بعد نصف شهر.. استقرّت مؤسسة شوفين ولم يعُد بحاجة إلى أي شيءٍ غير الطاقة النقيّة، وللأسف.. قصر الشيخ الضيف ليس موصولاً بالوريد الروحي الذي تأخُذ منه العشيرة طاقتَها لِتدريب أتباعِها، وذلك لأن الشيخ الضيف في العادة لا يكون من العشيرة، كما أنه يكون شخصاً قوياً أيضاً ولا يحتاج إلى استغلال مثل هذا الوريد الروحي الضعيف.

شعر شوفين وكأنه قد تسرّع قليلاً في بيع منزل راموليا القديم حيث كان مربوطاً بالوريد الروحي، لذلك سيكون عليه استعمال أحجار الطاقة مع أنها لن تكون كافية له، وذلك لأن مؤسسَته مربوطة بالعالم في الفراغ المكاني الخاص به، والذي سيحتاج إلى طاقةٍ هائلة للتعافي.

دخل شوفين عالمَه الخاص وأخرج الحجر الأرجواني الوحيد الذي كان معه منذ خرج من الكهف وكان قد استخرج جزءاً من طاقتِه لِبناء المصفوفة أمام بوابة الكهف لِحجز الأربعيني الشيطاني، بدأ باستخراج الطاقة من الحجر وتوزيعِها مباشرة في الهواء، وبعد ثلاثة أيام من الاستخراج.. تحطّم الحجر وكان قد صار لونُه أبيضاً، عبس شوفين وأخرج بضعة آلاف من الحجارة الوردية التي غنِمها مع خاتم التخزين، لكنّ امتصاصها لم يدُم سوى لِيوم واحدٍ أو أقل، أخرج بعدها ملايين الأحجار البيضاء، لكنّه لم يمتصّها وإنما نشرَها في أطراف عالمِه بفِكرة واحدة منه، ثم جعلَها تُسرّب الطاقة بِطريقة دورية للحفاظ على توازن الطاقة.

خرج من عالمِه الفراغي وكانت روماليا لا تزال في عزلة، أما ريكو فكان قد وصل إلى قمّة مرحلة توفير الدم مِن مستوى تعزيز الجسد، فرِح عندما رأى شوفين وسارع إليه وهو يقول

"لقد أنهيتُ تدريبي بِفضل تلك الحبّة الرائعة، لكني أواجه عنق الزجاجة، هل لديك شيء لِمساعدتي ؟"

كان مُندمجاً مع دورِه الجديد وكأن كونَه قرداً ليس بالشيء السيء، وذلك لأن تدريبَه قد تقدّم على قدمٍ وساق وبطريقة أسرع بكثير من تجرِبته السابقة، كما أن حياتَه كبشري كانت قصيرة جداً حيث عاش خمس سنواتٍ فقط، لذلك بدأ يتقبّل واقِعَه الجديد رغم وعدِ شوفين بأنه سيُعيد له جسدَه البشري.

ابتسم شوفين وهو ينظُر إليه ثم ربّت على رأسِه وقال له

"سيكون من الصعب عليك الدخول إلى مستوى تقوية الروح بسبب جسدِك الوحشي، لكن تدريبَك سيتقدّم سريعاً بعد اختراقِك، لذلك لا تستعجِل الآن وحاوِل استكشاف المهارات القتالية الوِراثية لِجسدِك"

استغرب ريكو وقال

"مهارات وراثية ؟"

قال شوفين

"عكس البشر.. تملِك الوحوش مهاراتٍ وراثية خاصة، وجسد القرد هذا يملِك هالة نبيلة وقديمة، وهذا هو السبب الذي جعلني أختارُه لك، لكني لا أدري ما هي المهارات الوراثية التي تملِكها"

صمت قليلاً ثم أضاف

"تعال إلى هنا، لدي طريقة غير مضمونة لكنها ربما ستجعلني أعرِف نوع مهارتِك الوراثية"

اقترب مِنه ريكو بِحذر، أمسكَه شوفين بقوّة وجرحَه مِن صدرِه ثم استعمل طاقته وأخرج قطرة من الدماء السوداء، شعر ريكو مباشرة بالضعف وسقط أرضاً، عبس شوفين وقال له

"لقد أخذتُ بعضاً من جوهر الدم الخاصة بك، لكنها كمية صغيرة وستقوم باسترجاعِها مع الوقت"

أخرج شوفين من أصبُعِه شعلة من النار البيضاء وبدأ بطرد الشوائب من القطرة حتى صارت مُتلألِئة، رفعها شوفين وأدخلَها إلى جبينِه ثم أغلق عينَيه وبدأ بِتحليلها، وبعد ربع ساعة.. فتح عينيه وظهرت السعادة على وجهِه مع ابتسامة خبيثة وهو ينظر نحو ريكو، تراجع ريكو للخلف وخشي أن يفعل به شيئاً سيئاً، ابتسم شوفين لِوقتٍ طويلٍ قبل أن يقول

"أنت محظوظ أيها الوغد، لولا وعدي لك لسحبتُ دماءَك حتى آخر قطرة"

جفل ريكو وهرب بعيداً ثم صرخ

"أنت.. أنت لن تُخلِف وعدَك، صحيح ؟"

ضحك شوفين ثم قال

"بالطبع، لا تقلق، لكننا سنُغيّر اتّفاقنا قليلاً"

عبس ريكو وتراجع أكثر حتى اقترب من الباب ثم قال

"أي تغيِير تقصد ؟"

قال شوفين

"سأمنحك قوة أكبر ممّا وعدتُك بِه سابقاً، وفي المقابِل.. ستعطيني عشر قطرات من جوهر الدم الخاص بك كل شهر لِمدة سنة على الأقل"

عبس ريكو أكثر من السابِق لأنه لا يدري أصلاً ماذا يكون جوهر الدم هذا، لكنه شعر بالفشل عندما فقد قطرة واحدة فقط، فكيف سيكون حالُه عندما يفقِد عشر قطرات ؟

طمأنه شوفين بسرعة عندما رأى خوفَه

"سأمنحُك حبوباً طبية لِمساعدتِك على تنمية جوهر الدم الخاص بِك، وهذا سيُفيدُك كثيراً في تقدُّم تدريبِك"

صمت ريكو طويلاً وبدا وكأنه أنه يُفكر في أمرٍ ما، وأخيراً سأل

"لماذا أنت مهتمّ بدمائي ؟"

ابتسم شوفين وقال

"هذا لأن مهارتك الوراثية رائعة، وأنا أريد الحصول عليها أيضاً، وبالطبع.. حتى وإن حصلتُ عليها فلَن أكون بمِثل مهارتِك أنت"

سأل ريكو مباشرة

"ما هي مهارتي الفطرية ؟"

هزّ شوفين رأسه جانبياً وهو يقول

"سأشرحُها لك عندما يحِين الوقت المناسب، وبِما أني مهتم بها فيجب أن تعرِف بأنها ليست مهارة عادية، وإذا قُمنا بِتطويرها فستجعلُك أقوى بشكلٍ لا يُصدّق"

في هذه الأثناء.. خرجَت راموليا من عُزلتها، ويبدو بأنها قد انزعجَت من صرخات ريكو لأنها تستطيع سماع حديثِه عبر التخاطر، نظر إليها شوفين وتهلّل وجهُه وهو يقول

"يبدو أن تدريبَك يسير بسلاسة أكبر من المتوقع"

اومأت برأسها وكأنها تقدم تحية الاحترام ثم قالت

"هذا بسبب تعليماتك التي جعلتني أندم على الوقت الذي ضيعتُه في جسدي القديم"

قال شوفين بينما كانت نظراتُه تخترق جسدَها

"تعليماتي وحدَها ليست كافية، يبدو أني قد استهنتُ بموهبة جسدِك الجديد"

اختلسَت روماليا النظر على يدَيها وصدرِها قليلاً ثم ابتسمَت وقالت

"أنا بِحاجة لِبعض أحجار الطاقة"

صاح ريكو أيضاً

"حتى أنا ... حتى أنا"

ابتسم شوفين بِحرج وقال

"للأسف.. أنا مُفلِس"

عبس الاثنان ولم يُصدّقاه تماماً، أين يُمكِنه أن يصرِف ملايِين الحجارة في بضعة أسابيع ؟

قطب شوفين حاجبيه قليلاً قبل أن ينظر نحو روماليا ويقول

"لدي خمسة أسلحة سُفلية، كيف يمكنني بيعها ؟"

2020/01/11 · 715 مشاهدة · 834 كلمة
simba
نادي الروايات - 2024