الفصل الأربعمائة والثامن والسبعون: سحقٌ وتواصل
____________________________________________
لم يستخدم غو شانغ قدرًا كبيرًا من طاقته، بل اعتمد على قوة جسده فحسب ليمد إصبعًا واحدًا إلى الأمام ببطء. تحطمت هجمات يانغ جيان جميعها تحت وطأة إصبعه ذاك. وما إن لامست أنامله جسد خصمه، حتى سرت في كيان يانغ جيان رجفةٌ عنيفةٌ كأنما وترٌ قُطع، ففقد السيطرة على جسده وشرع يرتجف بجنون، ثم هوى إلى الأسفل دون حول منه ولا قوة.
ضغطت عليه تلك القوة المرعبة أرضًا، ثم واصلت دفعه إلى الأعماق بعنفٍ لا يلين. اخترق جسد يانغ جيان طبقات الجزيرة الصخرية حتى بلغ المحيط الذي لا قرار له في الأسفل. وفي غمار هذا السقوط، كانت تلك القوة الجبارة تنهش جسده بلا هوادة، فتلحق به الإصابات تلو الأخرى. ورغم ذلك، كان جسده يتعافى باستمرار بفضل مزيجٍ من القوى الغريبة التي تتدفق فيه.
اعتلت الوحشية ملامح يانغ جيان شيئًا فشيئًا، وزمجر في جنون: "أيها الشيطان الشرير! لقد ألحقت بهذا العالم ضررًا عظيمًا، ولن أسمح لك بالبقاء على قيد الحياة فيه أبدًا!!"
'إن قوة هذا الرجل تفوق كل تصور، لا بد لي من استمداد المزيد من قوة هذا العالم.' هكذا فكر وهو يحاول يائسًا التواصل مع العالم. ولم يخذله العالم، بل استجاب لندائه وأخذ يضخ فيه طاقةً جديدةً على الدوام.
لكن تحت وطأة ذلك الإصبع الواحد، وبغض النظر عن مقدار القوة التي استجمعها أو الطاقة التي استنفدها، فقد عجز عن إيقاف هويه ولو للحظةٍ واحدة. كانت قوةٌ جبارةٌ تجتاح كيانه بأكمله. وبعد ثوانٍ قليلة، سقط يانغ جيان في أعمق نقطةٍ بقاع البحر السحيق.
شلّه ضغط الأعماق المرعب عن الحركة، ووجد نفسه، وهو زارعٌ عظيمٌ من مرحلة الإنجاز العظيم، يتألم ألمًا شديدًا تحت سطوة الطبيعة القاسية. 'يا للهول! ما مدى قوة هذا الرجل؟ حتى زارعٌ في ذروة مرحلة المحنة قد لا يصمد أمام الطاقة التي أطلقها، ومع ذلك، لم أستطع حتى أن ألامس طرف إصبعه.'
'لقد بلغ جسده المادي حالةً مرعبةً إلى أقصى حد.' فكر يانغ جيان وهو يحرّك جسده بصعوبة بالغة. لم يرَ أمامه إصبعًا، بل بصمة باهتة تحوم فوق جبهته، تقمعه وتسلبه القدرة على الحراك. وحتى الطاقة في جسده توقفت عن الجريان تحت تأثير هذه القوة القاهرة.
وبينما استبد به اليأس، ظهر طيف غو شانغ فجأةً أمامه. قال غو شانغ لنفسه: "إنه رجلٌ غريبٌ حقًا". فهذا المكان يُعد من أشد بقاع العالم رعبًا، وضغط أعماقه كفيلٌ بتدمير أي زارع. ومع ذلك، لا يزال زعيم طائفة تاي يي حيًا يُرزق، وإن كانت علامات الغبن باديةً على محياه.
شعر غو شانغ بوضوحٍ بقوةٍ خفيةٍ تنبعث باستمرار من جسد خصمه، لتحميه من أن يسحقه هذا الضغط الهائل. ليس هذا فحسب، بل كانت هذه القوة تتراكم باستمرار في محاولةٍ لاختراق القمع الذي تفرضه بصمته. كان غو شانغ قد أضاف قبل لحظاتٍ قيودًا طاقيةً على بصمته، فختم بها قدرة خصمه على التحكم في طاقته تمامًا، لكنه كان يعلم أن هذا الإجراء مؤقتٌ لا أكثر.
فالطاقة المتراكمة في جسد خصمه كانت في تزايدٍ مستمر، وما إن تبلغ حدًا معينًا، حتى تتحول إلى قوة جبارة تقلب قمعه رأسًا على عقب.
قال يانغ جيان بعينين ثابتتين: "لا أصدق أنك قادرٌ على الوقوف في وجه هذا العالم. سيأتي يومٌ أحطم فيه قيودي هنا، وأقضي عليك لأعيد السلام إلى هذا العالم." ولكن من المؤسف أن مجال رؤيته كان محدودًا، فلم يستطع رؤية غو شانغ، بل رأى فقط حذاءه الأسود.
داس غو شانغ على رأسه بقدمه، وسحقه برفق دون أن يستخدم أي قوة. لكن هذا الفعل وحده كان كافيًا ليشعر يانغ جيان بإهانةٍ بالغة.
قال غو شانغ: "أعلم، لكن هذا سيحدث بعد ثلاث سنوات." فبناءً على مقدار الطاقة المتراكمة في جسد خصمه، سيبلغ النقطة الحرجة بعد ثلاثة أعوام. لكن حتى بعد مضي تلك المدة، سيظل بإمكان غو شانغ قمعه بسهولةٍ دون أن يحرك ساكنًا. بل كان بإمكانه فعل ذلك الآن بمجرد فكرةٍ تخطر في باله.
عندما سمع يانغ جيان كلماته، تسرب اليأس إلى قلبه فجأةً. 'كيف استطاع هذا الرجل أن يحلل الأمر بهذه الدقة المتناهية؟'
'يا عالمي! لمَ أردتَ لي أن أرى هذا المشهد؟ لمَ أردتَ لي أن أُهان بهذه الطريقة؟' زمجر يانغ جيان في قلبه بجنون، وعيناه تفيضان غضبًا. 'ما دمت قد عقدتَ معي ميثاقًا، وطلبت مني حماية سلام هذا العالم، فلمَ لا تمنحني القوة الكافية لتدمير كل الأعداء؟'
تجاهل غو شانغ هذا الصراع الداخلي. رفع قدمه اليمنى برفق، وألقى نظرةً على يانغ جيان الممدد أرضًا. لقد لاحظ للتو أن سرعة تجمع القوة في جسد خصمه قد ازدادت.
قال غو شانغ بهدوء مخاطبًا بحر الظلام أمامه: "بدلًا من الاستمرار في منحه القوة لقتالي، لمَ لا تتخلى عن هذا التصرف الأحمق وتتعاون معي؟" ثم أردف: "يمكنني أن أفعل ما هو أكثر من هذه الحثالة. يمكنني أن أجلب لهذا العالم سلامًا أطول ووئامًا أدوم."
عند سماع كلمات غو شانغ المتعجرفة، استشاط يانغ جيان غضبًا وقال: "أيها الوغد، كيف يمكن للعالم أن يأبه لشخصٍ قذرٍ مثلك؟ وحشٌ على شاكلتك لن يعترف به العالم أبدًا."
'هذا الرجل يدرس تلك المعتقدات التي تغير الطبيعة البشرية وأسلوب بلوغ الألوهية، وهذا أمرٌ لا يمكن للعالم بأسره أن يتسامح معه. كيف يمكن للعالم أن يعقد صفقةً مع شخصٍ كهذا؟'
لكن في اللحظة التالية، حدث ما أدهشه. انبثق فجأةً ضوءٌ أرجواني من جسد يانغ جيان، واستمر هذا الضوء في التكثف والدوران، حتى شكل في النهاية ظلًا ضبابيًا أمام غو شانغ.
قال الظل بصوتٍ خافت: "أيها الدخيل، أقبل عرضك." ثم تحول إلى خيطٍ من نورٍ وانطلق مباشرةً نحو جسد غو شانغ.
لكن في اللحظة التالية، مد غو شانغ يده بلا مبالاة وأمسك بالظل مباشرةً قائلًا: "لا داعي لهذا، لقد عقدتُ معك صفقةً للتو."
نظر إليه الظل في صمت، ثم أومأ برأسه دون أن ينبس ببنت شفة. حرك يده اليسرى قليلًا، فسقط يانغ جيان، الذي كان مذهولًا على الأرض، مغشيًا عليه على الفور.
قال الظل: "دعه يذهب، فهو لم يرتكب أي خطأ، وكل ما بدر منه كان بدافع حماية هذا العالم." ثم أضاف: "لدي شعورٌ بأن عالم الزراعة سيواجه قريبًا كارثةً لم يسبق لها مثيل، وقد لا أكون قادرًا على مواجهتها حينها، وربما أضطر إلى الاعتماد عليك."
استمع غو شانغ إلى كلماته وردد متسائلًا: "هاجسٌ وكارثة؟" ثم أومأ برأسه برفق وقال: "لا تقلق، اترك كل شيء لي عندما يحين الوقت، لكن توقيت تحركي قد يختلف قليلًا عما تتخيله."
"قد يكون الطريق متعرجًا بعض الشيء، لكن عليك أن تثق بأن النتيجة ستكون جيدةً دائمًا."