ليوم : ؟؟\؟؟\؟؟

الوقت : ؟؟ : ؟؟

المكان: ؟؟ ؟؟


ياله من موقف

بكل ما لديك من قوة رحت تطوي الأرض طيا، ضوء مصباحك يتحرك في كل اتجاه، حتى ما عدت قادرا على التمييز، الظلام المحيط، رقصات الظلال، الضحكات الجذلة، صدى القرع المعدني المتكرر وأخيرا وقع الأقدام المتسارع، كل هذا اجتمع ليعطي مزيجا يفزع العقول ويمزق القلوب،

" هيا أركض أسرع من هذا، وإلا فقدت الفرصة"

هتف بالعبارة وهو يلوح بأنبوبه الحديدي، ليصيب الحائط قرب عنقك، محدثا المزيد من الدمار في المكان

" اللعنة، كيف يستطيع الركض بهذه السرعة وهو يرتدي هذا القناع؟ "

تصرخ في انفعال، إذا استمر الوضع على ما هو عليه فإنه سيمسكك حتما.

تشعر بأن الموت هو من يطاردك، بعبائته السوداء التي تتساقط منها دموع الثكالى، وجهه العظمي ذي الضحكة الصفراء، قبضته المحكمة على منجل الهلاك القاطر دما، صرخات ضحاياه بت تسمعها في عقلك، لم تعد تدري أذلك صدى ضحكاته أم هي للمجنون الذي خلفك؟ ، مهما ركضت فهو يقترب، توشك أن تشعر بأصابعه التي فقدت لحمها تغوص في جسدك، لابد من أن ملمسها سيكون مفزعا، تراه في عين عقلك يرفع منجله ليهوي به معلنا تهاية حياتك.

في تلك اللحظة وقبل أن تغوص في بحر اليأس أكثر، قفزت إلى رأسك فكرة، لتظهر تلك الابتسامة المتوعدة على وجهك والتي تضاعفت مع مرآى الممر الجانبي من بعيد، ضاعفت سرعتك وأنت تسعى لتوسيع المسافة بينكما، قبل أن تدلف إلى الممر، خلال ثوان كان المقنع يتبعك وضحكاته لا تنقطع، لمح المصباح ملقى على الأرض ونوره يقابله ولا أثر لك، ولكن وقبل أن يتصرف لم يشعر إلا والألم يخترق قصبته، ليفقد توازنه ويسقط ممسكا طرفه المصاب.

" كيف شعورك، حينما تتحول الفريسة إلى صياد ؟ "

في شماتة تحدثت، وأنت تنهض واقفا، رفع رأسه باتجاهك قبل أن يميل بجذعه متأملا ساقه التي غاصت فيها عصاك الخشبية

" هل كنت تظن أني سأبقى أهرب بلا هدف؟ ، لم يحتج الأمر أكثر من وضع مصباحي أرضا ومن ثم الالتصاق بزاوية الممر، حتى تعبر كثور أهوج، والباقي كان سهلا، من حسن حظي أن يدي ظلت قابضة عليها ولم تسقطها مع ما جرى "

حاول ذو رأس الأرنب النهوض ولكنه لم يستطع، أمسكت القضيب المعدني تحاول سحبه من يده، لم ينجح الأمر فقد بدا شديد التمسك به، وفرق القوة بينكما واضح، تخليت عن الفكرة، واكتفيت بأن رحت تنظر إليه شذرا وأنت تسأل

" والآن أيها الوغد، ستخبرني بكل شيء، ماهذا المكان؟، لماذا جئتم بي إلى هنا؟ ومن أنتم أصلا "

مرت ثوان قبل أن تبدأ كتفاه بالاهتزاز، لينفجر ضاحكا في سخرية

" ما هو الأمر المضحك ؟ "

تهتف في غضب وأنت تقاوم رغبة عنيفة في ركله بأقصى ما لديك من قوة

" هل تعتقد أن كل شيء قد انتهى؟ ، أحمق، ما هذه إلا البداية ومن الواضح أنك لن تنجو، كان عليك أن تحاول قتلي أيها الساذج، لقد أضعت فرصة ثمينة"

نظرت إليه في برود، قبل أن تتقدم منه وتمسك الرأس من أذنيه

" لنبدأ في إزالة هذا القناع السخيف أولا"

جذبته في قوة ولكن دون فائدة، حاولت مرة واثنتين وأتبعتها بثالثة ولكن دون نتيجة، أفلته في سخط وأنت تصرخ

" كيف قمت بتثبيت هذا الشيء، إنه لا يتزحزح "

لم يجيبك بل اكتفى بأن نظر إليك صامتا، هممت بالحديث ولكن وفي تلك اللحظة، أمكنك تميز وقع خطوات يحاول صاحبها قدر الإمكان أن يكتهما، كانت تأتي من خلفك، في اللحظة التالية لم تشعر سوى بذلك النصل الحاد يمزق طرف عنقك الأيسرويشمل حتى وجنتك، الدماء تفجرت في عنف والألم راح يضرب بشراسة، قفزت إلى الأمام وأنت تدور حول نفسك، لتقع عيناك عليه، مماثل للرجل الملقى على الأرض إذا استثنينا أمرين، السلاح المستخدم والذي كان هنا سيفا ماضيا راحت قطرات دمائك تتساقط منه، والأمر الأقل أهمية أنه كان يرتدي قناع كلب بني اللون.

" يا لكم من جاحدين، كيف بدأتم اللعب بدوني؟ ، أنا حقا متضايق الآن "

أتبع حديثه بأن هوى بنصله نحوك، لكنك تراجعت إلى الخلف متفاديا له بنجاح، فجأة أحسست بقبضة قوية تمسك قدمك اليمنى، حانت منك نظرة سريعة لتكشف أن صاحب قناع الأرنب هو من يثبتك

" جاك، الآن "

هتف في سرعة، ليهاجم الرجل الأخر على الفور، دون لحظة من التردد دست بغيظ على الذراع القابضة لتتخلى عنك، قفزت إلى الوراء ولكنك كنت متأخرا إذ سرعان ما أصاب النصل سترتك ليمزقها جارحا صدرك في العملية. سالت الدماء من جديد وسط نظراتك الغاضبة، هذه المرة لم تنتظر بل استدرت عائدا إلى الممر الأساسي وانطلقت راكضا من جديد

" هذا الشاب يبدي مقاومة أكثر مما يعطي منظره "

" لا تنسى المعلومات التي حصلنا عليها، منذ البداية نعرف أنه لن يكون سهلا"

حاول الرجل النهوض لكن الألم منعه، لبهتف في سخط

" ذلك الوغد، لقد طعنني بكل ما لديه من قوة، أعتقد أن عظمة ساقي قد كسرت، جاك تعال وسعادني على النهوض "

صاح وهو يعتدل بجذعه متلمسا ساقه في ألم، شعر بخطوات زميليه تتوقف بالقرب منه، استغرب الصمت المطبق، دفعه الأمر كي يستدير متسائلا، اتسعت عيناه في ذعر وهو يتأمل النصل المرتفع وقبل أن يجد وقتا للكلام، هوى ذو رأس الكلب بسلاحه لتنفجر الدماء في عنف ويظفر الموت بفريسته.

" معذرة يا زميل، لن تستطيع المشي بجرحك هذا، ومساعدتك ستكلف الكثير من الوقت والجهد، نسيت أن أخبرك أمرا، ذلك الرجل أكد أن كلما قل عددنا، قيمة المكافأة ستكون أكبر، والآن وداعا "

أنهى حديثه وهو يطيح بسلاحه جانبا، ناشرا بقع الدماء في كل مكان، تناول المصباح المتروك وعيناه تبرقان

" قاوم أكثر، سيكون من الممل أن ينتهي الأمر سريعا، أقسم إن كانت عملية الصيد مملة، فسأذيقك عذابا يجعلك تتمنى الموت"

أنهى حديثه لينفجر ضاحكا فيما عيناه تبرقان في جذل وهو ينطلق خلف فريسته بدوره.

في نفس الوقت وفي نقطة أخرى من هذا المكان الموحش، وبينما تحاول إحدى يديه إيقاف الدم المستمر، وفيما راح يسعى لكتمان آهات الألم المتصاعدة عن طريق الضغط على شفتيه، الظلام يحد من سرعة تحركه ومصباحه قد أصبح ذكرى تركها خلفه، يتحرك محاذيا للجدار وملامسا له بيده، هذه الطريقة الوحيدة التي تفطن لها عقله في هذا الوقت

" يالي من أحمق، منذ البداية كان الأمر واضحا، تلك الجثة كانت مكتملة الأطراف وسلاح ذلك الوغد لا يستطيع قطع الكف بتلك الطريقة، كل شيء يشير منذ البداية إلى أنهم أكثر من شخص، تبا، ما كان علي إرخاء دفاعي هكذا "

تمتمت من بين شفتيت و أنت تضيق عينيك، محاولا رؤية أي شيء، السائل الدافئ أصبح يغرق كتفك وينساب على باق جسدك، خلعت سترتك مكورا إياها قبل أن تضعها فوق جرحك ضاغطا عليه، إيقاف هذا النزيف هو الألوية لك في الوقت الراهن، استغرق الأمر بضع دقائق ولكن يبدو بأنك نجحت، تنهدت في ارتياح وأنت تحس بالتعب والإرهاق، ساقاك تطلبان حقهما في الراحة،فيما الصداع بدأ يضرب في رأسك من جديد .

" بضع دقائق لن تضر "

همست بهذه الكلمات، وأن تلقي بجسدك المنهك على الأرض القاسية، و مسندا ظهرك إلى الحائط البارد، لثوان أحسست بالسكون يشملك، خلعت حذاءك وأنت تشعر بلذة الخلاص الممزوج بالألم، تنهدت في ضيق وأنت تسأل

" ماهذا الجنون الذي يحدث؟، اختطاف فاحتجاز، وأخيرا مطاردة عجيبة في هذا المكان الغريب، لو أن أحدني أخبرني بهذا لاتهمته بالمبالغة، ولكن لماذا؟ ، لا أذكر أن فعلت شيئا يستحق كل هذا، المجنون فقط من يقوم بمثل هذا التصرف و ... "

عندها تذكر، في تلك الليلة بينما هو في منزله، حينما أراد تفقد ذلك الصوت الغريب، ما هي الحجرة الوحيدة التي وجدها مواربة؟ مكتب والده!

" هل لهذا الأمر علاقة بأبي مثلا؟ ، حتى لو افترضنا ذلك فما الهدف الذي يسعون إليه ؟ "

أعاد التفكير بالأمر بضعة مرات ولكن بلا نتيجة

" المعلومات، بدونها يبقى كل هذا مجرد فرضيات "

زفرت في ضيق ضاما ركبتيك إلى صدرك، محاولا مقاومة البرودة التي بدأت تنسل إلى عروقك، عيناك تنسدلان في خفوت ، فيما وعيك يتسلل إلى أرض السلام في هدوء، ولكن وقبل أن تغوص أكثر، وصل إلى أذنيك صوت خطوات أقدام من بعيد، انتفض جسدك في فزع، في لحظة أعدت إرتداء حذائيك قبل أن تواصل الهرب من جديد، بأقصى ما لديك رحت تشحذ الخطا عن مطاردك ولكن الظلام كان يحد من قدرتك، صوت ضحكاته راح يرتفع من خلفك

" أعرف أنك قريب من هنا ، أستطيع شم رائحة خوفك، لا تقلق لن أقتلك على الفور، سأتسلى بتشويهك أولا ومن ثم أعتقد بأن بتر طرفين من أطرافك سيكون مثيرا، أخبرني، أتفضل ساقيك أم ذراعيك؟"

تكفل الصدى بجعل الصرخات قوية ومدوية، نظرت خلفك في توتر وقد بدأت تلمح نقطة الضوء من على مسافة، ضاعفت سرعتك محاولا ألا تتعثر، الظلام أصبح يشعرك بالإختناق، كالأعمي تتحرك بلا حيلة، فجأة أحسست بيدك تمسك الفراغ، فقد توازنك وسقطت أرضا ولكنك بسرعة نهضت فلا وقت كاف لإضاعته، أعدت تحسس الحائط لتكتشف هذا الممر الضيق، مع الظلمة الشديدة كان من المستحيل أن تلمحه، بعرض لا يزيد عن المترين، الرائحة العطنة تفوح منه بما يفوق الممر الأصلي، في سرعة حسمت أمرك، وبلا تردد تقدمت إلى الداخل، بأقصى ما لديك رحت تبتعد عن المدخل متأملا، قطعت مسافة ليست بالقصيرة حينما لمحت كرة الضوء تتوقف دائرة بين الإتجاهين، مضت ثوان بلغ سمعك خلالها سيلا من الشتائم المقذعة، كتمت أنفاسك وأنت تدعو في داخلك، مرت اللحظات بطيئة قبل أن يتحرك نور المصباح في الإتجاه الأخر، عندها أطلقت تنهيدة الخلاص، ركبتاك ما عادتا قادرتين على التحمل، لتنهارا بك في بقعتك، أنفاسك المتسارعة وقطرات العرق التي غمرت وجهك، كل هذا راح يتراجع في سرعة تخالف ما انطلقت به

" الحمدلله، لو أدركني لكانت النهاية "

في مكانك بقيت، عقلك يدرك خطورة الموقف ولكن جسدك يرفض الإستجابة ويصر على أن يستريح، استغرق الأمر منك بعض الوقت حتى استعدت السيطرة على عضلاتك المتمردة

" جميل جدا، أنا الآن في مكان لا أعرفه، مخطوفا من أشخاص أجهلهم، بلا دليل أو سلاح أو حتى مصباح صغير يضيء لي الطريق، مطارد من مجنون وفوق هذا مصاب، هل يمكن أن يسوء الموقف أكثر ؟ "

في مرارة تحدثت معاودا السير بعدها،، لم تتحرك سوى لخمس دقائق هذه المرة حتى وصل إلى أذنيك صوت بدا أشبه بصوت قطع صادرعن ما يشبه منشارا كهربائيا، كالمسحور رحت تتبع الصوت على الرغم من صراخ دماغك الرافض، أنت أشبه بغريق يسعى للتعلق بقشة، الصوت قد يقود إلى الخطر ولكن بقاءك في هذا الظلام أمر لا يقل خطورة، بحذر وخفوت رحت تسعى إلى المصدر، ومع اقترابك من زاوية الممر أمكنك رؤية الظلال الناتجة حتما من مصدر للضوء، على أطراف أصابعك تقدمت، وعند الحافة توقفت لتميل بجسدك في حذر، ناظرا إلى ما هناك.


نهاية الفصل الرابع


2018/09/08 · 436 مشاهدة · 1627 كلمة
abalmaghrabi@
نادي الروايات - 2024