1 - المقدمة: بين الحلم و الواقع

الفصل الأول: المقدمة{بين الحلم و الواقع}

في زاوية مظلمة من أزقة غير مرئية، تجمعت مجموعة من أربعة طلاب حول زميلهم الذي بدا هش المظهر، وكأن الرياح قد تجمعت لتصفعه.

“ماذا قلت؟!” ترددت الكلمات في الفضاء كصداه في قلوب الحاضرين.

ثم دوّت صفعة حادة في الهواء، كأنها رصاصة انطلقت، تُحدث صدى قويًا في الآذان، مما جعل الفضاء يتوقف للحظة.

سقط الطالب الذي تعرض للصفعة على الأرض، بلا حول ولا قوة، كفراشة مُنهكة سقطت في مصيدة. رفر شعره الأسود كالفحم أثناء سقوطه، بينما ازدادت عينه الزرقاء بريقًا من الغضب، لكن سرعان ما تبعه بعض من العجز، كزهرة ذبلت في قحط الصيف.

“ألم تكن تنظر كثيرًا حينها؟” قال رئيس المتنمرين، بشعر أخضر كأوراق الربيع وأعين عسلية تحمل سخرية لا تُمحى. “عاهرة؟ هل قلتها حقًا؟ أستغرب كيف لا زلت على قيد الحياة.”

ثم، دون سابق إنذار، دعس رأس الشاب الأسود الشعر بقدمه، محطمًا إياه، فاندلقت صرخة كالرعد في الأعماق، مُحدثة صوتًا مُرعبًا، “بوم!”

نظر الشاب ذو الشعر الأسود، عرقه يقطر من جبينه، متسائلًا في أعماق نفسه: متى بدأ كل هذا؟

لنعد قليلًا إلى الوراء، حيث كانت البذور الأولى للمعاناة تُزرع في ظلمات الحياة.

***

“كاي..”

“استيقظ كاي..”

“قلت استيقظ!!!.” تلا ذلك صوت ضرب الطاولة الذي اهتز له سمعه، مما أجبره على الاستيقاظ فجأة.

من هي هذه؟ هل هي والدتي؟

همهم كاي، ورفع رأسه ببطء، بينما نظر إلى مصدر الصوت، مشوشًا ومنزعجًا. وقفت أمامه امرأة بشعر أرجواني عاصف وعينين سوداوين كالعتمة، تحمل نظرة باردة كأنها عاصفة تجتاحه.

“هل تجرؤ على التمادي في حصتي، الطالب كاي نورث؟”

مسح كاي عينيه بنظرة متعبة، غير مصدق تمامًا لما يحدث. نظر حوله ببطء، ثم أدرك أنه في فصل دراسي، أو شيئًا مشابهًا. هل أنا في حلم؟ تساءل في نفسه، فبعد كل شيء، لقد تخرجت من الثانوية قبل فترة طويلة.

هل هذا نوع من الحلم الواعي، حيث يدرك الشخص أنه في حلم ولكنه يظل غارقًا في تفاصيله؟

ربما، هذا هو جوهر الحلم الواعي. تلك اللحظة الغامضة حين يهمس عقلك بأنك تحلم، فتدرك أن العالم حولك ليس حقيقيًا، ولكن بدلاً من الانسحاب، تختار البقاء. تصبح مراقبًا لما يحدث، مدركًا لكل حركة، لكل صوت، دون أن تفقد الإحساس بالغموض المحيط بك.

في بعض الأحيان، يكون هذا الوعي جزءًا من الحلم نفسه؛ تعرف أنك تحلم، لكنك تترك الأحداث تأخذ مجراها، وكأنك تشاهد مسرحية من خلف الكواليس. وفي أحيان أخرى، قد تشعر برغبة عميقة في التدخل، لتعديل مسار الحلم، لتغير المكان أو الشخصيات، أو حتى القوانين التي تحكم هذا العالم الوهمي.

هذا التوازن الدقيق بين الإدراك والاختيار هو ما يجعل الحلم الواعي مميزًا. يمكنك أن تكون سيد عالمك، أو مجرد متفرج واعٍ، مستمتعًا بهذا العالم الذي يتشكل

لكن قاطع تفكيره صوتها الحاد مرة أخرى.

“هل سرحت بخيالك بينما أنا أتحدث؟” قالت المرأة بصوت أكثر برودة، مما جعل كاي يشعر بالقلق.

أجل، أنا في حلم، نظر إلى ملابسه مرتديًا بدلة سوداء أنيقة تناسب قوامه بشكل مثالي. تحت الجاكيت، كان يرتدي قميصًا أبيض ناصعًا، مما أضفى تباينًا جذابًا مع لون البدلة. ربط ربطة عنق داكنة تحمل لمسات من اللون الأحمر، تعكس شخصيته الجادة والمركزة. كان سرواله القماشي متناسقًا مع البدلة، بينما حذاؤه الجلد الأسود اللامع يكمل مظهره الأنيق.

ما هذا الزي الأنيق؟ هل كان حلمي بتلك الرفاهية؟

وقف كاي، وبدأ يفحص لباسه، ليتبين أن الطلاب جميعهم يرتدون نفس الزي. الأولاد يرتدون بدلات مماثلة، بينما الفتيات يرتدين تنانير طويلة باللون الأسود تتماشى مع قمصان بيضاء ناصعة، تظهر أناقتهن واحترافية الصنع. أضفْنَ سترات أنيقة بلون كحلي تحمل شعار الأكاديمية، مما يمنحهن مظهرًا متماسكًا وجذابًا.

تزيننَ بأربطة عنق رفيعة باللون الأحمر، مما أضفى لمسة من الحيوية على مظاهرهن الكلاسيكية. أما أحذيتهن، فكانت جلدية سوداء بتصميم بسيط ولكنه أنيق، تكمل الإطلالة الأكاديمية بشكل مثالي.

عاود كاي بنظره مرة أخرى إلى المرأة أمامه، أو ما فهِمه أنها معلمة هذا الفصل. لم يكن متأكدًا بعد من حقيقة المكان، لكن في أعماقه، ظل مقتنعًا بأن هذا كله ليس إلا جزءًا من حلم واهٍ.

وضع يديه في جيوبه بتكاسل، وكأن الوجود هنا لا يعني شيئًا، واستمر في التفكير في أن هذا المكان لا يزال جزءًا من حلمه. تثاءب بخفة، مغطيًا فمه بيده، متجاهلًا المرأة التي وقفت أمامه، تراقبه بنظرات باردة.

“هل تجاهلتني؟” قالت المعلمة هذه المرة بلهجة تحمل في طياتها نبرة غضب مكتوم.

قبل أن تُكمل جملتها، خرج صوت كاي فجأة، مرتفعًا بلامبالاة: “إن صوت هذه العاهرة مزعج.”

عمّ الصمت الفصل كله. العيون اتسعت، والأصوات خفتت كما لو أن العالم نفسه توقف عن التنفس. في تلك اللحظة، لم يكن كاي واعيًا تمامًا بما قاله. عقليته، المتيقنة بأن هذا مجرد حلم عابر، سمحت له بالتحدث بما يجول في خاطره دون فلترة، دون حساب للعواقب.

في لحظةٍ سريعة، أدار كاي ظهره للمعلمة، متجهًا نحو بوابة الخروج من الفصل، مستمتعًا بمغامرة اكتشاف حلمه الغريب، كأنما يغوص في عالمٍ جديدٍ ينتظره.

لكن لم يُكمل خطوة واحدة، إذ داهمته ضربةٌ قوية على مؤخرة رأسه، جعلت شلالات من الظلام تتدفق إلى رؤيته، وكأن العالم من حوله قد اندثر في غياهب اللافوضى.

^^^

السلام عليكم.

لقد رجعت إليكم من جديد بروايتي الجديد، أتمنى ان تنال رضاكم.

وعلى اي حال، الفصل الاول كونه المقدمة ستكون قصيرة.

"أعذروني على الأخطاء.

2024/09/25 · 261 مشاهدة · 797 كلمة
☃️
نادي الروايات - 2024