136 - الوحش الشجري( ترانت) 2

تراجع جميع المقاتلين إلى الخلف لتجنب هجمات أغصان شجرة الترانت التي جلدتهم مثل الأسواط، و اكتفوا بإيقافه مع هجمات بعيدة المدى

لكن مع الوقت ازدادت عدوانية الترانت و كذلك قوته، هذه المرة ضرب الأرض بساقه ليغرسها عميقا و في لحظات تصاعدت مئات الجذور تطارد المقاتلين، الإبقاء على مسافة لم يعد نافعا و قد صار هجوم الترانت من تحت الأرض غير مرئيا.

*طاخ*

سقط أحدهم و قد تركت إحدى الجذور جرحا غائرا بساقه و هو يحاول تجنبها فصرخ يلعن حظه

"الأغصان فوقنا و الجذور و الجليد تحتنا..... جليد من أين جاء الجليد"

ظهرت دائرة سحرية عملاقة لتخطف أبصار الجميع مع ملايين الأضواء الصغيرة باللون الأزرق السماوي، راحت النقاط البيضاء كرقائق الثلج تتشبع بالمانا لتلمع كامل الدائرة في منظر جميل و سالب للألباب.

ترك هذا السحر الجميل الجميع مذهولين، خصوصا من كانت هذه أول مرة يشاهدون فيها السحر على أرض الواقع.

" يجدر بكم أن تبتعدوا "

مع صوت جين الأشد برودة من سحره، هبت رياح باردة و أخذ الصقيع يغطي المكان ليشكل طبقة فوق طبقة، قد يبدوا السحر ممتعا للنظر لكنه لا يزال قاتلا و بإمكان برودته أن تصل إلى العظام.

هاجم الصقيع أقدام الترانت المغروسة بالأرض ليجمدها في لحظة و كذلك الجذور التي راحت تتكسر كقطع من زجاج

*أجل *

صرخ البعض في حماس أخيرا تخلصوا من هجمات الجذور المخفية،لكن فرحتهم لم تكتمل فقد مد الوحش يده ثانية و الأغصان التي شكلت أصابعه التي امتدت عشرات الأمتار أصابت عدة مقاتلين

"بسرعة خلصوهم "

مجموعة من مستخدمي الأسلحة إنقضوا على الأغصان و قطعوها ليسحبوا بسرعة المصابين.

سقطت الفروع المقطوعة، لكن في نفس الثانية نبتت أغصان جديدة و انطلقت باحثة عن ضحايا آخرين.

تكرر الأمر أكثر من مرة، و مع قدرة الترانت على التجديد بدى أن المعركة ستدوم دهرا، مرة بعد مرة الأغصان تهاجم و تمتص الدماء و هم يقطعونها و يسحبون المصابين.

في الأخير،و بعد أن انقطعت أنفاس المقاتلين تقريبا توقفت الأصابع عن التجدد، لا مزيد من الأغصان الجديدة، ليس هذا و حسب الشجرة أخذ لحاءها يتهاوى و حركتها تتباطئ

نظر فتيان هايان الذين راقبوا المعركة من بعيد في ذهول غير مصدقين، ليست فقط أن الترانت تم قمعه، المصابين الذي تم إمتصاص دمهم مؤخرا كانوا بتمام العافية.

"حتى الأشجار يمكن تسميمها،من كان يعتقد ذلك ؟"

علق أحد مقاتلوا العشائر المتحالفة، غير مصدق أن الخطة اللامعقولة من المغتال أبيض الشعر نجحت بالفعل

في البداية دمر جين الجذور و التي شكلت خطرا لأنها تهاجم من نقاط عمياء، أما الذين امتصت الأغصان دماءهم فهم من جعلوا من أنفسهم طعما لها، هذا بعد أن تناولوا سما أعده جين خصيصا لهذا.

السموم هي إحدى مهارات جين الخاصة و لديه إطلاع على كل أنواعها،حتى تلك التي لها تأثير على مخلوقات نادرة كالترانت، في النهاية المالك السابق لجسده هو سيد السموم.

"أخيرا جاء دورنا، يين هلم بنا "

*نا نا نا نا*

تمايلت الكرة مع نغمتها المعهودة و كأنها متحمسة للقتال،في حين أغمض جين عينيه مركزا على تعويذته

" الإستبصار"

أصبحت ساحة المعركة ككف يده، و تجاوز ذلك لتحديد مصادر الهالة و الطاقة لكل القوى الحاضرة، بعد ثواني انحت شفاهه عن إبتسامة عريضة

" تم تحديد الهدف "

ظهرت أمامه ثلاث دوائر سحرية متماثلة، من فئة تعزيز السرعة.

بعدها أحكم مسكته على الكرة يين و تماما كالرامي في رياضة البيسبول رفع ساقه الأيمن و أرجع جسده إلى الخلف و من ثم أنزل قدمه على الأرض و بكل ما أوتي من قوة جسده المعدل قذف الكرة في مركز الدوائر السحرية.

في كل مرة كانت الكرة تمر من دائرة كانت سرعتها تتضاعف، في الأخير إنطلقت كسهم فضي غادر قوسه قاطعتا الفضاء بسرعة جنونية لا تصدق ،ليخترق النقطة التي حددها بسحر الإستبصار مسبقا

*كراك *

أصابت يين الجانب الأيسر للترانت مع دورانها و سرعته اخترقت الجذع بسهولة لتخرج من الجهة المقابلة مخلفة حفرة بحجمها، لكن ما جعل الجميع في حيرة هو أن الكرة الفضية خرجت مصبوغة بالدم الأحمر الذي رايح يقطر منها.

*أخييييي*

صرخت ابنة الزعيم في يأس

*كراك*

من الحفرة التي صنعتها الكرة يين، تشكل شق عمودي راح يمتد و يمتد ،ليتهاوى جزء كبير من جذع الترانت على الأرض.

إن كان تحول شجرة تيفا إلى ترانت من قبل كان قد فاجأهم ،فالمنظر الجديد أمامهم قد صعقهم بالكامل و تركهم بعيون و أفواه مفتوحة على آخرها و ألسنة عاجزة عن التعبير.

"بـ.....بـ....بشري!"

لم يصدق أحد عينيه ،و هم يرون وسط الجذع شاب مخضرم بالدماء و قد إندمج جسده مع الشجرة حتى أصبح جزءا منها و لا يمكن فصله عنها.

الفتى كان ميتا فمكان قلبه كانت حفرة سوداء، و واضح تماما أنها من صنع الكرة الفضية.

من هول المفاجأة كان الجميع صامتا، إلا أن أخرجت لان إبنة الزعيم رمحها البحري ثلاثي الأشواك و قفزت بإتجاه جين مع عيون لم تتمكن دموعها من إطفاء شرارة الغضب التي اشتعلت بهما، و بإشارة من يدها تحركت المياه بأمرها كالسيل الجارف و أبعدت من كان في طريقها إلا أن وصلت إلى غريمها

"قاتل "

صرخت بأعلى صوتها المتشبع بنية القتل، محاولة أن تغرس رمحها في صدره، لكنها وجدت نفسها مقيدة عاجزة عن الحراك وقد تم ربطها بحبال نسجت من المانا.

"قاتل، و ماذا عن الذين امتص أخوك دمهم و هو وسط الشجرة أكانت تلك حمية غذائية أمر بها الطبيب"

سخر جين على الفتاة التي تتخبط بين الحبال و أضاف

" و الآن ماذا سأصنع بك، هل أختم طاقتك و أجعل منكي حيواني الأليف ،أم أقطع أطرافك بالخلاف"

"أقتلني لو كنت رجلا"

"أنا بالفعل أرغب في ذلك، لكن لا أستطيع قتلك فأنت خطيبة حليفي في النهاية"

عيون لان اتسعت في غير تصديق،و قد تفطنت أخيرا أنها لم ترى خطيبها منذ بداية المعركة.

"مستحيل"

فيي توان الفتى الذي كان نكرة قبل أن يلتقطه والدها و يصنع منه رجلا يقوم بخيانتهم، عقلها لم يتقبل الفكرة

"حقا، و كيف لغريب مثلي أن يعرف كل شيء عنكم، من رمح الأبعاد إلى الفتى بداخل الشجرة "

بالطبع هو يعرف كل هذا من خلال الذكريات التي حصل عليها من سفاري و التي هي عبارة عن لمحات من التوقعات المستقبلية.

وفقا لهذه اللمحات، فإن جين فعل نفس الشيء تقريبا و ألحق أضرارا بالغة بعشيرة هايان حتى أوشكوا على الفناء، لكن معرفته بسر شجرة تيفا كان متأخرا و لذلك كانت الخسائر البشرية التي تكبدتها باقي العشائر فادحة، دون ذكر القحط الذي أصاب هذه الأرض و ما نتج عنه من كوارث.

هدية سفاري الأخيرة التي منحها إياه، كانت فقط من أجل تسريع وتيرة الأحداث و ليس تغييرها، من أجل إنقاذ الأبرياء و هذه الأرض الطيبة.

المهم الآن أن جين مستمر في خطته بعد التعديل، و لا ضرر من نشر بعض الفتن، مع إبتسامة ساخرة راح يسأل ثانية

"أين تراه حبيب القلب الآن، هل يمكن أنه يتفقد خزانة السيد الوالد السرية ؟"

*وووش*

سهم قذف نحو جين أجبره على التراجع، و قد فقد السيطرة على سحر التقييد

"سيدتي تراجعي"

نادت صاحبة القوس و هي لا تزال ترمي جين بالسهام، حتى أنها استهدفت هيئته الروحية لكن السهم مر عبر الكرة دون أن يخلف أي أثر و كأنه مجرد سراب، فتاة القوس لم تتفاجأ كيف أن ضربتها كانت بلا تأثير بل على العكس، بدى و كأنها قد توقعت ذلك.

تلك الفتاة هي نفسها التي كانت تراقبه عندما كان متنكرا في هيئة الأوريس ريد.

أما لان فقد تراجعت و هي تلقي بالتهديدات و الوعيد

"جين يوما ما سأجعلك تدفع الثمن، أقسم بذلك ولو كلفني حياتي"

"هل أنت حمقاء هذه جملتي فأنتم من سكبتم الدماء أولا"

حاول أحد مقاتلي العشائر تتبعهم، لكن ماو منعه و قد أدرك أن ما يحدث لا يزال ضمن خطط جين و هم فقط يسيرون نحو الفخ بأقدامهم.

لا أسرى، تلك هي سياسة جين، و الذي فحص ساحة المعركة لينهي بيديه حياة كل فرد من هايان لا تزال أنفاسه بجسده.

" يا للقسوة"

" ألا يعرف هذا الفتى معنى الرحمة"

ما عدا التعليقات التي صرحوا بها،لم يجرؤ أحد من العشائر على منعه، فقد شدد الزعيم ماو على عدم التعرض إليه أو معارضته في ما يفعل.

شوكة هايان كسرت هذا اليوم، من بين الخمسمائة مقاتل بقي مئتان و كل قادتهم قد ماتوا و معظمهم تحت يد الفتى المنتقم.

2019/05/25 · 1,216 مشاهدة · 1260 كلمة
magicien
نادي الروايات - 2024