاقة، إلا أنها باهظة الثمن، وأمثالكم ليسوا مؤهلين لشرائها بعد. لذا، يبقى التأمل هو السبيل الأرخص والأنسب لنا جميعًا".
ارتسمت على شفتي الرجل ابتسامة خفيفة وهو يرى التلاميذ يصغون إليه باهتمام، فخفّت برودة ملامحه قليلًا. لكن سرعان ما عادت تلك الملامح إلى تجهمها القاسي، فقد وقعت عيناه على فتى يجلس في الصف السادس بجوار النافذة، غارقًا في نومٍ عميقٍ فوق طاولته.
وكأن الفتى شعر بنظرات معلمه تخترقه، تحرك من مكانه ورفع رأسه بنظرةٍ تائهةٍ ومشوشة. ثم تمتم بكلماتٍ غير مفهومة: "ثم اعزفوا الموسيقى، وارقصوا بعدها". أشار بيده في الهواء بحركةٍ عابثة، قبل أن يعود ويهوي برأسه على الطاولة ليكمل نومه.
لم يعد المعلم على المنصة قادرًا على تحمل هذا المشهد، فصرخ باسمه: "فيكتور!". ثم أردف بغضب: "بصفتك ابنًا لعائلةٍ من عامة الناس، لمَ أنت مستسلمٌ إلى هذا الحد؟ إن الدراسة هي ملاذك الوحيد! صحيحٌ أنك لا تملك مؤهلاتٍ عالية، لكن يمكنك بالتأكيد أن تشق طريقك في مهنٍ أخرى في المستقبل!".
استطرد المعلم قائلًا: "على سبيل المثال، الخيميائيون، والصيادلة، وكهنة الطبيعة، كل هذه المهن لا تتطلب مهاراتٍ سحريةً متقدمة. فلو أنك ثابرت لعشر سنواتٍ أو نحوها، ستبدأ حتمًا في إتقان إحداها، وحينها لن تجد صعوبةً في الحصول على عملٍ يليق بك".
حمل عصاه السحرية وسار حتى وقف بجانب الفتى النائم، ثم قال بنبرةٍ حادة: "ضعف المؤهلات ليس عذرًا للتكاسل والتهاون!". لقد شعر بالأسى وهو يرى هذا التلميذ الذي يقضي أيامه في لهوٍ وعبث. ثم تابع بنبرةٍ يملؤها العتاب: "لقد شقي والداك لتأمين المال اللازم لدخولك مدرسة السحر، كي تنال مستقبلًا أفضل، لا لتأتي إلى هنا وتنام!".
عندما سمع فيكتور هذه الكلمات الواقعية، رفع رأسه عاقدًا حاجبيه وقال باستغراب: "غريبٌ أمر هذا الحلم، لمَ يبدو حقيقيًا إلى هذا الحد؟". تنهد ثم ربّت على كتف زميله الذي فهم الإشارة على الفور، فحرّك كرسيه إلى الأمام كاشفًا عن ممرٍ ضيق.
نهض فيكتور وخرج من بين المقاعد بخفة، ثم التفت إلى معلمه قائلًا: "أعتذر لإزعاج محاضرتك، لدي امتحانٌ غدًا وعليّ أن أستيقظ بسرعة، لذا لن أستمر في التواصل معك". حكّ رأسه في حيرة، ثم توجه مباشرةً نحو النافذة المجاورة له.
قال في نفسه وهو يتأمل المسافة إلى الأرض: 'ليس سيئًا، هذا الارتفاع الشاهق كفيلٌ بإيقاظي'. فبصفته لاعبًا محترفًا اعتاد السقوط في الكوابيس، لم يعد هذا النوع من المواقف غريبًا عليه. ففي الظروف العادية، كان الانتحار في الحلم كفيلًا بإيقاظه وإعادته إلى عالم الواقع، ولطالما كانت هذه الطريقة ناجحة ومُجرّبة.
رأى المعلم تلميذه وهو يستعد لفتح النافذة، فلم يعد قادرًا على الجلوس، فصاح به: "فيكتور، ماذا تنوي أن تفعل؟". لوّح بيده في الهواء، فتجمد جسد فيكتور في مكانه، وعجزت يده اليسرى التي كانت تمسك بمقبض النافذة عن الحركة.
شعر فيكتور بالخوف الشديد يسيطر عليه وهمس لنفسه: 'لمَ هذا الحلم مرعبٌ إلى هذا الحد؟ دعني أتحرك أيها الشبح!'. كان عاجزًا عن تحريك أي جزءٍ من جسده، ولم يكن بوسعه سوى التحديق في المشهد خارج النافذة. ثم أضاف في فزع: 'إذن فقد أصابني شلل النوم مرةً أخرى في حلمي؟'.
'يا إلهي، لو كنت أعلم لما سهرت طوال الليل في قراءة الروايات'. لقد مر بهذه التجربة قبل بضع سنوات، حيث كان يعاني من شلل النوم المتكرر في أحلامه، وفي كل مرةٍ يستيقظ، يجد نفسه في حلمٍ جديدٍ يعاني فيه من الأمر ذاته، مما جعله يشعر بالإحباط الشديد.
أغمض عينيه وهو يفكر باسترخاء: 'لا بأس، لن أموت على أي حال، سأنتظر حتى أستيقظ من هذا الحلم'. نظر ليو يانغ إلى هيئة فيكتور المستسلمة وفقد كل رغبةٍ في تعليمه. 'يبدو أن بعض الناس لم يولدوا ليصعدوا إلى القمة، فالبقاء في أماكنهم أو الانحدار ببطء هو أسعد ما يتمنون'.
'لا جدوى حقًا من العيش في منطقة الراحة، فأمثال هؤلاء أسوأ من القمامة'. بعد أن وصل إلى هذه القناعة، أطلق سراح فيكتور من قبضته السحرية. ثم التفت إلى بقية التلاميذ قائلًا: "أيها التلاميذ، افتحوا الكتاب على الصفحة الخامسة والعشرين، سنواصل اليوم تعلم التأمل".
وتابع شرحه بصوتٍ هادئ: "على مر السنين التي تطورت فيها نظريات السحر، قام العديد من العباقرة بتأليف كتبٍ سحريةٍ تهدف إلى تحسين كفاءة التأمل. ومن بين هذه الكتب، يعد أسلوب التأمل الأساسي في تعليمنا الإلزامي هو الأكثر انتشارًا والأسهل للمبتدئين…".
خفض ليو يانغ رأسه ليتابع من حيث توقف. وفي اللحظة التالية، أصابته حيرةٌ ودهشةٌ عظيمتان. فقد رأى فيكتور بجانبه قد فتح النافذة وقفز منها. علت صيحات الفزع من التلاميذ في الأسفل، بينما تمتم المعلم في ذهول: "لقد أدهشني هذا الفتى حقًا!".
لو أن هذا الفتى نجح في القفز من المبنى ومات في حصته، فإن مسيرته التعليمية ستنتهي إلى الأبد. ما إن راودته هذه الفكرة، حتى ألقى بخطة الدرس من يده وتحول إلى شعاعٍ من ضوءٍ انطلق نحو الأسفل.
بعد سبع أو ثماني ثوانٍ، عاد ليو يانغ إلى الفصل الدراسي وفي يده عصاه السحرية، وهو يحمل فيكتور الذي كان يرتجف من الخوف. قال للتلاميذ: "من فضلكم، تعلموا المحتوى التالي بأنفسكم". ثم استدار حاملًا فيكتور وخرج من الفصل. لم يعد هذا الفتى مناسبًا للبقاء في المدرسة! شخصٌ منحرفٌ لديه ميولٌ انتحاريةٌ خطيرةٌ كهذا يجب إلقاؤه في الكنيسة ليتلقى تهذيبًا جيدًا.
وبينما كان ليو يانغ يقتاد فيكتور خارج مبنى التدريس متجهًا إلى قسم التهذيب والتوجيه، ظهرت أمامه فجأةً شاشةٌ افتراضية. كان وجهٌ وسيمٌ يبرز بوضوحٍ على الشاشة، يستند إلى السماء بخيلاء، وكان يرتدي ثيابًا سوداء تضفي عليه هالةً من الغموض الشديد.
قال الرجل بصوتٍ هادئٍ وعميق: "أهلًا بالجميع في غرفة البث المباشر خاصتي". تجمد ليو يانغ في مكانه، ثم صرخ في نفسه بذهول: 'يا إلهي، هذه هي ميزتي الذهبية!'. في تلك اللحظة، لم يكن لأحدٍ أن يفهم مشاعره. لقد مر ما يقرب من ألف عامٍ منذ انتقاله إلى هذا العالم السحري، حتى كاد ينسى هويته كمسافرٍ عبر الزمن.
حدّق في غرفة البث المباشر أمامه وعيناه تتسعان من شدة الصدمة. ولكن سرعان ما لاحظ أن هناك شيئًا ما ليس على ما يرام.