"طفلي..... أين طفلي؟"

صوت بدى كما لو كان حالماً بلا وعي ارتفع بين أشعة الشمس.

"إاليا؟ مالأمر؟"

عينا سوليل اللتا كانتا تتسم بلمحة من القساوة احتلتني. سيلفيا, التي أتت بوقت متأخر كثيراً عن الموعد المحدد, كانت قد جلست لتوها على المقعد المعد لها. أومئت برأسها إلى الجانب بحيرة وقامت بمناداتي "أختي الكبرى؟" بينما أبقت جسدها على حافة مرأى نظري. عندما طرفت بجفني مرة واحدة, واتتني ذكري سوليل و سيلفيا وهما يتبادلان الحديث بينما ينظران إلى بعضهما. كلاهما كانا يجلسان جنباً إلى جنب ونظراتهما معلقة ببعض, تذكرت أن هذا جعلني أشعر أنني على حافة البكاء بينما كنت أفكر أنه ولابد أنه غلطة ما. أنا فقط كنت أراقب بينما كانت قدحتا عيني سوليل تعكس صورة سيلفيا وكان هو يبتسم برفق.

ماهذا الذي يحدث؟ ماذا تقول بحق الله؟!

ولأجل أن أنزع هذا الإحساس الذي يعوم عالقاً خلف جفني, وضعت الكوب الذي كنت أمسك به بهدوء على الطاولة. تصادم البورسلين ببعضه أحدث ضجةً كبيرة, وانسكب الشاي الأسود على مفرش الطاولة. حتى لو كانت هذي يدي, لم أستطع أن أتحكم بها كما أريد, أصابعي التي كانت ترتجف لم تمسك إلا هواءً فارغاً. هذا ليس تصرفاً يليق بآنسة, ولكنني لم أهتم بذلك في هذه اللحظة.

"أين طفلي؟ من أخذ طفلي؟"

بدا صوتي بعيداً, كان الحدث الذي تكوّن أمام عينيّ هو سوليل وسيلفيا عندما التقيا في حفلة الشاي. لا, إن هذا خاطئ, انتهى هذا منذ زمن, لقد أنجبتُ طفلاً. طفل سوليل, أتساءل, هل كان صبيّاً أم فتاة؟أيهما كان؟ لكنني متأكدة أنني أنجبت طفلاً. الألم والمعاناة التي مررت بهما حتى الموت, لقد أنعم علي بطفلي أنا وسوليل.

"ماذا تقولين يا إليا؟"

وقف سوليل وأمسك بذراعي, لا! أنا أكره هذا! إنه مؤلم! دعني!

بعد معاناة طويلة أصبحت ذات قيمة أخيراً, اتركني لوحدي! لقد أنجبتُ طفلي بنفسي فقط.

بينما كنت أرمي كلماتٍ غير مفهومة, أبعدت يد سوليل عني وسحبت غطاء الطاولة, باحثةً عن الطفل الذي لم أعرف إسمه حتى. لابد أن الخادمات قمنَ بأخذه, مع أنني أمرتهم ألا يحضروا لي حاضنة, هل قاموا بتجاهل أوامري؟! أم أن والديّ سوليل قد خططوا لهذا مسبقاً وقاموا بأخذه؟

لم أحضن هذا الطفل بعد, لم أستطع أن أرى وجهه حتى.

"أعيدوه إلي, أعيدوا إليّ طفلي!"

فزعةً من صراخي, لم تتحمل سيلفيا ونادتني بصوتٍ عالٍ باستفهام "أختي الكبرى!". بينما كانت تناديني بصوتها الناعم حد المرض, سألتني "ماذا حدث؟" وهي ممسكة بي, ولكن بيديها النحيلتين لم تستطع منعي بينما كنت أقاوم في جنون.

"دعيني! لا تلمسيني!"

مع ذلك, في اللحظة التي رفعت فيها يدي لأصفع وجه سيلفيا, نبهتني غريزتي ألا أضرب أختي الصغيرة. بينما تجمدت يدي في الهواء بمنتصف الطريق, نظرت إليها بتساؤل وتمتمت شفتاي بكلمات:

"أم كان أنتِ؟ هل أنت من أخذ طفلي؟"

"ماذا تقولين....؟

"بينما سرقتِ سوليل مني, قمتِ بسرقة طفلي أيضاً!"

أعيديه إلي, أعيديه إلي, أعيديه إلي! أعيدي إلي كل ماسرقتِه مني!

أمسكت بذراعي سيلفيا بينما كنت أصرخ, ولكن ضعفت قوة أصابعي حينما رأيت وجه سيلفيا يتلوى بألم, هذه المرة كانت ذراعي هي التي تؤلم حين قام سوليل بلفها، هل كانت تلك صرخة سيلفيا, أم صرختي أنا؟

"توقفى عن هذا! إليا!"

أنتِ لم تتزوجي حتى الآن, لم تنجبي أي طفل حتى الآن. لم يسرق أحدٌ منك أي شيء.

الكلمات التحذيرية التي رددها سوليل انسابت إلى مسامعي. في عينيه اللتي لم تحمل أي رغبة في الخناق معي عادةً, اتضح فيها لون الإزدراء الذي أعرفه جيداً. أنا متأكدة أنني رأيت لوهلة لمحة الكره في نظرته.

"أعد إلي طفلي! طفلي! هذا الطفل لي !"

بينما كنت أصرخ بلا مبالاة لمظهري, في مكانٍ ما في أعماق قلبي, جزء مني تمتم بهدوء.

لقد ماتت إليا.

وبعد ذلك, بدأ كل شيءٍ مرةً أخرى.

".. هذا ليس صحيحاً! مختلف.. إنه مختلف! إنه خاطئ! هذا ليس هو!"

"...إليا"

ذراعي التي كانت مقيدة أصدرت صوت تهشم, لازلت أذكر هذه الإيمائة الخالية من العفو. لكي يُسكت هذا الفم الذي لم يتوقف عن الصراخ, قام سوليل بلف يده حول رقبتي, حتى لو يقم بالضغط عليها لقد كان هذا الفعل كافياً ليقتل كل صوتٍ يصدر مني.

"لا, أنا أكره هذا, لقد اكتفيت! لا أستطيع, شخصٌ ما.. أي أحد..."

لم يستطع صوتي تشكيل الكلمات التي أردت النطق بها, "أنقذوني". إنه كذلك اليوم المشؤوم تماماً, قامت عبرتي بابتلاع هذه الكلمة. هكذا هو الحال دائماً, لقد كنت أصرخ من أعماق قلبي, أنقذوني, فليساعدني أحد, أنقذوني من هنا. ولكن هذا الصوت لم يصل إلى أي أحد أبداً.

آه هذا صحيح, هكذا كان الأمر.

لهذا السبب مِتُّ أنا.. كلماتي لم تصل إلى أي أحد.

أفكاري ومشاعري كانت محطمةً بالكامل, بدون أن أحمل طفلي بين ذراعيّ, بدون أن أعطيه إسماً, منبوذة من الشخص الذي أحببت, لوحدي, بدون أي شخصٍ بجانبي مِت.

أصدر صوتي صرخة مفزعة عندما ابتلعت أنفاسي, وغمر حفلة الشاي التي كانت غارقة في الصمت بدون أن ألاحظ ذلك. سوليل كان لازال ممسكاً بيدي ينظر إلي عندما توقفت عن الحراك فجأة.

" هنا.... لماذا بحق الله..؟"

كان من المفترض أن تكون النهاية, كان من المفترض أنني أنهيت كل شيء, ولكن, لماذا.

لماذا لازلت واقفة هنا؟

أنا أتذكر لون السماء, وإحساس العشب الرقيق تحت قدمي, والورود كاملة النمو أيضاً. النقوش التي على غطاء الطاولة, والشاي, والكعك المعد بعناية. هيئة الشخص الذي كان واقفاً بقرب سوليل, أختي الصغيرة الحبيبة التي أتت متأخرة, لازلت أذكر هذا أيضاً. كانت عيناي تحرقان هذا المنظر بداخل ذاكرتي, هذه هي "حفلة الشاي" تلك, نقطة البداية, وأيضاً, النقطة التي أعلنت نهايتي.

"لماذا...لماذا؟"

هذه الأحداث التي لم تكن مختلفة ولو قليلاً عما أتذكره, أن يكون هذا حلما ربما, كان أملاً واهياً ليس أكثر. تهيؤات تراها على حافة الموت, ربما كان حلماً ولكن, قلبي الذي كان يخفق بقوة أعادني بعنف إلى حقيقة أنني موجودة هنا. في اللحظة التي أدركت فيها هذا, انخفضت حرارة جسمي, حتى أنا كنت أعلم أن لوني بهت كما لو كنت شبحاً.

"إليا..؟"

صوت سوليل المليئ بالحيرة قام بمناداتي, متى كان ذلك؟ حين كنت أعتقد أن مناداته لإسمي كان شيئاً محبباً.

"أختي الكبرى..؟"

أتساؤل منذ متى لم يعد باستطاعتي النظر إلى عيني أختي البنفسجيتين اللتين كانتا دائماً ماتنظران إلى بإعجاب. إن ذكرياتي وأفكاري اليائسة كانا يحاولان أن يسرقا وعيي مني.

ترنّح جسدي ثم سقطت بقوة.

في تلك اللحظة, حارسي الذي كان هنا منذ من يعلم متى أمسك بي بين ذراعيه قائلاً "أعتذر عن وقاحتي".

سوليل الذي كان أقرب إلي لم يدعمني وأفلنت ذراعي التي كان ممسكاً بها. قال حارسي بنبرة لم تتغير عن العادة ولاينقصها أي هدوء " حيث إن آنستي لاتشعر أنها بخير, أرجو السماح لها بالإنصراف أولاً" بدى هذا الصوت بعيداً جداً كما لو كنت أسمعه وأنا أغرق في أعماق البحر.

سوليل وسيلفيا كلاهما كانا يراقبنني وأنا أغادر مقعدي.

حتى في حالتي التي كان فيها نظري يرتعش فيها بضعف, وشرادة ذهني, بقيت أردد بهدوء "أعيدوا إلي طفلي" فكرت أنه يجب على أن أتوقف عن هذا, ولكن شفتاي كانتا تتحركان من تلقاء نفسيهما. يدُ حارسي التي كانت تدعمني لم تتوقف عن ربت ظهري بلطف لتهدئتي, لقد كان هذا حقيقي بلا شك, لكنني لم أستطع استيعاب ذلك.

لم أستطع أن أحجب منظر حفلة الشاي الذي كان يختفي بعيداً, منظر سوليل وهو يطمئن سيلفيا التي كانت شاردة بلا حراك. كان ذلك سيكون ممكناً لو رمشت بعيني مرة واحدة, فقط إسدال جفني سيكون كافياً, ولكنني لم أستطع ذلك. الشخصان اللذان كانا بقرب بعضهما, وظلالهما متشابكان, لقد رأيت هذا المنظر مراتٍ عديدة, وفي كل مرة حُرق هذا المشهد في عينيّ.

"آل... أين كنت حتى الآن؟"

اتسعت عيناي فجأة عندما تمتمت بهذا, فأجابني بلا لمحة تردد.

"لقد كنت دائماً بجانبك"

"لا, لم تكن كذلك. لقد قمتُ بمناداتك"

"إذا قامت آنستي بمناداتي, سآتي راكضاً حتى لو من نهاية الجانب الآخر للعالم"

"لا, لم تأتي. إنك لم تأتِ, لقد كنتُ وحيدة, أنجبتُ طفلي لوحدي, ومِتُّ وحيدة"

"..آنستي"

"لم يكن أحدٌ هنا, بجانبي, لم يكن هنا أحد!"

"آنستي, في كل الأوقات, أنا بجانبك"

"لا, لا!"

لقد فهمت أن حارسي كان يواكب إجاباته مع كلماتي, مع أنها كانت كلماتٍ بلا معنى, لقد استمر بإجابتي بدون أي رأي آخر, بدون أن يتجاهلني. كان عقلي يستطيع استيعاب ذلك, ولكن, كان فمي يقول كلماتٍ من تلقاء نفسه مختلفة عما كنت أفكر فيه, لقد كان إحساساً كما لو كان قلبي ولحمي منفصلين عن بعضهما. آه.. لقد أصبت بالجنون, كانت هذه هي النتيجة التي انتهى بها الجزء الذي لازال واعياً من عقلي.

"ولكن, هذا سيء, آل.. لا يمكنك أن تكون بجانبيّ"

"لماذا لايمكنني ذلك؟"

"لأن, لأنك.."

"سوف تموت إذا بقيت بجانبي" حاولت قول ذلك, ولكن نفسي من الماضي أوقفتني. "أنا إنسانة كان من المفترض أنها قد خسرت حياتها" حذرني هذا الصوت أنه شيءٌ لايمكن أن يقال, لو سمع شيئاً مفزعاً كقولي " ربما تموت", حارسي الجديُّ الطيب سيقلق بهذا الشأن بلا شك. بعد ذلك, بدل أن يبعد نفسه عني, سوف يبقى بقربي أكثر من ذي قبل.

"لو كنت أنا في خطر, فهذا يعني أنا آنستي ستكون في خطر أعظم" إنه من النوع الذي سيفكر هكذا, رجل فوق كل شيء, يفخر بحمل سيفه كي يحمي شخصاً آخر. لهذا السبب في حياتي الأولى, لم يستطع تجنب سحبه في مصيبة سيدته.

"آنستي..."

"مرة أخرى, لقد بدأ مرة أخرى. أنا .. مرّة.."

مرة أخرى, لازل أحب ذلك الشخص, مع أن خطوات حارسي التي كانت متوجهة نحو القصر تتسارع باستمرار, في الحديقة المفتوحة لم يكن هناك مايحجب عني منظر حفلة الشاي. بالرغم من حقيقة أنني كنت أبتعد عن المكان, لقد رأيت يد سوليل مرفوعة في الهواء كي تلامس سيلفيا. مع أنه كان مشهداً قد اعتدت على رؤيته, لكن في كل مره كان قلبي يعتصر ألماً.

"لابد أن آنستي منهكة, لو ارتحت في غرفتك قد تشعرين بتحسن"

أصبح صوت آل بعيداً, بينما أجبته "هذا صحيح, بما أنك أنت من قال هذا, سأصبح بحالٍ أفضل" وكأنها كانت مشكلة شخصٍ آخر. كنت أعلم أن اللحظة التي سأكون فيها بخير لن تأتي أبداً. لايهم كم من الثقة تستلهم من القول "المرة الثالثة هي التي سيكون كل شيء فيها بخير" لن يحدث ذلك أبداً. في حياتي السابقة, والتي بعدها أيضاً, كانت أكثر من كافية لتحطيمي.

"لكن, إذا لم تكن جيدة... إذاً..؟"

ارتعش صوتي المتمتم على العشب.

"آل."

"...."

حارسي الذي لم يعد يريد أن يجيبني أبعد شعري الذي كان يغطي وجهي برفق, عندما رفعت بصري كي أرى وجهه, كانت تغطيه لمحة من الحزن العميق.

"آل, آل, أرجوك"

"مالأمر..؟"

"إذا قلت بأنني, إذا قلت بأنني سلفاً لستُ بخير.. قلبي, حطّمه"

"آنستي."

"حتى لا أشعر بأي شيء مرةً أخرى"

لكي لا, أبداً بعد الآن, يتحطم من أي شخصٍ آخر"

"شيء فظيع كهذا... لايمكنني فعله"

لا أستطيع فعل هذا, أبداً. صوت مرافقي الذي تمتم بهذا أصبح مبحوحاً. تماماً مثل ذلك اليوم, اليوم الذي أخبرني فيه أنه سيأخذني كي نهرب معاً.

**

حياتي التي بدأت بهذا الشكل كانت دائماً مدفونة بالتساؤلات.

أنا التي أظهرت فعلاً غير راقي في حفلة الشاي في حياتي الأولى, تم توبيخي من قبل والدي وأصبحت حبيسة المنزل في غرفتي. بينما كنت أشعر بالديجافو حينما كان والداي ينظران إلي ببرود وخيبة أمل, سجينة في غرفتي, قضيت وقتتي ببساطة أستجمع فيه ذركياتي. في الحين الذي كنت أحاول أن أقنع نفسي فيه أن هذه الحياة حقيقية, بدت ذكرياتي من حياتي الأولى والثانية كالحلم, ووثقت في رأسي الأشياء التي علي فعلها.

وبعد ذلك, بعذ مضيِّ أسبوع كامل, عادت الأشياء إلى ما كانت عليه سابقاً. لا, على أن أعترف أنني نجحت في تمثيل شخصيتي التي كانت قبل ذلك. على السطح, لعبت دور إليا المعتاد, لعبت دور خطيبة سوليل وأخت سيلفيا الكبرى.

"أعتذر عن الفوضى التي سببتها في حفلة الشاي, أنا ممتنة لطيبتكم التي سمحت لي بالتكفير عن غلطتي"

انسابت هذه الكلمات مني بدون أن أبذل أي جهد يذكر, كان هذا نتيجة الخبرة التي اكتسبتها من حيواتي السابقة, ولكنني أعتقدت فعلاً أنني قمت بعمل جيد.

... على السطح على الأقل.

مثلاً, حين أكون وحيدة في الليل أو عندما أكون بعيدة عن نظر الناس, يتغير هذا فجأة.

"انت.. انت قتلت سيلفيا أليس كذلك؟"

حيواتي السابقة أعيد إنعاشها بداخل عقلي, متداخلة معاً, فحين أكون في ظلمة معتمة بلا أي ضوء, أتذكر ذلك السجن الضيق, يبدأ جسدي بالارتجاف وأتكوّم حول نفسي غير قادرة على الحراك. الأصوات التي أسمعها من بعيد هي أصوات السجناء غارقة بالجنون. إنها صرخاتهم حين يتوسلون للخروج من هذا المكان بينما يهزون القضبان الحديدية بقوة. فجأة, من القدم حتى الرأس, كل شيء كان يختفي.لاحظت أنه لايصدر أي صوت حين أحاول أن أصرخ, حتى صوت ابتلاع الريق المثير للشفقة كان يختفي في الظلام.

حين أعتقد أنها النهاية أخيراً , يتردد صدى صوت بكاء طفلٍ حديث الولادة من مكانً ما.

حتى لو رفعت صوتي, حتى لو صرخت, حتى لو قمت بالزئير بغضب, لايهم ما أقوم به, صوت بكاء الطفل لايفارق أذني. إنه بلا شك, بالتأكيد, صوت طفلي الذي خسرته. لابد أن ذاك الطفل قد كبر جيداً, ولكن, في اللحظة التي مت فيها, كنت قد فارقته للأبد. لايهم كم مرة أكرر فيها حياتي, لقائي بذلك الطفل الذي أنجبته لن يحدث مرة أخرى أبداً.

حبيبي, طفلي العزيز المحبوب, ولكنني لا أذكر وجهه حتى, لايهم كم كان وجوده مرغوباً, ثميناً محبوباً, وأمنيتي الشديدة لإمساك يد ذلك الطفل الصغير, لن تحقق تلك الأمنية أبداً.

ولكن في بعض الأحيان في أحلامي, أو في العالم الروحي, أنا أحمل طفلي بين ذراعيّ, أو ربما كنت فقط أمثل أنني أحمله.

أنا محطمة, في مكان ما في عقلي أنا واعية لهذا, ولكن كل شيء ليس محطماً, لكن كنت عاقلة بما يكفي لأدرك حقيقة أنني محطمة.

"هذا صحيح, انتِ عاقلة, مقارنةً بي, إنك عاقلة بشكلٍ يتعدى الحدود"

وبعد ذلك, مع تقلبي المستمر بين الواقع والحلم أتى ذلك الشيء إلى جانبي, لقد دخل من نافذة الغرفة. في البداية كان بصورة طائر بريش أسود, وحجمه أكبر بعض الشيء من حجم الطائر الصغير الذي نراه عادةً في الصباح الباكر. لقد كان كائناً يبدو كما لو أنه سيذوب في الظلام لو لم تمعن النظر فيه. في البداية, كان يحلق بلا صوت تحت السماء المظلمة, لا أعلم هل كان له وجهة يقصدها أم لا, ولكن بدون أن أعلم كان قد دخل إلى غرفتي بتهور وبلا دعوة.

قبل مضي وقت طويل, بدأ هذا الكائن يمشي على الأرض بدل أن يحلق, وفجأة في أحد الأيام بدأ يتكلم كالإنسان.

"ماهو اسمك؟ أيتها الأميرة المسجونة؟"

بدا صوته كصوت ولدٍ يافع.

"أيتها الأميرة, هل تعرفين اسمي؟"

"اسمي هو كراو"

مال الغراب برأسه قليلاً وعيناه الصفراوان تنظران إلي.

"طائر نذير الشؤم".

2021/11/15 · 571 مشاهدة · 2212 كلمة
Sou1993
نادي الروايات - 2024