44 - الغابة المنسية (2)


كانت الكلمات مكتوبة بحبر أسود غامق اللون، كتب عنوان كبير في أعلى الورقة وأسفله بضع سطور بخط أصغر من العنوان نسبيا.
"الغابة المنسية..." ردد كيكيمورا العنوان المكتوب على الورقة بصوت خافت كأنه يتأمل في العنوان.
قلب الورقة للجهة الأخرى ليجد خريطة بسيطة الشكل تبدأ من أسفل الورقة إلى أعلاها نهاية بعلامة تدل على أنها نهاية الغابة. وفي جانب الخط رسمت رموز لأشجار دالة على أنه مازال داخل الغابة.


رجع كيكيمورا للجهة السابقة مكملا قراءة أسفل العنوان بصوت يصعب سمعه.


"الغابة المنسية، غابة الانتحار، شي نو موري، أسماء لا نهائية أطلقت على هذه الغابة، لكن جميع الأسماء لها مضمون مشترك، ألا وهو الموت."


توقف كيكيمورا عن القراءة لعدة ثواني حتى يبلع ريقه، ثم أكمل:
"الغابة المنسية أو شي نو موري لها تاريخ عريق، لا يمكنك ذكر أي تاريخ إلا وكانت الغابة موجودة فيه.
عدة أساطير نشرت عن هذه الغابة، هناك من يقول ان الشياطين الأوائل عاشوا هنا في هذه الغابة، وهناك من يقول ان كل روح شيطان فعل أشياء شنيعة في حياته تذهب لهذه الغابة لتتعذب للأبد.


أصبحت الغابة كيان يخافه الجميع، ولاستغلال الغابة بشكل كلي، قررت الطوائف فيما بينها في أحد الأيام، إرسال أي شخص محكوم عليه بالإعدام سواء شيطان أو إنسان، جني، أو تنين، كيفما كانت جنسيته إلى هذه الغابة، وتركه هناك.


سميت بالغابة المنسية لأن كل من دخل هناك لا يخرج حتى يتم نسيانه بسبب طول المدة التي بقي فيها داخل الغابة، هذا إذا ما بقي على قيد الحياة."


'على قيد الحياة...' كانت هذه آخر جملة على الورقة متبوعة بثلاث نقاط، وكان لها صدى مليء بالشؤم.
قلب كيكيمورا ذوا التسع سنوات لا يستطيع تحمل مثل هذا الضغط.
"إذن أنا في غابة مليئة بالمجرمين المحكوم عليهم بالإعدام، ولا أستطيع الخروج من هنا على قيد الحياة بسهولة..."
"لكن هناك شيء لم أفهمه، لما سميت بغابة الانتحار؟ ..."


لم يهتم كيكيمورا بالتفاصيل كثيرا لذلك، وضع الورقة في محفظته الحمراء المحزمة على خصره، واتكأ على شجرة خلفه مسترخيا في إنتظار الأرنب حتى يطبخ.


لم يشغل كيكيمورا نفسه بمذاق الأرنب حاليا بسبب الخطر المحيط به، وإكتفى فقط بشويه.
هو بطبيعة الحال يجيد الطبخ، فسيرس علمه الطبخ أيضا، ليس لأن التدريب يشمله، وليس لأن تعلم الطبخ ضروري لتصبح أقوى، بل الضرورة أحكمت ذلك، فطعام ماهيرا يمكن القول أنه، غير صالح للرمي حتى، فإذا رميته يمكنه أن يؤثر سلبا عن المكان الذي رميته فيه، هو إساءة لكلام طعام، هو حتى إكتسب مهارة ضد السموم بسبب طعامها، لذلك اضطر كيكيمورا لتعلم الطبخ حتى يطبخ سرا للأكل.
مهارته ليست جيدة جدا، كما أنها ليست سيئة، يمكن القول على أنها مقبولة، لكن طعام سيرس لا يقل سوءا عن طعام ماهيرا، يمكنك القول على أنه في مستوى آخر من السوء لم تصل ماهيرا إليه بعد، لذلك أرغم سيرس كيكيمورا على تعلم الطبخ حتى يطبخ له بما أنه لا يجيد الطبخ ولم يستكع تعلمه حتى لو حاول.
وبطبيعة الحال ورثت ماهيرا مهارتها في الطبخ من سيرس وربما ستصل لمستوى سوء طبخ سيرس يوما ما.


"آآآخ." فجأة إقشعر بدن كيكيمورا عندما تذكر طعام ماكيرا.


--------------------------------------------------------------------


وصل أخيرا دور كارديس بعدما مر سيرس على الجميع تاركهم في ألم وضيق لا يوصف، بالرغم من أنهم أبرياء وكانت إجابتهم النفي، إلا أنهم مروا من تجربة سيئة لن ينسوها طول حياتهم.


بلع كارديس ريقه وإعتدلت جلسته عندما قرب سيرس يده من رأسه وأصبح أكثر توترا.


(إذا ما كانت هذه القدرة حقيقية سألقى حتفي حتما) كانت هذه هي الفكرة الوحيدة التي تجوب بخاطره الآن، إلا أنه لم يبدي أي تعبير يدل على أنه يفكر في ذلك، في المقابل بقيت تعابيره تابثة وواثقة.


لكنها تغيرت، تغيرت في اللحظة التي وضع سيرس يده على رأس كارديس لتتحول إلى تعابير ألم ومعاناة.
أصبح لون وجهه أحمر كما لو أنه سيسحق، وضاقت أنفاسه كما لو أنها ستنقطع، جسده بدأ بالإرتجاف، بينما تعابيره تغيرت كما لو أنه أصبح عجوز.


"هل أنت المتسبب في الحوادث"


نزلت كلمات سيرس على كارديس كالجبل، كان في أعماق قلبه يريد أن يجيب بنعم، وبدون حتى أن يرغب بذلك، كما لو أن جسده يرغمه على الإعتراف حتى ينتهي من هذا العذاب، ألم أكثر من ألم الموت، ضغط لم يشعر به يوما.


"ل- ل-لا"


كانت كلماته بالرغم من أنها متقطعة، إلا أنها شكلت كلمة أخيرا، ألا وهي النفي.
في المقابل لم تتغير تعابير سيرس، كما لو أنه توقع ذلك.


رفع سيرس من هالته حتى إندفع الأشخاص الجالسين بقرب كارديس، وطارت المائدة التي تجمعوا عليها.


إندفع الجميع نحو الحائط في المقابل بقي سيرس واقف وهو واضع يده على رأس كارديس المتألم وسط الغرفة.


كان الجميع مصدوم مما يحدث، هذه القوة، وهذه الهالة ليست لشخص طبيعي، يبدوا كما لو أنها تتساوى مع هالة العجوز الذي لم ينهض من مكانه وبقي جالس بما أنه لم يتأثر كثيرا بالهالة.


فجأة شعر سيرس الأسود الطويل الذي كان يتطاير بسبب موجات الهالة السوداء عاد إلى طبيعته، وإنخفض ضغط الغرفة ليعود الهدوء كما كان.
كارديس الجالس لم يحتمل وفقد وعيه.


"آه، آسف أظن أنني بالغت قليلا."


قالها سيرس مكملا كلامه بضحكة غيرت من الجو المتوتر بسبب ما حدث.


"أظن أنكم أبرياء."


"هل قدرتك حقيقية، أعني قدرة معرفة الكاذب من الصادق."


كانت كلمات العجوز ذوا اللحية البيضاء موجهة لسيرس.


بالفعل هذا السؤال هو ما أراد الجميع سؤاله، إلا أنهم لم يجرؤوا على فعل ذلك، أو بالأحرى لن يجرؤوا الآن.


"آه، حول ذلك، لقد كنت أمزح، ليس هناك قدرة كهذه."


(آخ، كما توقعت...) لم يستطع العجوز ذوا اللحية البيضاء وباقي الحاضرين كبح ارتياحهم.


------------------------------------------


*في مكان ما خارج المدرسة*


حشد من الأشخاص الملثمين باللون الأسود مختبئين عشوائيا بين الأشجار كما لو أنهم ينتظرون إشارة ما.


(الآن...)


كانت إشارة قائدهم هي بداية انطلاق هجمتهم، لكنها لم تكن كأي هجمة، بل هجمة لن يحس بها أي أحد بما أن حارس البوابة ليس هنا.

----------------------------------------------------

الفصل 44 إنتهى~

أولا أتأسف على عدم رفعي للفصل البارحة، حدث إنقطاع مفاجئ للأنترنيت ولم أستطع إصلاحها إلا اليوم.

سيكون الفصل التالي غدا إحتراما جدول الرفع

ثانيا: بالنسبة لسؤال البارحة، لم تكن إجابة الجميع دقيقة، أنا تعمدت طرح سؤال كهذا، حتى لا تجيبو عليه (:3 فإجابته توجد في هذا الفصل.

هناك قدرة ذكرتموها هي ليست بقدرة بالأساس، "الإنتقال بين العوالم"، سيرس يستطيع الإنتقال إلى عالم الشياطين، ليس لأنه يستطيع الإنتقال للعوالم، بل ملك عالم الشياطين أعطاء الإذن لذلك، مثل الإذن الذي حصل عليه كيكيمورا، إذن الدخول إلى عالم الشياطين الذي أعطاه له الملك، وإذن دخول عالم التنانين الذي مصدره مبهم.

حسنا بالنسبة لسؤال اليوم.

كم عدد فريق سيرس الذي شكله أثناء الهجوم؟

حسنا هو سؤال سهل حتى تستطيعوا الإجابة عليه.

لا تنسوا فبتعليقاتكم أستمر~

وشكرا

2017/11/13 · 803 مشاهدة · 1020 كلمة
Alae_Essaki
نادي الروايات - 2024