رواية

ريونيد VRMMORPG

تأليف : د. أحمد خشبة

رواية أونلاين تصدر يوميا بمعدل فصلين

لمزيد من الفصول :

www.facebook.com/rioneed

الفصل الواحد و الثمانون

لم يجد أي منهم كلمة يمكن قولها , فعلى ما يبدو من كلمات إبرو و طريقته الجادة في الحديث و وصفه للموقف الذي سيقبلون عليه أن هذه المنطقة بالفعل منطقة محظورة على من في مثل مستواهم . رغم ذلك حين وجدوا إبرو يتحرك بشجاعة متجها لنهاية الجسر لم يترددوا , فإن كان إبرو شجاعا فهم ليسوا أقل منه ! ما إن عبروا الجسر بقليل حتى ساد جو من التوتر المشحون بقلق بينهم . كل لحظة كانوا يلتفتون حولهم متوقعين هجوم وحش عليهم . ظلوا هكذا لدقائق بدت كدهر حتى قابلوا أول وحش في طريقهم . كان ضخما شبيها بدب عملاق لكن مخالبه تحولت لأنشوطة طويلة من الألياف الرفيعة التي ذكرتهم بالشعر الطويل . لم يتحدث إبرو بل أرسل في شات التحالف محذرا :

-هذا الوحش ينتبه لأقل صوت في محيط خمسين مترا منه . لتتحركوا بصمت تام و لتتجنبوا منطقة نفوذه . احذروا تلك الخيوط الطويلة فطولها يصل لخمسين مترا و هي قادرة على الإحاطة بكم و تطويقكم بشكل مباغت . من سيقع في براثن هذا الوحش لن أقدر على إنقاذه .

ابتلع الجميع ريقه بصعوبة و بدءوا يتحركون في بطء متجنبين منطقة الخمسين مترا حوله . لم يصدر منهم أي صوت حتى تجاوزوه بنجاح . لم تدم فرحتهم بإجتيازه طويلا ليجدوا في طريقهم بعدها عدد كبير من وحوش متنوعة كل منها لا يقل خطورة عن هذا الوحش . فهموا لماذا حذرهم إبرو من هذه الوحوش , فلم تكن المشكلة في مستواهم العالي بل كانت تكمن في إمتلاك كل وحش لخدعة ما تجعله يكتشف من حوله في نطاقات مختلفة . أحدهم يستخدم الصوت و الآخر الذبذبات و هذا الضوء و هذا الريح . جعلتهم هذه الرحلة العصيبة يكتشفون عالما مغايرا لعالم الوحوش الذي اعتادوه في كل الألعاب السابقة . شعروا أنهم يسيرون في حقل ملبد بالألغام , أي خطوة خاطئة لن تتسبب في مقتل واحد منهم بل في مقتلهم جميعا . تذكروا توجيه إبرو لهم بالركض فور وجود أي خطر صوب الجسر . بالفعل الجسر هو المكان الوحيد الآمن في هذه المنطقة , لكن كيف سيقدرون على الركض متجاوزين كل هذه الوحوش ذات القدرات الخاصة ؟ أيقن جميعهم أن هذه رحلة في إتجاه واحد , أما التفكير في العودة بأمان للجسر فهو ضرب من المحال ! هذا ما زاد من توترهم لكنهم لم يخطئوا قط . كلما أصدر لهم إبرو أمرا نفذوه على الفور . لم يرغب أي منهم في أن يتسبب بضياع مجهود الأيام الماضية سدى . بعد مرور نصف يوم تقريبا من هذه الطريقة البطيئة الحذرة للغاية في الترحال وجدوا أنفسهم يصلون إلى منطقة فسيحة خالية من أي أشجار او صخور و الأهم الوحوش . كادوا يسرعون الخطى إليها لولا أن أشار لهم إبرو بالتوقف ثم قال في شات المجموعة :

-لا تقتربوا من هذه المنطقة فهناك وحش يقبع أسفل الأرض يكتشف كل من يسير على الأرض و يقوم بإبتلاعه .

تسمر الجميع في مكانه محدقين بغرابة لإبرو الذي كان يضحك من ردة فعلهم . تابع موضحا :

-هناك الطريق آمن سنسير فوق الأحجار المعبدة . تيقنوا من أن تدوسوا على أحجار و ليس على الأرض و إلا لن تجدوا وقتا للتفكير في الهرب حيث سيلتهمكم الوحش .

نظروا في الإتجاه الذي يشير إليه إبرو . كانت منطقة عادية كما حولها لكن حين دققوا النظر وجدوا بقعا بنية داكنة بلون مغاير عن غيرها ليفهموا أن تلك البقع هي الأحجار التي أشار لها إبرو . تحرك إبرو في المقدمة ليقوم بالقفز فوق تلك البقع بإحترافية و مهارة . بدا كراقص محترف تتقافز قدماه فوق الألغام ليتبعوا خطواته بحذر و رشاقة قدر الإمكان . رغم أن التحرك بدا لهم في البداية صعبا لكنه تحول مع مرور الوقت ليصبح ممتعا و سهلا . استغرقوا قرابة عشر دقائق حتى اجتازوا المنطقة المليئة بالوحوش المطمورة أسفلها ليقفوا إلى جوار إبرو أمام كهف عملاق ذكرهم بالكهف الذي أخذهم إبرو فيه من قبل . هذا الكهف كان رمادي اللون ذي بوابة سوداء صدئة . أما على مقربة من هذه البوابة كان أحد الأغو يقف في صمت محدقا نحوهم . لم يتردد إبرو ليتحرك صوبه و هم خلفه ليسمعوا صوت الأغو الذي كان يردتي درعا حديديا صدئا و مهنته توحي بأنه حامي مدرع قائلا :

-ما جاء بكم أيها المغامرون إلى هذا المكان الخطير ؟ إن مستواكم هزيلا مقارنة بمستوى الوحوش هنا .

تولى إبرو دفة الحديث معه قائلا :

-لقد سمعنا عن وجود وحوش تتربص بالمسافرين في هذه المنطقة لذا حاولنا المجيء للمساعدة .

-كيف ستساعدون المسافرين بمستواكم الضعيف ذلك ؟ لتذهبوا و ترفعوا مستواكم .

-ألا توجد طريقة مناسبة لمستوانا الضعيف حتى نقدر على المساعدة ؟ نحن فعلا نريد المساعدة .

صمت الأغو كما لو كان مترددا حيال أمر ما ثم هز كتفيه بإستسلام قائلا بصوته الضعيف :

-هناك مشكلة يمكنكم مساعدتي بحلها نظير ذلك سأقوم بمبادلة عادلة معكم .

-نحن مستعدون للمساعدة سيد الأغو .

أشار الأغو صوب بوابة السرداب قائلا :

-هذا الكهف مليء بوحوش ضارية مستواها يفوق مستواكم بكثير . لو كنت في أوج قوتي لاستطعت دحرهم لكن كما ترون فإن معداتي تالفة . إصلاح تلك المعدات السحرية بحاجة لحجر زيم و هو حجر موجود بكثرة داخل بوابة هذا الكهف . هل يمكنكم الدخول و إستخراج الأحجار لي ؟ كل مجموعة من عشرين حجرا سأبادله معكم بأحجار أخرى مثيلة لكن لها دورا هاما لكم أيها المغامرون . كل مجموعة من مئة حجر يمكنني مبادلتها بأحجار من مستوى أعلى . أما مجموعة من ألف حجر فيمكنني مبادلتها معكم بأحد كنوزي الخاصة . ما رأيكم ؟

-تنبيه : لقد حصلتم على مهمة متقدمة من الأغو سالير . لو قبلت بتلك المهمة فسيكون عليك جمع أحجار زيم و مبادلتها معه . كل مجموعة من عشرين حجرا سيمكنك مبادلتها مع بأحد أحجار تأسيس التحالفات . كل مجموعة من مئة حجر يمكنك مبادلتها معه بأحد أحجار تأسيس القرى . كل مجموعة من ألف حجر يمكنك مبادلتها معه بأحد كنوزه . المدة المتعلقة بالمهمة غير محدودة . لا توجد أي عواقب على عدم تأدية المهمة . إن استطعت أنت أو فريقك إعادة إصلاح أي أداة سحرية لدى الأغو سالير ستحصل على مكافأة مميزة . هل توافق على قبول تلك المهمة ؟

لم يتردد إبرو و لا من معه في قبول تلك المهمة فكل ما عانوه في رحلتهم كان بهدف الحصول عليها . كان ما يعرفه إبرو عن تلك المهمة متعلق فقط بأحجار التحالف لذا تفاجيء ببقية المكافآت الأخرى . كانت مفاجأة سارة لكن الآن عليه بدء البحث عن تلك الأحجار . نظر لسالير ثم قال له :

-سأذهب سيدي الأغو لإحضار الأحجار لك .

-لتأخذ هذا المجرف الخاص بإستخراج هذا النوع من الأحجار فسيكون عونا لك .

-تنبيه : لقد حصلت على مجرف سالير الخاص . هذا المجرف سيكون لك حتى تقوم بإنهاء المهمة . إن ظلت المهمة مفتوحة فيمكنك دوما استخدامه .

-مجرف سالير الخاص : مجرف متقدم . يقوم بزيادة سرعة إستخراجك للمعادن و الأحجار من الأرض بنسبة 500 % . يمكن إستخدامه من أي مهنة . يقوم بإستخراج الأحجار و المعادن بحد أقصى من الفئة المتقدمة .

أمسك إبرو بالمجرف ذي اللون الأحمر بخطوط زرقاء و بعض من الحروف المحفورة على مقبضه الخشبي بلون فضي ثم قال لسالير :

-شكرا لك سيدي . حين أنتهي من جمع مجموعة من الأحجار سأحضرها لك .

-بالتوفيق .

ما إن تحرك إبرو مبتعدا عنه حتى قام سالير بمنح كل لاعب من فريقه مجرفا خاصا به . كانت جميعها متشابهة في الشكل و الفاعلية لكن بدت ملامحهم سعيدة و متفاجئة بحصولهم على تلك الأداة السحرية المميزة . ففي كل لعبة هناك مهن حياتية متخصصة بالبحث و التنقيب عن الأحجار و المعادن , لكن بواسطة ذلك المجرف يمكنهم أن يقوموا بالتنقيب عن تلك الأحجار و المعادن بأنفسهم . كانت تلك خاصية مميزة تجعلهم أكثر قدرة على الإستفادة من أي مكان يكونون فيه . نظر إبرو لسعادتهم مدركا ما يفكرون فيه . لم يكن مهتما بالبحث عن الأحجار و المعادن لكن طبيعة اللاعبين دوما تواقة للبحث عن كل شيء يزيد من مكاسبهم . تحرك إبرو صوب بوابة الكهف الصدئة ليقول مادي مستفسرا :

-هل سنقوم بدخول السرداب بشكل طبيعي ؟

كان يدرك إبرو المغزى من وراء سؤاله , فجميعهم قد فطن لما عناه أفادا حين سأله من قبل . ابتسم إبرو و قال :

-لا , فالسرداب له مكان خاصا للتنقيب فيه . لأن جميعنا قد حصل على مهمة سالير لذا سيكون هناك خيارا بين خيارات الدخول للسرداب و هو خيار التنقيب . هناك لن نجد أي وحش على الإطلاق لكن مجرد كهف عادي داخل جبل ضخم . هذا الكهف سنقوم فيه بالتنقيب عن أحجار زيم بأمان .

قام بعدها بلمس بوابة الكهف الصدئة لتظهر لمعانا غريبا بلون أبيض باهت . أمام إبرو ظهرت خيارات عدة لدخول أنماط مختلفة من السرداب بصعوبات متدرجة . تجاوز هذا كله و ثبت بصره على خيار التنقيب ليختاره على الفور . لأنه كان قائد المجموعة فأي إختيار يقوم به في السراديب يسري على بقية أفراد فريقه شرط أن يكونوا مستوفيين شروط دخول السرداب . فلكل سرداب شروط متنوعة أشهرها ألا يزيد مستوى اللاعبين عن حد معين و إلا لن يقدروا على دخوله . أما السرداب الحالي فشرطه هو ضرورة حصول الجميع على مهمة سالير لذا دخلوا جميعهم لداخل السرداب . كان كأي سرداب عادي في أي لعبة أونلاين , مدخله عبارة عن كهف يفضي إلى مكان فسيح . حين فحصوا المكان بعناية وجدوا خلوه التام من أي وحش . لكن ذكرى الوحش المختبيء أسفل الأرض روادتهم لينظروا جميعهم صوب إبرو الذي قال مؤكدا :

-لا تقلقوا لا يوجد أي وحش هنا . هيا لنبحث عن أحجار زيم .

وجدوا إبرو يتحرك خارجا من الكهف لتوقفه أويا على الفور قائلة :

-لكن ما هو شكل هذا الحجر و كيف سنتعرف عليه ؟

توقف إبرو ليحدق في الكهف الذي هم فيه الآن . لدهشتهم وجدوه يخرج لفافة عاصفة الريح ليقوم بتمزيقها . تحركوا على الفور ليقفوا خلفه حتى يتجنبوا تأثير تلك اللفافة عليهم ليجدوا تأثير اللفافة أمامهم جليا . هبت عاصفة عاتية قامت خلال دقيقة بإزالة كثير من الأتربة مسببة سحابة من الغبار في المكان . لكن بعدما انتهت وجدوا ضوء الكهف الخافت الذي هم فيه يتغير ليظهر لمعان ضوء أزرق واضح . بدا كنقطة ثم نقطتين ثم نقاط كثيرة بدأت في الظهور أمام أعينهم ليشير إبرو نحو تلك النقاط بسقف الكهف و أرضيته قائلا :

-هذا هو حجر زيم .

نظر الجميع إلى تلك الأحجار الصغيرة لكن روكا تحركت لتمسك بمجرفها ثم تخرج كمية لا بأس بها من الأرض مصحوبة بعدد كبير من الأحجار الزرقاء تلك . كان حظها رائعا حيث وجدت حجرا بينها ذي لون أسود لامع . كانت الأحجار الزرقاء صغيرة بحجم عقلة إصبع أما الحجر الأسود ذاك فكان كبير مقارنة بالبقية و كان بحجم قبضة اليد . ما إن ظهر هذا الحجر الأسود حتى تحرك ميلا بتلقائية لتمسكه بإعجاب واضح و هي تقول متسائلة :

-ما هذا الحجر يا إبرو ؟ إنه بديع للغاية !

2020/02/13 · 550 مشاهدة · 1736 كلمة
Ranmaro
نادي الروايات - 2024