كان كيكيمورا يجري بسرعة كبيرة بينما يغوص وسط الغابة، يخيط بين الأشجار والنباتات المنسدلة من الأعلى. تارة يمسح العرق وتارة يتفقد القطة السوداء النائمة فوق رأسه، وكان يتوقف بين الفينة والأخرى ليتفقد الخريطة، ليتابع السير مرة أخرى.

مرت ساعات ولم يتغير المنظر أمامه، أشجار كتيرة، ضباب وخصلات الضوء التي انسلت من بين الأغصان. لو حسبنا سرعة كيكيمورا ومدة الجري، لابد أنه قطع مسافة لابأس بها. لكن الغريب أنه لا يشعر بذلك. كما لو أنه يجري بمكانه.

عندما أحس كيكيمورا بذلك وتوقف عن الجري ثم أخرج الخريطة من محفظته.

'الغابة المنسية... لن أعتاد على رؤية هذا الإسم مهما حاولت'، تحدث كيكيورا مقشعرا وهو يمسك الخريطة بين يديه.

'هل أنا أسير في الطريق الصحيح ؟' وهو يحرك رأسه يمينا ويسارا. كان المنظر لا يتغير مهما أدار رأسه.

بدا الطريق واضحا في الخريطة. خط مرسوم بالأسود في بدايته دائرة صغيرة سوداء مرورا وسط رموز أشجار متجها نحو رموز جبال وفي نهايتها رمز علامة X.

من الوهلة الأولى تبدو كأنها خريطة سهلة مباشرة، لكن المشكل هنا ليس الخريطة، بل الإتجاهات.

'أظن أن كثرة التفكير لن تفيدني بشيء.' حك كيكيمورا رأسه، وربط الخريطة وأعادها إلى محفظته وتابع نفس الإتجاه السابق.

'هاه، هاه، هاه' صوت أنفاسه وهو يجري ويقفز بين أغصان الأشجار.

'هذه الأشجار لا تنتهي!' تكلم كيكيمورا وهو يحاول أن يبعد الأشجار من عن طريقه بيديه وهو يجري.

بدأ الضوء المنسدل من الأشجار ينطفئ، ويبدو أن اليوم سينتهي بدون أي تقدم ملحوظ.

'يجب أن أستعد وأجهز المبيت'. بدأ كيكيمورا بخفض سرعته عندما لمح بقعة تبدو مناسبة للتخييم.

نزل كيكمورا من فوق الأغصان وتوقف على الأرض. قام بنزع حقيبته ووضعها بالقرب من شجرة ضخمة. وبدأ بتجهيز الأحجار والقش لإشعال النار.

أخرج كيكيمورا من حقيبته قماش أبيض، وقام بفك العقدة وأخرج أرنب مسلوخ كان قد إصطاده في الطريق. وقام بوضعه فوق النار و بدأ بتدور الغصن حتى يشوى من جميع الإتجاهات.

أحس كيكيمورا بشيء يتحرك فوق رأسه. من الظاهر أن القطة بدأت تستعيد وعيها.

قامت القطة بالتمدد من على رأسه ونزلت من فوق رأسه.

لم يبالى كيكيمورا وقام بالتركيز على الأرنب.

'بشششششش'

'هم ؟ ما هذا الصوت ؟ هل هناك نهر بالقرب من هنا ؟' قام كيكيمورا بتدوير رأسه يمنيا ويسارا بعد أن سمع صوت خرير الماء.

'آآآآه، أيتها القطة اللعينة!' قفز كيكيمورا من مكانه عندما إكتشف أن الصوت قادم من خلفه.

كانت القطة تتبول على حقيبته التي كان فمها فمتوح. لكن يبدو أنه تأخر. فقدت أنهت القطة تبولها وبدأت تتمدد و ذهبت لتنام بجانب الشجرة.

'أهذا جزائي على إعتنائي بك ؟ أيتها القطة القذرة، آآه، كان علي أن أتركك هناك لتموتي !'

قام كيكيمورا بفتح الحقيبة وأخرج ما بداخلها وقام بنترهم على الأرض.

'آخ! ما هذه الرائحة الكريهة؟'

'أنظري، لقد بللتي حتى الخريطة !'

قام كيكيمورا بالإلتفات للقطة لتوبيخها ليجدها أمام النار تدفئ جسدها.

قام كيكيمورا بتعليق أغراضه منهم الورقة على الشجرة التي كانت قرب النار آملا أن تزول الرائحة وتلتسق رائحة العود المحترق.

لكن وقع ما لم يكن بالحسبان. بدأت الخريطة تتغير، وتحولت إلى خريطة تتكون من عدة أشجار وخط بالوسط. كما لو أن جزء الغابة القديم الذي كان يتكون من بضعة رموز على شكل أشجاز لتدل على أن هذا المكان هو غابة، أصبح الآن كبير، ويشكل الخريطة بأكملها. وما لاحظه كيكيمورا أيضا هو وجود دائرة صغيرة وسط شجيرات الغابة.

'لا بد أن الدائرة تدل على مكان وجودي'، قالها كيكيمورا بإندهاش. كيف تغيرت الخريطة.

حول كيكيمورا نظره للقطة قائلا، 'أرجوكي تبولي من الآن فصاعدا.'

----------------------------------------------------------------------------------

'من هنا، من هنا'

كانت فرقة الإنقاد ترشد الأطفال للتوجه نحو الملجأ حتى يتجنبون كارثة لا يحمد عقباها.

حسب قواعد المدرسة، يجب على الأطفال أن يسجلو منذ سن السادسة ولا يسمح لهم بالخروج من المدرسة إلا أيام العطل التي كانت معدودة على طول العام. لذلك كان من مسؤولية المدرسة حمايتهم من أي خطر.

وضع مدير المدرسة عدة أنظمة حسب نوعية الخطر. لكن جميعها تأمر بإخلاء الأطفال الأقل من سن العاشرة. فمهما كانت موهبتهم، لا يزالون أطفال، وبذور الجيل الجديد.

'بوم'

'بوم'

كانت أصوات المتفجرات لا تزال تدوي في الأرجاء، والدخان يخرج من بعض الأماكن.

بالرغم من حجم المدرسة الكبير، وشدة الإنفجارات لا تكفي حتى لتخليف أضرار توصف، لكن ما جعل الأمر يبدو خطيرا، هو تسللهم من داخل الحاجز بدون أن يكشفوا. هذا الذي لم يقع منذ زمن.

'أنتم تفرقو إلى شمال المدرسة، أنتم وأنتم إلى الجنوب، أنتم إلى الشرق، ومن تبقى فليتبعني إلى الغرب' قام قائد فرقة الدفاع بأمر الجنود بالإنتشار في مختلف إتجاهات المدرسة.

تتكون المدرسة من عدة فرق منها فرق الإنقاد والدفاع. وتكمن مهمتهم في التدخل السريع في حالة الهجوم والتحري والتصدي بأسرع ما يمكن لحين وصول الخبراء.

معظم أعضاء فرق التدخل كانو طلبة من المستوى الضعيف، ومعضمهم لم يتم الإعتراف بنتائجهم.

وضعت المدرسة قانون أنه لايمكن لطلبة المستوى المتدني والضغيف أن يتخرجو دون الخدمة المدنية، ومنها الدفاع والمهمات الصغيرة وصولا إلى مراتب عليا وسط الفرق حتى يتخرجو. لكن الأغلبة لا يفلحون، بحكم وجود التنافسية. ومنهم من يفنى وهو لايزال بالفرق الضعيفة.

هذا القانون كان بصالح المدرسة والطلبة معا. فالطلبة لايتم طردهم إذا ما أخفقو، وتعطى لهم فرصة أخرى للتخرج بجانب الميزات والأجور. وبالجانب الآخر تستفيد المدرسة من خدماتهم.

تتغير رتبة الشخص وسط الفرقة حسب عدد الخطوط على دراعه الأيمن من خمسة الذي كان الأضعف نزولا إلى واحد، وإذا ما تخطى الشخص النقاط، ينتقل للفرقة التي تفوقها ويعود إلى خمسة خطوط وهكذا.

وتتغير رتبة الفرقة حسب اللون. فرق الإنقاد والدفاع كانو من أضعف الفرق ولونهم كان الأبيض ثم الرمادي. وأقوى فرقة هي فرقة حراس الجليد، وكان لون ثيابهم الأزرق.

كان الرجال الملثمين متفرقين في جميع إتجاهات المدرسة. وعلى مايبدو أن هذا الهجوم مخطط له من قبل. فكيف لهم أن يتحركو فور علمهم بتجمع جميع الأساتذة في القاعة التي كانت بعيدة وسط المدرسة. وعلمهم أيضا بأن سيد الحاجز كان معهم. والغريب أن حسب القانون، لا يترك سيد الحاجز مكانه إلا وأن يترك خلفه شخص آخر ليخلفه.

'سيد كارديس، أتمنى أن يكون عذرك مقبول بعد أن ننتهي من هاته الفوضى' تكلم رئيس المدرسة وهو يقفز فوق المباني مع الأساتذة وهو واثق بمنعه للهجوم. فمهما كانت قوتهم، لا يمكنهم مجابهة الرئيس، وزد على ذلك سيرس موجود بدوره.

'لما الهجوم متفرق هكذا ؟'

'حتى الأضرار تبدو كأنها لا تذكر'

'لكن كيف إستطاعو المرور من الحاجز دون ملاحظتهم ؟'.

قام الأساتذة بالدردشة بينهم بينما يقتربون من وسط المدرسة.

'دعنا لا نستبق الأحداث، ونتحرى ما يجري' تحدث كارديس بثقة.

2022/02/14 · 111 مشاهدة · 995 كلمة
Alae_Essaki
نادي الروايات - 2024