مرت ثلاثة أشهر منذ هجوم مستخدمي الظلام و رحيل جين إلى مركز الأطلال المخفية، و على الرغم من أن الأمور تبدوا هادئة ومستقرة الآن على السطح، لكن الوضع الداخلي ليس كذلك، وقد حدثت الكثير من التغيرات في هذه المدة القصيرة.
" من المسؤول هنا ؟"
صرخ قائد عسكري في منتصف العمر وسط ساحة معهد تنين الأرض، و المفاجأة كتيبة من جيش مملكة الأنهار اقتحم دون سابق إنذار المكان .
" قلم ذلك البدين يفترض به أن يرى مستقبل الهيئات الروحية فقط، لكن يبدوا أنه يرى المستقبل بشكل عام"
المتحدث كان صاحب الشعر الأحمر ديكل، و الذي وجد نفسه عالقا هنا بعد ان أغلقت البوابة الشمسية المؤدية لموطنه مركز الأطلال.
تعليقه كان إعجابا منه لتنبؤ كال مينغ ،الذي ذكر أن مملكة الأنهار ستأخذ من الحادثة سببا لإعلان الحرب في حالة أن الظلاميين تمكنوا من أسر السيدة الأولى، و للأسف ذلك تماما ما حدث
فمن المجموعة التي ذهبت لمساعدة السيدة الأولى لم يعد منها إلا هان سانغ و جيان و اللذان بدورهما نالا نصيبهما من الجروح،و لو لا السيدة لين تشان والدة هان سول لتوفيا هما أيضا.
"منذ شهرين، طالب من معهدكم تسلل إلى الحدود و قتل تسعة حراس أحظروه مقيدا لأجلنا أو اعتبروا الهدنة التي بيننا لاغية"
تبجح القائد بشكل استفزازي متعمدا إثارة الفتنة، و من يأتي بفرقة مدججة بالسلاح لا يبدوا أنه مهتم كثيرا بالهدنة.
"سمعتم بسقوط السيدة الأولى فصرتم تهددوننا في عقر دارنا، النجمة السماوية ليست مملكة المقاتل الواحد"
بهدوء مثير للإزعاج، أجاب أمين المكتبة المعروف بكسله على القائد و أضاف و هو يثاءب
" أرى أنكم لم تجدوا مشكلة في الدخول إلى مملكتنا، إذا فهذا هو جواب الملك على جعل المعهد مكانا مستقلا عن المملكة"
لم يكن أسر السيدة الأولى هو المتغير الوحيد، بسبب سوء تقدير الملك هان تسو، الذي عزل المدير بتهمة الخيانة و جعل بقية أساتذة المعهد سجناءا في منازلهم، كادت المملكة أن تسقط في أيدي الظلاميين.
و ردهم على ذلك بعد أن تجلت الأمور، كان المطالبة بعزل المعهد عن سلطة المملكة بصفة نهاية و اعتبراها أرضا حياديا، بالطبع الملك لم يعد في موضع القوة ليرفض طلبهم بعد خسارة إبنته و وقوف الساحر سي مار إلى جانبهم، في الوقت ذاته رفع الحماية عنهم و سمح لجيش الأعداء بالمرور بسهولة إليهم و كأنه يقول
((عليكم أن تحلوا مشاكلكم بمفردكم ))
"لا تختبروا صبري، أين هو المدعو تاي جين؟"
"بخصوص الصبر، والد من تبحثون عنه قد نفذ صبره و من الأفضل أن ترحلوا قبل أن يعلم بقدومكم"
" و من يكون والد ذلك اللقيط ؟"
محاولات أمين المكتبة في تحذيرهم جاءت متأخرة و من خلفهم زأر صوت مدوي معلنا عن قدوم أقوى ساحر بشري
" ألم تبلغك عيونكم أن تاي جين هو إبني ؟"
*** جين قتل حراس الحدود ،و هو إبن الساحر العظيم سي مار***
من وسط الطلبة الذين احتشدوا حولهم، صرخ أحدهم غير مصدق ما يسمعه ، كان من الطبيعي أن معلومة كهذه ستترك الجميع في صدمة، و قد توقع الشاب نفس ردة الفعل فراح يلتفت حوله لكن ما حدث أن الجميع رمق الفتى الصارخ بعيون إستهزاء لجهله
طلاب المعهد كان شغلهم الشاغل البحث عن كل كبيرة و صغيرة متعلقة بسيد التناقضات ، فمغناطيس المشاكل و مخالف القوانين ،هو نفسه الذي كشف عن هجوم الظلاميين و أنقذ المملكة.
أما قصة إختطاف أخته و وفاة تلميذته و بقاءه في عالم آخر طلبا للثأر فقد أصبحت حديث الكبير و الصغير، و قد ذاع صيته أكثر بعد معرفة علاقته بأقوى ساحر بشري.
" هل كنت في غيبوبة في الشهورالماضية"
" بالطبع هو لا يعرف شيئا، فهو أحد النبلاء الذين كانوا مشغولين بالتخطيط للذهاب إلى مركز الأطلال خفية"
" اللعنة على النبلاء و جشعهم"
" ماذا، من قال هذا؟'
"أنا من قلتها، ماذا تراك ستفعل؟"
مركز الأطلال الذي كان في الأمس القريب مكانا لا يسمع به أحد، أصبح ذائع الصيت و يكن فقط تخيل حجم الفوضى التي حدثت، عندما تم الكشف أن النبلاء أخفو أمرها و جعلوها مخصصة لهم فقط.
و هذا جعل الشق الموجود بين المقاتلين من العامة و النبلاء يتسع أكثر و اكثر.
**اخرسوا **
رن صوت مرعب في عقول الجميع و أجبرهم على الهدوء و التوقف عن مناقاشاتهم العقيمة، ليعود تركيزهم إلى الضيوف الغير مرغوب فيهم.
" قلت إبنك، هذا يفسر إذا بقاءك هنا لحد الساعة"
ما قاله قائد الجنود هو كلام ضمني على أنه لا يستطيع إيقافهم ففي النهاية عليه العودة لجزيرة الأسلاف.
رد سي مار بإبتسامة، كل قيادات العالم البشري تعلم أنه لا يطيل البقاء في القارة الجبل الأبيض.
لكنهم لو عرفوا سبب ذلك فعلى الأغلب سيشيب شعر رؤوسهم خصوصا أن إقامته الحقيقية هي أرض الأوريس لا جزيرة الأسلاف.
مع وجود داعم كسي مار خفف القائد من لهجته، لكنه لا يزال يتحدث بنبرة متكبرة معتمدا على خلفيته كقائد في مملكة الأنهار اللامتناهية.
" إبنك هذا بتر أطراف تسعة من جنودنا جنود و سحق أجسادهم..........."
لم ينهي القائد كلماته حتى اختنقت في حنجرته، و لون وجه أصبح أزرقا بتأثير سحر سي مار الذي سحق حنجرته بسحره
"متى قلت أن لديك الحق في الكلام ؟"
*طاخ*
وقع القائد على الأرض، عاجزا عن تصديق جرأة سي مار، و الذي التفت و نادى على إبنته
"صغيرتي مي، أبينهم من كان يوم الحادث "
ظهرت فتاة من وسط الحشود و راحت تحدق في وجوه الجنود قبل أن تقف عند أحدهم و بتلويحة من يدها ظهر دائرة سحرية تحته و تنقله أمام والدها.
ما لا يقتلك يجعلك أقوى، بعد كل ما مرت به الفتاة و الطاقة التي امتصها جسمها في عالم الأطلال اخترقت مي إلى عالم النشوء.
في هذا العالم سيكون بمقدور المتدرب استخدام جزء بسيط من طاقته الروحية،في العادة لا يستطيع المقاتل فعل الكثير، لكن بالنسبة للساحر فإذا كان يمتلك موهبة و تحكما دقيقا في المانا فالآمر مختلف و جين خير دليل على ذلك.
"هل نفذت الطفلة سحر الإنتقال للتو؟ "
رؤية طفلة في التاسعة بهذه البراعة تركت عقولهم مشتة، أما تعابير الجندي الذي إرتكب أكبر خطأ في حياته، فبعد نجاته بأعجوبة من غضب تاي جين، و الذي تركه حيا فقط لأنه أخبره عن سر البطاقة و المكان الذي أخذت إليه أخته ،جاء كالأبله مع الجنود للتعرف على الجاني.
"أتعتقد حقا أن إبني أبقاك على قيد الحياة بلا سبب، أنت هنا لتكشف عن كل ما تعرفه"
**تحدث**
سي مار وضع يده على رأس الرجل، و هذا الأخير غرد كالبلبل، بكل كبيرة و صغيرة من لقاءاتهم بالظلامين إلى مبلغ الرشوة،إلى أسماء المتورطين، حتى الوجبة التي تناولها ذلك اليوم قام بذكرها، للأسف لا توجد معلومات كافية بخصوص الظلاميين.
" صغيرتي مي، يبدوا أن عمك قد ظل طريقه ثانية، أيمكنك إحضاره إلى هنا"
" هاهاها، مثل العادة سأحضره............ ما كان اسم سحر تحديد الأماكن..........أجل التبصير"
أغمضت الصغيرة عينيها لتنفذ سحر الإستبصار و الذي أخطأت في نطق إسمه
" لقد وجدته، سأعود فورا"
الفتاة اختفت عن الأنظار تاركتا بعض الحضور يندبون حظهم أنهم ولدوا في نفس الجيل مع هذين الأخوين الخارقين.
" التبصير !!، إنها لا تعرف حتى أسماء التعويذات "
" ما خطب هذه العائلة؟"
التذمر و الحسد اخذ في الإنتشار بين صفوف الحاضرين، لكن موجة من نية القتل الخانقة اجتاحت المكان جعلتهم يركزون عيونهم على الجندي الذي كان يتلوى في قبضة سي مار، مع تصريحات السابقة، فمن لديه الآن الحق في محاسبة الآخر
"الآن و قد لم تعد منك فائدة فلتصبح رمادا، أنت و رفاقك "
في منظر سريالي، و قد بدى أن الزمان قد توقف لبرهة و اختفت ظهرت من العدم نجوم بلون أزرق سماوي و سرقت كل الألوان من الحياة ليصبح كل شيء بالأبيض الأسود.
تجمعت النجوم المتلألئة حول الساحر الذي لا يزال الحارس يتخبط في يده يائسا .
و بتلويحة من يده الثانية جعلت الفضاء يتموج تجمدت كتيبة الأنهار إلى تماثيل، و بدأ اللون الأبيض يجتاح أجسادها و معهم ارتفع صوت نبضات قلوبهم المرتعبة و التي وحدها كسرت الصمت السائد.
في ثانية تحول الجميع إلى رماد و تبخروا في الهواء.
حتى مشرفوا السحر في المعهد، تراجعوا للخلف في هلع كان ذلك سحرا قويا وغامضا.
" ها.........لقد نجى أحدهم، يبدوا أن الوقت لا يزال مبكرا لإرتقاء إلى ماجي"
=======================