الفصل الثالث عشر: الإختطاف~3

كان هذا هو الحدث الأول في رواية “سجل الأقدار: خيوط الكارثة”. المقدمة ركزت على معاناة البطل، ثم جاءت مرحلة اختبار القبول، وبعدها بدأ بتشكيل الصداقات. لكن الحدث الحقيقي الأول، النقطة و المثيرة، كانت اختطاف سيلين كراوس في الأسبوع الثالث. هذه الحادثة أشعلت الفوضى بين الشخصيات الرئيسية.

كاي، الذي كان مضطرب المشاعر، قد نسي تقريبًا هذا الحدث، لأنه اعتبره مجرد تفصيل جانبي. لكنه كان أكثر من ذلك.

والآن، ها أنا هنا… اختُطفت معها.

لو كنت خارج الحدث كمتفرج، لما تدخلت. نيفرا، بطريقتها المعتادة، كانت ستنقذ سيلين مع الشخصيات الرئيسية. ولكنني لست سوى شخصية إضافية. لم يُذكر حتى اسمي. ماضي مجهول ومستقبل غامض.

أن أضع حياتي على هذا الخيط الرفيع يثير فيّ الغضب. كهدف غير مهم، قد أُقتل لأتفه الأسباب، على يد هذا الخاطف اللعين.

ولكن تدخلي غيّر المعادلة. أصبح لهذا الحدث نهاية غير معروفة. لذا، بدلاً من ترك مصيري معلقًا في الفراغ، قررت أن أخطط. الموت أثناء المحاولة أفضل من الموت دون فعل شيء.

“لن تخرج من هنا حيًا!” كانت هذه العبارة تطن في أذني. وضعت كل رهاني على سيلين.

أعرف كيف تسللا إلى الأكاديمية. أعرف كيف قمعا رتبتهما إلى مستوى F للدخول بهدوء كعاملين دون إثارة شكوك. لقد استخدما سمًا مخففًا، يقمع مانا المستخدم ويتركه فاقدًا للوعي، لشل سيلين دون قتال.

“بوم!” صفعة حادة ملأت الأرجاء، الحرارة اجتاحت خده بينما قوة هائلة قذفته نحو الجدار، مقيدًا. “كغيوغ!” انحبس الهواء في صدره من شدة الألم، لكنه قمع أي أنين، ملامحه متجمدة باردة.

“كرّرها.” قال الخاطف الأصلع، وندبته البشعة تمتد من عينه إلى فكه، تشوه وجهه المتجهم.

كاي، رغم المرارة التي تغلي بداخله، لم يُظهر شيئًا. عض على شفته حتى شعر بطعم الدم، لكن التعابير الباردة كانت هي كل ما يعكسه وجهه. “مغفل… حقير…” خرجت الكلمات ببطء، وكأنها سلاح موجه.

“أنت…” الخاطف تضيق عيناه، الغضب اشتعل خلف نظراته، ولم ينتظر أكثر.

“دوم!” ركلة أخرى اخترقت معدة كاي، لتقذفه مجددًا نحو الجدار المقابل. الألم اجتاح جسده كالنيران، لكن مع كل ضربة، كان يحتفظ بتركيزه. الجدران لم تكن سوى عقبة أخرى، ولكن الأهم كان الخاطف.

كاي لم يتوقف. رغم الضربات المتوالية، لم يصمت. بصوت متقطع، لكنه مفعم بالتحدي، همس بالكلمات التي يعلم أنها ستشعل المزيد من الغضب: “هذه… أفضل ما عندك؟”

الخاطف لم يحتمل. تقدم بسرعة، يمد يده نحو كاي وكأنه يعتزم تحطيمه بالكامل. لكن مع كل حركة، كان كاي يراقب، ينتظر اللحظة التي ستأتي.

طوق الخاطف يده بقسوة على شعر كاي، يرفعه عن الأرض وكأنه دمية. الألم كان يمزق رأسه، لكن كاي أخفى كل ذلك، وجهه متجمد ببرود بينما صرخ الألم في داخله. قال بهدوء مستفز: “أنت مجرد حثالة… مع ندبة قبيحة…” الكلمات خرجت منه كشرر، متعمّدًا إلقاء الوقود على النار.

“كيهيهي…” العروق برزت بوضوح على جبهة الخاطف الأصلع، عينيه تلتمعان بجنون بعد رؤية تلك الثقة اللامبالية على وجه كاي. “تجرؤ… كيهياهاها!!” ضحك بشكل هستيري، ضحكة مجنونة لدرجة أن كاي بدأ يشك في سلامة عقل الرجل.

ثم، دون تردد، “تفوو!” بزق كاي على وجه الخاطف، مزيج من اللعاب والدماء. عينيه واثقتان، ابتسامة باهتة تزين وجهه رغم الألم، وكأنه أعلن انتصاره الشخصي.

“بوم!” رأس كاي ارتطم بالأرض بعنف، الألم انفجر كشرارة تحرق أعصابه. الرؤية تشوشت للحظات، وضربات نبض قلبه تتردد في أذنه كطبول حرب. لكن لم يكن هناك صرخة. أنفاسه كانت متقطعة، لكنه رفض أن يُظهر الضعف.

الخاطف الأصلع اقترب، عينيه تشتعلان بالجنون. صوته هادئ، لكنه يحمل وعيدًا: “أنت لا تفهم من تلعب معه.”

كاي، ممددًا، نظر للأعلى. الألم في عينيه، لكن كان هناك هدوء في ملامحه رغم الدمار. جسده كان على وشك الانهيار، لكنه قاوم.

“افهم؟” همس كاي، يلتقط أنفاسه بصعوبة. وبإرادة لا تعرف الانكسار، حاول رفع نفسه عن الأرض، ذراعيه ترتعشان تحت ثقل جسده. “أنت من لا يفهم…”

الخاطف، توقف للحظة، الغضب يتزايد في عينيه. رفع قدمه، مستعدًا لسحق كاي مجددًا. كاي، بين الألم والنبض المتسارع في أذنه، كان يخطط.

في اللحظة التي نزلت فيها قدم الخاطف، انحرف كاي بسرعة، متفاديًا الضربة. الأرض تهشمت من قوة الضربة، لكنه كان بعيدًا بما يكفي ليأخذ نفسًا سريعًا.

نظر الخاطف إلى كاي، وعينيه تتوهجان بالجنون، وكأنه سيقتله حقًا. رفع قدمه ليركل كاي، لحظة الموت تقترب.

لكن قبل أن تصطدم القدم بكاي، “بومم!” دوى صوت انكسار الزجاج.

“ها!؟” استدار للخلف ليجد سيلين، شعرها الأسود القصير يرفرف في الهواء، وضوء القمر يعكس بريقها. قفزت من خلال النافذة الهشة بجسدها، محطمةً القيود التي كانت تكبلها، وهربت بسرعة.

“كيييفنن!” صرخ الخاطف الأصلع، لكن كيفن، الذي دخل للتو، كان يراقب المشهد. كان يبدو أنه هو الظل ذاته الذي قيد كاي.

نظر كيفن إلى النافذة المكسورة، وفهم الوضع على الفور.

طحن الخاطف أسنانه بغضب، وأعاد نظره إلى كاي، ولكن لدهشته، وجد كاي يقف بصعوبة، متماسكًا رغم الألم الذي يعاني منه.

“كيف؟” تساءل الخاطف، عاجزًا عن فهم كيفية هروب كاي وسيلين من قيود حبل المانا.

“هيه…” رغم الألم الذي يعتصر جسده، ابتسم كاي بضحكة خفيفة، “الفضل يعود لصلعتك، التي تحتوي على عقل يسهل التلاعب به."

***

[وجهة نظر- سيلين]

قدميها مشحونة بالطاقة السحرية، بكل قوتها، واصلت الركض عبر المباني. كانت الشوارع فارغة في عمق الليل، وتحركت بسرعات هائلة، تقتطع الرياح، وشعرها يرفرف خلفها.

شعرت بوضوح أن هناك من يلاحقها.

“ماذا يفكر في هذا الوقت؟” تمتمت وهي تسترجع خطة كاي في ذهنها

~~~

“هناك طريقة للإفلات من تأثير حبل المانا، لكنها قد تبدو خطيرة في وضعنا الراهن. ومع ذلك، ليس لدينا خيار آخر.”

“كيف؟” سألت سيلين، عينيها تلمعان بالفضول.

“تحلي بالصبر. سأخبرك بكل شيء، ولكن أولًا، استمعي إلى خطتي.”

“حسنًا.”

عاد تعبير كاي ليصبح مركزًا كالمحنك، “لا أعرف إن كنت قد لاحظتِ، ولكن الخاطف الرئيسي الذي خطفك يقمع قوته باستخدام أداة خارجية، هذا ما أدركته قبل أن أفقد الوعي.”

تساءلت سيلين عن العديد من الأمور، مثل كيف لاحظ ذلك بينما لم يلاحظه حراس البوابة أو الطلاب، لكنها بلعت أفكارها واستعدت للاستماع.

“هذا يعني شيئين. أولًا، لا يمكنه فك القمع لأنه سيفضح نفسه. ولدي أيضًا نظرية: فك القمع سيكشف موقعه بسبب ذبذبات الطاقة السحرية.”

“والشيء الآخر، أنه لا يزال غير مستقر بجسد تم تخفيض قوته. يعني أنه لم يتكيف مع حواسه الجديدة بعد القمع.”

“ماذا سنفعل؟ نحن لا نعرف كم عددهم حتى!” قالت سيلين، والقلق يسيطر على صوتها.

تغيرت نظرات كاي ليعيد زمام السيطرة على المحادثة، “هل تعتقدين أن أي شخص يمكنه دخول الأكاديمية؟”

كان يعرف بالفعل عدد الخاطفين من الرواية، وهم اثنان. “في أقل تقدير، لن يتجاوز عددهم الثلاثة.” نظر إلى النافذة التي كانت تعكس ضوء القمر. “نحن لا نزال في مأمن ما دام أننا لم نغادر سيلفرا، المدينة التي تقف وسط جميع الأعراق.”

تم بناء الإيتيروس كمعاهدة سلام، لكي لا يفرض أي من الأعراق سيطرته وملكيته على الأكاديمية. وقد أُسست في مدينة تقع وسط جميع الأعراق جغرافيًا، حيث ازدهرت وتمت تسميتها بـ”سيلفرا”، والتي تعني الصفاء وفكرة المدينة الهادئة بلاتيني.

“على كل حال، سيتطلب فك القيود دون قوة خارجية مباشرة بعض الوقت.”

زادت حدة تعابيره، “بما أن الحبل تم إنشاؤه لتقييد أصحاب الطاقة السحرية، كل ما عليك فعله هو إخراج طاقتك السحرية وجعلها تتسرب من جسدك ببطء لكي لا يتم كشفك، حتى ينفد مخزونك.” كانت هذه الطريقة قد ظهرت فيما بعد في الرواية.

“عندها، ستضعفين الحبل بجعله شبه مقطوع بقوتك الجسدية، ثم استعيدي طاقتك السحرية.”

“لهذا قلت إن الفكرة خطيرة في وضعنا. لا نعرف متى سيعود الخاطف. لذلك، حاولي إنجاز كل شيء خلال ساعة.”

“بالطبع، إذا لم يأتِ واستطعتِ فك الحبال، سيكون ذلك حدث لصالحنا لنهرب. لكن إذا حدث ووصل، أريدك فقط أن تضعفي الحبل.”

“ثم اتركي الباقي علي. عند إعطائك الإشارة، اهربي من عبر النافذة وتوجهي لأقرب بقعة آمنة للإبلاغ.”

ذهلت سيلين من خطة كاي، “ولكن ماذا عنك؟”

عادت تعابيره للبرود وهو ينظر إليها، “خطتي تتضمن تضحية أحدنا لكي يهرب الآخر. من ناحية القوة والرتبة، أنتِ تفوقينني بشكل ساحق، لذلك سأعتمد عليكِ بالإبلاغ.”

بلعت سيلين جرعة من عواطفها، قد لا يكون شخصًا سيئًا كما يوحي مظهره…

***

[وجهة نظر- كاي]

بسبب الضربة الأخيرة، تم إتلاف الحبل، وهو حدث غير متوقع. لكن كما قلت، الأحداث غير المتوقعة التي تكون لصالحنا مرحب بها دائمًا.

بكل قوة، قطعت الحبل، وقفت من مكاني رغم الألم الذي يعتصر جسدي حتى اللعنة. صررت أسناني بصمت، محاولًا تجاهل الوجع الذي يشتعل في كل عظمة.

نظر إلي الخاطف الأصلع، ودهشة مرسومة على وجهه، بعد أن رأى سيلين تهرب. “كيف؟”

“هيه…” رغم الألم الذي يعصرني، ابتسمت بضحكة خفيفة. “الفضل يعود لصلعتك، التي تحتوي على عقل يسهل التلاعب به.”

الآن عليّ النجاة. إن تم ضربي، سأحاول المماطلة وإخراج بعض المعلومات التي قد تطيل في حياتي، ولكن…

“فرقعة…” طقطقت أصابعي ومددت جسدي، شعور القوة يتدفق عبر عروقي.

“ماذا تفعل؟” نظر الأصلع إليّ بغرابة، وتوجه نحوي بغضب متزايد.

بأبتسامة شريرة تعلو محياي. "أوه… بالطبع سأقاتل.” سأستخدم البطاقة الوحيدة التي لا أعرف حتى ما هي.

[تم تفعيل: وجهة نظر القارئ]

^^^^

شكرًا على القراءة

و اعذروني على الأخطاء

2024/10/18 · 90 مشاهدة · 1367 كلمة
☃️
نادي الروايات - 2024