الفصل 6- بداية الترابط 2

داخل منزل الاب في سيبيريا، يجلس الآب في موضعه لم يتغير ولم يتحرك انش واحد من امام تلك اللوحة الجدارية العملاقة حتى دوى صوت طرق على الارض لعكاز اثار اهتمام الاب ليلتفت خلفه قائلا:

"مرحبا بك يا صديقي القديم"

رد صاحب العكاز، وهو في العقد الثامن من عمره وان لم يظهر عليه كبر السن، فبدا كأنه ابن الاربعين ربيعا بجسد شبه نحيل وتجاعيد قليله وشعر ابيض كالثلج وعيون زرقاء كالسماء صافيه جدا وابتسامة بشوشه تذيب القلب. يرتدى بدلة كحليه اللون يزينها منديل بنفسجي يضيف رونق فاخر على البدلة وحذاء صنع من جلد افعى يلمع ويتلألأ عاكساً ضوء نار المدفئة

"ما زلت تنظر الى تلك اللوحة!؟ ألم تسأمها بعد؟"

"اعتقد ان تلك اللوحة هي من تعطيني الايمان الكافي للنظر إلى المستقبل وحفظ ماء وجهي، فأنا لم أستطع انقاذ ابنائي"

"انت احمق كبير يا روستانوس لا يجب على انسان ان يتحمل كل اعباء البشرية، انت بشرى ولست إله !"

"لكنى انا الاب الموكل إليه إرشاد البشرية يا صديقي فيكتور"

(اذا لأغير الموضوع ) قالها فى سره "اه كم احب وقع اسمى عندما تنطقه بصوتك الرخيم هذا، حتى أنني انساه أحيانا! لكم كرهت لقب سيد الحرب الغاضب هذا ولكن مع الايام احببته"

"مجرد ذكريات يا فيكتور، ما زلت لم اشكرك على ما فعلت مع نيكولاس"

"امممم، الصراحة؛ لا احتاج أي شكر، لكن انا اشعر بالأسف على ابنك هذا! حتى وان كنت انا صاحب القلب الاسود لن افعل في أبنائي هكذا ابدا "

"كان ولابد ان افعل هذا. إن لم افعل لكان الان مدلل لا يفارقني، واصابه الفساد. لا يهم ان تخليت عنه في الملاجئ او رميته لقطيع الذئاب العسكرية... الأهم انه أصبح حقا رجل تتعلق به مصائر البشر"

"طبعا مهما تعددت سبل الاقناع لن أستطع اقناعك بشيء. حياة ذلك الغر كانت بائسة حقا! والاغرب انه عكسك تماما، إنه لا يقدر حياة البشر بل يحتقرها وفضل الحيوانات عليها ."

انحرفت عيون الاب الذابلة وارتسمت ابتسامة على محياه بهدوء فاتر:

"لديه نظرة جيدة للبشر، متأكد انه بمرور الوقت هناك سوف يتعلم كيف يحب البشر"

--------------------------

داخل الكهف، مازال درايج متخذاً الهيئة البشرية الوسيمة، وأمامه نيكولاس يجلس بهدوء. خيم الصمت على الكهف الا من فرقعة بعض الاخشاب المشتعلة بنار تدفئ المكان وتنيره.

مع اغلاق عيون درايج قال:

"نيكولاس ما هو مستواك القتالي الان"

تعجب نيكولاس وارتسمت علامات الاستفهام على محياه، كاد يتحدث الا ان درايج لاحظ فتحدث هو مجددا:

"اقصد هل في عالمك يوجد مستوى مختلف للقوة مثل فنون قتاليه، سيف، رمح، درع، قتال جسدي...؟ "

تغير وجه نيكولاس للأفضل وأبدى علامات الفهم:

"نعم فهمتك الان، انا اتقن جميع انواع الاسلحة من بداية السكين السويسري الى المدافع الكهرومنغناطيسية"

لم يفهم دراج ما سمعه بعد جمله جميع الأسلحة، اما الباقي فتعمد تجاهله الا ان فضوله منعه، مع ارتسام نظرة غباء على وجهه ومع محاوله منه ان يحفظ وجهه من عدم سخريه نيكولاس بسبب جهله؛ قرر ان يتفادى الموضوع وقلبه على نيكولاس حتى لا يظهر بمظهر الغبي:

"من بداية تعارفنا علمت ان زمنك متطور جدا وهذا واضح في جسدك طولك ووزنك وبشرتك، واعتقد انني تفهمت هذا جيدا لكن لم افهم كيف تتقن اسلحة لديها اسماء غريبه مثلما قلت!؟"

"كما قلت انت؛ زمني متطور جدا، حتى اننا سافرنا الى القمر وكواكب اخرى وحتى الاسلحة البدائية مثل القوس والسيف والرمح لم تستعمل منذ الالاف السنين"

اندهش درايج، مع محاوله لإخفاء اندهاشه:

"السفر للقمر والكواكب الاخر سهل، لكن كيف لا تستخدمون الاسلحة الأساسية؟ وكيف تخوضون حروبكم حتى؟

من معرفتي بجشع البشر؛ اعتقد ان الحروب لا تنتهي في عالمكم!"

تحركت حواجب نيكولاس للأسفل راسمتا هلال غريباً للأعلى:

"اترك امر الاسلحة جانبا درايج، كيف تسافر بسهوله للقمر والكواكب الأخرى ؟"

أعتقد أن أنف درايج ازداد طولا وقال بفخر:

"فقط اجناس معينه من الجان تستطيع السفر في الفضاء، حتى انهم استعمروا كواكب أخرى. إلا اننا معشر التنانين المنحدرين من الافعى الساقطة من السماء نستطيع وبكل فخر ان نسافر الى أي مكان في المجرة بدون اي مشاكل على الاطلاق، مجرد تلويحة من اجنحتنا مع القاء تعويذة طي للفضاء والمكان والزمان، وتحضير نوع معين من الكريستالات، وقول اسم المكان المراد الذهاب اليه... عندها؛ فقط بمجرد عبور بوابه التعويذة تكون وصلت بالفعل للمكان المنشود "

اثار الاندهاش ظهرت على وجه نيكولاس وارتفع حاجباه بقوة، والتصق ذقنه بالأرض تقريبا مع فتح فمه بالكامل تعبيرا عن الصدمة والدهشة، مما جعل ابتسامته درايج وطول انفه المتفاخر يزدادان:

"تـ ـتعـ تعويذة ـة!! وكريستالات! هل يوجد هنا سحر؟"

"بالطبع، السحر هو محور هذا العالم، وبدونه سوف يكون صحراء. واعتقد لان عالمنا قريب من نواة الارض فالسحر هنا متوفر بكثرة، حتى في الغلاف الجوي نتنفسه.

بالمقارنة مع عالمك الذي يكاد يكون معدوم من السحر لأنه على القشرة الخارجية من الكوكب "

تعقدت تعابير نيكولاس للغاية ولم يستطع النظر الى درايج ولم يتفوه بشيء، لأنه في قرارة نفسه لم يكن مؤمن بالسحر، فما بالك بمخلوقات تعيش وتعتمد حتى في انفاسها عليه !!

تغيرت ملامح درايج ايضا من الغرور والتفاخر الى اشد حلكة وتعقيد، يبدو انه علم في قرارة نفسه ان الطريق لتعليم نيكولاس كل امور هذا العالم لن تكون سهله، والأصعب هو تعريف السحر في عقل نيكولاس.... هل هي العاب خفة، ام السحر الاصلي

"اسمعني جيدا يا قرد، أنت محارب وانا أستطيع شم هذا جيدا عليك، لهذا اعلم أنك تتبع الاوامر وتطبقها حرفيا بدون نقاش، حتى لو كانت خاطئة. واعتقد ان هذا هو سبب ارسالك هنا.

اسمعني: أول شيء يجب ان تتعلمه عن هذا العالم وبأسرع وقت هو كيفية الاندماج معي للهيئة الرابعة والاخيرة للتنين البشرى ...."

ارتفع رأس نيكولاس بسرعة مع وجود بريق في عينيه، ومازال ذقنه يلمس الارض من الذهول. ففي عقله كان دوما من محبى الخيال، حتى انه انشئ خياله الخاص داخل عقله..... ينام ويستيقظ ويحارب ويعيش فيه، لم يكن يدرك ان احدى الهيئات التي طالما حلم بها سوف تتحقق فعلا؛ ألا وهى هيئة البشري الذى يندمج مع مخلوق أسطوري مهما كان نوعيه، تارة يتخيله افعى وتارة ذئب وتارة سحليه وتارة تنين ومرة آلي، فيكون مقاتل قوى يهابه كل العالم.

"هل انت جاد يا درايج، إن كانت مزحة سوف اركل مؤخرتك عديمة الثقوب بالحائط وأصنع ثقب فيها، الم تستعمل ذكرياتي عن طريق ارتباطنا العصبي ببعضنا وتسخر منى؟؟

قال درايج بغضب:

"تركل مؤخرة من يا اكل الموز، همف، انت مزعج حقا ولا تستحق ان اغضب بسبب لسانك اللاذع، افهم أن ارتباطنا العصبي مازال في مراحل اوليه، مازال يحتاج الى تطور.

كلما تدربت على صقل احاسيسك ومشاعرك وتأملت للربط بيننا سوف تستطيع في النهاية ان تستعمل جميع قوتي، وعندها سوف تمتلك كل ذكرياتي وانا سوف امتلك كل ذكرياتك.

لأننا سوف نندمج وننصهر لنصبح روح واحدة، وان كان جسدينا منفصلين وبيننا مسافة من القطب للقطب. افهم يا نيكولاس، مازال امامنا الكثير من الوقت.

وحتى تستطيع انهاء هذا سوف تحتاج الكثير والكثير من العمل على تحسين قدراتك العقلية ثم السحرية ثم القتالية، والكثير من شرب العقاقير السحرية وامتصاص الكريستالات والمعادن لتعزيز جسدك وسحرك وتطوير قوتك"

ضاقت عيون نيكولاس مع حك رأسه، وأعاد النظر الى درايج قائلا مع ابتسامة:

"هذا العالم يبدو مثيرا حقا! لهذا سوف اتدرب على يديك، اتمنى ان اكون عند حسن ظنك بي..."

رفع يده، وقربها من درايج الذي تعجب من هذا الفعل قائلا وعلامات الاستفهام تظهر على وجهه بشدة:

"لما ترفع يدك تجاهي؟"

"اه لهذا تظهر كل تلك العلامات من التعجب على وجهك، لا تقلق انها طريقة عالمي في التعاهد ان تضع يدك بيدي.."

"اووووه حقا! حسنا انا لا أحب هذه الطريقة، فطريقتنا في التعاهد أفضل، انظر سوف اريها لك.."

تقدم درايج من نيكولاس بهدوء واحتضنه مما جعل نيكولاس مندهش كثيرا واتسعت عيناه جدا، إلا أنه لم يبادل درايج نفس شعوره بالمودة لأنه لم يعتد على حضن شخص اخر او لم يجرب تلك الطريقة أبدا طوال حياته التي كانت عسكريه فقط ..

" اعلم انك لا تحبذ هذه الطريقة ولكنها طريقتنا الطبيعية للمعاهدة بالسلام ..

لأنها تصل قلوبنا ببعض فنلتمس المشاعر الصادقة منها.

بينما طريقتك مختلفة لا تجعلني اشعر بما في قلبك، فقلوبنا بعيدة عن بعض وان كانت تظهر على ملامحنا علامات الود والحب. القلب هو أصل ونبع المشاعر، لهذا يهمني جدا ان تتصل مشاعرنا لكي ننجو في هذا العالم معا"

تحركت أيدي نيكولاس الى ظهر درايج، وبدء بالتشبث به أكثر والتقرب منه في محاوله لضمه أكثر اليه..

عندما تلامس الصدر بالصدر هنا علم نيكولاس بما يقصده درايج، تزامن النبض الخاص بهما معا وأصبح واحد، ساد سكون جميل من الطمأنينة حولهما وخرجت اضواء خضراء براقة تريح العيون تطير وتشع في حلقات متراقصة حولهما، ادهشت نيكولاس الذي اكتفى بالصمت شاعرا بالطمأنينة.

أخيرا اغلق نيكولاس عيونه ليشعر اكثر بذلك الشعور المطمئن الذى لم يشعر به من قبل، وها هو يشعر به الان، وتسارعت الثواني والدقائق ولم يعلم كم لبث درايج ونيكولاس بذلك الحضن حتى اكتشف نيكولاس أن درايج كان قد نام مسبقا من فرط الاجهاد فارتسمت ابتسامه على وجهه.

"شكرا لك يا درايج، أنا الان أعتبرك صديقي حقا، جعلتني أشعر بالحب لثاني مرة، وجعلتني أشعر أنني على قيد الحياة. نم يا صديقي، أعلم أنك مرهق من حملي والسهر على راحتي حتى تطببني، شكرا لك.

والان يبدو انه دوري لحراستك اثناء نومك، همف، ألم تقل أيها الغبي أن التنانين لا تنام إلا كل قرنين أو أكثر.. هههههههه.... "

لم يعلم نيكولاس أن درايج أرهق نفسه كثيرا بتمرير طاقته الداخلية لتحسين مناعة نيكولاس وتعزيز شعوره بالسحر المحيط به وتحفيز جميع نقاط الحياة داخل جسده المكونة من 80 نقطة، منهم عام ومنهم مخفي، كل هذا من اجل أن يتأقلم نيكولاس في هذا العالم الجديد لتكوين مناعة ضد الامراض، خاصتا بعد عضه من البعوضة.

وتحسين شعوره بالسحر، لأن هذا العالم يعتمد اعتماد كلياً على السحر، وبتحفيز نقاط حياته من أجل أن يتقبل تدريبات درايج على حفظ تسخير الطاقة وإخراجها وتكثيفها وتخزينها لاستعمالها في شتى الأمور....

الخلاصة تعزيز مناعة الجسد مع تعزيز شعوره بالسحر .

الهدف منه...

ألا يتأثر بالفنون القتالية التي تعتمد على سحر السموم والامراض والعوامل المناخية والتقلبات المحيطة بالبيئة.

وتحفيز نقاط الحياة داخل جسده لتقويته جسمانيا أولاً، وإطلاق سراح كل امكانياته المدفونة ثم دمج قوته البدنية الهائلة مع قوة طاقته لدعم دفاعاته وتسليحه جيدا بأفضل الهجمات المميتة.

طوال الثلاثة أيام التي نام فيها نيكولاس، كان فيها درايج يصنع اسس بدائية لجسد نيكولاس ليتحول الى كتله من القوة الخام ويبدأ التدريب والتأقلم وحماية نفسه، ولتحويل نيكولاس الي آلة حربية من الطراز الأول. الغير قابلة للتدمير او الهزيمة.

----------------------------------------

انتهى الفصل

2018/08/18 · 371 مشاهدة · 1608 كلمة
X,O
نادي الروايات - 2024