ابتسم الرجل العنيف بخبث بعد سماع جوابي.
”إذن ساعدنا، فلدينا زبائن من النبلاء المنحرفين الذي يرغبون في شراء بنات النبلاء وطبعًا بإمكاننا الحصول على فدية مقابلها، فقد سمعت أنها ابنة عزيزة على قلب اللورد هنا وسيدفع المبلغ الذي نريده.“ ” مذهل……“
تظاهرت بالإعجاب فشحب وجه السيدة الصغيرة على الفور.
ربما لأنها تعلم أني أسعى لكسب مصاريف الجامعة مقابل تعليمها.
” إذن، كم المبلغ؟“
”لن يكون مصروف جيب كقطعة أو قطعتي ذهب كل شهر، إنما مبلغ هائل بمقدار 144 قطعة ذهبية.“
قالها الرجل العنيف بفخر.
لا أدري كم يعادل هذا المبلغ في الحقيقة لكنه يوحي لي وكأنه طفل روضة يقول: إنها مليون دولار! أليس المبلغ رهيبً ا؟!
”هعهعهع، أيها الفتى، قد تبدو صغيرًا لكنك كبير السن في الحقيقة، صحيح؟“
” همم؟ لماذا تقول هذا؟“
”يمكنني معرفة هذا بنظرة واحدة على سحرك وتصرفك الهادئ فالأعراق الشيطانية هكذا، ألا يزعجك مظهرك الصغير؟ لا بد أنك تعرف قيمة المال، صحيح؟“
” فهمت.“
هذا ما سيظنه لأنه لا يعرف شيئا عني، لكنه مصيب في كلامه فعمري الذهني بلغ الأربعين عامًا.
إنه محق تمامًا، تحياّتي لك يا سيد قاطع طريق.
” معك حق ،صرت أعرف قيمة المال بعد بلوغ هذا السن، ناهيك أني نفيت في بلاد غريبة بلا مال.“
”هعهعهع، أرأيت؟“
ومع ذلك كنت أعيش مرتاح البال.
قضيت معيشة انطوائية رغدة لعشرين عام حافلة بألعاب الانترنت والإيروجي، هكذا عشت نصف حياتي.
ومن هذه العيشة تعلمت شيئًا.
يمكنني خيانة السيدة الصغيرة.
أو بدء سيناريو السيدة الصغيرة بمساعدتها في هذا الظرف.
” ومع ذلك وبكل وضوح، ثمّة أمور أهم من المال.“
”كفّ عن قول هذه الكلمات المعسولة!“
” لا أتحدّ ث من فراغ، فالمال لا يشتري الديري!“ )ديري = غرام = Dere | مثال: تسوندري، يانديري(
تباً، أخبرته بخبايا قلبي.
”ديري؟ وما هذا؟“
استغرب الرجل العنيف من كلامي واختفت ابتسامته الغثيثة.
فشلت المفاوضات على ما يبدو، إذ وضع سيفه على عنق السيدة مهددًا.
”معي رهينة، ارم كرة النار من يدك!“
” …… أيمكنني رميها في الهواء؟“
”ارمها، لكن إياك أن ترميها علينا وإلاّ نحرت هذه العاهرة واحتميت بجسدها! لن تسبق سيفي مهما بلغت سرعتك.“
لم يطلب مني تبديدها.
لا، ربما لا يعرف.
الأمر بديهي لمن تعل مّ السحر وطبعا لن يعرف هذه الجزئية من يجهل السحر.
” حسنًا.“
تلاعبت بطاقة كرة النار خِ فية.
ثم أطلقت كرة نار خاصةّ صاحبها صوت غريب.
دوى انفجار هائل في السماء.
”ما!“
”ماذا؟“
” هممممممف؟!“
صوت الانفجار صعق الآذان.
انجذبت أنظارهم إلى السماء وانبهرت أعينهم بوميض الضوء المنبثق بحرارة تحرق الأبدان.
بدأت أركض.
سخّرت سحرين أبرع فيهما.
بيدي اليمنى سحر الهواء ]الموجة الصدمية.[
بيدي اليسرى سحر الأرض ]مدفع الصخر.[
ثم أطلقتهما على الرجلين.
”آآآآآآآآآه!“
أصيب الرجل الذي يحمل السيدة بالموجة الصدمية.
”آي!“
فلتت السيدة من يده فأمسكتها بمهارة وكأني أحمل أميرة.
”تباً! لا تستهن بي!“
رأيت الرجل العنيف يقطع الصخر إلى نصفين.
” ويلي…….“
يا ويلي ويلاه…… فلق الصخرة!
أي فن سيف هذا؟! سأتورطّ لو كان ببراعة باول.
قد لا أستطيع التغلب على خصم مثله.
سخّرت سحر الهواء والنار المزدوج لرمي موجة صدمية بالقرب من قدمي وطرت في الاتجاه المعاكس.
شعرت وكأنّ عظام قدمي تتكسر من شدة قوتها.
ورأيت السيف يقطع المكان الذي كنت فيه قبل لحظة.
كاد السيف يلامس طرف أنفي وتبعه صوت تقطعّ الهواء.
الوضع خطر جدًا.
لكنه ليس بسرعة باول.
إذن يجب أن أركز وأتعامل معه فقد خضت معارك لا تعد ولا تحصى ضد السياّفين في ذهني.
سأتمكن منه إذا طبقّت كل ما تدربت عليه.
أولاً، سألهيه بتعويذة سحرية في الهواء.
قذفت وجه الرجل بكرة نارية بطيئة قليلاً.
”أهذه فقط؟!“
انتبه الرجل لكرة النار واستعدّ لصدها رافعًا سيفه.
في ذات لحظة قطعه لكرة النار، استخدمت سحريْ الماء والأرض لتسخير رمال متحركة عند موضع قدمه.
غاصت ساقه تمامًا في الطين الثخن معيقةً حركته بالرغم من تبديده كرة النار.
”ماذا؟!“
ممتاز، نجحت.
ضمنت الفوز.
العدواّن عاجزان عن الهرب وصرت خارج نطاقهما بغض النظر عن تمكنهما من صد كرات النار.
ناهيك أني أحمل السيدة الصغيرة.
وسيحالفنا النصر فور عثوري على مكان يحتشد فيه الناس أو لعلي أطلب النجدة.
………… بينما كنت أفكر بهذا.
”لن أدعك تهرب!“
فجأة قذف الرجل سيفه.
حينها تذكرت درس باول عن أسلوب قذف السيف في فن إله الشمال إذا جُرحت أقدامهم.
طار السيف نحوي بسرعة فائقة.
شعرت غريزيا أنني عاجز عن تفاديه لا محالة.
أخذ السيف يقترب مني وكأنني في مشهدٍ بطيء.
سيفٌ يستهدف رأسي.
…………………………………… موت.
سيطرت كلمة )الموت( على كامل ذهني في هذه اللحظة العصيبة.
خطف شيء بلون شاي الكرك أمام عيني.
وفي اللحظة ذاتها، سمعت صليل سيف وانكسار مزهرية.
” هاه؟“
لا أرى أمامي سوى ظهر أحدهم.
ظهرٌ عريض.
رفعت رأسي وإذا بي أرى أذني وحش.
إنها غيلين ديدورديا!
” سأتكفّل بالباقي.“
وعلى الفور، استلتّ السيف المعلق على خصرها……… وميضٌ أحمر شطر الهواء.
”……… آه؟“
سقط على الأرض رأس الرجل المدفون في الرمال المتحركة.
رغم أنه بعيدٌ جدًا عنها ويستحيل أن يدركه سيفها.
”مممن أين ظهرتِ ……؟“
في ذات لحظة تحركّ ذيل غيلين، هوى رأسٌ آخر على الأرض.
ماتا.
طب. صوتٌ كهذا ،بلغ الصوت مسامعي من ذاك البعد.
“…………”
أفكاري مشتتة.
تسمّرت عيناي على الجسدين المنهارين اللذين يبعداني ببضعة أمتار.
لم أستوعب ما حدث للتو.
لم يبدُ لي الأمر حقيقياً، ماذا جرى؟ لا أدري.
هاه؟ ماتا؟
جالت هذه الأسئلة في ذهني.
” روديوس ،أهما اثنان فقط؟“
عدت إلى أرض الواقع إثر سؤالها .
” أجل، نعم، شكرًا يا أختاه غيلين.“
” لا حاجة لتقول أختاه، غيلين وحسب.“
استدارت غيلين نحوي وأطرقت رأسها.
” شهدت انفجارًا مفاجئ في السماء فجئت راكضة لتفقّد المكان، وأصاب حدسي كما ترى.“
” سسسريع، تغلبتِ عليهما بسرعة فائقة…….“
لم يستغرق المشهد أكثر من دقيقة منذ تسخيري السحر.
حدث كل شيء بسرعة بالغة جدًا.
” كنت في الجوار ولم أكن سريعة للغاية، يمكن لأيّ مقاتل ديدوردي أن يقتل خصمين مثلهما بلحظة، لكن يا روديوس، أهذه أول مرة تواجه فيها فن إله الشمال؟“
” إنه أول قتال مميت أخوضه.“
” أح قا؟ إذن عليك الحذر فأمثالهم لن يردعهم سوى الموت.“
سوى الموت.
إنها محقة، كنت على شفا حفرة من الموت.
ارتعشت قدماي عندما تذكرت لحظة طيران السيف تجاهي.
اللحظة التي حدثت للتوّ.
” هيا، فلنعُ د.“
لو أني ارتكبت غلطة واحدة لصرت في عداد الموتى.
لم أفكر بهذا من قبل، إنه عالم مختلف؛ عالم سحر وسيف.
ماذا سيحلّ بي إن مت مرةّ أخرى……؟
اقشعر ّ بدني خوفً ا من المجهول.
عندما عدت إلى القصر، خارت قوى السيدة الصغيرة وجلست على الأرض.
انهار جسدها المتوتر بعد أن ذاق طعم الراحة.
أسرعت الخادمات فزعًا إلى السيدة الصغيرة.
لكنها رفضت جميع أياديهن الممتدة لمساعدتها، ثم نهضت مرتعشة كغزال حديث الولادة.
انتصبت ويديها معقودتان تحت صدرها وكأنها تمثال إله الغضب.
يبدو أنها استعادت حيويتها بعد قدومنا إلى المنزل.
دام السكون بين الخادمات بعد رؤية وقفتها الغريبة.
فجأة، وجّهت السيدة الصغيرة إصبعها نحوي وقالت بصوت عالٍ.
” اشترط الوعد وصولنا المنزل وها قد وصلنا! يمكنني التكلم الآن!“
” همم، نعم يمكنك التكلم الآن يا سيدتي الصغيرة.“
شعرت بفشلي بعد أن سمعت صوتها الصارخ.
حادثة كهذه عجزت عن تعليم طفلة عنيفة مغرورة.
خاصةّ بعد أول قتال مميت خضناه، ارتعش جسدي بالكامل عند تذكره.
ربما أدركت السيدة أنني جيد فقط في الكلام وضعيف جدًا في القتال.
” أمنحك حق مناداتي باسمي إيريس!“
باغتني كلام السيدة على حين غرة.
” ماذا؟“
” قلت لك إني أسمح لك مناداتي باسمي!“
……… وهذا يعني؟ أهذه موافقة؟
هل صرت معلمها المنزلي؟
ممممذهل، أهي جادة؟! هل نجحت؟
مرحى!
” شكرًا جزيلاً لك يا سيدتي إيريس!“
” لا حاجة لأن تقول سيدتي! إيريس وحسب!“
إنها تقلد غيلين، كما حافظت على وضعيتها عندما افترشت الأرض.
وهكذا صرت المعلم المنزلي لإيريس بورياس قريرات