رواية
ريونيد VRMMORPG
تأليف : د. أحمد خشبة
رواية أونلاين تصدر يوميا بمعدل فصلين
لمزيد من الفصول :
www.facebook.com/rioneed
الفصل الثمانون
نظر دانتي برضا تام إلى تلك الحالة و إحصائيات التحالف تشير إلى قرب وصولهم إلى خمسة عشر ألف عضو . كان هذه الزيادة المفاجئة من خمسين عضو إلى خمسة عشر ألف عضو جعلت سالسولا و دووم و أفادا مشغولين للغاية في مهامهم حتى أنهم لم يتوقفوا كما فعل الجميع كل فترة ليحدقوا في المنظر الغريب و الرائع حولهم . حين وجدهم إبرو بتلك الحالة شعر بضرورة ضم عدد آخر من الحكماء إليهم , فوجود حكيم واحد يتولى هذا العدد الكبير لن يكون كافيا خاصة أن هذا العدد مجرد بداية . خمسة عشر ألف مقارنة بمئتي و خمسين مليون لاعب أقل بكثير من نقطة في محيط لذا هو بحاجة لعدد أكبر من الحكماء للمساعدة في تلك المهام في المستقبل . تذكر اللاعبين الذين قام بإنقاذهم برفقة أويا من أمريكا . سيتحدث بعدما ينتهي من هذه المغامرة مع مئتي و خمسة فهو الوحيد بينهم الذي يعرف أماكن تواجدهم الآن في مصر و مدى إنتماء كل منهم لها . هو بحاجة على الأقل لضم عشرة حكماء آخرين حتى يقدر التحالف على المضي قدما للأمام و لا يقف مكانه متعثرا من كثرة الأعباء الملقاة على حكمائه . كذلك هو بحاجة لترقية عدد من الحكماء أمامه لمنصب نائب التحالف فعلى ما يبدو أن المشروع الذي يعمل عليه مئتي و خمسة برفقة أويا و أفادا مشروع ضخم . أول اسم خطر بباله كان أفاد فهو ضلع قوي في هذا المشروع و مساهمته في حل المشكلة الماضية جعلت مكانته أكثر تميزا . أما البقية فلمع في عقله اسم سالسولا و دانتي لكنه سيصبر حتى ينتهي أولا من ضم مزيد من الحكماء لهم بعدها يفكر فيمن سيرقيه . واصل الفريق تحركه للأمام حتى عبروا الجسر نحو الضفة الأخرى للصدع . كان المنظر مشابه لمنظر الضفة الأخرى لكن حين نظروا للأفق شعروا ببرودة تجتاح أجسادهم عنوة . فقبالتهم و على مقربة من الأفق البعيد شاهدوا سحب حمراء كثيفة تهبط منها ألسنة نارية عملاقة نحو الأسفل . أما الأرض فقد اختفت في الأفق ليحل محلها بحر من السواد . نظروا لإبرو مستفسرين فقال بهدوء :
-صدع إهناسيا ليس إلا مجموعة من الفراغات التي تحلق فوق كل منها سحب سحرية . كل صدع يضربه نوع سحري معين . أخبرتكم أننا في أطراف الصدع و الآن نحن نتحرك صوب مركزه . هيا بنا فالرحلة لازالت طويلة .
نظروا لبعضهم البعض في وجوم . من يقدر على التحرك وسط هذه الأهوال ؟ مؤكد أن مستواهم لا يكفي لوجودهم في هذه المنطقة . ما زاد شعورهم بالضيق و الخطر هو إنتشار وحوش من مستويات تفوقهم بكثير أقل وحش فيهم مستواه يفوق الخمسين بقليل . هذا ما جعل رحلة تحركهم صوب الأمام محفوفة بالمخاطر مليئة بالعقبات طويلة في الوقت مقارنة برحلتهم السابقة على الضفة الأخرى للصدع . كان إبرو مدركا لمخاوفهم فهو أيضا لو واجه أي من تلك الوحوش لما ضمن أن يقدر على قتله دون أن يموت . تحرك قائدا إياهم بحرص حتى وصلوا لطرف الصدع الثاني . كان المشهد كسابقه مهيب و رائع و مخيف ! كالعادة قام دانتي بتصوير فيديوهات خاصة بذلك الصدع و نشرها على المنتديات لتتسبب في زيادة حالة الإهتمام و النقاشات المحتدمة حول تحالف أنوبيس . نظر إبرو نحو الصدع الثاني ليتذكر أن الجسر الخاص به كان في نهايته . المرة السابقة التي حضرت فيها أويا هنا بمفردها لم تجد الجسر فظنت أن طريقة عبور الصدع الثاني مختلفة عن الأول لذا تخلت عن رحلة بحثها عن الجسر الثاني و بدأت تجول في المكان حتى وجدت مهنتها السرية . لكن إبرو كان يعرف أن المهنة الانسب لها كانت في المنطقة بين الصدع الثالث و الرابع . أما هدفهم الحالي فهو في المنطقة بين الصدع الثاني و الثالث . نظر لرفاقه من حوله مفكرا , من فيهم ستكون مهنة أويا السابقة ملائمة له ؟ كان الأنسب لها هو دانتي , فرغم ان مهنته السرية في المستقبل كانت جيدة لكن مقارنة بمهنة أويا فهي تفتقر للكثير . أما بقية السحرة في فريقه فكانوا يمتلكون مهنا توازي مهنة أويا الماضية قوة . قال إبرو لدانتي :
-سأرسل لك بإحداثيات موقع في هذه المنطقة يا دانتي . بعدما ننتهي من مهمتنا ستبقى أنت هنا لتبحث في هذه البقعة .
توقف دانتي عن كتابة موضوع جديد و نظر لإبرو في دهشة و هو يقول متلفتا حوله :
-أتريد أن تجعلني أبقى في هذا المكان الصعب ؟ لن أظل حيا فيه لوقت طويل يا إبرو !
-ألا تريد مهنة سرية قوية ؟ إن لم تردها سأبحث عن شخص آخر إذن .. م..
قاطعه دانتي على الفور قبل أن يوجه حديثه لشخص غيره قائلا :
-لا لا , أنا أريدها . ارسل لي الإحداثيات , سأقوم بالبحث عنها فور إنتهائنا من المهمة .
ابتسم إبرو و قال مازحا :
-ألا ترى المكان خطرا عليك ؟
-كلا , المكان هنا رائع و أحبه . سأبقى هنا و سأجد تلك المهنة السرية !
نظر الجميع لدانتي و الغيرة تتملكهم , فهو كان أول المحظوظين للحصول على مهنة سرية بينهم . أما إبرو فاكتفى بالإبتسام و هو متيقن أن إغراء المهنة السرية سيجعل دانتي يتحلى بالشجاعة لمواجهة المخاطر الموجودة في هذا المكان . على حسب ما كان يتذكر فإن المعلومات المتعلقة بأويا كانت تشير إلى حصولها على تلك المهنة و هي في المستوى الثلاثين . لذا فلن يجد صعوبة في حصوله هو أيضا على تلك المهنة . أما بالنسبة للباقيين فهو يعرف جيدا أنه سيمنحهم أدلة على مهنهم السرية في الوقت المناسب , فكل منهم قد حصل على مهنته في مستويات أعلى بكثير من مستواهم الحالي . هذا لم يكن شيئا غريبا فكل المهن السرية القوية تكون مخفية في أماكن خطرة كالتي هم فيها الآن . قادهم إبرو نحو الشرق لتبدأ رحلة تجنبهم لكل الوحوش التي في طريقهم حتى مر يوم آخر في نهايته إستطاعوا أخيرا رؤية الجسر من على مسافة بعيدة عنهم . أثناء تلك الرحلة كان الجميع يحاول مساعدة دانتي و دووم و سالسولا في مهامهم . فمن جهة الثلاثة كانوا فعلا بحاجة لمساعدة , و من جهة أخرى كان الحماس الناتج عن زيادة عدد لاعبي التحالف ليفوق الخمسة و الثلاثين ألفا متجها صوب حاجز الأربعين ألفا سببا في رغبتهم للمساعدة . لم يكن دانتي أو دووم او سالسولا الوحيدين الذين تقلدوا مناصب مهمة في تحالفات سابقة بألعاب قبل ريونيد , لذا كان إنضمامهم للثلاثة عاملا قويا لتخفيف الأعباء عنهم . أما أفادا فقد ساعده مئتي و خمسة برفقة أويا . فقد كانت مهمته أكثر صعوبة و خطورة . في النهاية كل ذلك صب في مصلحة تحالفهم ليشعر إبرو بالسعادة من روح التعاون التي سادتهم . حينما وصلوا إلى الجسر الثاني كان شبيها للغاية بالجسر الأول ليبدو كجزيرة ضخمة معلقة في الهواء بين ألسنة النار المستعرة . قبل أن يعبروا الجسر الخالي من أية وحوش نحو الضفة الأخرى أوقفهم إبرو لنيل قسط من الراحة في الجسر . كانوا فعلا بحاجة للراحة فرحلتهم الماضية كانت مرهقة و مشحونة بالمخاطر لذا كانت أعصابهم متوترة و مشدودة طيلة الوقت . نظرا لأن المنطقة التالية كانت أكثر خطورة لذا قرر إبرو أن يجعلهم يستريحوا أولا . بعد ساعة من الراحة قال لهم إبرو بعدما جمعهم حوله في دائرة كان هو مركزها :
-المنطقة التي سندخل فيها الآن في غاية الخطورة . مستوى الوحوش فيها لا يقل عن الستين . كل عشرة مستويات تتطور الوحوش بشكل ملحوظ لذا فالوحوش التي رأيناها من قبل لا تُقارن بما سنراه الآن .
تحدثت أويا في دهشة :
-هل يجب علينا أن نجتاز كل الوحوش لنصل للضفة التالية ؟ سنحتاج وقتا أطول بكثير إذن .
-لا يا أويا فهدفنا يقبع في أطراف هذه المنطقة لحسن حظنا . الآن يمكنني إخباركم بهدفنا . نحن سنقوم بالدخول في سرداب الصدع الثالث .
-سرداب الصدع الثالث ؟
-بلى يا مودي , فلكل صدع سرداب يوجد في المنطقة خلفه . نحن سنتجاوز الصدع الثاني لندخل في منطقة الصدع الثالث و لذا يُسمى هذا السرداب بالسرداب الثالث .
-هل هذا يعني أن هناك سرداب أول و ثاني ؟
-بلى يا دووم , لكن لم يكن فيهما ما نحتاجه لذا علينا أن ندخل السرداب الثالث .
نظر الجميع لبعضهم في توتر . لم يكونوا مبتدئين في عالم الألعاب . أي سرداب يمكن توقع مستوى صعوبته بمستوى الوحوش في المنطقة التي هو فيها . لا يوجد سرداب أقل في المستوى من الوحوش التي حوله بل إما أن يكون في نفس مستواهم على أقل تقدير أو يكون أكثر صعوبة منها و هذا هو السائد في كل الألعاب التي لعبوها من قبل . ما فهموه من كلمات إبرو المقتضبة أن السرداب الذي سيدخلونه سيكون متخما بوحوش مستواها يفوق المستوى الستون , و قوتها أكثر بكثير عن أي وحش عادي في نفس المستوى . لذا تبدلت ملاحهم جميعا على الفور لينظر مئتي و خمسة بدهشة إلى العبوس المفاجيء الذي ظهر عليهم جميعا بلا إستثناء ليقول متسائلا بدون فهم :
-ما الذي حدث ؟
أجابه أفادا الذي صار أقرب اللاعبين له من الفريق موضحا :
-أنت لم تلعب لعبة مثل ريونيد من قبل , أليس كذلك ؟
-بلى .
-إذن سأشرح لك ..
ثم قام بشرح ما توقعه الجميع من مدى صعوبة هذا السرداب . نظر بعدها مئتي و خمسة إلى إبرو بوجوم هو أيضا قائلا :
-هل مستوى هذا السرداب صعب لهذه الدرجة يا إبرو ؟
-إنه أصعب مما يتحدثون عنه لكن هذا لا يهم فنحن لن نحتاج لعبوره حتى نحصل على ما نريد .
هذه المرة نظر الجميع إليه بفضول و غرابة فقال شارحا :
-نحن نريد تجميع أكبر عدد ممكن من أحجار تأسيس التحالف . في مقدمة هذا السرداب يوجد أغو يقوم بتوجيه مهمة لكل من يدخل السرداب شرط أن يكون مستواه أقل من مستوى السرداب نفسه . هذه المهمة بسيطة و هي أن نقوم بإجتياز نقطة معينة في السرداب بعدها يمكننا الإنتقال خارجين من السرداب لنقابل الأغو من جديد و نقوم بإستبدال الأحجار معه . لذا نحن لا نحتاج لعبور هذا السرداب قط . فاطمئنوا .
لم يشعر الجميع بالطمأنينة نتيجة حديثه فخبراتهم الطويلة تخبرهم بعكس ذلك . لكن أفادا كان يشعر أن إبرو يعرف خبايا هذا السرداب جيدا فقال مستفسرا :
-هل سيكون علينا مواجهة الوحوش الخاصة في هذا السرداب ؟
ابتسم إبرو إبتسامة واسعة و هو ينظر إليه . هذا الشاب يمتلك عقلا مختلفا عن الجميع حتى أنه خمن نقطة الإختلاف في كلمات إبرو البسيطة . لذا قال إبرو مجيبا إياه :
-ستعرف في وقتها يا أفادا . الآن علينا التحرك . كونوا دوما يقظين و مستعدين للركض خلفي لو ظهر وحش بشكل مفاجيء . المنطقة الآمنة هي هذا الجسر فممنوع على الوحوش الإقتراب منه . أي فرد منا يجد نفسه في موقف خطر عليه ألا يتردد و يركض إلى هذا الجسر . لذا تذكروا دوما طريق تحركنا من هنا حتى يمكنكم العودة إليه بسرعة .
تحدثت أويا متسائلة :
-ماذا إن افترقنا و عاد بعضنا إلى هنا ؟
-لا تقلقوا فيمكنكم إرسال رسالة إلي لأعود و أحضركم من جديد للسرداب .