الفصل الأول: بداية الظلام
كانت طوكيو، المدينة التي لا تنام، تشتعل بالأضواء في أعلى مستوى، لكن في الزقاق الخلفي حيث كان كازوكي يتجول، كانت الأجواء مختلفة تمامًا. الضباب الكثيف يغطي الشوارع، مما يجعلها تبدو كأنها لوحة قاتمة. المطر ينهمر بغزارة، وقطرات الماء تتساقط على الأرض المبللة، مما يخلق أصواتًا خافتة تعكس صمت الليل. كان كازوكي يشعر بالوحدة، لكنه لم يكن يعبأ بذلك. الوحدة كانت جزءًا من حياته، وهو ما اعتاد عليه.
كان كازوكي يمشي ببطء، متأملًا في ماضيه. في كل خطوة، كان يتذكر طفولته. كان في العاشرة من عمره عندما فقد والده في حادث عمل. كان ذلك حادثًا مأساويًا، فقد تركه مع والدته، التي كانت تعمل بجد لتوفير لقمة العيش. وعلى الرغم من جهودها، لم يستطع أن ينسى الفقر الذي عانى منه. رافقته تلك الذكريات المؤلمة، مما جعله يشعر بأنه لا ينتمي إلى هذا العالم.
توقف كازوكي عند زاوية الشارع، حيث كانت هناك مصابيح نيون ملونة تضيء المكان. كان هناك مطعم صغير، يصطف أمامه عدد من الزبائن. في ذلك المكان، كانت الحياة تدور بشكل طبيعي، بينما كان هو يشعر كأنه غريب. لم يكن لديه أصدقاء، ولم يكن لديه عائلة، فقط ذكريات مؤلمة وأحلام ضائعة.
عاد كازوكي إلى المنزل، وهو عبارة عن غرفة صغيرة في أحد المباني القديمة. كانت الجدران متهالكة، والأثاث بسيط جدًا. وضع حقيبته على الأرض، وذهب إلى النافذة. نظر إلى الخارج، ورأى المدينة تتلألأ بالأضواء. كان يتساءل في قرارة نفسه، ماذا لو كانت هناك حياة أخرى؟ حياة يمكن أن يعيشها بعيدًا عن الجريمة والقتل.
لكن سرعان ما تلاشت تلك الأفكار عندما تذكر كيف انضم إلى "المنظمة السوداء". كان ذلك منذ خمس سنوات. كانت المنظمة قد استقطبته في لحظة ضعف، حيث كان يبحث عن القوة والسلطة. ومع مرور الوقت، أصبح جزءًا من هذا العالم المظلم، ولكن بثمن باهظ.
في تلك الليلة، قرر كازوكي أن يتذكر تفاصيل تلك الليلة التي غيرت مجرى حياته. كان يتذكر كيف دخل إلى المقر الرئيسي للمنظمة لأول مرة. كان المكان مظلمًا، مع رائحة دخان السجائر تملأ الهواء. كان هناك عدد من الرجال يجلسون حول طاولة كبيرة، يتحدثون بصوت منخفض.
"أنت كازوكي، أليس كذلك؟" سأل أحد الرجال، وهو يرفع عينيه عن الورقة التي كان يقرأها. كان يُعرف باسم "رايو"، وكان عضوًا مخضرمًا في المنظمة. "لقد سمعنا عنك."
"نعم، أريد أن أكون جزءًا من هذا." كانت تلك كلمات كازوكي، لكنه لم يكن يعرف تمامًا ما الذي كان يتحدث عنه.
"هل أنت مستعد لفعل أي شيء من أجلنا؟" سأل رايو، مع نظرة حادة في عينيه.
"نعم، أنا مستعد." كانت إجابته قصيرة، ولكنه لم يكن يدرك تمامًا ما يعنيه ذلك.
بعد تلك الليلة، بدأت رحلته في عالم الجريمة. أول مهمة له كانت بسيطة نسبيًا، لكنها تركت أثرًا عميقًا في نفسه. كان عليه سرقة بعض البضائع من متجر محلي. كان يعرف أن الأمر غير قانوني، لكنه كان متحمسًا. لم يكن لديه خيار آخر. كان الفقر يلاحقه، والعذاب يعيشه يوميًا.
انطلق مع مجموعة من الأعضاء، وكانوا يعملون كفريق. في ذلك المساء، كان القلق يتسرب إلى قلبه. كان يشعر بأنه قد يقع في فخ، لكن شيئًا ما كان يدفعه للمضي قدمًا. عندما دخلوا المتجر، كان كل شيء يسير بسلاسة. كانوا يجمعون البضائع بسرعة، لكن كازوكي شعر بشيء غريب. كانت هناك أصوات خارج المتجر، وأصبح قلبه ينبض بشكل أسرع.
"يجب أن نخرج من هنا!" صرخ أحد الأعضاء.
ركضوا جميعًا إلى الخارج، لكن كازوكي كان متأخرًا. وقعت عينه على رجل شرطة، الذي كان يقترب منهم. في تلك اللحظة، شعر بالخوف يتسلل إلى أعماقه، لكنه لم يستطع التراجع. كان في خضم المهمة، وكان عليه أن يثبت ولاءه.
عندما واجه الشرطة، كان كازوكي يشعر بأنه محاصر. لكن بفضل سرعته وذكائه، تمكن من الهروب. شعر بنشوة بعد ذلك، كما لو كان قد حقق شيئًا عظيمًا. لكن تلك النشوة لم تدوم طويلاً. سرعان ما أدرك أن تلك اللحظة كانت فقط بداية.
مرت الأيام، وبدأت المهام تصبح أكثر تعقيدًا. كازوكي كان يتدرب بلا هوادة، يتعلم كيفية استخدام الأسلحة، والقتال، والتخطيط. كلما زادت وحشية الجرائم التي ارتكبها، زاد ولاؤه للمنظمة. بدأ يشعر بأن لا شيء يمكن أن يوقفه.
بينما كان يعمل مع الأعضاء الآخرين، كان يتعرف على الجانب المظلم من البشرية. كانوا يخططون لعمليات معقدة، يقتلون بلا رحمة، ويتاجرون بالمخدرات. ومع كل عملية، كان كازوكي يبتعد أكثر عن حياته السابقة. كان يشعر وكأنه أصبح جزءًا من عائلة جديدة، لكن هذه العائلة كانت مليئة بالألم والدمار.
في تلك الليلة، بينما كان يجلس في غرفته الصغيرة، بدأ يفكر في مستقبله. كان يعلم أن الحياة التي يعيشها لن تدوم إلى الأبد. كان هناك دائمًا خطر من الشرطة، ومن الأعداء. كان يفكر في العواقب، لكن شيئًا ما كان يمنعه من الفرار. كان قد أصبح أسيرًا لولائه للمنظمة.
"هل سأبقى هنا إلى الأبد؟" تساءل في نفسه، وهو ينظر من النافذة إلى المدينة التي لا تنام. كانت الأضواء تتلألأ، لكنها لم تكن تجلب له الأمل. كانت تجلب له شعورًا بالعزلة.
بعد فترة من التفكير، قرر كازوكي أنه يجب عليه أن يثبت نفسه أكثر. كان يعلم أن المنظمة تحتاج إلى رجال أقوياء، وهو كان واحدًا منهم. في اليوم التالي، تلقى مكالمة من الظل، زعيم المنظمة. كان لديه مهمة جديدة، وكانت هذه المهمة تمثل تحديًا أكبر من أي شيء قام به من قبل.
"كازوكي، أريدك أن تذهب إلى منطقة توساكي. هناك شخص يقف في طريقنا، ويجب أن نتخلص منه." كانت كلمات الظل واضحة وقاسية.
"أفهم." كانت إجابة كازوكي، لكن قلبه بدأ ينبض بشدة. لم يكن يعرف ما الذي ينتظره.
بينما كان يستعد للمهمة، اجتاحت أفكاره مشاعر مختلطة. كان عليه أن يواجه شخصًا آخر، وأن يقتل مرة أخرى. لكن هذه المرة، كانت الأمور مختلفة. كان يعلم أنه يجب عليه أن يكون في قمة تركيزه. كانت هذه المهمة ستحدد مكانته في المنظمة، وستثبت ولاءه.
توجه كازوكي إلى منطقة توساكي، حيث كانت الأضواء خافتة، والشوارع هادئة. كان يشعر بشيء من التوتر، لكنه دفع نفسه للمضي قدمًا. كان يعلم أنه لا عودة إلى الوراء. كان قد اختار هذا الطريق، وعليه أن يتحمل العواقب.
عندما وصل إلى المكان المحدد، بدأ يراقب. كان هناك عدد من الأشخاص يتجمعون حول مبنى قديم. كان هدفه هناك. استعد كازوكي، مستعدًا لما قد يحدث. كانت هذه اللحظة محورية في حياته، وكان يعلم أنه يجب عليه أن يثبت نفسه.
مع اقترابه من المبنى، شعر بشيء غريب. كان هناك شعور بالخوف يتسلل إلى قلبه، لكنه حاول تجاهله. كان يجب أن يكون قويًا. كان يجب أن يثبت ولاءه. عندما دخل المبنى، كان كل شيء مظلمًا وصامتًا. كان عليه أن يكون حذرًا.
توجه إلى الطابق العلوي، حيث كان الهدف موجودًا. كانت خطواته هادئة، لكنه كان يشعر بأن كل شيء يتصاعد. عندما اقترب من الغرفة، سمع أصواتًا. كان قلبه ينبض بسرعة، لكنه لم يتراجع. كان قد قرر.
عندما فتح الباب، وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الهدف. كان هناك شخص يجلس على كرسي، يواجهه بنظرة مريبة. كان يعرف أن هذه اللحظة ستحدد مصيره.
"من أنت؟" سأل الشخص، عينيه تتسعان.
"أنا كازوكي، وقد جئت لإنهاء الأمر." كانت كلماته حاسمة، لكنها لم تكن تعكس ما يشعر به داخله.
في تلك اللحظة، انطلقت رصاصة، وتدور الأحداث في دوامة من الفوضى. كانت تلك هي البداية الحقيقية لرحلته في عالم الجريمة، حيث لن يكون هناك مكان للضعف أو الشك.
(يتبع في الفصول التالية...)