الفصل الستمئة واثنان وعشرون: الاستيلاء على البرج
____________________________________________
في مملكة تنين عطارد، وتحديدًا في منطقة ريفية صغيرة شمال البلاد، حيث بلغت شمس الصيف أوج حرارتها، كانت القرية تقبع محصورة بين ثلاثة جبال تكسوها أشجار الصنوبر. وعلى مقربة من بعض الطرق الترابية الضيقة، انتصبت أشجار الحور على مسافات منتظمة، بينما كانت بعض الحشرات المجنحة تزحف على جذوعها، قاضمةً البراعم الصغيرة والأوراق الغضة.
ظهر غو شانغ فجأة في القرية، وسار متبعًا الطريق المرسوم في ذهنه حتى بلغ نهرًا ضحلًا يقع في الجانب الشمالي منها، ثم واصل مسيره صعودًا. وفي المنطقة الأعلى، لمح كوخين جاثمين على سفح تل. وبجانب النهر، كان شاب يافع يرتدي سروالًا مزهرًا وقبعة شمسية يصطاد بصنارة صيد دون حراك.
كان هذا هو الرجل القوي الذي بلغ المستوى السبعين، والذي رصده غو شانغ من خلال منظور الإله. لا شك أن هذا الشاب هو الأقوى في عالم الكريستال بأسره، لكنه لا يزال أبعد ما يكون عن مجاراته. ففي هذه اللحظة، كان مستوى غو شانغ قد تجاوز المئتين، ناهيك عن امتلاكه مجموعة هائلة من المهارات السلبية.
إن قيمة أرقامه وحدها كفيلة بسحقه سحقًا تامًا. وبعد أن ألغى حالة الاختفاء، تقدم غو شانغ ليقف بجوار الشاب.
"يا سيدي؟ كم أنا محظوظ بوجودك هنا." ظل الشاب يواصل الصيد، ثم اعتدل في قبعته الشمسية وقال بنبرة هادئة: "الكوخ بسيط ومتواضع، فإن لم تمانع، يمكنك الدخول لتناول فنجان من الشاي."
بدا آه فاي هادئًا، لكن قلبه كان يعتصر من شدة التوتر. ورغم أنه لم يستطع رؤية مستوى الآخر بوضوح، إلا أن إحساسه به جعله يدرك تمامًا مدى قوته. إن وجودًا كهذا ليس شيئًا يمكنه استفزازه بمفرده.
"شاي؟ لا بأس بذلك." لم يعترض غو شانغ، بل استدار وسار نحو الكوخ أمامه. لم يبالِ آه فاي بصنارة الصيد التي في يده، بل خلع عتاده على الفور ولحق بغو شانغ ودخل الكوخ.
أخرج زجاجة خزفية صغيرة من تحت السرير، وسكب أوراق الشاي في فنجان من الخزف، ثم وضع يده اليمنى برفق فوق سطح الفنجان. انساب سيل من سائل أزرق من كفه، ليغمر أوراق الشاي وينقعها تمامًا. وبعد برهة، فاحت رائحة الشاي العطرة، فملأت الغرفة بأكملها بذلك الأريج الغريب.
"هذا هو أحدث أنواع الشاي التي طورتها. فبفضل أساليبي الخاصة وإضافة مهارات الماء، يمكنك الحصول على أفضل تجربة لتذوق الشاي." انحنى آه فاي برفق وقدم فنجان الشاي الساخن الذي في يده.
ألقى غو شانغ نظرة على شريط المهارات أمامه وأومأ برأسه قليلًا، ثم تناول الفنجان وارتشف منه رشفة. كان شايًا جيدًا حقًا، وذا مذاق مميز.
"يا سيدي..." كان آه فاي لا يزال في حيرة من أمره، يتساءل عن سبب مجيء هذا الرجل للبحث عنه. 'هل انكشف أمر برج لينغ لونغ البديع؟' لكنه لم يستخدمه كثيرًا في العالم الخارجي هذه الأيام، بل قضى معظم وقته يتدرب بجد في هذه القرية الصغيرة.
فبعد انقطاع دام قرابة عام، تمكن من رفع مستواه بسرعة إلى السبعين، وازدادت قوته كثيرًا وفتح قدرتين قويتين، هما الماء والنار. والأهم من ذلك أنه بعد وصوله إلى المستوى العاشر، اكتشف امتلاكه القدرة على البقاء شابًا إلى الأبد، مما سمح له بالحفاظ على مظهر الشاب اليافع.
وبسبب هذه القدرة على وجه التحديد، استطاع أن يتدرب في البرج دون أي قيود أو مخاوف. ورغم أنه لا يزال يبدو شابًا، إلا أن عمره الحقيقي قد تجاوز الثمانين عامًا. بعد أن أمضى عقودًا في مكان مغلق، بدأت بعض الشروخ تظهر في حالته العقلية. وفي كثير من الأحيان، شعر بأنه على وشك أن يفقد صوابه، فبمجرد أن يستفزه أي شيء، كانت مشاعره تنهار في لحظة.
تجاهل غو شانغ كلماته، واتكأ على الجدار القريب منه وراح يرتشف الشاي الساخن في صمت. وبعد بضع دقائق، امتلأ شريط المهارات بالكامل، فوضع فنجان الشاي على حافة النافذة بجانبه.
"لا يزال المستوى منخفضًا للغاية..." قالها وهو يهز رأسه، ثم ركّز المهارات التي أعدها في يده اليمنى، ولوّح بها برفق نحو آه فاي. انطلقت قوة روحية ضعيفة من يده واتصلت بعقل آه فاي. وفي اللحظة التالية، تدفقت شظايا الذاكرة من عقل آه فاي كالسيل المنهمر، فامتصها غو شانغ وتحكم بها بمهارة فائقة.
كانت هذه مهارة نشطة تسمح له بقراءة ذوات الآخرين. وبما أن مستوى غو شانغ الحالي منخفض جدًا، فقد استغرق إعدادها وقتًا طويلًا. والأهم من ذلك هو الروح، ففي لعبة "قدري"، كانت كل قوته موجهة نحو المانا أو الجسد والجوانب الأخرى، ويمكن القول إن تأثيرها على تقوية الروح كان ضئيلًا للغاية. ويؤدي ضعف الروح هذا إلى فرض قيود شديدة على بعض المهارات عند استخدامها.
بعد دقيقتين، سقط آه فاي على الأرض كما لو أن جوهره قد امتُص بالكامل، وقد اسودّت عيناه وبدا منظره بائسًا للغاية. وفي هذه الأثناء، كان غو شانغ قد امتص كل ذكريات آه فاي، وأصبح على دراية بالتغيرات المختلفة التي طرأت على عالم الكريستال خلال هذا العام.
أخرج هاتف آه فاي المحمول، وتصفح الإنترنت لفترة وجيزة ليؤكد ما رآه في ذاكرته. "لم أتوقع أن نصف عام فقط سيجلب كل هذه التغيرات لهذا العالم العادي." لقد أحدث ظهور لعبة "قدري" تغييرات هائلة على الكوكب بأسره. ومن أجل البقاء والتقدم، أجرى الاتحاد البشري بأكمله تعديلات كبيرة في مختلف الجوانب، وأطلق الجنس البشري أنشطة إنتاجية متنوعة تتمحور حول هذه اللعبة.
"وهذا البرج البديع مثير للاهتمام أيضًا." لوّح غو شانغ بيده باستخفاف، فانتزع برج لينغ لونغ البديع بسهولة من جسد آه فاي وجعله يدور في كفه. "إنه سلاح سحري مساعد فريد من نوعه." وبعد أن ألقى عليه نظرة، ازداد اهتمامه به فقرر دمجه على الفور. وما هي إلا ثانيتان من الاتصال حتى أرسل نظام اللعبة إشعارًا جديدًا على عجل.
أعلن النظام مهنئًا إياه بحصوله على عتاد مقدس: برج السماء والأرض البديع. يمكن لهذا البرج تعديل تدفق الزمن باستمرار كلما ازدادت قوته. وهذا السلاح السحري يسمح لغو شانغ بزيادة مستوى خبرته من خلال التدريب حتى عندما يكون خارج عالم اللعبة. ومع هذه الأداة الإضافية التي تضاعف الخبرة، يمكنه أن يؤدي دوره إلى أقصى حد ممكن.
وضع غو شانغ برج السماء والأرض البديع في حقيبته، ثم نظر إلى آه فاي الذي كان في أضعف حالاته، ومد يده اليمنى وألقى مهارة أخرى ليربطها بروحه. كانت تلك هي "تقنية الإخضاع"، وهي مهارة نشطة بسيطة للغاية للسيطرة على الآخرين. فبمجرد إلقاء هذه التعويذة عليه، يمكنه أن يجعل الشخص الآخر مخلصًا له بنسبة مئة بالمئة.
ومع ذلك، لم تكن نسبة نجاح هذه المهارة مئة بالمئة. فمع قوته التي تبلغ مئتي مستوى، لم تتجاوز نسبة النجاح خمسة وعشرين بالمئة. لكن هذا لم يكن يمثل مشكلة له. 'وماذا لو كانت نسبة النجاح منخفضة؟ طالما أنني أحاول مرات أخرى، فسأنجح في النهاية، أليس كذلك؟'
فشلت المحاولة الأولى في إخضاع آه فاي. فأطلق غو شانغ المحاولتين الثانية والثالثة على التوالي. وأخيرًا، نجح في المحاولة السادسة عشرة، وسيطر على آه فاي سيطرة تامة.
عندما رأى حالته، مد غو شانغ يده واستخدم مهارة شفاء ليعيد إليه صحته كاملة. ثم قال: "هيا بنا، اتبعني لنسيطر على هذا العالم."