61 - "خطيبتي..هل تمانع؟"

_" أولاً..إسمي ليس ميشيل كما تدّعين، إسمي إيثان أندرسون..وثانياً، أنا فاقد لذاكرتي قبل أشهر.."

توقفت لوسي عن الرقص، وأخذت تنظر إليه بصدمة مما سمعت...

________________

_فلاش باك_قبل أشهر...

_جوليا_

لنعد من البداية..إسمي جوليا سميث، أبلغ من العمر 26، وأنا من إحدى أغنى العائلات بأوروبا كلها...

جميع الشبان يتمنون ظفراً من إصبع قدمي، لكنني ولطالما رفضت كل من يتقدم لخطبتي..وسيم، فاحش الثراء، شهير...

لسبب ما لم يرضني أي منهم..لدرجة أن والدي قد ضاق ذرعاً بي..لكنه لم يكن ذلك النوع من الآباء الذي سيرغمني على فعل شيء لا رغبة لي به بل العكس..، يتركني دائماً على راحتي...

عائلتي مكونة من أربعة أفراد..أبي، وشقيقي الأكبر فرانك، متزوج وله إبنتين..وهو يعيش بهولندا...

أمي توفيت قبل سنوات، وأنا أعيش مع والدي روبرت لوحدنا في القصر بأكمله..أو إن صح القول أعيش لوحدي..فدوماً ماكان يسافر أبي من أجل العمل، وإن عمل في البلد نفسه لايدخل إلى القصر سوى في منتصف الليل..حيث أكون نائمة وأجول داخل أحلامي...

تمنيت لو أنني أتزوج رجلاً وسيماً مفتول العضلات، شكله يوحي بأنه رجل عصابات..كنت أحب الرجل الخشن الفظ..تلك الشخصية الجذابة..عكس كل من تقدموا لخطبتي، ممن يجيدون الكلام المعسول والنفاق...

وأهم شيء، أنه لايلقي إهتماماً لأحد غيري..أكون أنا محور حياته، يقع بحبي بصدق..وليس من أجل مالي وأملاكي...

بالتأكيد لم أكن لأتمنى متشرداً فبالطبع أريده أن يكون من طبقتنا ويملك من النقود والشركات مايملك...

وشائت الأقدار أن ألتقي ذلك الشاب، كانت بوني (جارتنا) قد عمتها غيرتها وجن جنونها...

كانت صلة عائلتينا متقاربة لحد كبير، لكنها ولطالما كانت تغار مني..فهي لم تكن جميلة بل بشعة، كنت أقرف حتى من الجلوس بجانبها..أما أنا، هيييييه~ لامجال للمقارنة...

عيوني زرقاء وشعري أشقر حريري..بشرتي ناصعة البياض وكل هذا جمال رباني، أما بوني..فقد زادت بشاعة بعمليات التجميل التي أدتها الواحدة تلو الأخرى يععع...

ولغيرتها وإيمانها بأنها لن تصل لمستواي قط مادمت حية..باتت تكيد لي المكائد والمقالب لتفسد سمعتي وتنهي حياتي...

حصل وأن ألصقت بي تهمة سرقة، لكنني وبالرغم من سماعها على الهاتف وهي تتكلم عن مكيدتها، إلى أنها وفي وجهي تبتسم تلك الإبتسامة الصفراء مدعية أنها صديقتي المقربة التي لاتبحث سوا عن مصلحتي...

دخلت لمركز الشرطة وكما خططت هي تماماً، أتوا لمنزلي وقاموا بجري لمركزهم..لكنني مشيت بثقة وإبتسامة عريضة تعلو وجهي فأنا أملك جداراً خلفي..ألا وهو أبي...

كان أبي ذلك الوقت خارج البلد، لكنني مؤمنة تماماً أنه سيتصرف من مكانه عبر فرقعة واحدة من أصابع يده...

جلست أمام المفوض وأخذ يسألني بعض الأسئلة وانا أجيب بسلاسة، يسألني بإحترام وكل سؤال يسألني إياه يعتذر مني ويخبرني أنه عمله ولايمكنه تركها تذهب دون أن يفعل ذلك...

أبقيت على إبتسامتي وأنا أتكلم معه بأدب وبرقة..فبالتأكيد أنا فتاة بي كل الصفات الحسنة والجميع يضربون بي الأمثال...

على الأقل ذلك هو الوجه الذي أظهره للناس وحتى لأبي، أخذ المفوض يقرأ الملف وأنا أنتظره وقد بدأت أمل وصبري قد نفذ...

تنفست الصعداء وسرعان ما أعدت إبتسامتي المشرقة على وجهي، ثم أدرت رأسي إلى اليمين أنظر لمركز الشرطة بتقزز..متسخ وغير مرتب إطلاقاً، إضاءة فظيعة خافتة..وبإمكاني الجزم بأن المكان يعم بالصراصير والحشرات...

لتقع عيناي على شاب كان مستلقياً مغشياً عليه، ولم أستطع إبعاد عيناي عنه حقاً...

ملامحه الجذابة الحادة، يضع قماشاً أبيض يلف به رأسه وقد إمتلئ دماً...

فتح عيناه ببطئ ينظر إلى الباب بشرود، لأسمع فتاةً خلفي تحدث المفوض قائلة:

_" هو لايتذكر شيئاً سيدي..لربما يحتاج لعناية طبية.."

عقد المفوض حاجبيه وأردف" لايمكننا أن نتركه يذهب هكذا..فلربما كان متورطاً حقاً في حرب عصابة المخدرات التي حدثت قبل ساعتين.."

_" تقصد حرب الشرطة مع العصابة؟ لكنه قيل بأنه كان مرمياً هناك قبل أن تحدث.."

أطلقت العنان لأذناي أستمع بتمعن..وقد خطرت ببالي فكرة جهنمية، أعجبت بذاك الشاب وقد تيتمت به..لم أرده أن يضيع من بين يداي وخصوصاً أنه فاقد لذاكرته، إن سارت خطتي كما يجب فلن ينظر لأحد سواي بما أنه فاقد لذاكرته...

وقفت عن كرسيي مدعية الإنفعال حتى سقط الكرسي عن الأرض، وضعت يداي على فمي وها أنا بدأت تمثيلي الذي يستحق جائزة الأوسكار...

سالت الدموع على وجنتاي بحرارة وركضت نحو الشاب وإحتضنته قائلة" أين كنت عزيزي..بحثت عنك لأشهر فأين كنت؟ هل أنت سعيد بإقلاقي عليك هكذا!؟"

أخذت أبكي وأضربه برقة على صدره أعاتبه وأعلم بأنني قد بدوت كملاكٍ حزين أمام الجميع..وقف المفوض عن مكانه وأردف بدهشة" هل تعرفينه آنسة جوليا..؟"

أدرت وجهي بإتجاهه وأجبت وقد تورمت عيناي من البكاء" أجل..إنه إيثان..حبيبي.." لاحظت إتساع عيني المفوض، ليردف بسرعة" جيد جداً..أنجيتنا من متاعب كثيرة.."

إبتسمت بشيطانية، ثم أخفيت إبتسامتي بسرعة وعدت أنظر إلى الشاب ليفاجئني بقوله" من..تكونين؟"

إنفجرت بالبكاء وأردفت محاولة إمساك نفسي" أعلم أنه ليس خطأك..فأنت فاقد لذاكرتك..سأخبرك فور وصولنا إلى المنزل، فهيا نعُد.."

مسحت دموعي بينما الشاب لم يقم بأي ردة فعل، ليتكلم المفوض من خلفي" هل لنا أن نسجل هويته أولاً؟"

وقفت بترنح وأردفت" أرجوك أيها المفوض أنا منهارة..لا أصدق بأنني قد وجدته بعد أشهر من البحث..."

إستدرت ناحية الشاب وأردفت" إشتقت إليك كثيراً عزيزي.."

أشاح بنظره بعيداً عني، أخذت أغلي بداخلي وأنا أقسم أنني سأجعله يقع في حبي ويغرم بي...

لححت للمفوض أن يدعنا نذهب دون عناء، تنفس الصعداء وبعد تفكير عميق تركنا نذهب..شكرته عدة مرات مدعية البراءة بينما حمل حارسي توماس الشاب ووضعه داخل السيارة برفق...

أومئ الشرطي رأسه إيجاباً وأردف بسعادة" لاشكر على والجب فأنا لم أفعل شيئاً..إنه محظوظ حقاً لإمتلاكه فتاة مثلك في حياته.."

إبتسمت برقة، ثم حييته بنبل وصعدت السيارة..وفي الطريق أخذت أفكر في كذبة محكمة الذكاء لأخبرها لذلك الوسيم وأجعله يصدقها...

أخبرت الشاب أنه يتيم، وأنني قد إلتقيت به في إحدى الحانات وأصبحنا حبيبين..لكننا أخفينا أمر علاقتنا عن والدي، وأنه قد أتى للعيش معي لأنه لم يملك مكاناً يعيش فيه..وأنني كنت الملاك المنقذ له...

وبأنه كان يغادر قصري فور عودة والدي من سفره وأدفع له أجرة لإحدى الفنادق، ثم أخبرته أنه وعدني بالزواج ولو كان سراً عن والدي...

إشتريت خواتم خِطبة وخبأتهم عنه، وحين أخبرته عن خطبتنا سحبتها وقلت بأنه من إشتراها وأنه كان سيخطبني تلك الليلة لولا إختفائه المفاجئ...

أخبرته أنني كنت سأهرب معه لكون والدي لن يرضى بزواجي من رجل طبقته أدنى من طبقتنا الراقية، لكنني مثلت أمامه بأنني سأقف أمام والدي وأواجهه بالأمر..وأنني متأكدة من أنه سيوافق...

جهزت هوية مزورة وكل شي حصل كما خططت له، لكنه لم يتقبلني مع ذلك..إعتذر مني وقال أنه يحتاج بعض الوقت ليجمع أفكاره...

أخذت أكذب كذبة تلو الأخرى وصدقاً..لم أفكر قط بأنه ومع مرور الوقت سأكشف في النهاية وينتهي كل شيء...

(حتى لو كان لمدة قصيرة..أريده أن يحبني كما أحببته..)

كنت أردد هاته الكلمات في رأسي دون أن أستعد لتحمل العواقب...

وها أنا ذي الآن قد حضرت حفلة في قصر إبن رئيس الوزراء سام وليتني مافعلت..قمت بأخذ إيثان معي دون أن أهتم إن إعتقد الناس بأننا خطيبان أم لا..فعلى أية حال سأصارح أبي حين يعود إلى البلد...

لقد كنت وحيدة..وحيدة لدرجة أن عقلي خطط لفعل كل هذا...

لطالما أراد حارسي وخادمي المخلص توماس أن ينبهني بأن هذا الأمر ليس معقولاً..لكنني كنت أسكته بنظرة واحدة مني، فهو يعشقني وكنت أقول لربما شعر بالغيرة من إيثان أو ماشابه...

لم أعره إهتماماً أو ألقي له بالاً، حتى أتت تلك الفتاة إلى إيثان ونادته ميشيل..ميشيل..هل يعقل أنها تعرفه؟ أم أنها خلطت بينه وبين شخص آخر وحسب!

إشتعلت غضباً، لألف يدي حول ظهره وتلقائياً لف هو يده حول خاصرتي، إبتسمت بنصر وإستدار يكلم الفتاة...

غفلت عنه للحظة..وحين إستدرت، إتسعت عيناي أنظر إليهما كيف يرقصان معاً..ينظران لبعضيهما وكأنهما عشيقان!!

________________

_باك_

أخبر ميشيل لوسي أنه فاقد لذاكرته منذ شهور، لتتوقف عن الرقص تنظر إليه بصدمة مما سمعت...

ثم تذكرت مباشرة تلك الصورة التي علقت برأسها إلى يومنا هذا..لحظة ضرب المتشرد لميشيل بعصى البيسبول تِلك على رأسه مباشرة والتي تسببت حقاً بإفقاده ذكرياته كلها...

أتى سام من خلفها وسحب يدها معاتباً " لقد إنتهى وقتكِ!"

أبعدها عن ميشيل وبتلك اللحظة بالذات..أدار دايمن رأسه ينظر إلى لوسي، ثم حرك عينيه إلى اليسار ينظر للرجل الوقف بينها وبين سام، لتتسع عيناه بصدمة ويهرول إليها...

(اللعنة..إنه حي!!)

أخذ دايمن يتصبب عرقاً، وقد إشتعلت عيناه غضباً والتوتر الذي شعر بهِ فاق الحدود...

وقف أمامهم..ثم عقد حاجبيه بإنزعاج" تعالي معي لوسي.." قال مشيراً برأسه لتأتي معه، ليوقفه ميشيل بقوله" على مهلك..نحن نتحدث هنا.."

ضيق دايمن عينيه وأدار رأسه ينظر إلى ميشيل بحقد، ليتبع" خطبتي..هل تمانع؟"

يتبع...

متابعة شيقة...

وشكراً على القراءة...أنرتم 🌹 ✥بقلم إيمان إيدا✥

2019/11/16 · 493 مشاهدة · 1272 كلمة
47ImaneEdda
نادي الروايات - 2024