ذهب منير ليساعد أباه سامح في الحصاد دون أن يلقي بالا لكل ما جرى معتبرا إياه حلما فقط

كانت أشعة الشمس تنساب على جبهة منير البيضاء و العرق منهطل منها بسبب الإجهاد ، و كان شعره الأسود الداكن القصير يتراقص أحيانا مع نسمات تهب لهنيهة ثم تختفي ، كان منير ضعيف البنية رغم عمله في الأرض أغلب وقته ، يرتدي قميصا اخضر فاتح اللون و سروالا أزرقا شمره إلى أسفل ركبتيه بقليل

الجميع يحصدون بجد

و بينما هم منشغلين كذلك

إذ توقفت عربة الحاكم و معه 8 جنود مدرعين على أحصنتهم

قال الحاكم بنبرة من التعجرف " حان وقت دفع الضرائب "

اسود وجه الجميع و صك منير على أسنانه من شدة الغضب

توجه شيخ عجوز كان رئيس القرية و قال بكل لطف " سيدي حاكم الإقطاعية الزرقاء ، لقد دفعنا ضرائبنا منذ أسبوعين فقط"

نظر الحاكم للعجوز بنظرات أخافت الشيخ المسكين " ماذا قلت ؟ لم أسمع ؟ "

تلعثم العجوز " س ... د .... ضر ...عين "

ضحك الحاكم بتكبر " ههههه ، غبي مثلك ما زال غبيا بعد كل هذه السنين ، لا تعرف حتى كيف تحترم الأعلى شأنا منك "

" علموه الأدب "

نزل جندي ضخم الجثة من على حصانه و توجه نحو الشيخ ، كانت هيئته كالجبل الراسخ و عضلاته تكاد تنفجر خارج درعه الحديدي

امتلأ الشيخ بالعرق البارد و تسمر في مكانه منتظرا نهايته

ما إن رفع الجندي يده و هم بضربه حتى سمعوا صراخا "توقف"

التفت الحاكم و الجندي نحو مصدر الصراخ ، إنه سامح والد منير

قال سامح و عيونه تطلق شرارات " كيف تجرؤون على ضرب عجوز ضعيف لا حول له و لا قوة ، ألا تخجلون من أنفسكم"

بنظرة واحدة من الحاكم توجه الجندي لسامح بمجرد ما أمسك برأس سامح ، قطع سامح ذراعه بالمنجل الذي كان في يده

تفاجأ كل الحاضرون و نزل كل الجنود من على أحصنتهم

قال الجندي و هو ينزف " أيها الوغد كيف تجرؤ ، بعدما كنت على وشك ضربك فقط سأقتلك الآن "

ظهرت هالة بنفسجية حول الجندي و سيف طاقة بنفسجي

قال سامح في نفسه " تشيه ، جندي في مستوى روحي ، يا لحظي التعيس "

توجه السيف صوب عنق سامح لكن سامح أخفض رأسه و قام بقطع رجل الجندي اليسرى فسقط الجندي

نظر سامح إليه و قال " خفت للحظة ، الواضح أنك وصلت لهذا المستوى بعد تعزيز روحك و بنيتك الجسدية فقط و لم تتدرب على السرعة "

تجهم وجه الجندي و قال " أيها الوغد ، سأقتلك "

فجأة أصاب سهم كتف سامح

رفع سامح رأسه، مطلق السهم كان الحاكم

بأمر من الحاكم هجم على سامح باقي الجنود السبعة

تراجع سامح خطوتين للوراء و قال " البنية البيضاء "

تضخم جسد سامح و تحطمت الأرض من تحت رجليه و تحطم السهم الذي كان في كتفه

فتح منير فمه و كل أهل القرية

وقف سامح شامخا للحظة و تمتم بكلمات لم يفهمها أحد

اختفى سامح من مكانه و ظهر أمام الحاكم ، قال له " عد الآن قبل أن أغير رأيي و أقتلك "

صدم الحاكم و تحول وجهه للأصفر ، نظر إلى جنوده فوجدهم كلهم قتلى و كأن شيئا ثقيلا قد حطمهم

هرب الحاكم مسرعا بعربته و هو يقول "تذكر هذا ، سأعود لأبيد قريتكم عن بكرة أبيها "

بعدما ضمن سامح مغادرة الحاكم قال "إلغاء" فرجع لشكله الطبيعي

فقد سامح توازنه قليلا و ترنح و كاد يسقط ، لولا أن منير ركض اتجاه والده مساندا إياه

دخل منير و والده كوخهم و استلقى على السرير و قامت هند أم منير بمعالجة الثقب الذي خلفه السهم

قال سامح " يبدو أنني كبرت حقا "

نظر إلى وجه منير المليء بعلامات الاستغراب و الدهشة و قال " لا تقلق يا بني ، سأشرح لك كل شيء فيما بعد "

رجعت أخت منير الصغرى توها إلى المنزل و هي تبكي "أبي هل أنت بخير "

رد سامح و البسمة تعلو وجهه " لا تقلقي ، أنا بخير "

ظهرت تعابير جادة على وجه سامح " الوضع لم يعد آمنا ، لكنني سأحميكم و لو كلفني هذا حياتي "

بعد فترة قصيرة دق أحدهم الباب ، فارتعب جميع من في المنزل ، استجمع منير رباطة جأشه و قام بفتح الباب

" إنه شيخ القرية مختار "

دخل مختار المنزل و جلس أمام السرير الملقى عليه سامح " شكرا لك على إنقاذك حياتي يا بني ، لكن لم يكن عليك فعل ذلك ، فقد جلبت لنفسك و عائلتك و القرية هما كبيرا "

قال سامح بصعوبة " أعلم ذلك يا شيخ ، لكن لم أحتمل فقدان شخص آخر منذ ... "

سكت سامح ملتفتا لمنير ثم لابنته ريان

قالت هند "منير أكمل جمع الحصاد ، ريان اذهبي للعمة صوفيا فقد أعدت فطائرك المفضلة "

ذهبت ريان مسرعة لبيت العمة و الفرح يملؤها ، في حين أن منير قد علم أن هذا لمنعهما من سماع الحديث الذي سيدور ، لكنه لا يعصي أمر والديه فذهب بعيدا دون أن يسترق السمع

فبالرغم من كل شيء عمر ريان 8 سنوات لذا لا تعي شيئا، و عمر منير 12 سنة لكن تفكيره أكبر من أقرانه لذا فهم كل شيء

فكر منير فيما حدث قليلا

كيف استطاع أبي هزيمة 8 جنود مدربين ؟ و ما البنية البيضاء هذه ؟

هل كان أبي قويا هكذا كل هذا الوقت ، لماذا لم يخبرني شيئا ؟

ما هي الأسرار التي يخفيها أبي و يعلم بها الجميع إلا أنا ؟

2017/07/22 · 1,699 مشاهدة · 860 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024