Episode 016 : طلب الزواج
" انا لا افهم لماذا ننبههم على هروبنا "
تسأل هوليس هامسا و هو يجلس قرب سام داخل مخزن ادوات قديم في زاوية حديقة قصر دراموند
كان سام يحاول مراقبة انتشار الحراس بالقرب منهم في الخارج خلال ثقب صغير في الجدار فأجاب دون الإلتفات
" بالطبع لفتح البوابة "
ربما امكنه الدخول و لكن من المستحيل تمام الخروج بذات الطريقة انتشار الحراس و الدوريات و التوقيت كل ذلك لن يساعده لذلك و من اجل ضمان فتح البوابة قام بتنبيههم لهروب هوليس و ترك الحبل معلقا على السور لخلق تصور ان هوليس قد غادر أبواب القصر بالفعل و بذلك سينتشر الحراس للبحث عنه بالطبع لا يزال هناك احتمال ان يفتشو الداخل ايضا فمن الواضح اننهم انتبهو لخدعته الصغيرة و مع ذلك ستبقى البوابة مفتوحة لبعض الوقت كل ما عليهم فعله الأن هو انتظار الفرصة و الهرب
سمع فجأة صوت غريب ارسل قشعريرة الى جسده فلتفت بسرعة نحو هوليس الذي كان يبدي بدوريه تعبير مشوشا و هو يبحث عن مصدر الصوت ليلحظ شيء لم ينتبهوا له عند دخلوهم الغرفة
في الزاوية اليمنى المظلمة استلقى كلب حراسة ضخم نائما كان يرتدي طوق ذهبيا بدون مقود
" اللعنة ما هذا "
" كلب قائد الحرس " اجاب هوليس بتوتر " انه لا يستجيب لأحد غير قائد الحرس كما انه يترك حرا عادة و يبدو ان هذا مكان استراحته "
" سحقا "
شتم سام بخفوت و كان يصلي ان لا يستيقظ هذا الشيء حتى يغادروا المكان و سرعان ما جاء صوت لويس في اذنه
" سام يمكنكما الخروج الأن اتجهى نحو اليسار معظم الحراس يتفقدون الخارج و شرفت الطابق الثاني انها فرصتكم ايضا لن اتمكن من مساعدتكم بعد الأن انهم يحاولون تتبع جهازي سأضطر الى قطع الإتصال الان حظ موفقا "
" لن يتمكن من مساعدتنا بعد الأن "
تحدث هوليس ليتنهد سام و يخرج اربع كرات فضية صغيرة سلم اثنتين منها الى هوليس
" هذه قنابل دخانية فقط ارمها على الأرض عندما اعطيك الإشارة "
" حسن.."
لم ينهي كلماته عندما سمع ضجة غريبة نظر كلاهما نحو الكلب بسرعة ليجدو انه مزال نائما
" اسرع يبدو انه قد يستيقظ بأي لحظة "
تحدث سام وهو يلتقط عصا خشبية متوسطة الطول ثم تحرك بحذر للخروج يتبعه هوليس
فجأة تعثر هوليس حاول سام مساعدته لكن الأوان قد فات اصتدم بمجموعة دلاء مكدسة و احدث ضجة عالية جذبت الحراس و ايقظت الكلب الكلب الضخم . امسك سام يد هوليس بسرعة و سحبه للركض بأسرع ما يمكنهم
" سحقا لما يحدث هذا دائما "
" انا اسف "
" فقط اركض كما لو ان حياتك تعتمد على ذلك لأنها كذلك بالفعل "
ركض سام و هوليس بسرعة و تم تنبيه الحراس و اصبح الوضع معقدا خصوصا ذلك الكلب الذي لم ينفك يطاردهم و من المحال ان تتغلب سرعة الأنسان على سرعة كلب مدرب شرس و قوي خصوصا مع لياقة هوليس الرديئة انتهى الأمر به فريسة سهلة للكلب و فقط عندما كانت انياب الكلب تبعد عنه بضع سنتيمترات قام سام بدفعه لتعلق يد الأخير بين فكي الكلب
اطلق سام صرخة متألمة و افلت العصا من يده ليتقطها هوليس بسرعة و يضرب الكلب بقوة ليبتعد عن سام تاركا ذراعه تنزف بغزارة كنت تلك هي اللحظة التي احاطهم فيها خمسة حراس اقويا حاول اثنان منهم اخضاع الكلب في حين اتجه الثلاثة الأخرون نحو سام و هوليس سرعان ما استرجع سام شتاته و سارع الى امساك يد هوليس المذعور بيده السليمة و انطلق مسرعا نحو البوابة حيث كانت تتجه مجموعة اخرى من الحرس
" نحن محاصرون "
هتف هوليس لينطق سام بصعوبة و الم ذراعه يقتله
" استعد عند اشارتي سنطلق القنابل الدخانيه "
عندما اصبحوا اقرب ما يكون للبوابة هتف سام
" الأن"
رمى هوليس و سام القنابل الدخانية ليصبح المكان ضبابيا بالكامل و يمكن سماع صرخات الحراس
" اغلقوا البوابة "
زحف سام و هوليس تحت اقدام الحراس بسرعة و نجحوا اخيرا في تجاوز البوابة و الخروج من القصر
تلاشى الدخان تدرجيا و اصبح بمقدور احد الحراس رؤية ظهر احد الطفلين فأخرج مسدسه بغضب و اتخذ وضعية للتصويب لكن صرخة غاضبة قد اوقفته
" توقف هل توجه مسدسا نحو الأطفال انت عار على عائلة دراموند "
التفت بسرعة ليقابل النظرة الغاضبة لقائد حرس دراموند
" ميشيل وينترك " رجل طويل القامة ضخم البنية بشعر بني غامق و عيون سوداء عميقة و شرسة و بشرة مدبوغة بأشعة الشمس كان يرتدي بذلة سوداء مطرزة بأكمام فضية و ازرار فضية هي الزي الرسمي لحرس دراموند حدق في الحارس المذعور بنظرة حادة ثم ربت على رأس كلبه و هو يتفحص جميع الحراس الموجودين بعناية قبل ان يقول
" جميعكم مبتدئون تحتاجون الى اعادة تدريب سأطلب من المسؤول عنكم زيادة ساعات التدريب لقد استطاع طفل بالكاد لم يبلغ سن الرشد ان يتغلب عليكم بهذه الطريقة يال العار "
تحرك بضع خطوات مبتعد ثم استدار فجاءة و قال
" لا تقم بملاحقتهم و لا تحاول امساكهم بعد الأن فقط اعرف اين يتجهان "
ثم سار في طريقه
.........................................................
ركض سام و هوليس حتى انقطعت انفاسهم و اختبئوا في زقاق ما لينهار كلاهما على الأرض و هما يلهثان
" هل يتبعوننا "
نطق هوليس بصعوبة بين انفاسه لكن سام لم يجيبه فقد كان يتألم بشدة ذراعه كانت في حالة يرثى لها و عندما لاحظ هوليس ذلك شعر بالذعر الشديد
" يا إلهي ماذا نفعل ذراعك في حال سيئة يجب ان يراها طبيب في الحال "
" ال.ذهاب الى. . المشفى ..آه اشبه بتق.ديم انفسنا ..على طبق من. ذهب "
صرح سام و هو يصر على اسنانه كان الما لا يطاق
" اذا ماذا نفعل انت في حالة سيئة "
هز سام رأسه ثم اشار
" يجب ان نتحرك من هنا ربما يكونون قريبين بالفعل "
خرج كلاهما بحذر و بعد السير بضع خطوات توقفت امامهما سيارة سوداء انيقة جعل ذلك قلوبهم تتوقف تقريبا تراجعا بحذر و هما يستعدان للركض لكن نافذة الراكب المعتمة انزلت لتظهر من ورائها ابتسامة يوسكي اللطيفة
" مساء الخير ايها الطفلان هل تحتجان توصيلة "
تنفس سام الصعداء في حين هتف هوليس بسعادة
" المعلم "
انتبه يوسكي لذراع سام المصابة فأصبح تعبيره جاد وهو يقول
" اصعدا بسرعة "
كان سام على وشك ايجاد حجة للرفض لكنه سمع صوت مألوف يستعجلهما
" ماذا تفعلان اصعدا "
نظر كلاهما الى صاحب الصوت الذي كان يجلس في مقعد السائق إليور
" حضرة الطبيب لماذا انت هنا "
" اذا لم تصعدا الأن سأترككم "
ركب سام و هوليس بالخلف بتردد و في خلدهما الكثير من الأسئلة خصوصا عندما سمعا اليور يقول
" هل يجب ان نذهب الى منزلي او منزل سيريوس "
" لا حاجه قد الى منزلي مباشرة "
" ولكن . حسنا حسنا كما تحب "
........ . . . . . . . . . .
في مكتب رئيس عائلة دراموند
وقف كبير الخدم امام هيكان و كان يقص عليه كل ما حدث
" و هذا ما حدث "
صمت كبير الخدم قليلا و هو ينتظر رد فعل هيكان بترقب لكن الأخير ظل هادئ تماما مما دفعه ليسأل بفضول
" سيدي انا لا افهم لما سمحت لهما بالهرب في النهاية "
عقد هيكان يديه امامه و تحدث بنبرة هادئة
" انهم أطفال و احدهما اخي الصغير هل سأستخدم القوة امامهم حقا و فوق ذلك هذا سيكون درس مفيد لهوليس عندما يواجه قسوة العالم في الخارج سيفهم الطبيقة الموجودة في العالم و سيكون اكثر امتنانا لمنشأه و سيعود وحده بطاعة الى هنا انها افضل طريقة لجعله يتخلى عن اوهامه "
" انا افهم "
" بالمناسبة "
صمت هيكان قليلا قبل ان تلمع عيناه بقليل من الإعجاب وهو يتابع
" ذلك الفتى سام مثير للإهتمام حقا حقيقة انه تمكن من الدخول وحدها كفيلة بجعلي اقر بموهبته كذلك قرأته للموقف و استجابته و حمايته لهوليس ايضا اظن ان ذلك الغر الصغير ليس سيئا ربما يمكنني قبوله كمساعد لهوليس في المستقبل "
" يبدو انه نال إستحسانك حقا "
لم يجب هيكان لكنه سأل
" هل عرفت من اخترق الكاميرات؟"
" انه احد ابناء عائلة بولتون "
تحدث هيكان بسعادة
" لويس قريب من وريث بولتون ؟!"
شعر هيكان ببعض الراحة اذا كان هوليس قريبا من وريث بولتون لدرجة مساعدته في هذه المخاطرة فهذا يعني ان هوليس يملك دعما قويا للمستقبل و ربما يستطيع هيكان اخيرا ان يطمأن على مستقبل اخيه الصغير لكن و للأسف كلمات كبير الخدم التالية حطمت كل تطلعاته
" في الواقع ليس الوريث بل الأبن الأصغر "
" ابن اصغر ؟!"
" لم يتواجد في الدوائر الإجتماعية بعد ان تم الأعتراف به كأحد أصحاب الحق في الخلافة يقال انه منعزل في غرفته دائما و قليل الكلام كما ان احتمال حصوله على الخلافة في رئاسة العائلة اقرب الى الصفر كونه لا يملك اي موهبة خاصة و اسرة بولتون معروفة بقوة فرسانها "
" هوليس يستمر بمفاجأتي دائما انه يحيط نفسه بهذا النوع من الأشخاص "
هز هيكان رأسه بخيبة ثم تابع
" لكن حقيقة اختراقه كاميرات المراقبة لدينا تعني ان عليك التحقق من جديد من المعلومات حول موهبته "
" سأحرص على ذلك .... اخيرا اريد ابلاغك ان المسؤول عن تسلل سام هو خادمة جديدة تدعى ماري سيدي هل يجب ان أتخذ الإجراءات المناسبة "
طرق هيكان على الطاولة امامه بإصبعه وهو يفكر قليلا قبل ان يقول
" لا حاجه الى ذلك فقط اعطها انذارا "
صمت كبير الخدم قليلا يحاول انتقاء كلماته قبل ان يقول
" سيدي الست ... الست متساهلا معها قلي..
صمت كبير الخدم بسرعة عند رؤية نظرت هيكان الغاضبة نحوه و سرعان ما غير كلماته
" سيدي في الواقع توجد بعض الإشاعات المتداولة في القصر مؤخرا و برغم من محاولتي لمنعها الا انه من الصعب التحكم في افواه الجميع "
" إشاعة ؟!"
" في الواقع انها تقول ان منزل دراموند استقبل مؤخرا عشيقة و ...."
لم يكمل كبير الخدم كلماته عندما طرق هيكان الطاولة بيده في غضب و هتف
" ما هذه المهزلة ! اي نوع من الهراء هو هذا ؟"
فكر هيكان قليلا و بدا انه تذكر شيء ما
" هل خرجت هذه الثرثرة الفارغة الى الخارج هل سمعت ديانا ؟"
" في الواقع برغم من عدم تتجرؤ احد على نشرها الا ان الانسة ديانا لديها علم بالفعل "
بدا هيكان انه فهم اخيرا تصرفات خطيبته الغريبة و تلميحاتها لابد انها سمعت هذا الهراء
وضع يده على رأسه بتعب و تنهد
" ديانا فتاة عاقلة يجب ان اشرح لها لاحقا بشكل صحيح "
" مهما كانت المرأة عاقلة من المحال ان لا تشعر بالغيرة اعتقد ان على السيد ان يسرع في حل الأمر "
" ابقيت تلك الفتاة في قصري سداد لخدمة شخص ما فحسب لا اريد سماع هذه الشائعات بعد الان عليك ان تتخذ موقفا اكثر حزما "
" امرك "
"يمكنك الخروج "
انحنى كبير الخدم بحترام و كان مستعد للمغادرة عندما سمع هيكان يقول
" لا احتاج لتذكيرك بمراقبة منزل ذلك الصبي "
ارتبك كبير الخدم قليلا و قال
" في الواقع سيدي لم يتجهوا الى منزل سام "
" ها ؟"
" لقد ذهبوا مع طبيب الأكادمية و المعلم الجديد متجهين نحو الحي القديم "
" الطبيب تقصد إليور كورسيف منذ متى كانوا مقربين ؟؟"
" ليس مقرب من الطبيب لكن المعلم الجديد يدعى يوسكي لايتر كان السيد الصغير مهتم به مؤخرا و طلب مني البحث عن معلومات عنه لكن كل ما وجدته هو معلومات منسقة كأن شخصا ما قام بنشرها عن عمد بهذه الطريقة و نظرا لأني لم اجد اي شيء خطر لم اتوغل في البحث "
" هذا يبدو مريبا اقلت الحي القديم ؟!"
تمتم هيكان لنفسه
" معلم جديد و الحي القديم ...."
تحدث نحو كبير الخدم بنبرة خطرة
" اعثر على الجميع المعلومات حول ذلك المعلم لدي شعور ان هوليس سيتورط في امور خطيرة "
......... .. .. . .. . ... . . . ... . . . . .. .
الحي القديم في منطفة الوردة السوداء كان من اكثر الأماكن ازدحام و شهرة قبل عشر سنوات كما كان يتميز بأضوائه المبهرة و مبانيه الشاهقة لكن تدرجيا مع تقدم الزمن و التطور و كذلك العديد من الحوادث لم يعد هذا المكان بشهرته القديمة برغم من انه ما زال عامرا بالسكان الى ان الفعاليات فيه تكون نادرة الأن انه المكان الذي يقصده من يريدون الهروب من ضجيج العاصمة او من اعتزلوا الحياة السياسية و الإجتماعية
شقة يوسكي كانت في احد المباني الشاهقة في هذا الحي و مع ان مظهر المبنى من الخارج يبدو رثا قليلا مقارنة بالمباني الأخرى في العاصمة الا انها من الداخل واسعة و ذات تصميم جميل جدا حيث احتوات غرفتي نوم رئسيتين و غرفة ضيوف بحمام منفصل اضافة الى غرفة معيشة متصلة بمطبخ جميل و كان الأثاث كله جديد لدرجة جعلت هوليس و سام يتسألون ان عاش اي شخص هنا قبلا
على الأريكة في غرفة المعيشة جلس سام مقابل الطبيب اليور الذي يقوم بعلاج جراحه في حين كان هوليس يقص على يوسكي ما حدث للمرة الثالثة بنبرة متحمسة
" يكفي هوليس كم مرة ستعيدها ؟؟"
تحدث سام بضجر ليشعر هوليس بالإحراج و يقول ليوسكي
" انا اسف كان سام رائع جدا ايضا ..لذا
قاطعه يوسكي بضحكة خفيفة
" لا بأس كان من الممتع سماعها "
" يوسكي علي اخذ هذا البطل الصغير الى عيادتي لقد عضه كلب يجب ان اعطيه بعض الحقن و كلما اسرعت كان افضل "
تحدث اليور بهدوء و هز سام رأسه في موافقة في حين وافق يوسكي
" حسنا اذا "
تقدم نحو سام و ربت على شعره و هو يقول بحنان
" لقد قمت بعمل جيد اليوم رافق الطبيب و ارتح جيد لا داعي للقدوم للصف غد "
شعر سام بالأهتمام الشديد في صوت يوسكي مما حرك فيه الحنين لقد مر وقت طويل منذ ان قلق عليه شخص بصدق اراد ان يرد لكنه لم يعرف ما يجب ان يقول
" بالمناسبة هوليس ستبقى في منزلي الليلة حسنا "
لم يكن سؤلا كان يعلن عن الأمر فحسب و قد شعر هوليس بذلك
بعد توديع سام و اليور بقي يوسكي و هوليس وحدهما
" هل انت جائع ما رأيك بوجبة خفيفة "
تحدث يوسكي بمرح ليبتسم هوليس بخجل و يهز رأسه بالموافق
تحرك يوسكي في المطبخ في حين جلس هوليس ثابت لبعض الوقت يراقبه و بدا ان الكثير من الأمور تدور في ذهنه اخيرا لم يستطع الا ان يسأل بتردد
" المعلم هل تعتقد ان ما قمت به هو مجرد هروب طفولي من المنزل ... اعني هل كان خاطئا؟! "
" حسنا ما رأيك انت بما فعلته هل تعتقد انه مجرد هروب من المنزل هل هو خطئ هل انت نادم هل ستندم في المستقبل ايضا هل ستلوم نفسك تلوم سام ام تلومني ان قلت لك رأيي الحقيقي بما فعلته هوليس اذا لم تستطع اتخاذ القرارات بمفردك و تحمل عواقبها ستعيش حياة مليئة بالشفقة على الذات "
كانت ليوسكي عيون قوية حازمة و نبرة هادئة واثقة بدا كشخص خاض الكثير من معارك الحياة
فكر هوليس في ذاته و وجد اجابته الخاصة
" اعتقدي انني افهم ما حدث اليوم هو قراري و انا أنوي تحمل العواقب حتى النهاية "
كان لدى هوليس عيون اكثر حزما هذه المرة في حين ابتسم يوسكي و قال
" هذا جيد لكن ... انت الأن طالب مفلس ، هارب ، و بدون مأوى او حماية كيف ستتصرف الأن "
" هذا ...."
اخفض هوليس رأسه مترددا لقد نجح في الخروج لكنه لا يعرف ما هي الخطوة القادمة
" لحسن حظك "
بدا يوسكي بنبرة لطيفة
" انا أعرف بالفعل وظيفة جيدة تأتي مع السكن و راتب محترم و حتى تعليم مجاني لبعض المناهج الجانبية ما رأيك آه نسيت ان اذكر ان المدير لطيف و متفهم "
نظر اليه هوليس بأمل وهو يهتف بحماس
" حقا اين ؟؟"
" ببساطة يمكنك ان تعمل لدي طباعة الأوراق و تنظيمها من اجلي و مساعدتي في اعداد الدروس و...."
لم ينتهي يوسكي عندما قاطعه هوليس بحماس
" اجل اجل اجل يمكنني ايضا غسل الأطباق و التنظيف و سأحاول تعلم الطبخ و ...."
طرق يوسكي على رأسه مرتين وهو يضحك
" على رسلك يا فتى كشخص عاش طوال حياته و هو لا يعرف حتى كيف يرتب سريره بمفرده هل تظن انك ستكون قادرا هلى فعل كل هذا ايضا ماذا تقصد بتعلم الطبخ هل تريد تسميمي "
خفض هوليس رأسه مكتئب ليمسح يوسكي على شعره و هو يقول
" لا تقاطعني مجددا ... مجرد مساعدتي في الأمور التي ذكرتها تكفي لا تنسى انك مازلت طالبا انت تحتاج الوقت للمذاكرة بأي حال اذا اعتبرت ان هذا غير كافي يمكنك السداد لي ببطئ في المستقبل بعد التخرج انا اقبل الصفقات طويلة المدى "
انهى يوسكي جملته بنبرة مازحة لكنه سرعان ما عاد للتحدث بنبرة اكثر حزما و عيونه الزرقاء تنظر مباشرة الى عيون هوليس اللازوردية
" انا لا أشفق عليك انا أستثمر فيك سأطلب من اليور ان يصبح معلمك لقد لاحظت ان مستواك التعليمي يفوق منهج الأكادمية لذلك سأطلب من اليور تعليمك بالطبع ستبدأ بمنزلة اقل من مسعف حتى و سيكون عليك الدراسة اضعاف الأخرين و استيعاب الكثير في فترة قصيرة ايضا سأطلب منه ان يعلمك كيف تحمي نفسك حتى لو انفصلت عن دراموند مؤقتا سيحاول الكثيرون النيل من شقيقك خلالك اذا اردت حقا ان تتخلى عن حماية شقيقك فعليك ان لا تكون عبئ عليه تعلم كيف تحمي نفسك و كيف تعيش في هذا المجتمع يمكنني ان اريك طريق النجاح لكن لا يمكنني جعلك تعبره الطريق الوحيد هو ارادتك و جهدك "
ظل هوليس صامتا لفترة يستوعب ما سمعه للتو المعلم يوسكي سيساعده في رؤية طريقه الجديد انه يثق به لذلك سيعطيه الفرصة ليس هو فقط سام و لويس ايضا يثقان به اذا اضاع مثل هذه الفرصة الذهبية لإثبات نفسه سيكون احمقا بل مجنونا
فاضت عيناه بعزم و ثبات شديد و لأول مرة تحدث بنبرة واثقة
" اعدك بأنني لن اخيب ظنك ابدا معلمي "
هز يوسكي رأسه برضى
" سأثق بك "
.......................................
ملئ قصر عائلة فالونيس جو متوتر مؤخرا و كأن هنالك لغم على وشك الإنفجار و قد بدء الأمر بوصول طلب زواج امبراطوري مساء الأمس و رغم جميع المحاولات لتستر على الأمر الا ان الأمر انفجر تماما مسببا زعزعة لأفراد العائلة
" هراء سخيف كان علينا ان نرمي هذا الطلب مرفقا بهدياه الرثة في اللحظة التي علمت بها بالأمر يا أبي "
على مائدة عائلة فالونيس كان ارسيل يهتف بسخط و هو يضرب المنضدة امامه معبرا عن غضبه لينهره والده بنبرة قاسية
" أرسيل اين اخلاقك هل هذا ما علمناه لك كيف تجرؤ على رفع صوتك امامي "
ريجيس فالونيس سيد هذه العائلة هو رجلا يركز على الأخلاق و التقاليد و مع ذلك في مواجهة مصلحة ابنائه هو مستعدة لإعادة التفكير في جميع وجهات نظره و طلب الزواج هذا مثال على ذلك
" لأنجيلا حق التفكير في الأمر و التخاذ القرار انها حياتها "
صرح بهدوء و عيونه الخضراء الحازمة تجوب جميع الجالسين على المائدة
" لن اوافق على ذلك ابدا لا يمكن لأنجيلا الزواج به "
إلتفت ارسيل بسرعة نحو انجيلا الجالسة يسار ابيها
" انجيلا اتوسل اليك لا يمكنك الموافقة على هذا الزواج الرخيص "
" ارسيل اين اخلاقك هذا انذارك الأخير لا يمكنك التدخل بقرارات اختك "
" امي ..."
كان المتحدث هذه المرة هو السيدة روزليا والدة ارسيل سيدة هذه العائلة و قد عرف عنها دائما انها مرأة قوية و حكيمة تفيض دائما بهالة النبيلة و ابنتها انجيلا لم ترث فقط طباعها التي جعلتها الوريثة الأكثر ملائمة في العائلة بل و ورثة ايضا مظهرها الجذاب عيون بلون الزبرجد و شعرا بلون العسل الذائب و شفاه كرزية جميلة على عكس ابنإها الذين ورثوا لون عيونها فقط بينما كان لون شعرهم و ملامحهم مطابقة تماما لوالدهم و لكن على عكس ابنها الثاني الذي ورث طباع والده الهادئة كان للتؤام مزاج ناري حتى لو كان واضحا جدا في ارسيل مقارنة بشقيقه اسلان الذي يحرص دائما على إخفائه
قبل ان يقوم ارسيل بمزيد من الضجة قام اسلان بسحبه و اشار اليه ان يصمت ليجلس الأخير على مضد في حين تحدث الأبن الثاني" ألبرت " بنبرة رزينة
" اذا سمحت لي يا ابي اريد ان ابدي رأيي في الموضوع اطلب الإذن منك ايضا انجيلا بما ان الأمر يخصك "
" تحدث البرت "
" يمكنك التحدث اخي "
" انجيلا انت في المستقبل سترثين منصب ابي عندما يتقاعد و تصبحين سيدة العائلة هذا يجعل الشخص الذي تتزوجنيه يمتلك دعم فالونيس بالكامل انا لا اريد ان اتدخل في قرارك اختي و انا اعلم انك ستسعين دائما لحماية فالونيس و مصالحها و مع ذلك بالنسبة للأخرين سيعادل هذا انضمامنا الى التحالف اختي أصدقاء الأمس سيصبحون اعداء و سيكون عليك تحمل الكثير من المصعاب اضافة الى ألسنة الأخرين التي لا ترحم انه ليس اني اخشى كلامهم لكنني اخشى عليك انت يا اختي مهما كنت قوية من الصعب عدم التأثر و من الأصعب الكتمان في نفسك لذلك يا اختي اريد ان تختاري قرارك بدون ان تتركي مجال للندم في المستقبل اختاري ما سيجعلك سعيدة و انا اعدك بأننا سنقف معك و ندعمك ايا كان اختيارك امضي قدما "
غرقة الطاولة في صمت و كان ريجيس يفكر بحسرة لولا الحالة الصحية السيئة التي رافقت هذا الإبن البار منذ ولادته لكان مناسبا ايضا ليكون السيد التالي للعائلة
تحدثت انجيلا بعد فترة بنبرة هادئة لا تحمل اي اهتزاز
" شكرا جزيلا لك يا اخي سأفكر مليا بالأمر "
" انجيلا حتى لو وافقتي على هذا الزواج سأحرص على ان اعلن ان عائلتنا لن تنضم ابدا الى التحالف و ستدعم فقط الأسرة الإمبراطورية وفقا لعلاقة المصاهرة لا داعي للقلق من موقف ذلك العجوز ريتشارد أعرف كيف اوقفه "
كانت نبرة ريجيس و عيناه تفيضان بحنان لا ينضب لترد انجيلا بأدب
" شكرا لك يا ابي الأن ان سمحتم لي أريد ان ارتاح قليلا في غرفتي "
خرجت انجيلا من قاعة الطعام ليتبعها اسلان بخطوات سريعة و عندما اصبح الإثنان فقط في الممر هتف اسلان
" اختي "
التفت انجيلا نحوه بإبتسامة خفيفة
" ما الأمر اسلان ؟"
" تهاني لك اختي العزيزة "
اصبح تعبير انجيلا مشوشا في حين تابع اسلان بنبرة لطيفة و جادة
"، ستكونين اخيرا مع الشخص الذي احببته لفترة طويلة "
تجمدت انجيلا وهي تنظر الى اسلان بصدمة ليتابع الأخير بنبرة هادئة
" انا اعلم بالفعل انك تحبينه منذ وقت طويل جدا لا تقلقي لا احد غيري و ربما البرت فقط يعرف و لن اخبر احدا ابدا كذلك البرت ليس ثرثار ما أريد ان اخبرك به هو ان هذه فرصة يا اختي استغليها من اجل سعادتك و لا تفكري بأي شيء اخر فكري فقط بما تريدينه انت "
منذ ان تم الإعتراف بها كوريثة بذلت انجيلا مجهود يكون اضعاف الشخص العادي لمنع الشائعات التي تقول ان الأسرة تضعف اذا كان سيدها فتاة لذلك لطالما اختارت ما يصب في مصلحة العائلة و فكرت و تصرفت من اجل العائلة ربما كان حبها للأمير الاول هو الشيء الوحيد الذي ارادته لنفسها لذلك حتى لو كان يكره موقف الأمير الأول سيبذل كل جهده لتحقيق الرغبة الخاصة الوحيدة لشقيقته
" اختي لا تفكري بموقف ارسيل انه غاضب بشكل طفولي لكنه سيهداء قريبا و يتقبل الأمر "
" اسلان "
كان صوت انجيلا مرتجف فتقدم اسلان بسرعة و احتضنها وهو يهمس
" انا احبك يا اختي سأصلي ان تجدي سعادتك "
بادلته انجيلا بنبرة لطيفة هامسة
" شكرا لك اسلان "
............................................................
حالما اغلقت انجيلا باب غرفتها القت نفسها على السرير متنهدة بتعب هل كانت واضحة جدا ؟! و الا كيف تمكن شقيقها من كشف مشاعرها الحقيقة
بعد ولادة شقيقها الثاني كان ذا بنية ضعيفة و مريضا معظم الوقت حتى ان بعض الأطباء خمنوا انه لن يصمد حتى سن الرشد بينما اظهرت هي مواهبها في سن مبكرة مما دفع عائلة فالونيس من اجل الحفاظ على إستقرارها و كي لا يتخلف موقف فالونيس عن بقية العائلات النبيلة لأعلانها كوريثة مستقبلية للعائلة و برغم من انه يمكن ان ترث النساء سيادة العائلات اذا تمتعن بالقدرة المناسبة الا ان الأمر لم يكن شائعا حقا مما اطلق سلسلة من الشكوك اتجاهها و جعلها تبذل مجهود مضاعف لتثبت للأخرين انها وريثة قادرة تلقت تعليما متميزا و تدريبات خاصة تعلمت كيف تتحكم بالموقف و كيف تسيطر على عواطفها ما ينبغي ان تقول و تفعل و ما لا ينبغي ان تحلم به حتى لم تكن بحاجه الى شخص لإخبارها نظرات التقييم الخفية في عيون معظم من تقابلهم كانت كفيلة بإخبارها عن حجم و نوع المسؤولية التي تحملها
كانت المرة الأولى التي تقابل فيها الأمير الأول عندما كانت في الثامنة من عمرها في إحتفال العام الجديد بالقصر الملكي كان ذلك ظهورها الأول كوريثة رسمية و قد بذلت كل جهدها لتكون بأفضل حالاتها كما كافحت بشدة ضد الفخاخ السامة التي حيكت لإحراجها و اضطرت للإبتسام في وجه تلك الوجوه المنافقة
كانت متعبة و لم تظهر ذلك و قررت اخذ بعض الراحة في مكان معزول و كانت حديقة القصر المكان الأمثل
وسط استرخائها سمعت ضجت من خلف الشجيرات و انتابها ذعر شديد محاولات الأغتيال السابقة تركت في قلبها ظلا
تراجعت بخطوات مرتجفة و هي تحاول كتم شهقاتها فصتدمت بشيء خلفها مما جعلها تقفز بذعر و تستدير بسرعة لتلتقي بتلك العيون الكرستالية الحادة تحت ضوء القمر
كان ذلك اللقاء الأول بينهما و بدايت الشرارة في قلب انجيلا
كان اطول منها ببضع سنتيمترات مع شعر ينافس سمتء الليل و وجه يتسم بلامبالاة و مع ذلك امسك يدها بلطف وكانت نبرته هادئة متزنة و هو يقول
" مالذي تفعلينه هنا يا انسة "
للحظة عجزت عن الكلام ثم استدركت نفسها بسرعة
" انجيلا فالونيس تحيي صاحب السمو الأمير الأول "
انحنت في احترام ليومئ لها ان تنهض
" لا تبدين بخيرا انستي هل حدث شيء "
ترددت انجيلا للحظة لكنها وجدت نفسها تقول
" اعتقدت انني سمعت شيء خلف الشجيرات "
نظر ريكارد نحو الشجيرات للحظة و سرعان ما اصبحت نظرته باردة و تعبيره اكثر حدة
" ربما بعض الفئران لا داعي للقلق يا انسة "
بالرغم من انه تحدث بهدوء الان ان انجيلا استطاعت تم تشعر بالنبرة الساخرة التي استخدمها
" سأوصلك الى القاعة "
تحدث و لم يكن سؤالا و كانت انجيلا سعيدة قليلا بذلك
اثناء الطريق تحدثا قليلا برغم من انها كانت المتحدث اغلب الوقت الا انه لم يرفضها و لم تفهم هي ما كان يحدث معها لم تكن ثرثارة بطبعها لكنها امامه مختلفة كليا
لاحقا كانت انجيلا تتبادل الرسائل مع الأمير الأول بإنتظام ثم اصبحا اصدقاء مراسلة و لم يكونوا قادرين على اعلان صداقتهما بسبب الأوضاع السياسية الحساسة في ذلك الوقت
بعد الإنقلا انقطع عن الكتابة لها لفترة و كانت تعرف نوع الظروف التي كان يمر بها فلم توقف ارسال الرسائل اليه حتى لو لم تتلقى ردا
كانت التأمل ان تلك المشاعر في اعماقها و التي تتزايد يوما بعد يوم مجرد اعجاب طفولة عابر و انها ستتخلص منه مع الوقت و عندما تنضج لكن و في اعماق اعماقها كانت تعلم ان الأمر اكبر من ذلك
حاولت ايقاف مشاعرها قبل ان تصبح خطيرة و توقفت عن ارسال الرسائل لكن عقلها لم يتوقف عن التفكير به و بعد ثلاثة اشهر تلقت رسالة منه كان يدعوها الى القصر علانية
كانت مترددة في قبول الدعوة لكنها تذكرت الظروف التي يمر بها انه الأن وحيد و لا احد بجانبه لذلك ارادت دعمه قليلا
عندما قابلته كان قد تغير جذريا اصبح اكثر برودا و اكثر حذرا يحيط نفسه بجدار منيع و لا يسمح لأحد بإختراقه و قد كانت متفهمت الى حد ما ما مر به لم سهلا ابدا
تكررت لقائتهما بعد ذلك و اصبح اكثر لطف معها لكنها كانت تعرف انه يراها فقط كصديقة لذلك قررت كتم تلك المشاعر مهما كلف الثمن ارادت المحافظة على كل شيء مستقرا من اجله من اجلها و من اجل عائلتها و هذا ما أوهمت به نفسها طوال السنوات الماضية
حتى جاءت الرسالة اللعينة بالأمس لتحطم جميع الجدران حول قلبها و تعطيها امل كاذب نعم كاذب لأنها تعرف جيدا انه يحب شخصا ما حتى لو لم يقلها نظراته نحو ذلك الشخص كانت تفيض بالحنان كانت شيء لم تره انجيلا ابدا منذ اول لقاء لهما لكنه يتغير كليا عندما يرى شخصه المحبوب لذلك جعلتها هذه الرسالة مثل فراشة تلاحق ضوء الشموع تقترب ببطئ تطلب الدفئ لكن اجنحتها تحترق في النهاية و تموت
و مع ذلك حتى لو كان مؤقتا حتى لو كان المستقبل مجهولا هي تريد ان تغامر تريد ان تكون انانية قليلا ان تحصل على فرصة للبوح بتلك المشاعر
اغمضت عينيها قليلا و فكرت ليس لديها ما تخسره يمكنها القول انها استخدمت هذا الزواج كوسيلة لتثبيت مكانتها كوريثة في المستقبل انها منفعة متبادلة ليس الأمر كأنها اول من تتزوج زواجا سياسيا كذلك ربما ربما يوما ما قد تتمكن من ايصال مشاعرها
شدت قبضتها في عزم و تخلت على تررددها و هي ترسم خطتها نحو المستقبل
............................................................