كان جايد ميتاً. كان متأكداً من ذلك. كان في طريقه لإحضار الطعام في وقت متأخر من الليل بعد لعب لعبة عندما صدمته شاحنة. كان ميتاً.

كان يجب أن يكون ميتاً. شعر بعظامه تتكسر وتتحطم، ولحمه يتمزق. فكيف يكون حياً؟

"ماذا... يحدث؟"

كان صوته أجشاً وجافاً. فتح عينيه ثم أغمضهما. فرك وجهه، ثم فتحهما مجدداً، ونظر حوله.

"لست في المستشفى؟"

على حد علمه، كان يجب أن يكون ميتاً، وإن لم يكن كذلك، ألا يجب أن يكون في المستشفى؟ لكنه وجد نفسه على سرير بغطاء متسخ لدرجة أنه كان يُشعره بحكة في أنفه.

تأوه وهو يرفع جسده. كان جسده يؤلمه، لكن ليس الألم الذي تسببه شاحنة مسرعة تسحق شخصاً ما.

كان أشبه بالألم الذي يشعر به المرء بعد يوم عمل طويل، الألم الذي ينبعث مباشرة من العظام. في الغرفة ذات الإضاءة الخافتة التي وجد نفسه فيها، بدأ يُرتب مكانه.

صفوف من أسرّة بطابقين، أرضية متسخة وجدران مليئة بالشقوق.

والرائحة. تجهمت شفتيه.

"هل اختُطفتُ بعد أن صدمتني تلك السيارة؟ إذاً عليّ البحث عن طريقة للخروج من هنا. لا، عليّ أن أنظر حولي وأعرف الوضع الذي أنا فيه قبل أن أفعل أي شيء."

أرجح ساقيه فوق السرير. كان في السرير السفلي، لكنه تجمد في مكانه وهو واقف. كان هناك أشخاص آخرون نائمون على الأسرّة. كانوا يشخرون بهدوء.

لكن هذا لم يكن ما جعله يتجمد في مكانه حقاً. بل كانت الفكرة التي خطرت بباله أن هناك خطباً ما.

"هل أنا... أطول؟ وأنحف؟"

رفع قميصه، واتسعت عيناه.

"ما هذا بحق الجحيم؟"

لم يكن سميناً بأي شكل من الأشكال، لكنه كان لديه بطن كبير ناتج عن قضاء معظم أيامه في الاسترخاء.

"هل تُسببت تجربة الاقتراب من الموت في مثل هذه التغييرات؟ لا، هذا مستحيل. هذا غير منطقي إطلاقاً. هل اختُطفتُ وأُجريت عليّ تجارب؟ أجل، لا يزال هذا احتمالاً وارداً. نوع من الأبحاث السرية التي تخطف الناس لتجاربهم الملتوية؟"

كان متوتراً وقلقاً. حقيقة أنه كان يُحلل أفكاره بصوت عالٍ كشفت عن ذلك. بصفته رجلاً يُحب التعامل مع المشاعر الباردة، بدأ يُفسر الاحتمالات التي ربما حدثت له، مُستبعداً ما لا يُمكن أن يكون مُمكناً.

وبينما كان عقله يفعل ذلك، بدأت يداه تستكشفان جسده، وما أدركه جعله يلهث.

"مستحيل!"

كانت صرخة خفيفة، لكن شخصاً من أقرب سرير رفع رأسه وصاح بصوت أعلى منه.

"اصمت أيها الحقير! ألا يكفي تعرضك للضرب؟ سأدفعك تحت السرير الآن!"

ثم بدأ الشخص بالشخير مجدداً على الفور.

"...ضرب؟ أجل، كنتُ مُحقاً. أنا في مكانٍ خطير..." ضيّق عينيه. لكن إدراكه لما وصل إليه جعله ينسى أي شيء آخر. قال بثقةٍ مُطلقة:

"هذا ليس جسدي".

كان أطول، وكفه خشنة، ورغم أن جسده كان نحيلاً بعض الشيء، إلا أنه كان لا يزال مفتول العضلات. كان يعلم أن جسده لا يحمل أياً من هذه السمات. الشيء الوحيد الذي يُميزه هو عقله.

مسحت عيناه الغرفة، وهناك، في الزاوية البعيدة، كانت مرآةً تلمع بوجهٍ مُتشقق.

"هذا يكفي."

اقترب وحدق في وجهه في المرآة. لم يكن وجهه. كان وجهاً مجهولاً. شعر أسود وعيون زرقاء ثاقبة كقطعة جليد.

"هذا ليس أنا. لستُ بهذا الوسامة."

كان صوته خالياً من أي تعبير، وألقى نكتةً ليُحافظ على هدوئه، لكن شفتيه لم ترتعشا حتى. كان عقله يعمل بجهد كبير لتفسير الوضع الذي كان فيه، لكن مع ذلك، كان الشيء الوحيد الذي استطاع تقبّله هو ابتكار تقنية بحثية متطورة قادرة على نقل وعي الموتى.

لم يُذعر. بل استدار وبدأ بالخطوة التالية:

جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات. تجول بين الأسرّة المختلفة وبدأ بدراسة النائمين فيها، وما يرتدونه، وكل ما تراه عيناه.

جعل ما رآه قلبه يخفق بشدة، ورغماً عنه، اتسعت عيناه.

"إنهم مراهقون مثلي، جميعهم ذكور. لكن على الملابس المتناثرة، هناك رمزٌ مألوفٌ جداً. ابتلع ريقه.

خمس قبضاتٍ داميةٍ تحمل خمسة سيوف. رأيتُ هذا الرمز من قبل. قرأتُ عنه. لعبتُ اللعبة من قبل!"

"هذا رمز أكاديمية زينيث للأبطال! إنه في رواية ويب 'إرث الأبطال'! هل هذه مزحةٌ من مُعجبٍ ما؟"

هذه المرة، لم يستطع الحفاظ على هدوئه إذ بدأ قلبه ينبض بسرعة. دون تردد، سار نحو الباب وركض من الغرفة إلى رواقٍ ذي أبوابٍ مُختلفة.

كان الفجر، والشمس تُلقي بضوءها الخافت على كل شيء، لكنه لم يُلاحظ كل ذلك. ركض خارج المهجع، خارج البوابة، و... لم يكن عليه الذهاب بعيداً ليرى ما يبحث عنه.

هناك في السماء، رأى الإجابات. كانت امرأة تُحلق على سيف، يتلألأ شكلها وهي تتوهج. هناك، استحضر رجلٌ لهباً من يده واستخدمه لإشعال دخانه.

وقف مصدوماً، وبدأ عقله يتوصل إلى استنتاج لم يخطر بباله أبداً أنه سيتوصل إليه في حياته التي استمرت تسعة عشر عاماً.

"لقد انتقلتُ إلى عالمٍ آخر. وهذا العالم... عالم إرث الأبطال!"

أخذ عدة أنفاسٍ هادئة.

"حسنًا. لقد تقبلتُ وجود قوىً تتجاوز إدراكنا، والآن أنا هنا. ما أعرفه عن هذا العالم أنه وحشيٌّ للغاية. حيث يدوس القوي الضعيف بأقدامه."

"لحسن حظي، كأحد الشخصيات الرئيسية..."

فجأة، تجمد وعقد حاجبيه.

"لحظة، لقد تحققتُ من هذا الوجه سابقاً... لا أتذكره. لم أره من قبل. اسمي..."

فجأة، خطر بباله اسم الجثة، اسمه الجديد.

"اسمي سيفيرين راينهارت...؟"

اتسعت عيناه.

"من هو سيفيرين راينهارت هذا بحق الجحيم؟"

2025/06/16 · 33 مشاهدة · 778 كلمة
Merlin
نادي الروايات - 2025