"آه، آسف، آسف"

دون حتى أن يرتبك المالك أو يبدي أي ردة فعل تجاه كلام سيرس قام فقط بالتأسف عما بدر منه سابقا، ليكمل كلامه:
"لكنني، أقول الحقيقة فقط."

أجابه سيرس بعد أن عقد حاجبيه: "ماذا تعني؟"

انتهى صاحب المحل من صنع الشاي ووضعه على الطاولة قرب يدي سيرس، وأكمل كلامه بعد أن جلس قبالته: "دعني أحكي لك قصة."

قام بفرك شعره المجعد وإعتدلت جلسته وتنهد قبل أن يكمل كلامه:

"عندما كنت صغيرا، كنت أعيش في هذه القرية مع عائلتي المتواضعة، مكونة من زوجة وزوج وأخي وأنا طبعا، كانت القرية آنذاك مسالمة كباقي القرى المتوسطة الحجم، وبسبب صغر القرية تستطيع معرفة سكانها جميعا، يمكنك حتى عدهم. كلما حدث شيئا ما كنا نتعاون على حله جميعا. كانت القرية مثالية. لدرجة أنه قليلا ما يموت شخص ما موتة غير طبيعية. لكن هل تعلم لما؟ لما كانت القرية مسالمة لتلك الدرجة؟"

صمت قليلا قبل أن يكمل كلامه: "كنا نقوم بتضحية للإله كل سنة... كنا نقوم بوضع طفل صغير كقربان أثناء مراسم يقوم بها سكان القرية بطريقة معينة مع بعض الطقوس. يتم إختيار الطفل على حسب مواصفات محددة... وهكذا كنا نعيش بسلام."

قام سيرس بإطلاق تنهيدة بعد أن أرجع ظهره للوراء ليقول: "وما دخل هذا الأمر بسؤالي؟"

وقف صاحب المحل وقام بأخد بعض الكؤوس الموضوعة قرب الطاولة وبدء بمسحها بقطعة ممزقة من الثوب ليكمل كلامه: "ذات يوم إنتقلت عائلة صغيرة مكونة من زوج وزوجة في منتصف الثلاثينات تقريبا إلى القرية، ورحب بهم بعطف وتم إعطائهم منزل خشبي مات مالكه وأصبح فارغا. مرت الأيام وولدت الزوجة فتاة، لكن لسوء الحظ ماتت الزوجة أثناء الولادة، وهذا أمر لم يحدث سابقا في القرية."

إنتهى من مسح الكأس الأول ووضعه في مكان بعيد عن باقي الكؤوس وحمل كأس آخر ليبدأ بمسحه كسابقه وأكمل كلامه قائلا: "إجتمع السكان وخرجوا بقرار تقديم الطفل كقربان حتى تحل اللعنة، لكن الوالد رفض كونه الذكرى الوحيدة لزوجته، إنزعج البعض والباقي لم ينزعج بسبب تعاطفهم معه. مرت السنوات وكبرت الفتاة، وتغير الزمن، لم يعد سكان القرية يقوموا بتقديم قرابين للإله، وهذا لم يؤثر على سير العيش بل لم يتغير أي شيء بالرغم من ذلك. تزوجت الفتاة ومرت الأيام لتلد طفل، لكن توفيت هي الأخرى، وهذا أمر غير طبيعي بالمرة، كيف لفتاة توفيت والدتها أثناء ولادتها وتوفيت هي أيضا أثناء عملية الولادة، يبدوا أنها لعنة ما، هناك من قال إن الإله يعاقبنا بسبب عدم إعطاء قرابين مثل السابق، وهناك من قال إن المشكلة في العائلة التي انتقلت، تغيرت أوضاع القرية، إنتشرت بعض الأوبئة، والمحاصيل لم تعطي ثمارها كالسابق، والواضح أن العائلة هي السبب. إجتمعوا سكان القرية وقرروا قتل الطفل لكن الوالد أيضا رفض، مرت الأيام وكل مصيبة وقعت كان سببها الطفل."

فجأة صرخ سيرس بعد أن ضرب الطاولة بكفه بقوة: "هراء، أنا لا أريد سماع أي من هذا، أنا لدي سؤال واحد، ما علاقة هذا بكيكيمورا."

تنهد صاحب المحل ليكمل كلامه: "إنتظر، إنتظر، دعني أكمل كلامي لتفهم، فجأة يوما ما توفي والد الطفل أيضا، ولم يستطع الطفل تحمل موت والده وإساءة القرية له وإنتحر مع جثة والده بحرق بيته."

وضع المنديل على الطاولة وأكمل كلامه بعد أن رفع رأسه إتجاه سيرس الذي يبدوا متوترا والعرق يملئ وجهه: "هذا الطفل هو كيكيمورا."

ضرب سيرس تانية بيديه الطاولة صارخا: "هراء..."

كان سيرس متأكدا أن والدة كيكيمورا وجدّته توفيا بسبب لعنته، لم يكن متأكدا في الأول لكن الآن أصبح الأمر واضحا أمامه، عانى كيكيمورا في صغره بسبب لعنة سيرس وبسبب غضبه على عشيرة الظلام، لو حينها وجد حل آخر من غير إبادتها أو وضع اللعنة، لما عانت جدة ووالدة كيكيمورا ولا كيكيمورا نفسه. تنهد سيرس بداخله وأصدر تنهيدة في قلبه المتحسر على أفعاله.

"أين هو منزل كيكيمورا المحترق؟"

قام صاحب المحل بإخباره مكان المنزل، ليسأله: "كيف لك أن تعرف كيكيمورا؟ فحسب علمي لم يخرج قط من القرية."

وضع سيرس بعض المال على الطاولة ووقف سائرا نحو مخرج المحل دون أن يجيب.

---------------------------------------------------

توجهت الفتاة الشيطانية مسرعة صوب مصدر الإنفجار التي سمعته سابقا.

وفور وصولها تفاجأت بهول المنظر، رجلان في أواخر العشرينات واحد مرمي على الحائط مليء بدمه، وآخر مرمي على الأرض فاقد لوعيه.

"ما الذي حدث هنا؟"

رفعت رأسها لترى كيكيمورا واقف أمام شخص مرمي على الأرض والواضح أنه يتألم.

إقتربت منه بسرعة لترى ماذا يحدث لتتفاجأ برؤيتها إبن رئيس طائفة الشرق يسعل ووجه أحمر.

بالمقابل كيكيمورا لم يصبه أي مكروه.

"م-ماذا حدث هنا؟" سألت الفتاة كيكمورا ليجبها قائلا:

"لا شيء."

"لا شيء؟ هل هذا لا شيء؟"

إلتفت لها كيكيمورا بعد أن عقد حاجبيه: "وما دخلك أنتِ؟"

"ه-ه-هذا..."

فجأة نزل شيطان ما على الأرض كأنه سقط من السماء راكعا أمام كيكيموا كأنه سيده.

لقد كان سيدار، الشخص الذي أرسله العجوز الشيطاني للبحث عن كيكمورا.

"سيدي الصغير كيكيمورا، سيدي يبحث عنك."

إلتفت إليه كيكيمورا ليسأله:

"ومن أنت؟"

وقف سيدار ورأسه ومازال محنيا ويده اليمنى مازالت على صدره قائلا: "إسمي سيدار وأنا خادم السيد الذي سيتكلف بك، ذلك الذي إلتقيته سابقا على البوابة."

"آآه، ذلك العجوز."

"أرجوا منك أن تتبعني." وإلتفت خلفه مستعدا للذهاب.

قام كيكيمورا بالإستعداد للذهاب لتوقفه الفتاة.

"إنتظر، أريد أن أسألك شيئا ما."

"لا تقلقي سنلتقي في المسابقة" وقام بغمزها بعينه اليسرى ليختفي متزامنا مع إختفاء سيدار.

أصدرت الفتاة تنهيدة بعد أن أدارت وجهها صوب إبن الرئيس.

"يا له من شخص متهور."

2017/06/02 · 623 مشاهدة · 815 كلمة
Alae_Essaki
نادي الروايات - 2024