بالمساء هبت رياح شديدة دوى صفيرها بالأرجاء بينما حجبت الغيوم المتلبدة بالسماء ضوء الشمس مانعة إياه من العبور ، على طول الطريق المبلط بالحجارة يمكن رؤية العديد من القبعات تتطاير هنا وهناك ، إنتشرت المحلات الصغيرة عبر الرصيف اين علقت مختلف الملصقات من جميع الأنواع ، لكن أغلبها كان عن الترويج للتبغ والتدخين كعادة صحية .
بعد مايقارب الربع ساعة من قيادة العربة إتضحت بالأفق ملامح مبنى من طابقين ذو تصميم عمراني بسيط لكن أنيق حيث برزت نافذتين من كل طابق و لافتة معدنية كتب عليها
" بلدية اتلانتيك سيتي " معلقة بالمنتصف .
امام المدخل خرج الأشخاص ودخلو بإستمرار دون توقف من مختلف الأعراق والخلفيات ، على الرصيف سحب ريتش الخيط الموصول بعنق الحصان ناحيته لتتوقف العربة بعد ذالك ، نزل الإثنان منها وبعد ربط الخيط بإحدى أعمدة الإضاءة سارا ناحية المدخل اين استقبلهم ضجيج كلام الناس المختلط ، فمنهم من كان يحتج بغضب و اخرون تغمرهم السعادة والبعض يتناقشون بتعابير جدية.
بعد الإنتضار بالصف نحو الربع الساعة حان دورهم اخيرا حيث استقبلهم من خلف الشباك الزجاجي شابة داكنة البشرة إمتلكت أعين سوداء واسعة وشعرا مجعدا لم يتجاوز رقبتها ، إرتدت نضارات ذات عدسات بيضاوية وهي تحدق بالشابين أمامها ..
" ماري ! "
بدت المفاجئة على ريتش ولم يستطع منع نفسه من نطق إسمها
" لم أعلم انك تعملين هنا .. "
من نبرته بدا وكأنه ينتضر تفسيرا من الشابة أمامه التي بدورها ردت عليه بإبتسامة لطيفة
" لقد بدأت العمل هنا مؤخرا فقط ، يبدو بأن الحملات التي ننضمها بمنضمة الناخبات الوطنيات قد أنتجت ثمارها ، انضر حتى انهم قامو بإعطاء شابة سوداء مثلي منصبًا بالبلدية .. "
مازحته ثم ادارت رأسها ناحية روبرت حيث تبادل الإثنان التحية بإحترام .
" همف ، هذا اقل شيء يستطيعون فعله لشابة مثلك "
إقترب ريتش اكثر من الشباك وهو يحاول مغازلة ماري ، إبتسمت الأخيرة واومأت برأسها عدة مرات ردا على مجاملاته المعتادة قبل ان تسأل اخيرا
" إذا مالذي يمكنني فعله لكم ايها السادة "
عدلت وضعيتها ووجهت بنضرها مرة اخرى ناحية روبرت ..
" نحن هنا لنقل ملكية كل من الحانة وبضعة أشياء اخرى لإسم ريتش .."
عند رده ضهرت لمحة من الحزن على وجه ماري وهي تلمح ريتش بنضرة شفقة
" لم تمر سوى بضعة أيام لكنني افتقده بالفعل ، عسى ان يرحم الاله روح العم جونسون "
قائلة ذالك حركت أصابعها حول صدرها ورأسها في شكل صليب و هي تدعو قبل ان تطلب بضعة اوراق من ريتش ثم باشرت عملية النقل .
بعد وقت ليس بالطويل تم اخيرا تحويل ملكية كل من الحانة والعربة مع الحصان إلى اسم ريتش ، نضرا لأنه الوريث الشرعي والوحيد مع توفر شهادة وفاة والده وشهادة ميلاده التي تثبت أنه إبنه تم إكمال الإجرائات بسلاسة دون اي تعقيدات إضافية خصوصا ان ماري سهلت الأمر عليهم .
" بعد إخراج مابداخل خزنة العم جونسون وإضافة مال الصفقة مع فندق الريتز وكل من مدخراتك ومدخراتي .. 500 دولار هذا كل ما نملكه "
على طريق العودة بعد توديع ماري تحدث روبرت
" هاهاها بحياتي كلها لم ارى مبلغا كهذا أمامي .. "
إبتسم ريتش بسعادة هو الأخر
" إذا سار كل شيء بشكل جيد سيكون لدينا مايكفي لشراء مايزيد عن مائة صندوق " اضاف روبرت على الجانب
تبادل الإثنان اطراف الحديث وقبل ان يعلمو كانو امام مدخل الحانة بالفعل ، على الرصيف المقابل لها من الشارع تواجد مقهى صغير اين جلس دوني بإحدى الطاولات بالخارج وهو يأكل فطيرة ليمون ، بمجرد ان لاحظ وصول العربة أسرع بإبتلاع ماتبقى بصحنه ثم تقدم صوبهم ..
" سنذهب الأن "
اعلن روبرت محدثا كلاهما ثم فكر مع نفسه
" بحصان واحد وعربة رديئة مثلها سيستغرق الأمر وقتا اطول من الازم .. "
بعد غروب الشمس كان روبرت قد قام بتأجير عربة بمقصورة خلفية واسعة من خشب البلوط المتين ، بالأمام جرها حصانين سوداوين ضخام الجثة ، كانت عضلاتهم ضاهرة على جلودهم الشيء الذي دل على جودتهم وقوتهم الكبيرة ، انفق الاخير 15 دولارا لتأجيرها يوما كاملا ، بالرغم من إحتجاج ريتش حول المبلغ قليلا إلى انه سرعان ما هدئ تحت إقناع روبرت .
كان الأمر بمثابة مقامرة الحياة ، إما الفوز بكل الشيء او خسارة كل شيء ، لم يكن هنالك وسيط .
على طريق جبلي اصطفت الاشجار على جانبيه حاجبة أي اثر للحضارة تقدمت العربة بسرعة ثابتة ضد التضاريس الوعرة ، فبخلاف صراخ بعض الحيوانات من حين لأخر ساد الصمت المكان ، كانت الإضاءة الوحيدة هي تلك الخافتة المنبعة من القمر والتي ساعدت في في الحرص على عدم تضييعهم الطريق .
" اللعنة إنه يزداد برودة يوما بعد يوم "
داخل المقصورة تذمر ريتش وهو ينكمش داخل بطانيته ، روبرت بجانبه وبالرغم من علمه ان الجو سيبرد إلى ان الأمر لا زال يفاجئه حيث قام هو الاخر بنفس الشيء مثل ريتش ، بالمقعد الأمامي تحكم دوني بالأحصنة وسيرها نضرا لخبرته الكبيرة في عمله كسائق عربة العم جونسون متبعًا الخريطة بين فخضيه ، كانت اسنانه تصطك ببعضها بشكل متواصل ، في محاولة منه لتدفئة نفسه كان كل بضع ثواني يسحب يديه نحو فمه ثم يطلق زفيرا حارا من بين شفتيه ، كان الأخير اكثر من عانى ..
" توجد العديد من القرى بالقرب من المدينة ، لماذا علينا الإبتعاد هكذا يارجل .. "
كان الإستياء واضحا من صوت ريتش ولم يبذل اي عناء لإخفائه.
ادار روبرت رأسه ناحيته ثم المح بغموض
" حسنا ، إن رحلتنا مختلفة قليلا ... "
بعد مايقارب الساعتين من السفر البارد وصلت العربة اخيرا وجهتها وتحديدا قرية علقت أمام مدخلها لوحة خشبية مائلة كتب عليها
" بلاكستون فيلاچ "
أوقف دوني العربة ثم نزل لأسفل وهو يدقدق باب المقصورة في إشارة لوصولهم مطمئنًا إياهم ..
" إجلد الأحصنة اللعينة بشكل أقوى ودعنا ندخل لأول حانة او مرقد تصادفه ، اكاد اتجمد هنا " صرخ ريتش من الداخل مشيرا لدوني بالتعجيل
كان باب القرية الخشبي مهترئا حيث برزت منه العديد من الشقوق وكل ماتطلب فتحه هو دفعة قوية ، احاط بالقرية سور مكون من حجارة سوداء بارتفاع مترين يحد بينها وبين البرية بالخارج .
بخلاف صوت عجلات العربة وهي تسحق الحجارة الصغيرة أسفلها ساد الصمت القرية ، إنتشرت بالأرجاء بضعة منازل كانت صغيرة نوعا ما مقارنة بالموجودة بالمدينة ، لكن بسبب الضلام كان من الصعب رؤيتها بوضوح.
بعد دقيقة من تقدم العربة للأمام لمح دوني على مايبدو مبنى كان اكبر قليلا من المحيطين حوله وصدرت منه إضاءة لافتة ، دون ادنى تفكير وجه الأحصنة ببراعة ناحيتها .
بعد نزولهم من العربة ولسبب ما أمر روبرت دوني بالبقاء خارجًا على استعداد للإنطلاق بحيث انهم لن يمكثو طويلا هنا ، بالرغم من عدم فهمه نية روبرت إلى انه اومئ برأسه وعاد لمقعد السائق ..
على عكس الخارج كانت الحانة دافئة وعبقة بروائح السجائر والكحول ، كانت هادئة ذات تصميم بسيط و معتاد كما لو كان مألوفا للجميع ، إنتشر بضعة اشخاص على الطاولات هنا وهناك منهم الغارقين في احاديثهم او المعزولين في عالمهم الخاص ، بعد إلقاء نضرة سريعة على المكان تقدم كل من روبرت وريتش وجلسا أمام منضدة الساقي
" ماذا اجلب لكم ايها السادة "
تحدثت إمراة سمراء ذات شعر اشعث وجسم ممتلئ بدت وكأنها في اواخر ثلاثيناتها
" فطيرة توت وكأس ماء " قال روبرت
" جعة داكنة و ... هل من طبق تنصحينني به ؟ " سأل ريتش
دون تفكير ردت المرأة من خلف المنضدة
" إختصاصنا لحم الخنزير المدخن "
" جيد اريد منه " أكد ريتش
اومأت الساقية برأسها وهي تنادي على المطبخ بالغرفة الخلفية لتحضير الأشياء ..
تجشئ
بعد إنهائهم الطعام ، وضع روبرت بضعة دولارات على المنضدة
" إنها المرة الأولى التي اراكم فيها هنا .. "
القت جملة عابرة وهي تحشر المال بين طيات أثدائها .
" في الواقع نحن هنا لشراء الكحول " تطرق روبرت مباشرة للموضوع دون إطالة
" شراء الكحول ؟ " تسائلت
" بالضبط هل لي أن اتحدث مع المسؤول ؟ " سأل روبرت.
بإبتسامة تكاد لاترى صرحت الساقية
" أنت تتحدث معه "
" إذا انت .. " بعد صدمة خفيفة اكمل روبرت ضاحكا
" إعذريني سيدتي لكنها المرة الأولى التي ارى فيها سيدة جميلة مثلك تدير مكان هكذا "
" حسنا .. على المرئ بالعمل لكسب لقمة عيشه "
لم تلقي بالاً لمجاملته واستمرت
" إذا ما العمل الذي تريد ان تناقشه ؟ "
" سأجعل الأمر مختصرا ، كما تعلمين قريبا سيتم تطبيق قانون حضر الكحول ، عوضا عن بيع مشروباتك بنصف أسعارها او ربما حتى رميها انا هنا لشراء جميع مخزونك المتبقي "
تحدث بثقة ، لم تكن كلماته لا متعجلة او بطيئة بل برتم ثابت أتاح للمرئ فهم كل حرف قاله ..
" إذا ما تقوله هو انك تريد شراء مخزوني بالكامل ! " كان عدم اليقين واضحًا عليها لتسأل مرة اخرة
" نعم " اومأ روبرت بإبتسامة لطيفة مأكدا كلامه
" اضهر المبلغ المناسب وكل شيء لك "
ارتفعت زوايا فمها في ابتسامة ساخرة وكأنها لم تأخذ كلامه على محل الجد
لم يكثر روبرت الحديث وهو يخرج ورقة من فئة 100 دولار من جيب سترته الداخلي واضعا إياها على المنضدة
" سأشتري منك جميع الصناديق المتوفرة لديك حاليا من جميع الأنواع "
عند رؤية الورقة على المنضدة وسماع كلماته لم تستطع السيدة إخفاء صدمتها وسرعان ما استبدلت ملامحها للجدية وهي تحدق تارة بالنقود وتارة بروبرت والتردد واضح عليها
" احم .. حسنا للإعتقاد بأنك جاد " اخذت نفسا ثم اكملت
" حاليا املك 6 صناديق من ويسكي البوربون كل صندوق يحتوي 6 قارورات ، و 8 صناديق جعة أنهايز بوش ، لقد خفضت اسعارهم للنصف لذالك هذا كل ماتبقى لي "
اثناء حديثها لم تستطع نزع بصرها من على الورقة أمامها .
يجب القول أن ورقة من فئة المائة كانت نادرة للغاية ، ولم يتم تداولها إلى في عمليات الشراء الكبرى .
" جيد سأشتري منك جميع الصناديق الويسكي بسعرها الأصلي ، سعر الصندوق الواحد 14 دولار ، القارورة ب 1.17 دولارا اي 84 دولارا لجميعها ، نفس الشيء مع الجعة سأشتري جميع الصناديق بـ12 دولار للصندوق الواحد اي 1.5 دولار للصندوق "
" المجموع الكلي 96 دولارا "
اجرى روبرت حساباته بسرعة وبالكاد استطاعت الساقية مواكبته حيث قام عن عمد برفع الأسعار قليلا لإغراء الساقية والإسراع في عملية الشراء .
ريتش على الجانب كل ما استطاع فهمه هو انهم سيدفعون 96 دولارا مقابل جميع مشروبات الحانة ، لكن ولسبب ما ومع تقدم سير المحادثة كان التوتر يبرز أكثر من ملامحه ..
" اهه ، هذا .. سأناقش الأمر مع اخي اولا ، كما تعلم 96 دولار مبلغ كبير ، لا تقلق لن يتأخر بالعودة .. "
لم يتح روبرت لها المجال للحديث أكثر قبل ان يقاطعها
" تناقشين ماذا ؟ هل تريدين الاستمرار في خفض الأسعار لأقل من النصف لتباع لك ام تريدين التخلص من القارورات المتبقية بحلول السنة الجديدة دون استرداد حتى ربع فائدتهم ؟ "
كانت نبرته خشنة قليلا
" 90 دولارا ، هذه صفقتي الأخيرة ، إذا قبلتي سننقل البضائع الأن عربتي تنتضر بالخارج ، غير ذالك سأنتقل لحانة اخرى ، حضًا موفقا في بيع مشروباتك "
مباشرة بعد إكماله أعاد الورقة لجيبه محدقًا بحدة ناحية الساقية منتضرا إجابة فورية .
إزداد الإرتباك على وجهها وتخلله لمحة خفية من الغضب ، في النهاية كان روبرت محقا ، إن لم تقبل صفقته الأن فعلى الأرجح انها لن تبيع مخزونها المتبقي وستخسر الحانة كثيرا جراء الاستمرار في خفض الاسعار لبيع المشروبات ، لكن طريقة حديثه هذه ..
" حسنا انتضر سأقبل صفقتك "
بعد حسبة سريعة بذهنها قالت مزيحة غرورها على الجانب
" جيد " اوما روبرت
" اتبعني من فضلك "
اشارت له ليتبعها على مايبدو لباب بأقصى الزاوية
" هذا هو المخزن ، ماتراه أمامك هو كل البضاعة المتبقية "
كانت غرفة صغيرة باردة بجانب الحمام ذات اضائة خافتة من بعض الشموع بالكاد تكفي لإضاءة المكان ، خلاف صناديق الكحول الموضوعة عشوائيا هنا وهناك كانت الغرفة فارغة .
احنى روبرت ضهره ملتقطًا إحدى الصناديق ثم استدار للمرأة وراءه
" تفضل "
ناولته مفك البراغي لفتحها دون حاجته لقول اي شيء اخر ، بعد فحص سريع والتأكد من حالة القارورات اعاد روبرت اغطية الصناديق ، وقف مستقيما مرة اخرى واخذ نفسا سريعا ، تسللت رائحة العفن من زوايا الحجرة لأنفه ماجعله يجعد حاجبيه في اشمئزاز ثم استدار لريتش بالخلف
" كل شيء جيد ، سننقلهم للمقصورة " اكد روبرت ثم اشار لريتش لإخطار دوني بفتح المقصورة والإستعداد للإنطلاق
اقترب روبرت بضعة خطوات ناحية الساقية ثم اخرج من جيبه حزمة نقود خضراء وبدأ بالعد
" 88 - 89 - 90 دولار " اكمل العد سريعا واعاد الباقي لجيبه ، لم تفارق اعين الساقية النقود حيث كادت تلتهم الحزمة باعينها .
في نفس اللحضة على إحدى الطاولات بالخلف ، جلست مجموعة من ثلاثة رجال كانو على مايبدو يقامرون بالورق فيما بينهم ، كان أحدهم أصهباً ذا لحية حمراء إرتدى قبعة رعاة البقر وقميص كتان أسود .
" إنتضرو قليلا .." أمر رفاقه بصوت خشن وهو ينهض من كرسيه متجهًا ناحية حجرة المخزن
" ليلي هل كل شيء بخير؟ " عند دخوله إضطر الأخير لخفض رأسه نضرا لطوله المرتفع ، سأل الساقية امامه بينما التمعت نضراته على نحو عدائي تجاه روبرت
" خوسيه لقد اخبرتك مرارا وتكرار أنني لست طفلة صغيرة لتتطمأن علي كل دقيقة " بالرغم من كلامها إلى انها رمقته بابتسامة لطيفة قبل تكمل وتشرح له غرض روبرت من المجيئ هنا ..
" إنه صديق أخي ، لسبب ما لطالما أحس خوسيه انه من واجبه حراستي أثناء غياب أخي .. "
شرحت موجزا لروبرت الأمر ، فبعد كل شيء لم ترغب ان يشعر زبون كريم مثله بالإنزعاج من هذا الأمر ..
" نعم ارى ذالك " اومأ روبرت برأسه متفهما وهو يتبادل النضرات مع الرجل الماثل أمامه ، حسب تقديره كان طول الأخير قد تجاوز المترين.
في نفس الوقت عاد ريتش هو الأخر لحجرة المخزن مبلغًا روبرت بأن العربة مستعدة ثم القى نضرة فضولية على المدعو خوسيه ..
" ريتش ، يبدو بأنه سيكون هنالك تغيير طفيف بالخطة .. " كانت إبتسامة هادئة تعلو ملامح روبرت ، الساقية المدعوة ليلي على الجانب وبالرغم من عدم فهمها مقصد روبرت إلى انها لاتزال ترد على إبتسامته بواحدة اكثر دفئا منتضرة بفارغ الصبر تسليمها النقود بيده .
تحركت تفاحة أدم الخاصة بريتش صعودا وهبوطا بينما تساقطت قطرات عرق باردة بحجم الفاصولياء من جبهته ، لبضعة ثواني ساد هدوء قاتل بين الأربعة .
بحركة سريعة ومتقنة أدخل روبرت يده تحت حزامه ساحبًا مسدسًا موجها إياه ناحية وجه خوسيه الذي والبرغم من تفاعله السريع مع حركة روبرت إلى انه كان ابطئ بجزء من الثانية
" فرقعة "
تردد صوت طلقة نارية مدوي بالمكان مخترقة الجانب الأيسر لرقبة خوسيه تحت أذنه ما ادى لتطاير رذاذ دمائه ملطخًا جسد ريتش الذي صادف وان كان على نفس جانب الإصابة ، انهار على الأرض حيث لم تتح للاخير الفرصة حتى للتفاعل بشكل لائق .
ليلي هي الأخرى إختلطت كل من إبتسامتها وشوقها بكل من الصدمة والخوف مشكلة تعبيرا بشعًا شوه ملامح وجهها
" ا-انت - "
لم تتح الفرصة لها للحديث اكثر حيث لف روبرت يده حول عنقها ضاغطًا بكوعه على رقبتها مثبتًا إياها بإستعمال قوته مع إبقاء فوهة السلاح بالقرب من رأسها .
كان صدى الصوت العالي لا يزال يتردد بالمكان الشيء الذي نبه الأشخاص القلائل بالحانة حيث خرج معضمهم هاربًا بينما تقدم الشجعان منهم ناحية مصدر الصوت ، حدث كل هذا خلال أقل من ثلاثة ثواني ماجعل من الصعب على ريتش إستيعاب الأمر بالكامل ..
" رو-روب اللعنة مالذي فعلته ؟ لقد اخبرتني انها مجرد سرقة لكن هذا .. هذا مستوى اخر يارجل .."
بالقرب من جسد خوسيه المحتضر بالكاد تمالك ريتش أعصابه حيث فقد هدوءه وهو يصرخ ناحية روبرت ، أسفله تكونت بركة دماء قرمزية دافئة على الأرضية ماجعله ينكمش بزاوية الحجرة كفأر خائف .
" ايها الداعر .. " في نفس الوقت وصل بضعة اشخاص من بينهم الذي كانو جالسين مع خوسيه بالطاولة ، حدقو بالمنضر الدموي امامهم ولم يسعهم سوى الشعور بالصدمة التي سرعان ماتحولت لغضب ونية قتل هائلين ناحية حامل السلاح أمامهم.
لم يتغير تعبير روبرت بل ضل محافضًا على هدوءه عكس ريتش الذي ولأول مرة بحياته يحس ان اقدامه هشة للغاية بحيث لا تستطيع حمل وزنه وسط هذه الفوضى .
بعد نضرة سريعة لعدد الرصاصات المتبقية أشار روبرت بالمسدس ناحية ثلاثة اشخاص عند المدخل مهددا إياهم
" إقترب وسأحرص على إحداث فجوة اخرى بدماغها اللعين .. "
كانت نبرته شرسة ولم تدع اي مجال للشك ، أبقى إصبعه على الزناد مستعدا للضغط عليه في اي لحضة ثم صرخ ناحية ريتش موقضًا إياه من حالة جموده .
" ريتش إحمل الصناديق واودعهم بالمقصورة "
كان ريتش بالقرب من جسد خوسيه المحتضر ، بعد إلتقاط انفاسه لبرهة وتحت ضغط صراخ روبرت احنى ضهره ملتقطا بضعة صناديق تلوث خشبها باللون الأحمر ثم وقف مرة اخرى واستدار ناحية الباب اين استقبلته نضرات مليئة برغبة سفك الدماء ، وراءه تحرك روبرت وبحوزته ليلي الشيء الذي ردعهم دون السماح لهم بالتحرك .
بعد دقيقتين من تحميل الصناديق بالعربة تخللها جو خانق بين المجموعتين خرج الإثنان اخيرا من الحانة .
بعد ان إستعاد روبرت نقود الطعام من داخل أثدائها لم يركب العربة بل اشار لدوني بالتحرك ببطئ بينما بقي هو يرجع للخلف على اقدامه ..
" ا-ارجوك إننا بعيدون عنهم لن يستيطعو اللحاق بك .. "
توسلت ليلي بصوت مرتجف
كانو عند مدخل القرية بالفعل ، بعد ان القى روبرت نضرة شاملة من حوله والتأكد من ان لا احد مختبئ بالجوار ..
" فرقعة "
تردد صوت طلق ناري قبل ان تسقط ليلي كجثة هامدة مع ثقب خلف رأسها بحجم عملة معدنية .
" دوني إنطلق " صعد روبرت بسرعة العربة مشاركا مقعد السائق بجانب دوني مع إبقاء انتباهه من حوله وأمر .
إستشعر دوني الأجواء الخطيرة ولم يتأخر في جلد الأحصنة متبعًا أمر روبرت بالإقلاع بأقصى سرعة لتتحرك العربة للأمام خارج القرية ، كان الاخير هو الأكثر إرتباكا مع العديد من الأسئلة بذهنه ، لكن إتباعا لأوامر روبرت لم يسعه سوى تأجيلهم والتحرك .