منذ عشر سنوات

في حادثة هي الأغرب من نوعها، انتقل شاب إلى الريف لمعاينة المنزل الذي تركه له جده المتوفي، ليكتشف أن قبو المنزل قد تم استخدامه كمختبر لصنع الألعاب

السيرفر الموجود في هذا القبو المهجور و المعزول عن شبكة الأنترنت و عن أي شبكة محلية، احتوى على منصة عالم إفتراضي و بدى و كأن أحد الهواة كان يصنع لعبة ما ثم تخلى عن الأمر .

لكن ما اكتشفه الشاب بعد معاينته اللعبة أنها لم تكن إطلاقا من عمل شخص هاو، كخريج من معهد التكنولجيا و خبير في البرمجة أدرك مباشرة أن اللعبة التي أمامه تعتبر عملا فنيا و إحترافيا لم يسبق أن سمع به

فخوذة ألعاب العالم الإفتراضي الحديثة لها القدرة على استغلال الحواس الخمسة لأبعد حد مما يعطي اللاعب تجربة فريدة.

بالرغم من ذلك علم البرمجيات كان محدودا، و لم يستطيعوا خلق برنامج لتمييز كل الروائح و الأذواق، بالكاد كان اللاعبين قادرين على الإحساس بالطعم الحلو ، المر و الحار ، أما الروائح فاقتصرت على رائحة عطرة و أخرى كريهة

لكن برنامج هذه اللعبة كانت قد تخطى الأمر و بمراحل مما يعطيك إحساسا بالواقعية لدرجة رهيبة ، لسانك يمكنه التعرف على أي نكهة حتى التي لم يسبق لك أن تذوقتها، و أنفك قادر على تمييز كل العطور و الروائح.

كما يقال لكل مبرمج بصمته الخاصة و هذه الإحترافية كانت بصمة أسطورة لا تتكر،إنها بصمة المخترع و المبرج الفذ صانع العالم الإفتراضي جون ويلكر.

------------------

الأعمال في شركة الألعاب الإفتراضية تجري على قدم وساق، تحضيرا لإطلاق اللعبة التثقيفية و الترفيهية المعروفة بإسم فرصة ثانية، بعد أن تم إكتشاف السيرفر تولت شركة (تيكو)التي كانت ترعى أعمال جون ويلكر بإعلان حق ملكيتها للعبة.

" ألا تعتقد أن شركة (تيكو) تبالغ في الإشهار للعبتها الجديدة ، صحيح أنها أكثر لعبة واقعية تم صنعها لكن من ناحية تصنيف اللعبة فلن تلقى إقبالا كبيرا بين الشباب، ما رأيك ؟"

فتاة من التقنيين في شركة ( تيكو) سألت رفيقها مشككتا في أن تمتلك لعبة تثقيفية فرصة أمام ألعاب الأكشن و المغامرة الرائدة حاليا

" أتعرفين آنستي ما هو الكتاب الموجود في كل منزل، بالرغم من أنه من النادر استخدامه...............إنه القاموس، هذه اللعبة ستكون هي قاموس العالم الإفتراضي، في كل مرة يرغب فيها أحد أن يسافر للسياحة، أن يتعلم لغة جديدة ، أو يتذوق طعاما لم يسمع به من قبل، فسيدخل إلى عالم فرصة ثانية ليحقق رغبته

الواقعية الغير مسبوقة في هذه اللعبة كفيلة وحدها ، لجلب ملايين اللاعبين في العالم لتجربتها، و مئات المبرمجين الذين يريدون تطوير ألعابهم"

أومأت الفتاة مقتنعتا بكلام رئيسها، لكن ذلك لم يكن سؤالها الفعلي، بل كان فقط محاولة منها لفتح مجال الحوار، بالرغم من عدم وجود أي نقص في الكفاءات ، إلا أن الشركة بتعيين فريق خاص من نخبة المبرمجين لإطلاق هذه اللعبة، و الغريب في الأمر أن هؤلاء النخبة لحد الساعة لم يتواصلوا معهم، و عزلوا أنفسهم في الطابق السفلي

الفتاة راحت و قد غلبها الفضول

" سيدي، ما هي مهام الفريق الخاص بالضبط، و لماذا كل هذا الغموض و السرية في عملهم"

" لا فكرة لدي، و من الأفضل أن لا تنبشي حول المسألة "

التفتت الفتاة يمينا و شمالا لتتأكد أن لا أحد يراها ثم همست قائلة

" لقد رأيت شخصا ضخما يخرج من الطابق السفلي، قبل أن يختفي في الظلام كالشبح...............أتعتقد أنه جاسوس"

رئيسها لم يرد على كلامها و اكتفى برمقها بنظرات ذات مغزى، فانسحبت و هي تمتم

" أعرف ، أعرف سأعود لعملي، لكن تذكر ما أخبرتك به عن الجاسوس الشبح"

------------------

كان الطابق السفلي مزودا بأحدث الأجهزة و أفضلها على الإطلاق، حتى شخص عادي بلا خبرة في مجال التكنولوجيا بمقدوره أن يخمن الثروة التي تم صرفها لتجهيز هذا الطابق

" هل كل شيء جاهز؟ "

رجل أنيق ببذلة رسمية سوداء و ربطة عنق حمراء سأل بصوت عميق

"أجل سيدي كل شيء جاهز، لكن هل هذه فعلا مجرد لعبة، نظام الحماية الخاص بها خارق للعادة "

انحنت شفاه صاحب البذلة السوداء لترسم على وجهه إبتسامة عريضة

"بالطبع هو ليس برنامجا عاديا، إنها آخر أعمال الأسطوة جون ويلكر، ألاف المبرمجين و الهاكرز من كل أنحاء العالم ينتظرون بشوق للتحدي الأعظم و محاولة إختراقه "

فجأة تغير الأجواء ، ملامح صاحب البذلة أصبحت مخيفة و سوداوية

" كل حدث غير مألوف يجري في اللعبة، كل محادثات الشات عن ظواهر غريبة في اللعبة، مهما كان الأمر غير منطقي و بعيد الإحتمال فعليكم تسجيله و التأكد من صحته، و بالنسبة لنظام الحماية فلا يهمني كم سنة سيستغرق الأمر ، يوما ما سينجح أحد ما في تجاوز الجدار الذي أنشأه ويلكر، و عندها حلم البشرية الأزلي سيتحقق أخيرا........."

ما لم يدركه الفريق الخاص من المبرمجين الذين كانوا متسمرين أمام شاشات الكمبيوتر و مستمرين في النقر على ألواح الكيبورد خاصتهم، أن هناك منزرع كاميرات مراقبة في كل ركن بالمكان و هو الآن يراقبهم و يشاهد كل ما يفعلونه خطوة خطوة.

" سيدي تأكد بأني سأفي بوعدي و أعثر عليها قبلهم"

صوت أجش همس لنفسه في الظلام و هو يحدق لصورة مرسومة باليد لفتاة مع أذان ثعلب.

2018/10/21 · 733 مشاهدة · 785 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024