الفصل الحادي عشر: الإختطاف-

"درنج-!

درنج-!

درنج-!

درنج-!

“همم.” فتحت سيلين عينيها بتكاسل، نظرت إلى الساعة التي كانت تُعلن بلا هوادة عن الساعة الثالثة عصرًا. “نسيت إغلاقه بالأمس.” تساءلت بداخلها، متى بدأ الرنين؟ كأنها كانت نائمة في غفوة طويلة.

نهضت بخفة من سريرها، قدماها لامستا الأرض الباردة وكأنها تدرك أن هذا الانتعاش المباغت سيوقظ حواسها. ارتدت حذاءً عشوائيًا، واندفعت نحو الحمام.

ما إن دخلت تحت الدش، حتى صدمتها المياه الباردة للحظة، لكنها سرعان ما اعتادت على اللمسة المنعشة. قضت دقائق معدودة تحت تدفق الماء، ثم أغلقت الصنبور.

لفت نفسها بمنشفة خفيفة، وتأملت عبارة “اليوم هو الجمعة… لا التزامات.” وكأنها سحرية تعطيها شعورًا بالحرية.

جلست على طرف السرير للحظة، أفكارها متناثرة كأوراق الشجر في الخريف. “التدريب؟ لا… اليوم يوم راحة."

تعطرت بعطرها المعتاد، قبل أن ترتدي زي الأكاديمية، ثم خرجت بهدوء من باب سكن الطلاب. نسيم الهواء النقي كان يملأ المكان، وأصوات الطيور الخافتة تهمس في الأفق.

شعرت وكأنها خرجت من عالم مظلم إلى عالم مليء بالألوان والأصوات. الشمس كانت دافئة، لكن ليس لدرجة تسبب الإزعاج.

بينما كانت تمشي، كانت الأشجار تتمايل بخفة، وكأنها تتراقص مع خطواتها. فتحت هاتفها ودخلت دردشة الرسائل لتجد رسالة من كاسيا.

{كاسيا: سيلي بعد استيقاظك ، توجهي لسوق الأركول، أنا والآخرين سنتواجد هناك.}

ابتسمت سيلين، وشعرت بسعادة خفيفة تنتشر في قلبها. كان الذهاب إلى سوق الأركول بمثابة احتفال صغير ليوم عطلة.

استأنفت سيرها، متوجهة نحو هناك، بينما كان الجو حولها يبدو أكثر حيوية. لكن بينما كانت تمشي، شعرت بأن الجو بدأ يتغير.

هدوء الشارع أفسح المجال لصوت غير مألوف. رائحة قوية بدأت تتسلل إلى أنفها، رائحة غريبة لا تليق باللحظة.

توقفت للحظة، تعيد تقييم الوضع. كانت الرائحة قوية، لكنها لم تكن مفاجئة تمامًا. “دم؟ غريب.” تمتمت لنفسها، مستعدة لاستكشاف الأمر.

استدارت ببطء نحو الزقاق الذي كانت الرائحة تتسرب منه. عيونها تعودت على مشاهدة مشاهد غير معتادة، لكن اليوم كان يحمل شيئًا مختلفًا.

خطت خطوات هادئة نحو المصدر، في محاولة لفهم ما يجري. عاشت حياتها بين الأحداث، ولا شيء كان يمكن أن يفاجئها.

عندما اقتربت، رأتها. كانت هناك مجموعة من الأشخاص، بعضهم ممدد على الأرض، وآخرون يتبادلون نظرات الذعر وهربوا.

وسط الفوضى، كان هناك شخص واحد يبدو متماسكًا. شاب ذو شعر أسود، ملامحه حادة بشكل غير مريح. عيونه الداكنة توحي بشيء من الغموض.

رداؤه الأكاديمي، القميص الأبيض والبنطال الداكن، كان ملوثًا ببقع الدم التي تعكس الفوضى من حوله، مما جعله يبدو أكثر تهديدًا.

بينما كان الآخرون في حالة من الذعر، كان هو يقف بهدوء، وكأنه يستمتع بالموقف. “أنت! ما أنت بفاعل؟” سألت، صوتي بارد كما اعتدت.

لم يكن هناك مكان للمشاعر في عالمي، بل كنت أبحث عن الحقائق. “همم.” نظر الشاب إلي، وملامحه كانت كالصخر، ثابتة بلا تغير.

لم أستطع قراءة أي انفعال في عينيه، وكأنني أواجه جدارًا صلبًا. تراجعت خطوة إلى الوراء، لكنني لم أستطع التراجع تمامًا.

كان البرود يملأ عينيه، لكن كانت هناك شرارة من الغضب الخفي، وكأنهما تتحديانني في صمت، مما جعلني أشعر بضغط غريب.

****

[وجهة نظر-كاي]

سيلين كراوس، إحدى الشخصيات الرئيسية في الرواية، كانت لها هيبة حقيقية. ليس بسبب عائلتها، فكانت يتيمة تعيش في دار للأيتام.

لكن، مهارتها الفريدة، [جامع الخردة]، كانت ما يميزها. على عكس الاسم، كانت مهارة رهيبة تُكتسب بعد الوفاء بشرط معين.

بمجرد الحصول على هذه المهارة، يصبح من المستحيل على أي شخص آخر الحصول عليها. يمكنك القول إنها قطع مخفية.

كيف حصلت على هذه المهارة كان قصة أخرى، وليست مهمة الآن.

في تلك اللحظة، وقعت في سوء فهم. كانت نظرة سيلين عدائية تجاهي بشكل صارخ.

لم ألومها، فمظهري الحالي يوحي تمامًا أنني المتنمر هنا.

رفعت كمي بكلتا اليدين ومسحت الدم عن قبضتي.

“من أنتِ؟” سألت بصوت بارد قدر المستطاع، كنت أحاول منذ البداية ألا أبدو بمظهر ضعيف.

كانت سيلين في عالم آخر بالنسبة لي، فقد وصلت بالفعل إلى رتبة F، بينما كنت لا أزال في رتبة G.

كان الفرق صارخًا؛ حتى لو اجتمعت عشرون نسخة مني، فلن أستطيع هزيمتها.

حسنًا، لا زلت لا أعرف تأثير [وجهة نظر القارئ]، لذا يعتبر الأمر نسبيًا.

“سيلين.” قالت ثم أضافت، “إن لم تذكر سببك، فسأبلغ الأستاذ.” كان لديها شعور قليل بالعدالة، بعد كل شيء، كانت بطلة.

أشرت إلى مايكل الفاقد للوعي. “هو من بدأ.”

“هو من هاجمني مع مجموعته.” ابتسم كاي بشكل مستفز. “أليس لدي الحق في الدفاع عن نفسي؟”

نظرت سيلين إلى الجثث المترامية. “هل تسمي هذا دفاعًا عن النفس؟ يبدو أنه ضرب من جهة واحدة.”

“ويحك، ويحك، أنا مجرد ضحية تنمر.” قال كاي، بينما كان أسلوبه الساخر يبين العكس.

فجأة، بدأت الرياح تتحرك بشكل مهول حول سيلين، وخرجت هالة ساطعة تغطيها، مع رفرفة شعرها.

“إذًا، اتبعني للإبلاغ، وإلا…” نظرت إلى قبضتها، وكانت ضربة واحدة كافية لإنهائي.

“تنهد.” تنهد كاي ثم قال، “حسنًا، حسنًا، ليس وكأن لدي خيار.”

تبع كاي سيلين بخطوات مترددة، محاولًا تخفيف حدة التوتر المتصاعد بينهما. “هل تكونين دائمًا بهذه الشراسة، أم أنني مجرد ضحية جديدة لأسلوبك في التنمر؟”

نظرت سيلين إليه بلا تعبير. “لم أكن أتعمد أن أكون شديدة. الأمور هنا ليست كما تبدو.” لم تثق بكلام كاي، فهو من بداء عليه صفات المتنمر.

“يا للعجب، يبدو أنني ارتكبت جريمة كبيرة لمجرد الدفاع عن نفسي!” أضاف كاي، محاولًا التخفيف من التوتر.

“الدفاع عن النفس شيء، والاعتداء شيء آخر.” ردت سيلين، لكن نبرة صوتها كانت محايدة.

“حسنًا، ربما كان الأمر مبالغًا فيه.” اعترف كاي، وهو يتأمل في الموقف.

“أحيانًا تحتاج إلى التفكير قبل أن تتصرف.” قالت سيلين ببرودة، لكنها كانت تحمل بصمة من التفهم.

“أتعلم، لم أكن أريد أن أكون في هذا الموقف. كنت فقط أحاول أن أواجه الأمور.” قال كاي، موجهًا نظره إلى الأرض.

ثم اضاف “ماذا عن الفاقدين للوعي؟” لا تقل إن علي حملهم؟!

“بعد الإبلاغ، سيتم نقلهم إلى المشفى حتى يستعيدوا وعيهم.” ردها اراح كاي نوعًا ما.

“هذا ما يحدث عندما لا تفكر في العواقب.” أجابت سيلين ببرود، ثم أضافت، “دعنا نذهب، لا أريد أن نتأخر أكثر. أصدقائي ينتظرونني.”

“أصدقائي؟” توقف كاي وتصلب جسده.

شعرت سيلين بتوقفه المفاجئ، فالتفتت للخلف لتفهم ما يحدث.

“نحن في أي أسبوع الآن منذ بداية العام الدراسي؟”

“أسبوع؟” استغربت سيلين من السؤال غير المتوقع.

“فقط أجيبي!” قال كاي بصوت حاد.

“همم… بعد غد سندخل الأسبوع الثالث.”

شعر كاي بقشعريرة تسري عبر عموده الفقري، وكأن شيئًا غير جيد كان في انتظاره.

في محاولة لنكر هذا الأمر، قال: “ألم تقولي أصدقائك؟ أين هم الآن؟”

نظرت سيلين إليه، متسائلة إذ كان يماطل. لن ينفع ذلك. “في سوق الأركول خارج الأكاديمية.”

آه…

هذا سيء! ركل كاي الأرض وبدأ بالجري بكل ما لديه من قوة إلى الخلف.

“أنت!” في لحظة سريعة، وصلت سيلين إلى جانب كاي، وأسقطته أرضًا، مغلقة يديه خلف ظهره كما لو كان مجرمًا.

كان فرق القوة واضحًا بين كاي وسيلين، سواء في السرعة أو القوة. كان جسد سيلين متمرسًا، كل حركة منها تنم عن الثقة والقدرة، بينما كان كاي بحالة ضعف، لم تجدّي محاولة الهروب من قبضتها.

“لا تعتقد أنك ستفلت من الأمر بهذه السهولة!” ردت سيلين، صوتها حازم وواضح، ينم عن إرادة قوية لا تتزعزع.

حاول كاي النضال لتحرر، “اغغ، أطلقيني! أقسم أنني سأذهب، لكن بدونك.”

“لتحلم.” قالت ببرود، بينما كان نظرها ثابتًا، وكأنها لا ترى فيه تهديدًا حقيقيًا.

لحظات من الصمت سادت بينهما، ثم نظر كاي بطرف عينه إلى سيلين، متفاجئًا عندما رأى ظلاً يتحرك خلفها.

بلمح البصر، انقض الظل بسرعة البرق، مقيدًا سيلين بحركة متقنة، ووضع قماشًا أسود على أنفها وفمها.

حاولت سيلين، رغم ضعفها المفاجئ، المقاومة بشراسة، لكن الطاقة تلاشت من جسدها، وسرعان ما شعرت بالدوار، ثم سقطت فاقدة للوعي.

من العدم، ظهر ظل آخر، ملامحه غامضة، وتحرك بخفة شديدة.

“تسك، تلك اللعينة!” صرخ كاي، محاولًا الوقوف بكل عزم قبل أن يواجه المجهول.

لكن… كان الفرق واضحًا. في لمح البصر، انقض الظل الآخر على كاي، ضاربًا رقبته بقوة.

لم يكن لديه الوقت للتفكير أو الدفاع عن نفسه. سقط أرضًا، فاقدًا للوعي، تاركًا خلفه عالمه يتلاشى في فوضى.

^^

اعذروني على القطعة المفاجأة، ولكن الفترة القادمة ستكون فترة اختبارات لذا كان علي شحذ سيفي جيدًا.

التنزيل ربما سيكون متقطع حتى تنتهي الاختبارات، لذا اعذروني.

2024/10/12 · 118 مشاهدة · 1245 كلمة
☃️
نادي الروايات - 2024