الفصل الأربعمائة والسابع والخمسون: مطاردةٌ وارتقاء

____________________________________________

همس ملك الحبار بإغواءٍ وهو يقول: "أيها العجوز، إن ما أقوله حقٌ لا ريب فيه، فما إن أستخدم إكسيرك الشيطاني حتى أتمكن من الارتقاء سريعًا إلى عالم يوان ينغ، وحينها سأتدرب لمئة عامٍ أخرى لأحطم تشكيلة ذلك العجوز بضربةٍ واحدةٍ، وعندها سأقتسم كل ما هنا معك!".

ولو أن خصمه أطاعه وبصق إكسيره الشيطاني في بادئ الأمر، لربما كان ليفعل ذلك حقًا، ولكن لسوء حظ الثعبان الأسود، كان ملك الحبار وحشًا دنيئًا عديم الحياء، قد آلى على نفسه أن يخذل العالم ولا يدع العالم يخذله أبدًا.

تردد الثعبان الأسود للحظةٍ حين سمع كلماته، لكنه سرعان ما هز رأسه وعاد لمقاومة هجمات خصمه قائلًا: "كُفَّ عن هذا الهراء، ومن ذا الذي يجهل طبعك؟" ثم تراجع خطوةً حادةً إلى الوراء، عاكسًا كل هجمات خصمه نحو قطعةٍ كبيرةٍ من المرجان في البعيد، فدوت سلسلةٌ من الانفجارات.

فتح الثعبان الأسود فمه وبصق نواةً شيطانيةً حالكة السواد مثله، ثم هدده قائلًا: "أيها الحبار الصغير، إن لم تتراجع، فسأموت أنا ونواتي الشيطانية معًا، ولن تنجو بفعلتك سالمًا حينها، فإن انفجارنا هذا سيعصف بألف عامٍ من زراعتك، ولن تبلغ مبتغاك".

لقد طال أمد النزال كثيرًا، فقد كان في مرحلةٍ حرجةٍ من تدريبه حين قُوطع عنها قسرًا، مما ألحق به بعض الضرر، وبعد أن استمر في القتال لهذه المدة الطويلة، لم يعد قادرًا على الصمود أكثر من ذلك.

نظر إليه ملك الحبار بازدراءٍ قبل أن يزيد من شدة هجومه وقال: "فجّر نفسك إن استطعت! فإن كنت تملك الشجاعة حقًا، فسأعترف بك حينها ملكًا للثعابين السوداء"، وحذا أتباعه حذوه، فعدّلوا هجماتهم باستمرارٍ لتتناغم مع إيقاعه.

ازدادت عينا الثعبان الأسود حقدًا لسماع كلماته، فلقد كان ملك الحبار على حق، إذ كان يخشى الموت فعلًا، فبعد أن تدرب لسنواتٍ طوالٍ، كان على وشك الارتقاء إلى عالم يوان ينغ، ولم يكن ليرغب في أن يموت بهذه الطريقة أبدًا.

لكنه في الوقت نفسه كان يخشى تسليم نواته الشيطانية لخصمه، فمع طبع الأخير، كانت احتمالية موته ستتجاوز السبعين بالمئة، وهذا ما جعله في حيرةٍ من أمره.

شعر ملك الحبار بالنشوة وهو يرى نظرة الحيرة على وجه الثعبان الأسود، فتقدم نحوه مستعدًا لمزيدٍ من الإقناع، ولكن في تلك اللحظة، ارتطمت بهم موجة ماءٍ قادمةٌ من بعيد، فاستدار ورأى ثعبانًا مائيًا طويلًا زاهي الألوان، كان أضعف منهما بكثيرٍ حجمًا وزراعةً.

تساءل ملك الحبار قائلًا: "أهو أنت؟"، فقد أدرك أن هذا الدخيل لم يكن سوى تلك الأفعى الصغيرة التي كانت في أرضه، وتذكر بصعوبةٍ أنه كان في قمة عالم بناء الأساس حينها، قبل أن يرتقي إلى المرحلة المتقدمة من عالم تشكيل النواة، ولَمَا درى كيف كان سيكون شعوره لو قيل له إن غو شانغ قد أنجز هذا الارتقاء في أقل من يومٍ واحد.

أخرج غو شانغ لسانه وهو ينظر إلى الوحشين ذوي الدماء القوية أمامه، وازدادت نية القتل في عينيه تأججًا، فقد كانا غنيمةً ثمينةً بحق، 'إن ابتلعتهما معًا، فسأرتقي حتمًا إلى قمة عالم تشكيل الدان، ناهيك عن وجود العديد من الوحوش الأخرى من نفس المستوى حولي'.

فجأةً، تحدث الثعبان الأسود من الجهة الأخرى قائلًا: "لمَ، أيها الثعبان الشيطاني الصغير، أتريد التدخل في نزالنا؟"، لقد كان هو الآخر في قمة عالم تشكيل الدان، لذا لم يأبه لوجود غو شانغ، فهذا الدخيل مجرد ثعبانٍ مائيٍ أدنى منه مرتبةً من حيث السلالة والزراعة، ولم يكن لينوي طلب المساعدة منه لأنه كان يعلم أنها ستكون بلا جدوى، فبوسعه هو أو ملك الحبار القضاء عليه بضربةٍ واحدةٍ لا غير.

"وماذا إن تدخلتُ، وماذا إن لم أتدخل؟" بعد أن نطق بهاتين الجملتين، اندفع غو شانغ إلى الأمام وأطلق حركته القاضية بجنون، فقد كان لا يُقهر في مستواه الحالي، وأي من يهاجمه سيعاني من عشرة أضعاف الضرر، ولا يمكن لأحدٍ إلحاق الأذى به إلا كائنٌ أقوى من عالم يوان ينغ، ولكنه كان يملك وسائل أخرى للتعامل مع ذلك أيضًا.

ضحك ملك الحبار مباشرةً حين رأى تصرف غو شانغ المتعجرف، ثم صاح قائلًا: "أيها العجوز، سأريك اليوم ما عاقبة من لا يستمع إلى نصيحتي"، فلقد كانت تلك فرصةً سانحةً لإخافة الثعبان الأسود، فقد رأى حالته الحقيقية، وإن تمكن من زيادة خوفه، فستزداد فرصة نجاحه كثيرًا، وعندها سيحصل على كل شيءٍ دون أن يخسر شيئًا، وكان هذا أسمى مبتغاه.

اهتز جسد ملك الحبار وبصق موجةً من الضوء، ولكن في اللحظة التالية، شعر بألمٍ حادٍ ينتشر من قمة رأسه، وكان هجومه قد امتزج بومضاتٍ من الضرر الحارق، فتسمّر جسد الحبار كله في مكانه، فلو كان شعوره صحيحًا، فإن الجروح التي في جسده لم تكن ناجمةً عن هجومه هو، بل من الضربة التي تلقاها، والتي ألحقت به إصابةً بالغةً، حتى أصبح حاله أكثر بؤسًا من حال الثعبان الأسود.

انهار ملك الحبار بعد أن أدرك قدرة خصمه وقال: "أي وحشٍ أنت؟ ما أغربك!"، فلقد أفسد ظهور هذا الدخيل خطته بالكامل، وكان من الواضح أنه سيفشل اليوم لا محالة.

هز ملك الحبار رأسه، وقبل أن يمنحه خصمه إجابةً شافية، لوّح بذيله وفرَّ مباشرةً نحو أرضه، غير مكترثٍ برجاله الذين حوله، ففي مثل هذه الأيام، من الأفضل للمرء أن يجد فرصةً للهرب، لكن غو شانغ ابتسم، فكيف له أن يدع اللحم يفلت من بين فكيه، وانطلق في مطاردته مباشرةً.

بعد مسافةٍ طويلة، لوّح غو شانغ بذيله بقوة، فشكّل نصلٌ حادٌ وقويٌ نصف دائرة، شطر جسد ملك الحبار إلى نصفين، فلقد كان الأخير قد عانى من عشرة أضعاف الضرر، وكان في حالةٍ هشةٍ للغاية، مما جعل قتله سهلًا، تمامًا مثل شياطين العالم السفلي المقيدين الذين لا يملكون إلا انتظار حركة المدرع القاضية، وكان مشهدهم مثيرًا للشفقة حقًا.

بعد أن انشطر جسده إلى نصفين، كانت أنسجة جسد ملك الحبار لا تزال تتحرك، وكانت قوته الشيطانية الجبارة تمنحه بصيصًا من الحياة، لكن غو شانغ لم يمنحه موتًا كريمًا، بل امتص كل الدماء في جسده دفعةً واحدة، فازدادت قوته قليلًا مرةً أخرى، وليس هذا فحسب، فبعد أن حصل على كل ذكريات خصمه، عرف المزيد عن بحر القلب الأزرق.

استدار غو شانغ فرأى أن رجال ملك الحبار والثعبان الأسود كانوا قد ولّوا الأدبار هربًا بحياتهم، فلم يكن أحدٌ منهم غبيًا، فما إن رأوا قوة غو شانغ الجبارة حتى فرّوا للنجاة بأنفسهم.

'إنها لحماقةٌ حقًا أن يرغبوا في الهرب من أمامي'، فكّر غو شانغ في نفسه، ثم استخدم كل طاقته الشيطانية لينطلق بسرعةٍ فائقة، ففي ظل تأثير مخزون طاقته الذي لا ينضب، كان يمكنه الحفاظ على هذه السرعة القصوى إلى الأبد، بينما كانت طاقة الوحوش التي يطاردها محدودة، وكان سيدركهم واحدًا تلو الآخر في وقتٍ قصير.

بعد دقائق قليلة، أدرك الثعبان الأسود أولًا، فلم تكن حالته جيدةً أصلًا، فضربه غو شانغ من بعيدٍ مباشرةً وألحق به إصاباتٍ بالغة، ثم لم يستمع إلى توسلاته طلبًا للرحمة، وامتص كل دمائه وحوّلها إلى جزءٍ من قوته.

2025/11/08 · 15 مشاهدة · 1033 كلمة
ZEUS
نادي الروايات - 2025