في أقصى الشرق، و في إحدى الجبال حيث مخبأ عشيرة هايان السري.
الجميلة الغاضبة إبنة زعيم هايان الآنسة لان، كانت تصر على أسنانها و قد شدت قبضتها على رمحها حتى اهتز في يدها.
"أنت بالفعل هنا، أيها الخائن اللعين"
أسقط الفتى الصندوق الذي كان يحاول أن يفتحه من يده، و التفت إلى خطيبته المشتعلة في نيران الغضب، حتى أن شعرها الأحمر كان يرفرف مع هالتها
"خائن، تجرئين على وصفي بالخائن، و أنت و والدك كنتم تخططون لإطعامي إلى أخيك، أم تعتقدين أنني لم أكتشف ماهية هيئة أخيك الروحية"
يوم لقاء فيي توان مع جين المتنكر على هيئة الظلامي (الباندا)، أخبره هذا الأخير عن السر الذي تخفيه هايان، يومها تسلل إلى الهضبة ليلا و تحقق بنفسه من الأمر ليكتشف الحقيقة المرعبة.
لم يكن بإمكانه الرؤية داخل الشجرة، لكن عندما أدخل طاقته داخلها استشعر وجود نبض ضعيف لكائن حي بداخلها،و تحديدا لشاب مع هيئة روحية محطمة إلى أشلاء، حتى يصعب تمييز ماهيتها
كل المؤشرات دلت على أن هذا الفتى يفترض أن يكون ميتا، إلا أن هايان و لسبب ما ،تحدى القدر و استخدم وسائل لا يمكن تخيلها لإبقائه على قيد الحياة.
بينما كان فيي كالصنم واقفا أمام الشجرة، تفطن في النهاية إلى أن الهيئة الفتى المحطمة ليست غريبة عنه، إنها نسخة طبق الأصل عن هيئته، الرمح الأسود الطويل.
مع بعض التحقيق عرف أن لهايان ولد ثاني توفي بعد تحطم هيئته، أو هذا ما يقال.
" فلتمت أيها الحقير "
لان لم تأتي لتسمع أي تفسير،و سرعان ما حولت أفكارها إلى أفعال ، فظهرت عشرات الرصاصات المائية و انطلقت نحو فيي توان، مع السرعة و الضغط المناسب حتى الماء يصبح سلاحا فتاكا، فيي الذي يعرف ذلك جيدا لم يتهاون، أخرج رمحه الأسود و غير مسارات الرصاصات بقانون الرياح خاصته
كل من الفتاة و الفتى و اللذان كانا بالأمس خطيبان، أصبحا الآن خصوما يتصيدان الفرصة ليقتل أحدهما الآخر
' يا سلام إنها بالفعل معركة مثيرة ، و ما زادها تشويقا هي العلاقة المعقدة التي تربطهما، يبدوا أنني سأشهد معركة رائعة'
غير بعيد،كان تاي جين مع سحر الإختفاء يراقب النزال و هو في غاية الإستمتاع.
في لمح البصر قطعت الفتاة المسافة التي تفصلهما موجهة له ضربة مستقيمة من رمحها ذو الثلاث شوكات
مع صوت *كلانك* صد فيي الضربة بعصا رمحه قبل أن يقوم بدفعها للخلف و يرد لها الصاع الصاعين و بهجوم أشد و أقوى
مع تصادم الرمحان إضطرت لان للتراجع بضع خطوات للخلف نظرا للفرق في القوة الجسدية، لكن ذلك لم يوقفها فاستغلت سرعتها لتنفيذ هجوم جانبي من زاوية لا يمكن ردها إلا أن الضربة الخاطفة تم صدها.
'رمح ثاني....... لا إنها هيئته'
لدى أصحاب الهيئة من صنف السلاح الإختيار بين أن يدمجوها مع سلاح مطابق لمضاعفة قوته، أو استدعاءها و القتال بها مباشرة حيث تظهر بشكل أثيري نصف شفاف.
فيي فضل الخيار الثالث، رمح مادي في يده اليمنى و هيئة أثيرية في اليد الأخرى
تحركت أقدام فيي برشاقة و هو يلف الرمحين في آن واحد.
عندما شد قبضته على عصا رمحه الأسود لمحت الفتاة ذلك فقفزت إلى الخلف لتتفادى الهجوم الجانبي لكن فيي تابع و رمى بثقله على قدمه اليسرى و بعدها أطلقت يده الحاملة لهيئته هجوما مستقيما قطع به الهواء
كونه سلاح أثيري فلن ينقص ذلك شيئا من حدة نصله، و لان التي لم تبتعد بما فيه الكفاية كاد الرمح أن يخترق صدرها لولا أنها أسرعت بتنفيذ درع الماء، مما تسبب في أن انحراف الهجوم مخلفا جرحا جانبيا دون ضرر قاتل.
يعتبر الرمح الطويل من أصعب الأسلحة، و ها هو فيي يقاتل بإثنين ، فيي توان هو فعلا مقاتل من الدرجة الأولى
"أيها اللعين المنحط"
ضغطت الفتاة على جرحها، و قد تأجج غضبها أكثر و أكثر، لم تمتلك مهاراته الفذة و لذلك لم يكن أمامها سوى اللجوء إلى قانونها اخذت المياه تتجمع حولها
*سبلاش*
تفرقت المياه حتى قبل أن تنتهي من تجميعها، و ذلك بفعل هجوم قوي من الرياح بعد أن دمج فيي الرمحين معا.
" إنه في مستوى آخر مقارنة بها، هذه المعركة في حكم المنتهية........لدي فكرة"
جين المستمتع بالعرض، قرر التدخل، اختفى ليعود بعد دقائق و في يده نبتة روحية بحجم طفل صغير ، النبتة الحية كانت تستخدم جذورها للتحرك فوق السطح، أما رأسها فعبارة عن زهرة التوليب.
عشبة التوليب هذه إمتلكت بتلات طويلة ، عندما تتحرك هذه النبتة الحية يمكنك سماع صوت سائل بداخل القمع الذي تشكل من بتلاتها
رمى جين بالعشبة الروحية غير بعيد عن معركة الزوجين و كله حرص أن لا ينتبهوا لوجوده
كان فيي يقاتل بلؤم استغل قانونه ليحرك الغبار و يعمي بصرها، قبل أن يوجه ضربة قاتلة، حتى و بعد أن تفادتها كان هنالك جرح غائر في وجهها
" سأقتلك"
صرخت لان في غضب و يأس، لكنها استرجعت ثقتها عندما سمعت صوت خرير الماء الصادرة عن التوليب الروحية
*سلاش*
دون أي تردد غرزت سلاحها في الزهرة ، ليبدأ السائل في الإلتفاف حول الرمح الثلاثي.
إتحاد الماء مع السائل شكل كرة سائلة ضخمة شكلها مثل المياه لكن الميوعة و الكثافة أقرب إلى الزئبق منها إلى الماء
في ثانية هاجمت الفقاعة الزئبقية فيي توان، الذي ضرب برمحه محركا إعصارا لتفكيكها، لكن الفقاعة لم تتأثر لتبتلعه في لحظة
أخذ فيي يتخبط داخل الزئبق، حاول بكل قوته تمزيقها لكن لا شيء نفع
" أتعرف ما هي المادة التي استخرجتها من زهرة التوليب تلك، إنها عصارة هضمية"
اتسعت عيون فيي، و قد ادرك الخطر الحقيقي للماء الزئبقي، هذه العشبة الروحية هي من الفئة اللاحمة و تستخدم عصارتها لإذابة طعامها
مع صوت
*فشش*
العصارة بدأت فعلا في إذابة ملابسه و قريبا سيتلتهم لحمه و حتى عظامه، أصبح يائسا أكثرا و راح يطعن و يضرب برمحه بلا هوادة
" والدي كان على حق، لم يجدر بي أن أقع في حب طعامي"
مع عيون تحدق في فريستها أضافت
" بالمناسبة فكرة إطعام دمك الفاسد لأخي هو مجرد غباء منك، فهيئتك الروحية يفترض أن تكون لي، فكما ترى مواهبي سيئة حتى في هذا المكان لا زلت أجد صعوبة في الإرتقاء، و أفضل حل لمشكلتي هي أن ألتهم هيئة روحية مشابهة لهيئتي"
انحنت شفاه لان عن إبتسامة مرعبة، و قد ضاقت عينيها و ارتسمت ملامح بشعة على وجهها مع ضحكات تقشعر لها الأبدان
" ها ها ها ........ رمحي الآن يحوي ثلاثة شوكات، مع قوتك ربما يصبح رمحا رباعيا و ربما حتى خماسيا "
لم يتوقع جين هذا التغير في شخصيتها فراح يقول في نفسه
' و يقولون عن تان سو سادية، فليرو ما تفعله هذه الأرملة السوداء بزوجها'
تماما كعنكبوت الأرملة السوداءالتي تأكل شريكها، عيون لان كانت تحدق بفيي كفريسة، بينما كان هو داخل فقاعة العصارة الهضمية يصرخ ألما و قد إلتهم الحمض لحمه و إنكشف العظم في بعض الأماكن، كانت تنتظر هي أن يصبح أضعف و أضعف حتى تخترق عالمه الروحي و تستهلك هيئته.
شكلت لان فتحة و سط الفقاعة و غرزت رمحها بلا تردد في بطنه، و أغمضت عينيها مخترقة عالمه الروحي.
جين لم يكن من مصلحته أن تصبح هذه المجنونة أقوى، لقد فعل المستحيل ليتخلص من مقاتلي عالم الإنصهار من عشيرة هايان، و ليس على إستعداد للسماح لهذه العنكبوت أن تصبح واحدة منهم.
* علاج*
لا إنفجارات ، لا عواصف و لا نيران، جين لجأ إلى سحر العلاج و نقل جزءا من هالته إلى عدوه الذي يتحلل وسط الفقاعة، و كون لان مركزة تماما على إبتلاع هيئته مع عيون مغمضة لم تدرك أن فريستها قد فتح عينيه و شد قبضته على رمحه الأسود.
من خلال نفس الفتحة التي اخترق الرمح الثلاثي جسده، و بكل قوته المتبقية طعن فيي رأس آكلة الهيئات الروحية
*سبلاش*
انفجرت الفقاعة، و سقط كل من الزوجان أرضا.
لان ماتت قبل أن تدرك ما حدث، بينما كان فيي ينزف دما مع جسد محطم و هيئة متضررة.
" يا رجل خطيبتك تنزف، ألن تحاول إنقاذها أم أنك ستتخلى عنها مثل ما فعلت مع خطيبتك السابقة"
" أيها للعين، أتريد أن تسمعها من فمي......... أتريد أن تعرف مقدار ندمي.........حسنا..........أنا نادم"
في آخر لحظاته و بالرغم كل آلامه، لم تمر عليه في حياته لحظة صفاء كهذه ، استرجع ذكرياته مع الفتاة اللطيفة التي لم ترغب في الدنيا شيئا سوى مودته و كيف أنه تخلى عنها.
"لا شيء أجمل من إبتسامتها...................يو مي أنا آسف "
أغمض فيي توان عيونه محاولا الإحتفاظ بصورة الفتاة الرقيقة في ذهنه و هو يلفظ آخر أنفاسه
*طاخ*
بدون أي مراعاة لحالة فيي الجسدية ، قام جين بركله حتى ارتفع نصف متر عن الأرض قبل أن يسقط ثانية و هو يتأوه و روحه تغادر جسده
" و تجرؤ أن تفكر في إبتسامتها، أنت فعلا ضفدع يحلم بلجم البجع............ النساء اللواتي تحت رعاياتي، أنا فقط من يختار لهم أزواجهم و حقير مثلك كان عليه أن يقدم القرابين طيلة حياته شكرا للسماء يوم حضيت بها...............هل أنت ميت، أنا لم أكمل حديثي"