الفصل 108: قهر الحضور… وذبول بريق جميع العباقرة!

“فوق كل إنسانٍ إنسان، وفوق كل سماءٍ سماء. لا تكن واثقًا بنفسك ثقةً عمياء.”

كان الشيخ الجالس بجانب قديس عائلة الرعد السماوية قد لاحظ حالة الغرور التي اعترته، فأطلق تنبيهًا خافتًا.

ورغم أن قديس الرعد لم يكن مرتاحًا لسماع تلك الكلمات، إلا أنه أجاب باحترامٍ ظاهر:

“كلام الشيخ حق، وسأضعه في الحسبان.”

لكن داخله لم يخلُ من السخرية:

“في هذا العالم… كم شخصًا يستطيع امتلاك كيرينين نقيي الدم، كلاهما بعمر يتجاوز مئتي ألف سنة؟”

فليكن معلومًا، أنه ألحّ طويلًا على والده حتى سمح له بإحضار هذين الوحشين المقدّسين للمشاركة في مزاد السماء العليا.

الهدف كان واضحًا تمامًا — أن يعلم الجميع، من أراضٍ مقدسة وعائلات عريقة وحتى الملوك، مدى قوة أرض الرعد السماوية!

وللتو كان يبتسم بزهو، حين دوّى صوت ذهول من خارج العربة:

“يا للسماء! أحد الوحوش العشرة القديمة! إنه الوحش الناري ذو الناب الذهبي!”

“لا عجب أن الحرارة ارتفعت فجأة… يُقال إن هذا المخلوق يمكنه تحويل أرضٍ خصبة بمساحة ألف ميل إلى رماد في لحظة!”

“سمعت أن ثلاثين خبيرًا من عشيرة النار وعلى رأسهم الإمبراطور القرمزي، احتاجوا تسعة أيام وتسع ليالٍ متواصلة فقط ليختموه!”

وقبل أن يخمد وقع تلك الصدمة، تردّد صوت صدى هائل في السماء، مثل نداء من أعماق المحيط.

“إنه الحوت السماوي مشقّ البحر!”

“وهناك… التنين المدرّع ذو القرن الجليدي؟!”

“والكلب الأسود من ظلام الأبدية!”

تواردت أسماء الوحوش المرعبة تباعًا، مخلوقات لا حصر لها، من وحوش شرسة إلى كائنات مقدّسة، وكل منها يفوق الآخر عظمةً وقوة.

حتى الكيرينان اللذان تفاخر بهما قديس الرعد… بدآ وكأنهما لا شيء أمام هذه الكائنات.

“اللعنة! هل اجتمع كل أولئك العباقرة عمدًا لإذلالي؟!” صاح قديس الرعد بغضب.

في أقل من وقت احتساء كوب شاي، سُلبت منه أضواء المجد التي أحاطت به لحظات فقط.

زمجر من الغيظ، وصرّ على أسنانه.

رأى الشيخ ذلك، فهزّ رأسه بحسرة.

“لا شكّ أن هذا الفتى موهوب، لكن طالما أنه لا يزال مقيدًا بنظرة الآخرين، فلن يبلغ العظمة الحقيقية.”

“ربما يصبح قويًّا، لكنه لن يصل أبدًا إلى مستوى الأباطرة، فمثل هذه العقلية تعني الوقوع في هاوية الشياطين الداخلية.”

كان الشيخ يستعدّ لتأنيبه، لكن…

بووم!

انفجار من الضغط الروحي ضرب المكان فجأة.

تغيّر وجه الشيخ في لحظة، ومال جسده تلقائيًا للأمام، مضطرًا إلى الإمساك بركبتيه لمقاومة الضغط.

أما قديس الرعد… فلم يسعفه ردّ فعله، فهوت ركبتاه أرضًا!

كأن قوّة ما سحبت جسده إلى الأرض، وغرسته فيها.

“ما… الذي يحدث؟!” قال من بين أسنانه وهو يتصبّب عرقًا، وملامحه ملتوية.

اضطر إلى حشد طاقته الداخلية وتفعيل حماية كاملة للجسد، كي يتمكّن من النهوض بصعوبة.

“من هذا الأحمق الذي تجرّأ على إرغامي على الركوع؟!” صاح، وهو يدفع الستارة ويندفع خارج العربة.

وما إن خرج… حتى جَمُد في مكانه.

فأمام ناظريه مباشرة، كان الكيرينان اللذان أحضرهما بكل فخر، راكعين على الأرض!

ركبتاهما منثنيتان، وذقنيهما تلامسان الأرض، في وضعيّة خضوع مطلقة!

وحين نظر حوله، رأى أن الأمر لم يقتصر على كيرينَيه فقط — بل كل الوحوش، من الأضعف إلى الأعظم، كانت راكعة بنفس الطريقة.

بل حتى بعض المزارعين من ذوي القوّة المتدنية لم يقاوموا الركوع تحت هذا الضغط الهائل.

“من… من هذا الذي يخضع له الجميع؟!” تمتم وهو يرفع رأسه ببطء.

ثم…

رآهم.

تسعة تنانين سماوية سوداء، يبلغ طول كل واحد منها أكثر من ثلاثمئة متر، تحوم في السماء بكامل عظمتها.

“مستحيل! تنانين حقيقية؟! ولماذا في السماء العليا؟!”

شرد ذهنه، وبدأ يخمّن:

“هل هم جزء من المزاد؟ هل هم أحد الكنوز المعروضة؟”

لكنه سرعان ما نفى ذلك الفرض في ذهنه:

“لا… لا يمكن، من المجنون الذي سيطرح تسعة تنانين سماوية في المزاد؟!”

“إما أن يكون مجنونًا… أو إلهًا.”

خرج الشيخ من العربة هو الآخر، وحين رأى التنانين التسعة تجرّ خلفها ما يشبه قصرًا طائرًا، شهق شهقة لم يعهدها من نفسه.

“هذا… هذا يُسكت الجميع! ما من كيرين، ولا حوت، ولا تنين قرمزي، يمكنه الوقوف أمام هذه العظمة!”

“الكل سينحني… بلا نقاش!”

“واحدة فقط من هذه التنانين كافية لقلب هذا المكان رأسًا على عقب.”

“أما تسعة؟ لا أحد يجرؤ على التحدّي.”

“تلك التنانين تسحب شيئًا خلفها! يبدو كأنه… قصر؟!”

“مستحيل… لا بد أن هذا القصر الطائر هو مركبة؟”

“تسعة تنانين تجرّ مركبة؟!”

“هل… هل هو إله؟!”

الرعب اجتاح الحاضرين، ومعه الرهبة والتقديس.

حتى الذين تجرّؤوا على التحديق، لم يجرؤوا على الرد.

“هل فهمت الآن، يا فتى، لماذا أقول دائمًا إن فوق كل قويٍّ… من هو أقوى منه؟” قال الشيخ وهو ينظر إلى تلميذه الراكع بجانبه.

لكن هذه المرة…

لم يجد قديس الرعد في قلبه أيّ رغبة في الرد.

في تلك الأثناء…

طارت مجموعة من شيوخ مزاد السماء العليا نحو القصر الطائر، قلوبهم مليئة بالرهبة، وأرواحهم ترتجف من الضغط.

ورغم كل هذا، استطاعوا التأكد من شيء واحد:

هذه التنانين… لا تنوي إيذاء أحد.

لو كان لها نية عدائية، لتحوّل المكان إلى بحر من الدماء منذ لحظات.

مرّوا بحذر من تحت بطون التنانين، حتى وصلوا إلى بوّابة القصر الطائر، وقد سيطرت عليهم رهبة لا يمكن وصفها.

“المتواضع ليو تيانهاو، يطلب إذن المقابلة!” قال أحدهم بانحناءة عميقة، ومعه مجموعة من أنصاف الأباطرة.

أيّ مقام يليق بمن يقود تسعة تنانين سماوية؟ سوى مقام الإمبراطور؟

لا بل… ليس أيّ إمبراطور.

بل إمبراطور يتربّع في قمّة القمّة!

فُتحت بوابة القصر بهدوء.

وكانت يي تشينغتشنغ هي من فتحت الباب.

لاحظ الحاضرون أن طاقتها تُعادل مستوى نصف إمبراطور، فتبادلوا نظرات فيها بعض الحيرة.

رغم أن فتاة بهذا العمر تُعد عبقرية، إلا أن مستواها لا يفسّر التنانين خلفها.

حينها…

دوّى صوت مألوف:

“السيد ليو، مضى وقت طويل… لم أتوقّع أنك من يُشرف على المزاد هذا العام.”

كان الصوت صادرًا من الداخل.

تشن جيوشين.

رفع ليو تيانهاو رأسه على الفور، وحدّق.

نعم… لم يخطئ.

تلك المرأة الفاتنة، التي لا تُنسى، كانت بالفعل تشن جيوشين، سيدة الأعمال الشهيرة.

“لم أتوقع أن تكون هذه العربة… هي مركبتك الخاصة، يا آنسة تشن. لقد فاجأتِنا جميعًا!”

لكن تشن جيوشين رفعت يدها نافية وقالت:

“هذا سوء فهم يا سيد ليو… هذه العربة ليست لي.”

“هي عربة أخي الصغير.”

قالت ذلك، ثم وضعت يديها على كتفي تشن مو، وقدّمته رسميًا.

“أخي تشن مو، سيد هذا القصر… ومالك التنانين التسعة.”

ساد الصمت.

وتركّزت كل الأنظار على تشن مو.

العيون بدأت تُطلق مسحًا روحيًا لاختبار مستواه… لكنهم فوجئوا بأنهم لا يستطيعون اختراق هالته.

من هو هذا الشاب… الذي يستطيع قيادة ما يُشبه أسطورة حية؟

2025/05/08 · 108 مشاهدة · 988 كلمة
Frankenstein
نادي الروايات - 2025