لم اكره العالم يوما لا بل لم يحق لي ان اكرهه اصلا لانني لا اعرف ماهو الشعور بالكره لم أكن أعرف أن الصمت يمكن أن يكون بهذا الثقل
ليس الصمت الذي يخلو من الأصوات، بل ذاك الذي يمتلئ بها... دون أن تفهمه.
كنت أسمع العالم،
لكنني لم أكن جزءًا منه.
الأرض تحت قدمي لم تكن ثابتة، أو هكذا خُيّل إليّ. خطواتي كانت محسوبة، حذرة، كأنني أسير فوق شيء قد يختفي فجأة. لم أكن أخاف السقوط، بل ما بعده. ذلك الفراغ الذي لا صوت له، ولا نهاية.
قالوا لي مرة إن لكل إنسان طريقًا. لم يذكر أحد أن بعض الطرق تُفرض، وأن بعضها لا يؤدي إلى مكان
والبعض الاخر مسدود مقدر لسالكه التوقف او السقوط متقبلا فشله.
لم أكن أرى الطريق، لكنني كنت أعرف أنه طويل.
الهواء من حولي كان باردًا، ليس لأنه شتاء، بل لأن الدفء كان فكرة بعيدة. لم أشعر يومًا أنني فقدت شيئًا، لأنني لم أمتلكه أصلًا. لا طعم، لا إحساس، لا صورة. فقط وجودٌ خام، عارٍ من المعنى.
الغريب أنني لم أكن حزينًا. الحزن يحتاج سببًا، وأنا لم أمتلك تفسيرًا.
كنت موجودًا، وهذا وحده كان كافيًا ليُربك العالم.
أحيانًا، حين يقترب أحدهم، أسمع تردده. ذلك التوقف القصير في أنفاسهم، كأنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع شيء لا يرد، لا ينظر، ولا يشرح نفسه. كانوا يرون جسدًا، لكنهم لا يعرفون إن كان هناك أحد في الداخل.
حتى أنا... لم أكن متأكدًا.
الزمن كان يمرّ، لكن دون علامات واضحة. لا شروق ولا غروب بالنسبة لي، فقط تغيّر في الأصوات، في الخطوات، في عدد الأنفاس من حولي. تعلمت أن أعدّ العالم بالأصوات والاضواء التي ليس لها تفسير، لا باللحظات.
وفي كل مرة كنت أظن أنني فهمت إيقاعه، كان يخذلني.
هناك ذكرى، أو شيء يشبه الذكرى، تلوّح لي أحيانًا من بعيد. لا صورة لها، ولا شكل، فقط إحساس ببرودة مفاجئة، وكأن شيئًا كان يجب أن يبقى مدفونًا... لكنه تحرّك شيئ لا افهمه يحركني بدون توقف كانني دمية له.
في تلك اللحظات، يتسارع تنفسي دون سبب. قلبي يتذكر شيئًا لم يخبرني به.
ربما كان هذا هو القدر. ليس كقوة عظيمة، بل كخطأ صغير لم ينتبه له أحد.
لو كان للقدر صوت، لربما نطق أسماء كثيرة... وتجاوز اسمي او بالاحرىربما لم يكن موجودا من الاساس في قائمته.
لم أطلب شيئًا من هذا العالم. لم أطلب أن أولد هكذا، ولم أطلب أن أستمر.
لكنني كنت هنا، وهذا وحده كان كافيًا ليجعلني عبئًا على نظامٍ لا يعترف بالأخطاء.
في مكانٍ ما، كان هناك نور. لا أراه، لكنني أشعر به. ليس نورًا دافئًا، بل ذاك الذي يلمّح ولا يعد. كأنه يقول: "تعال"... ثم يصمت.
هل كان خلاصًا؟ أم سخرية أخيرة؟
تابعت السير، لأن التوقف لم يكن خيارًا.
أنا ابن هذا الطريق،
ابن هذا الصمت،
اوزوكي ابن القدر المسكون .