الفصـــــــــــل الأول

{ الفـــــراق }

فى المساء فى طريق ملئ بالمبانى الشاهقة والضواء يمكن سماع أصوات مختلفة للناس ضحك بكاء سخرية..... بين كل هذا يسير شاب بملامح عادية وملابس بسيطة على وجهه آثار إكتئاب الذى تحول إلى اللامبالاه مع مرور الوقت

بلاكى ذو العشرين عاماً يسير على مهل حتى وصل أمام منزل ما ودفع بابه بهدوء

" مرحباً أختى " تحدث بلاكى بمجرد أن وطأت قدمه المنزل

" أخى لقد عدت إسترح قليلاً سوف أتيك بالطعام حالاً " صوت لطيف صدر من الداخل

" هاه " أخرج بلاكى تنهداً وجلس على إحدى مقاعد الطاولة

لم يمض وقت طويل حتى خرجت أخته من المطبخ حاملة بضع أطباق جلست على المقعد المجاور له ووضعتها أمامها وأمام بلاكى

لم تكن جميلة للغاية ولكن كان لها سحرها الخاص مع أن ملابسها كانت بسيطة إلا أنها لم تستطع أن تمنع سحرها من الخروج وهو السحر الذى يجعلها هشة كما او كان بعض الهواء قادراً على تدميرها مما يجعلك تشعر وكأنك تريد حمايتها بصرف النظر عن الثمن

" كيف يومك " بمجرد أن جلست بدأت بالكلام

" مثل أى يوم " أجاب بلاكى بلامبالاه ولكن كان هناك آثر للحزن فى كلماته بعد كل شئ لم تكن هذه هى الحياه التى كان يريدها ولكن بعد موت والديه فى حادث سيارة العام الماضى إضطر لأخذ مكان رب الأسرة والتكفل بأخته ذات الخمسة عشر عاماً ( 15 ) مما إضطره إلى ترك الجامعة للعمل وبما أن والده لم يكن يملك متجراً أو قطعة أرض أو حتى منزلاً فقد كان الأمر صعباً عليه وخاصة فى الشهور الثلاثة الأولى بسبب تكاليف الإيجار الطعام والدراسة لأخته الصغيرة ولكنه تمكن من التحمل

" أخى ما رأيك أن تتزوج سوف يكون هذا رائعاً على الأقل سوف تكون هناك فتاة أستطيع التنمر عليها وأخبرها أنى سيدة المنزل وأن عليها أن تطيع كلامى ههههه "

" فتاه شقية " إبتسم بلاكى وهو يمد يده ليفرك رأسها بمودة

" أخى لِما لا تفعلها "

" لازلت صغيراً " كان رد بلاكى جاهزاً لم تكن هذه المرة الأولى التى تتحدث أخته عن هذا الأمر

" أخى أنا لا أتحدث عن الزواج... أنا أتحدث عن ذلك الأمر"

عبس بلاكى وهو ينظر إلى أخته " كم مرة أخبرتكِ ألا تتحدثى فى هذا الموضوع "

" أخى أنت موهوب صدقنى إبدأ فقط ولا تشغلك بالك بى سوف أتكفل بأمرى حتى لو أضطررت إلى ترك المدرسة "

" غبية ما الذى تقولينه " صرخ بلاكى

" أخى كل ما فى الأمر أنى لا أريدك أن تضيع مستقبلك لأجلى " تحدثت الفتاه مع الدموع فى عينيها

تنهد بلاكى ولف ذراعه على رقبتها وقربها إليه بهدوء قبل أن تبدأ يده الأخرى فى مسح دموعها ثم ضمها إليه وربت على ظهرها قليلاً قبل أن يقول " إنها مجرد هواية يا أختى تسلينى فى وقت فراغى "

" ولكن يا أخى " صرخت الفتاه وهى تدفعه بيديها وتحدق فى وجهه

" إهدئ " وقام بضمها مرة أخرى " لا داعى لفتح هذا الموضوع مرة أخرى "

" ولكن " حاولت الفتاه التحدث مرة أخرى ولكن بلاكى ضمها أكثر قليلاً إليه وقال " رجاءً "

" إممم " أمائت الفتاه بصعوبة والدموع فى عينيها

بووم

فى تلك اللحظة السلمية السعيدة دوى إنفجار مرعب وكأن العالم يتدمر

ترك بلاكى الفتاه على عجل وهرع إلى النافذة ليقابله مشهد السماء وهى تتشقق وقبل أن يفعل أى شئ دوى صراخ من خلفه

إلتفت بلاكى على عجل ليرى أخته تصبح شفافة كضوء مصباح على وشك أن تنفذ بطاريته

" أختى " هرع بلاكى كالمجنون إلى أخته وأمسكها بين يديه

" ماذا.. ماذا يحدث " صرخ بلاكى كالمجنون فى اخته على أمل أن تعطيه أجابة

" أخى ودا.. " حاولت الفتاه ان تتحدث ولكن بلاكى اوقفها

" لا لا تقوليها سوف تكونين بخير سوف تكونين بخير " صرخ بلاكى كالمجنون وهو ينظر إلى أخته التى تخفت شيئاً فشيئاً

" أخى يبدو أن ساعتى قد حانت " تحدثت الفتاه بإبتسامه بدا وكأن الموت لا يهمها

" لا لا.. لا تقولى هذا سوف تعيشين سوف تكونين بصحة جي..." أراد بلاكى أن يكمل ولكن اخته وضعت إحدى يديها على فمه وقالت

" لطالما تمنيت أن أموت قبلك يا أخى مع إنى أعلم أنك سوف تحزن على بشدة ولكنك سوف تتحمل على الأقل لن تنتحر على عكسى فأنا لن أتحمل حتى فكرة غيابك عنى ولو للحظة واحدة ، بعد موت والدانا كنت كل شئ بالنسبة لى يا أخى لذا هل تعتقدنى أنانية " تحدثت الفتاه بنفس صوتها القادر على جعل حتى العصافير تشعر بالخجل ومع ذلك لازالت الدموع تنهمر من عينيها بعد كل شئ لم تكن فكرة إنفصالها عن أخيها شئ يمكن تقبله بسهولة

" لا أنتِ لستِ أنانية.. لستِ كذلك " فقد بلاكى السيطرة على دموعه التى إنهمرت على وجه إخته

فى تلك اللحظة رفعت الفتاه يدها اليمنى بإبتسامة ولمست وجه أخيها وقالت " أخى... وداعاً "

عانق بلاكى الفتاه بقوة ولكن للحظات لأنها تحولت إلى أجزاء من الضوء تطير بعيداً

" لااااااااااااااااااااااااااااا " رفع بلاكى رأسه لأعلى وصرخ بقوة حتى أصبح صوته أجش ثم أخفض رأسه لينظر إلى يديه وبدأ بالبكاء متجاهلاً الصراخ الذى يدوى من كل مكان فى الخارج أو أصوات الإنفجارات أو... إختفائه هو شخصياً

..........

فى ظلام لا حدود له

" أختى أين أنتِ... أين أنتِ رجاءً لا تتركينى " فى اللحظة التى إستيقظ فيها بلاكى بدأ بالصراخ متجاهلاً حقيقة ما إذا كان حياً أو ميتاً

" دينغ... جارى معالجة البيانات "

" أختى أين أنتِ " بدا بلاكى وكأنه لم يسمع الصوت وإستمر فى الصراخ

" دينغ... جارى معالجة البيانات لإختيار العِرق "

" أختى أختى " أستمر بلاكى فى الصراخ

" تباً لك أيها الغبى فلتصمت لقد أصبتنى بالصداع "

2020/12/02 · 217 مشاهدة · 890 كلمة
نادي الروايات - 2024